تعصب

التعصب (بالإنجليزية: Prejudice) يعنى فى الاستخدام العادى الرأى المسبق أو التحيز ضد أو مع شخص معين أو شئ معين. وهو الاعتقاد أو التصرفات التي تنطوي على أخذ مواقف دون تمحيص بسبب الغيرة وبحماس مفرط. أو هو تشكيل رأي ما دون أخذ وقت كاف أو عناية للحكم عليه بإنصاف. وقد يكون هذا الرأي إيجابيًا أو سلبيًا، ويتمُّ اعتناقه دون اعتبار للدَّلائل المتاحة.

ومع أنه من المهم أن نتذكر أن الأفكار والآراء المتحيزة يمكن أن تكون ايجابية، كما يمكن أن تكون سليية، إلا أننا نلاحظ مع ذلك أن المصطلح يشير فى الغالب الأعم إلى اتجاه سلبى، و غير ايجابى، تجاه جماعة أو تجاه أفراد ينتمون إلى مجموعة اجتماعية معينة. ويتسم التعصب بالمعتقدات المتأثرة بالصور النمطية التى لم تختبر على محك الواقع، وإنما تستند إلى مشاعر الشخص واتجاهاته. ويلاحظ أن بعض الناس أكثر ميلاً إلى تبنى النظرة التعصبية من غيرهم: وقد أوضحت نظريات التحليل النفسى أن نمط الشخصية التسلطية تتسم بأنها أكثر ميلا إلى تبنى الاتجاهات المتصلبة المرتبطة بالتعصب.

وينحو الأفراد المتعصِّبون إلى تحريف وتشويه وإساءة تفسير، بل وتجاهل الوقائع التي تتعارض مع آرائهم المحددة سلفًا. فقد يعتقد الشخص المتعصِّب مثلاً بأن جميع الأفراد المنتمين إلى سن معينة أو أصل قومي أو عرق أو دين أو جنس أو منطقة في بلد ما، كسالى، أو عنيفون أو أغبياء أو غير مستقرين عاطفيًا أو جشعون.

وبسبب التَّعصب، حُرم ملايين النَّاس من تكافؤ الفرص في العمل والسَّكن والتَّعليم والمشاركة في الحكم.

وقد ينتقل التعصب من جيل إلى جيل. إذ يتعلم الكثير من الأبناء التعصب من آبائهم وأساتذتهم. وتُبقي المؤسسات والقوانين والعادات التي تنطوي على تمييز إزاء مجموعات معينة من الناس، على التعصب. بيد أنه لا يتقبل جميع النَّاس مشاعر التعصب التي تكنُّها مجتمعاتهم. وقد أدرك علماء الاجتماع احتمال أن يكون بعض الناس أكثر تعصبًا من أناس آخرين. ويعتمد هذا الاختلاف على التباينات في خلفية الفرد نفسه وتجاربه.

تعريفات

يعرّف الفيلسوف جورج سانتايانا «التعصب» بأنه «يضاعف مجهودك عندما تنسى هدفك». يظهر المتعصب معايير صارمة للغاية وبتسامح قليل تجاه للأفكار أو الآراء المعارضة.

يعرف جوردون ألبورت، فى كتابه الكلاسيكى: «طبيعة التعصب»، الصادر عام 1954 التعصب بأنه «كراهية تستتد إلى حكم عام يتسم بالخطاً وعدم المرونة. و أنه قد يكون على مستوى الإحساس، وقد يعبر صاحبه عنه. وقد يوجه إلى جماعة بأكملها، أو إلسى عضو فرد فى مثل هذه الجماعة».

يُعرّف تينو ليشتسار مصطلح التعصب على أنه السعي وراء أو الدفاع عن شيء ما بطريقة متطرفة وعاطفية تتجاوز الحدود الطبيعية. يُعرّف التعصب الديني بأنه الإيمان الأعمى والإستعداد لاضطهاد المعارضين وغياب وعي للواقع.

في كتابه بعنوان «حديث مجنون، كلام مجنون» (Crazy Talk ، Stupid Talk)، يقول نيل بوستمان أن «مفتاح كل المعتقدات المتعصبة هو أنها تؤكد نفسها بنفسها.. تعتبر بعض المعتقدات متعصبة ليس لأنها» خاطئة «ولكن بسبب التعبير عنها بطريقة لا يمكن أبدًا إظهارها كاذبة.»

مسببات التعصب

يمكن أن تسهم عدة عناصر في التَّعصب. وتشمل هذه العناصر:

  1. التنافس،
  2. الأفكار الدِّينية،
  3. الخوف من الغرباء،
  4. التشدد في القومية.

