الطبقة العليا
الطبقة العليا (بالإنجليزية: Upper Class) في المجتمعات المعاصرة هي طبقة اجتماعية تتألف من أغنى أفراد المجتمع، وهم أيضاً يتمتعون بنفوذ وقوة سياسية. تتكون الطبقة العليا عموماً من الأثرياء وهم ما يقارب 1-2% من السكان، ويتميزون بثروة ضخمة (تتمثل في العقارات) والتي تتوارث من جيل إلى جيل.
وعادة ما يستخدم هذا المصطلح إلى جانب الطبقة المتوسطة والطبقة العاملة كجزء من النموذج الثلاثي في الهرم الاجتماعي.
المفهوم
غالبا ما يشار تقليدياً إلى الطبقة العليا بأنها تعنى مرادفاً للأرستقراطية، ويقصد بها أولئك الذين يرثون انتماءهم فى الغالب من طبقة النبلاء، التى تشمل: النبلاء (وكانوا يلقبون قى المجتمع الانجليزى فى العصر الوسيط بألقاب الدوق، والماركيز، والإيرل، والفيكونت، والبارون) وكبار ملاك الأراضى (أو من كانوا يلقبون "بالجنتلمان" آنذاك). ومع أن الأرستقراطية تمثل عنصرا رمزيا مهما من العناصر التى تتكون منها الطبقة العليا، إلا أنها لا تفسر وحدها انتماءات كافة الأعضاء المنتمية إلى تلك الطبقة. ولعلنا نقترب بشكل أكبر من فهم مدلول الطبقة العليا إذا نظرنا إليها كمرادف للبورجوازية أو الطبقة الرأسمالية عند كارل ماركس. ويعنى الفهم الماركسى أن الطبقة العليا هى الطبقة المالكة للثروة، التى يعيش أفرادها على ما يكسبونه من ملكية الثروة والتحكم فيها واستغلالها. وتتمثل تلك الثروة فى الأرض، أو رأس المال، أو المشروعات الاقتصادية الكبيرة، أو الأوراق المالية، وغير ذلك من عناصر الثروة. من هنا نجد أن الحجم النسبى للطبقة العليا هو الأصغر حجماً على الإطلاق، بحيث أنها قد لاتتجاوز 1% من مجموع السكان فى المجتمعات الرأسمالية المتقدمة.
ومع ذلك فإن القوة التى تخلعها ملكية الثروة على صاحبها تتجاوز بكثير حجم الطبقة العليا الضئيل. فكثير من أفراد هذه الطبقة يتحكمون بشكل حقيقى فى أمور الشركات الكبيرة، سواء بشكل مباشر من خلال الأوضاع والوظاتف التى يشغلونها داخل تلك المؤسسات، أو بشكل خفى وغير مباشر عن طريق شغل مواقع حاكمة فى القطاع المالى كما يحتل بعض أفراد هذه الطبقة مواقع بارزة فى دنيا السياسة وغيرها من محالات الحياة العامة والحياة الثقافية. غير أن هناك فروقا مهمة فى المكانة بين الجماعات والأفراد المنتمين الى الطبقة العليا، وأقصد بها الفروق بين أصحاب الثروات القديمة أو العريقة، والأثرياء الجدد. ونجد أن المكانة الأعلى تكون دائما من تصيب أفراد الطبقة العليا ملاك الأراضى، الذين يعدون الأرستقراطية الحقيقية، ومن أبرز ممثليها دوق وندسور (ثانى أغنى فرد فى المملكة المتحدة بعد ملكة بريطانيا). وتمارس هذه القئسة سياسات واسترايتجيات من أجل استبعاد الأثرياء الجدد و عدم الاختلاط بهم، وهى السياسات التى تبدو - مثلا - فى تقييد عضوية بعض النوادى الارستقراطية الشديدة المخصوصية. وهكذا نجد أن "الثروة الجديدة تمنح صاحبها مكانة أقل، وإن كانت لا تمنحه قوة أقل بحال من الأحوال. و لذلك ليس من قبيل المصادفسة أن نجد الاثرياء الجدد يسعون منذ أمد بعيد إلى اكتساب المزيد من المكانة الارستقراطية عن طريق تبنى استراتيجيات الاندماج، كشراء الضياع الضخمة، ومصاهرة العائلات الارستقراطية سواء بأنفسهم أو بتزويج أبنائهم، وتعليم أبنائهم فى مدارس الصفوة.
