المليارية

المليارية أو الايمان بالعصر الألفي السعيد أو الحركات الإحيائية (بالإنجليزية: Millenarianism) من الأصل اللاتيني: mīllēnārius تعني «تحتوي ألفاً» هي إيمان ديني أو اجتماعي بأن هنالك تغيير اجتماعي كبير سيحدث في المستقبل، وقد تكون المليارية حركة أو مجموعة سياسية أيضاً. والمليارية مفهوم موجود في العديد من الثقافات والأديان.

المليارية مصطلح يستخدم للإشارة إلى تلك الحركات الدينية التى تتنبأ بحلول الألفية والنهاية العنيفة المفاجئة للعالم كما نعرفه، أو بتعبير ذى صبغة رسمية، تتوقع خلاصاً جماعياً كلياً وشاملاً وشيك الحدوث لهذا العالم. ومن أمثلة هذه الحركات: الأخوة المسيحية (Christadelphianism)، والمذهب المورمونى، وحركة عودة المسيح فى اليوم السابع، ورجال المملكة الخامسة، وحركة رقصة الشبح لهنود أمريكا الشمالية، وشهود يهوه. وكما يتضح من الأمثلة المذكورة تعكس هذه الحركات تمايزاً من حيث درجة الفعالية المتوقعة بين أعضائها، ومدى إمكانية اعتبارها حركات إنقاذ ديني أو ذات طابع كاريزمي، وكذلك من حيث البناء التنظيمى للحركة ككل.

المليارية المسيحية

طالع أيضاً: العقيدة الألفية

فئة خاصة من المسيحة التي تعتمد على نصوص في العهد الجديد لتشدد بإيمانها القطعي بنهاية الحياة وقيام القيامة الموعودة خلال ألف سنة أو أكثر بقليل.

سمات المليارية

توجد هذه الحركات الإحيائية فى كافة الأديان بما فى ذلك المسيحية والإسلام، ولكنها يمكن أن تنشأ أيضاً خارج نطاق الديانات المنظمة. و لذلك، فإن المليارية أو الحركات الإحيائية يمكن أن تتخذ أشكالاً متعددة. ومع ذلك، فإنها عادة ما تنطوي على ثورات غاضبة، ورفض للوضع القائم، والافتراض بأن الألفية القادمة سوف تشهد تأسيس نظام اجتماعى جديد. وعادة ما ينهض هذا المجتمع الجديد على المساواة والعدل. وتنشأ هذه الحركات غالباً فى ظل الاستعمار ويمكن لها أن تكون ذات تداعيات خطيرة بالنسبة للنظام السياسى القائم. وليس هناك سوى فرصة ضئيلة للحلول الوسطى التوفيقية فى إطار هذه الحركات، ذلك أن أتباع حركات الإحياء لا يهابون الموت. فقد عرف عنهم، على سبيل المثال، مواجهتهم لبنادق الجيوش، وينبع ذلك من اعتقادهم بأن الألفية على وشك الانتهاء على أية حال. والغالب أن تتخذ معتقدات هذه الحركات موقفاً مضاداً من الانجاب، وتحرم العلاقات الجنسية، وزراعة المحاصيل، استناداً إلى أنه لن يكون هناك عام قادم. وهناك دائماً توتر فى إطار حركات الإحياء ينبع من وجود رسالة دنيوية مختلفة غير ذات محتوى واقعي، وأخرى تنص على عودة المقدس لممارسة السياسة والحكم بالعدل. ومن المؤكد أن الألفية لا تأتى، الأمر الذى يفضى إلى إنهيار الحركة. وهى إما أن تختفى من الوجود، أو يتم انقاذ جزء من رسالتها واستدماجه، على نحو ما حدث فى المسيحية.

طوائف الكارجو

أفضل النماذج المعروفة لحركات الإحياء أو المليارية الحديثة هى تلك المعروفة باسم طوائف الكارجو الموجودة فى ميلانيزيا. وعادة ما تعتقد هذه الطوائف بأن الأجداد أو الأبطال الثقافيين فى طريق عودتهم إلى هذا العالم، مستقلين سفينة سحرية لكى يخلقوا نظاماً سرمدياً تمت إعاقته بواسطة الأوربيين. وسوف تعود أيضا شحنة من السلع المادية الثمينة إلى ملاكها الحقيقيين الميلانيزيين، وهو ما سيفضى إلى عصر من السعادة والرخاء الشامل، حيث سيتم تحرير الشعوب المستعمرة من هيمنة الرجل الأبيض.

وهناك فيض من التفسيرات حول أسباب نشوء هذه الحركات. ويذهب بيتر ورسلى فى كتابه: سوف ينطلق النفير (الصادر عام 1957) إلى القول بأن طوائف الكارجو الميلانيزية ليست حركات مجنونة غير رشيدة، ولكنها نتاج للإحباطات التى تسبب فيها الاستعمار. فهذه الحركات تعارض الإمبريالية معارضة جذرية وتستخدم المثل الدينية فى محاولة تفسير قوة المستعمرين. وتنبع هذه القوة الروحية من قدرة الأوربيين البيض على أن يعترضوا سبيل الثروات (الكارجو) الموجهة إلى السكان المحليين. وتنشأ حركات الإحياء كملجاً أخير للتعامل مع هذه القوة الاستعمارية عندما تفشل المقاومة المسياسية فى التعامل معها. وتشمل التفسيرات البديلة تلك التى طورها كينيلم بوريدج فى كتابه المنشور عام 1960 بعنوان "مامبو"، والذى يذهب فيه إلى أن طوائف الكارجو تعبر عن جوانب أخلاقية وانفعالية أساسية فى المجتمع الميلانيزى، وبيتر لورنس صاحب كتاب: الطريق ينتمى إلى الكارجو (الصادر عام 1964)، والذى يقدم تفسيراً بنائياً تاريخياً يؤكد فيه على عدم التوافق ما بين المعايير الغربية والميلانيزية للمعاملة والتبادل.

ويمكن القول بشكل أكثر عمومية، أن النظريات العديدة حول الحركات الإحيائية ككل تنطوى على تفسيرات فى ضوء مفاهيم الحرمان النسبى، وهى تلك التى ترى هذه الحركات متجذرة فى الضغوط المقترنة بالتغير الاجتماعى السريع، فى حين تؤكد نظريات أخرى على العزلة الاجتماعية، والتصدع وفقدان المعايير المميز لموقف الأنومى. ويمكن للقارئ أن يجد عينة ممثلة لمثل هذه التفسيرات فى الكتاب الذى حررته سلفيا تراب، الأحلام بالألفية على مستوى الممارسة، والمنشور عام 1962.