وقد ينشأ التَّعصب عندما تخشى مجموعة ما أن يحرمها تنافس مجموعة أخرى، من الهيبة والمزايا والقوة السِّياسية، أو الفرص الاقتصادية. وقد أسهمت الأفكار الدِّينيَّة ـ وخاصة عدم التَّسامح مع الدِّيانات غير الدِّيانة التي يعتنقها المرء ـ في التعصب ضد مجموعات عرقية أو دينية معينة. ويرى بعض الباحثين أن التّعصب ينشأ عن الخوف الطبيعي من الغرباء. وقد يؤدي التشدد في القومية إلى نشوء التعصب عن طريق تشجيع الناس على اعتبار الصفات الأجنبية متدنية.

كيفية التغلب على التعصب

قد يساعد التعلم وبعض أنماط الاتصال بين المجموعات وتغيير المؤسسات في التقليل من حدة التعصب. إذ يساعد التَّعليم على تصحيح التعميمات الخاطئة التي تشكل أساس التعصب. ويرجح أن يؤدي الاتصال بين المجموعات إلى التقليل من حدة التعصب إلى حد كبير عندما تعمل المجموعات معًا لنصرة قضية مشتركة. هذا بالإضافة إلى أن إحداث تغييرات في المؤسسات والقوانين والعادات، للتَّخفيف من حدة التمييز، قد يؤدي إلى إزالة شيء من التَّعصب.

التعصب في الإسلام

عند المتشددين المسلمين فإن التعصب هو عمل مستحب بناء على الحديث الشريف: «أوثق عرى الإيمان: الموالاة في الله والمعاداة في الله، والحب في الله والبغض في الله عز وجل» مع أن هناك دعوات حديثة لنبذ التعصب من قبل نفس الجماعات لكنهم يفرقون بين التعصب بين المسلمين والتعصب ضد الآخرين. ومؤخرا، ارتفعت همة نبذ التعصب عند مجمل المسلمين.

التعصب في علم الاجتماع

شاع مصطلح التعصب ولقى رواجا هائلا فى علم النفس الاجتماعى خلال عقدى العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين. ويرجع السبب فى ذلك جزئياً إلى تنامى الاهتمام بتطور نظرية الاتجاهات (وكذلك ظهور أساليب جديدة لقياس الاتجاهات مثل مقياس بوجاردوس للمسافة الاجتماعية). كما يرجع أيضاً إلى الاهتمام بانتشار مشاعر العداء للأقليات الإثنية فى الولايات المتحدة وظهور نزعة معاداة السامية فى أوروبا. ويرجع كذلك إلى الاهتمام الواسع بجماعات الأقليات. وقد بلغ التراث الأصلى لبحوث التعصب ذروته بنشر مؤلفين رئيسيين هما: كتاب تيودور أدورنو وزملاؤه: الشخصية التسلطية، الصادر عام 1950، وكتاب جوردون أولبورت: طبيعة التعصب، الصادر عام 1954. وقد قدم لنا أول هذين الكتابين أكثر التحليلات تفصيلاً للأسس الشخصية للتعصب. أما الثانى فقد حاول أن يقدم محاولة للتأليف بين نتائج البحوث، كما حاول أن يربط بين الأسس النفسية، و البنائية، والتاريخية للتعصب. وعلى الرغم من أن جانباً كبيراً من البحوث قد سار فى هذا الطريق، إلا أننا نجد أن المصطلح قد تعرض لانتقادات جادة فى ميدان علم الاجتماع، وذلك بسبب دلالاته الفردية أساسا.

كما تميل تعريفات علم الاجتماع للتعصب إلى اشتراط أن يمثل التعصب اعتداء على أحد المعايير الاجتماعية كالرشد، أو العدالة، أوالتسامح. ونجد أن الإفراط فى التعميم، والحكم المسبق، ورفض أخذ الفروق الفردية فى الاعتبار، والتفكير وفقاً للصور النمطية.. كل ذلك يمثل اعتداء على التفكير الرشيد ولاشك. كذلك يتسم التعصب بعدم العدالة من حيث أنه يهدف فى نهاية الأمر إلى وضع فرد معين أو جماعة معينة فى وضع سيئ لا تستحقه. وينطوى المتعصب أيضاً على عدم التسامح، بل إنه يمثل اعتداء على الكرامة الإنسانية. ويذهب زيجمونت باومان فى كتابه: التفكير على أساس سوسيولوجى، الصادر عام 1990 إلى أن التعصب يؤدى إلى ازدواج المعايير الأخلاقية. فما يستحقه أعضاء الجماعة الداخلية بوصفه حقاً لهم، سوف يتحول إلى فعل من أفعال الإحسان والرحمة عندما يؤدى تجاه أعضاء الجماعة الخارجية. ويستطرد زيجمونت قائلا إن: "الأمر الأكثر أهمية من كل هذا أن الإساءة البالغة التى يرتكبها الفرد ضد أعضاء الجماعة الخارجية يبدو أنها لا تتصادم مع ضميره الأخلاقى". ونفس الأفعال المتماثلة نجدها تتسمى بأسماء مختلفة، وتكون محلا للتقديروال احترام أو الإدانة و الاستهجان، تبعا للجانب الذى قام بها. ففعل التحرير الذى يمارسه شخص قد يراه الآخر فعلا من أقعال الإرهاب.