المعنى التاريخي
في بعض الثقافات أفراد الطبقة العليا لا يحتاجون للعمل للعيش، بل أنهم يحصلون على المال من كسب أو توارث الاستثمارات وغالبا ما تكون عقارات فعلية. وأيضا أفراد الطبقة العليا قد يملكون مال فعلي أقل من التجار. ووضع الطبقة العليا عادة ما يكون مستمد من الوضع الاجتماعي لعائلة الشخص وليس من إنجازاته وثروته الشخصية. وأن عدد كبير من أفراد الطبقة العليا يكونون من الأتراف والأسر الحاكمة وأصحاب المناصب وكهنة الدين، وهؤلاء الناس يكونون منذ ولادتهم على وضعهم الاجتماعي وتاريخيا لا يمكن تخطي حدود الطبقات. وأنه لمن الصعب لفرد ما أن يتقدم في الطبقة بسبب بنية المجتمع.
في كثير من البلدان كان مصطلح الطبقة العليا كانت مرتبطا بملكية الأراضي الموروثة. وكانت السلطة السياسية في كثير من الأحيان في المجتمعات ما قبل الصناعية تحت سيطرة ملاك الأراضي، وعلى الرغم من عدم وجود أي عوائق قانونية لملكية الأرض لطبقات المجتمع الأخرى، وكان ملاك الأراضي الطبقة العليا في أوروبا من النبلاء، مع أنه ليس من الضروري لأن ألقاب النبالة اختلفت من بلد إلى آخر. وكانت بعض الطبقات العليا ليس لها أي صلاحيات مثل: سزلاشتا في الكومنولث البولندي الليتواني.
المملكة المتحدة
في المملكة المتحدة تتكون الطبقة العليا من الأرستقراطيون من العائلات النبيلة الذين يملكون مناصب موروثة. نشأت غالبية الأسر الارستقراطية من طبقة التجار، وكانت بين القرن الرابع عشر والتاسع عشر. ومنذ الحرب العالمية الثانية. وأصبح هذا المصطلح يضم الأغنياء والأقوياء من الطبقات الإدارية والمهنية.
الولايات المتحدة
في الولايات المتحدة تشير الطبقة العليا إلى الأغنياء، وغالبا ما تتألف من أصحاب التأثير والثروة، ومن هذا المنطلق فإن الولايات المتحدة تختلف عن بلدان أخرى مثل المملكة المتحدة، بأنها عضوية الطبقة العليا تعتمد على عوامل أخرى. وتشكل الطبقة العليا الأمريكية أقل من 1% من السكان، أما الباقي فهم 99% من السكان ويكونون من الطبقة المتوسطة أو الطبقة العاملة. الميزة الرئيسية للطبقة العليا هي قدرة أفرادها على الحصول على دخل ضخم من الثروة من خلال الاستثمار وإدارة الأموال عوضا عن انخراطهم في العمل المأجور.
ومن الأشخاص الذين يصنفون من الطبقة العليا هم رجال الأعمال الناجحين وكبراء الإداريين التنفيذيين والسياسيين والمستثمرين في البنوك وبعض المحاميين والأطباء والذين ورثوا ثروات وأصحاب رؤوس الأموال المشاهير وتم هذا التصنيف من علماء الاجتماع المعاصرين مثل: جيمس هانسلن أو دنيس جيلبرت. وقد تكون هناك اختلافات بين مكانة أسر الطبقة العليا، وعلى سبيل المثال ممثلين الدرجة الأولى قد لا تكون لهم هيبة مثل رئيس الولايات المتحدة. وحتى الآن جميع أفراد هذه الطبقة مؤثرين وأثرياء.
ومنذ عام 1970 في الولايات المتحدة كان هناك ظلم كبير في الحصول على الدخل، وكان أكثر من 1% يحصلون على دخل أكبر من باقي أفراد المجتمع. ويعتقد علماء الاجتماع مثل آلان جرينسبان أن هذه تعد مشكلة للمجتمع وأضاف أن هذا التوجه مقلق للغاية.
ونقلا عن كتاب «من يحكم أمريكا؟» للكاتب ويليام دومهوف يقول أن توزيع الثروة في أمريكا يعد تسليط ضوء رئيسي لتأثير الطبقة العليا . وأكثر من 1% من الأمريكيون يملكون ما يقارب 34% من الثورة في الولايات المتحدة. بينما 80% يملكون ما يقارب 16% من الثروة. ويعرض هذا التفاوت الكبير التوزيع الغير متكافئ للثورة في أمريكا من حيث القيمة المطلقة.
التعليم والطبقة العليا
أفراد الطبقة العليا في المجتمع الأمريكي عادة ما يكونون مثقفين وحصلوا على تعليم استثنائي سابق. الآباء الأغنياء يعملون جاهدين لكي يضمنوا ان يكون أطفالهم أفراد من الطبقة الأغنية عندما يكبرون. ويحرصون على تسجيلهم في المدارس الراقية من رياض الأطفال والمدارس الابتدائية ومن ثم إلى المدارس المتوسطة الخاصة وبعدها المدارس الثانوية وأخيرا إلى جامعات رابطة اللبلاب. ومن مميزات التحاقهم إلى هذه المدارس الراقية هو جودة التعليم فيها. المعلمين في المدارس الراقية صارمين وشديدين مما يجبر الطلاب على أن يصبحوا حازمين وناجحين. فأفراد الطبقة العليا عند التحاقهم إلى جامعات مثل جامعات رابطة اللبلاب يكون لديهم الفرصة أيضا للانضمام إلى النوادي والأخويات. أنشأ طلاب جامعة ييل نادي «سكل اند بونز» الاجتماعي. وكان هذا النادي تجمع سري ومن بين الأعضاء جورج بوش الأب، واكتسب أعضاء هذا النادي قيمة اجتماعية بانضمامهم إليه.
التصورات الجماهيرية
الملاحظ أن التصورات الجماهيرية الشائعة عن الطبقة العليا تتفق مع تصورهم لاصحاب الثروات القديمة أكثر مما تنطبق على الأثرياء الجدد. وقد اكتشف جوردون مارشال وزملاؤه (فى كتابهم عن الطبقة الاجتماعية فى المجتمع البربطانى الحديث، الصادر عام 1984). من خلال المسح الذى أجروه عن الطبقات الاجتماعية، اكتشفوا أن ثلثى العينة التى آجروا عليها دراستهم المسحية أشارت إلى الطبقة العليا فى ضوء عوامل المكانة، كالمرتبة أو اللقب، وذكر 40% من العينة أن الدخل هو العامل الحاسم فى تحديد الانتماء إلى الطبقة العليا، بينما أبرز ثلث المبحوثين نوع المهنة. وذكر ربع العينة فقط أن ملكية الثروة هى السمة التى تحدد الانتماء للطبقة العليا، ولو أن هذا المعيار يمثل السمة الحاسمة من وجهة نظر علم الاجتماع. ويمكن أن نجد أفضل المعالجات السوسيولوجية لموضوع الطبقة العليا فى الأعمال الضخمة التى نشرها جون سكوت (انظر على سبيل المثال كتابه: الطبقة العليا، الصادر عام 1982). أما فيما يتعلق بقضية العلاقه بين ملكية رأس المال والتحكم فيه من ناحية، ونمو رأسمالية المؤسسات (المشروعات) من ناحية أخرى فليرجع القارى إلى مؤلف موريس زايتلين المعنون المشروعات (الاقتصادية) الكبرى والطبقات المعاصرة، الصادر عام 1989.