ويعد التعصب نتيجة - وتدعيما فى نفس الوقت- لوجود الجماعات الداخلية و الجماعات المخارجية، لأنه يجسد الفرق بين "نحن" و"هم". فالمؤكد أن اتجاهات الإحساس بالنحن والإحساس بالآخرين مترابطة عضويا ببعضها البعض، لأن الشعور بالنحن يؤدى إلى إحساس بالآخرين، والعكس بالعكس. ولهذا السبب يكاد يكون من الممكن الزعم بأن أحد الجانبين يستمد هويته من معارضته للآخر. وبهذا المعنى تكون الجماعة الخارجية ضرورة لشعور الجماعة الداخلية بالتماسك والأمان العاطفى، بل إنناقد

نجد أنفسنا أحياناً مضطرين إلى اختراع الجماعة الخارجية ; الآخرين، إذا لم يكن لها وجود حقيقى فعلا. وقد وصف لنا مظفر شريف وكارولين شريف فى كتابهما مقدمة قى علم التفس الاجتماعى، الصادر عام 1956، مثالاً كلاسيكيا، وان كان مزعجا من الناحية الأخلاقية، لكيفية خلق الجماعة الداخلية (النحن) والجماعة الخارجية (الآخرين) تجريبيا فى موقف اصطنعاه. فقد قام المؤلفان بتنظيم الأنشطة والمهام فى معسكر للشباب، بحيث شكلا لهذا الغرض خصيصا فريقين يعملان ويتتافسان للفوز بجوائز المعسكر. وسرعان ما كون أفراد كل فريق مشاعر العداء تجاه أفراد القريق الآخر، وخلق كل فريق صورا نمطية للفريق الآخر، هذا على الرغم من أن كل فريق كان يضم عددا متساويا من الأعضاء الذين كاتوا أصدقاء قبل هذا المعسكر. وقد انتهى المؤلفان إلى أن هذه الصور النمطية قد خلقت خلقاً وأنها لم تكتسب عن طريق التعلم.

كذلك تميل الجماعات إلى ضم صفوفها ودعم ترابطها عندما يظهر لها عدو. ولما كان التعصب يعمل على تضخيم عيوب العدو ومساوئه، فإنه يضمن بذلك أن معايير العدالة والتسامح لن تطبق بعد ذلك. وليس من الضرورى أن يؤدى التعصب دائما إلى فعل عدائى، ولكنا نلاحظ أنه عندما يتم التعبير عن التعصب، فإنه يمكن أن يتراوح -فى حده الأدنى- بين التحاشى أو التمييز، وصولا إلى الإبادة الجماعية، كما حدث فى محارق الثلاثينيات.

مرادفات التعصب

وهي مرادفة أيضا للتحمس، وللنشوة المستعرة، والغضب ولـ «الإِنحاز، التحزَّب، والتزمَّت، والتشدَّد، والرَصُنَ»

أنواع التعصب

  • تعصب المستهلك - هو مستوى المشاركة أو الاهتمام الذي يحس به شخص معين أو مجموعة تجاه عمل فني أو فكرة معينة
  • التعصب العاطفي
  • التعصب العرقي أو العنصري المتفوق
  • التعصب الترفيهي - إظهار مستويات عالية من الشدة والحماس والالتزام والحماس تظهر لنشاط ترفيهي معين
  • التعصب القومي أو الوطني
  • التعصب الإيديولوجي السياسي.
  • التعصب الديني - يعتبره البعض أكثر أشكال الأصولية الدينية تطرفًا. يستلزم تعزيز الآراء الدينية
  • التعصب الرياضي - إظهار مستويات عالية من التعاطف المحيط بالأحداث الرياضية. يتم ذلك بناءً على الاعتقاد بأن التعصب المتطرف يمكن أن يغير نتيجة الألعاب بالنسبة لفريقهم المفضل، أو لأن الشخص يستخدم الأنشطة الرياضية «كأرض إثبات» ذكوري للمنافسة وللمشجارات، كما في حالة مثيري الشغب لكرة القدم.

ومن العصبيات التي ذكرت في أدبيات الإسلام، بالإضافة لما ذكر، التعصب من أجل الدنيا، كعصبية المرء لذاته (النرجسية) ولأهله وعشيرته.

انظر أيضًا