هرمان فون هلمهولتز
هِرْمان لودفيج فرديناند فُونْ هِلْمهُولْتز (31 أغسطس 1821 - 8 سبتمبر 1894) كان فيزيائيًا وطبيبًا ألمانيًا قدم مساهمات كبيرة في العديد من المجالات العلمية. سمّيت أكبر جمعية ألمانية للمؤسسات البحثية، جمعية هيلمولتز، باسمه.
في الفيزيولوجيا وعلم النفس، اشتهر برياضياته الخاصة بالعين ونظريات الرؤية والأفكار حول الإدراك البصري للفضاء المحيط، وبأبحاث رؤية الألوان والإحساس بالنغم وإدراك الصوت، والأبحاث التجريبية في فيزيولوجيا الإدراك.
في الفيزياء، اشتهر بنظرياته حول حفظ الطاقة والعمل في الديناميكا الكهربائية والديناميكا الحرارية الكيميائية وعلى الأساس الميكانيكي للديناميكا الحرارية.
في الفلسفة، اشتهر بفلسفته في العلوم وأفكاره حول العلاقة بين قوانين الإدراك وقوانين الطبيعة، كن اشتهر في علم الجمال والأفكار حول القوة الحضارية للعلم.
سيرة حياته
وُلِد هيلمولتز في بوتسدام، وهو ابن مدير المدرسة المحلية للألعاب الرياضية، فرديناند هيلمولتز، الذي درس فقه اللغة والفلسفة الكلاسيكيين، وكان صديقًا مقربًا للناشر والفيلسوف إيمانويل هيرمان فيشتي. تأثر عمل هيلمولتز بفلسفة يوهان جوتليب فيشته وإيمانويل كانط. حاول تتبع نظرياتهم في مسائل تجريبية مثل الفيزيولوجيا.
كان هيلمولتز مهتمًا بالعلوم الطبيعية، لكن والده أراده أن يدرس الطب. حصل هيلمولتز على درجة الدكتوراه في الطب من معهد فريدريخ ويليمز للجراحة والطب عام 1842، وعمل فترة تدريبية لمدة عام واحد في مستشفى شاريتيه (لأن طلاب الطب كانوا يحصلون على دعم مادي).
تدرب هيلمولتز بشكل أساسي في الفيزيلوجيا، وكتب في العديد من الموضوعات الأخرى، بما في ذلك الفيزياء النظرية والجيولوجيا وصولًا إلى أصل النظام الشمسي.
المناصب الجامعية التي شغلها
كان أول منصب أكاديمي يشغله هيلمولتز هو مدرس التشريح في أكاديمية الفنون في برلين عام 1848.فيشته انتقل بعد ذلك ليشغل منصب أستاذ مشارك في الفيزيولوجيا في جامعة كونيجسبيرج البروسية، حيث عُيّن عام 1849. في عام 1855، أصبح أستاذ التشريح والفيزيولوجيا في جامعة بون، لكنه لم يكن سعيدًا هناك، فانتقل بعد ثلاث سنوات إلى جامعة هايدلبرغ في بادن، حيث عمل أستاذ في الفيزيولوجيا. في عام 1871، شغل منصبه الجامعي الأخير أستاذًا للفيزياء في جامعة هومبولت في برلين.
أبحاثه
الميكانيكا
كان أول إنجاز علمي مهم له أطروحته عام 1847 حول حفظ الطاقة، والتي كُتبت في سياق دراساته الطبية وخلفيته الفلسفية. جاء عمله في حفظ الطاقة في أثناء دراسة التمثيل الغذائي للعضلات. حاول إثبات عدم فقدان أي طاقة في حركة العضلات، بدافع ضمني أنه لا توجد قوى حيوية ضرورية لتحريك العضلات. كان هذا الدافع رفضًا للفلسفة الطبيعية التي كانت في ذلك الوقت نموذجًا فلسفيًا مهيمنًا في الفيزيولوجيا الألمانية.
بالاعتماد على الأعملل السابقة لسادي كارنووبينوا بول إميل كلابيرون وجيمس بريسكوت جول، افترض هيلمولت وجود علاقة بين الميكانيكا والحرارة والضوء والكهرباء والقوى المغناطيسية من خلال معاملتها جميعًا على أنها مظاهر لقوة واحدة أو طاقة واحدة في مصطلحات اليوم. نشر نظرياته في كتابه «عن حفظ القوة» الصادر عام 1847.
نشر في الخمسينيات والستينيات من القرن التاسع عشر فكرة الموت الحراري للكون استنادًا إلى منشورات ويليام طومسون وهيلمهولتز وويليام رانكين.
في ديناميكا الموائع، قدم هيلمهولتز العديد من المساهمات، لعل أبرزها هي نظريات هيلمولتز.
فيزيولوجيا الأعصاب
في عام 1849، أثناء وجوده في كونيجسبيرج، قاس هيلمولتز السرعة التي تنقل بها الإشارة على طول الألياف العصبية. اعتقد معظم الناس في ذلك الوقت أن الإشارات العصبية تمر عبر الأعصاب بسرعة لا تُقاس. استخدم هيلمولتز العصب الوركي الذي شُرّح مؤخرًا لضفدع وعضلة الربلة المعلقة بها ليتوصل على أن سرعة النقل تبلغ بين 24.6 و38.4 مترًا في الثانية.
آراء هرمان هلمهولتس فيما يخص الكون
اشتهر الفيزيائي الألماني هرمان هلمهولتس بدراساته الموسيقية وإجرائه عمليات على العين البشرية، وكان أول من توقع "الموت الحراري للكون". وفي مثل هذا الكون، سيكون هناك وفرة من الطاقة، ولكننا لن نكون قادرين على استخدامها؛ لذا سيتوقف كل شيء. وبصفة عامة، يبدو من وجهة نظره أن هذ الموت يعد شيئا لا بد من حدوثه.
في عصره، كان هناك إدراك جديد للحرارة يربطها بالحركة؛ ولكي نكون أكثر دقة، حركة الذرات والجزيئات في المادة. فالغازات تشكل معظم الكون. وطبقا للنظرية الحركية للغازات، فإن إحدى عينات الغاز تكون أكثر سخونة من الأخرى لأن جزيئاتها تتحرك بشكل أسرع، على الأقل بمعدل معين. إذا قمت بمزج عينتين من الغاز مختلفتي الحرارة، فسوف تبدأ الجزيئات في التصادم، وتتقاسم طاقتها الحركية. فالجزيئات التي تتحرك بشكل أسرع في الغاز الساخن سوف تعطي طاقتها إلى الجزيئات البطيئة في الغاز البارد. وإذا تم تركها وقتا كافيا، فسوف تكتسب الجزيئات الموجودة في الخليط معدل السرعة نفسه؛ وسوف تختفي أي اختلافات في الحرارة مخلفة "توازن حراري".
يعتقد هلمهولتس أن هذه العملية للتغلب على الصعوبات تحدث دائما في الكون كله. وعلى مر العصور، يجب أن تختفي الاختلافات المبدئية في درجة الحرارة، لتحقيق اتساق لطيف. بمعنى آخر، يجب أن تصل الانتروبيا (الفوضى) إلى حدها الأقصى (١٨٦٥). وماذا يهم في هذا الأمر؟ فما زالت جزيئات الغاز تتحرك، لذلك ما زال هناك كم وافر من الطاقة بالخارج. ويحظر قانون بقاء الطاقة أي فقد للطاقة.
لا يقتصر الأمر على ذلك. فتربينة الغاز تعمل لأن الغازات الداخلة تعتبر أكثر سخونة من الغازات الخارجة. فالرياح تهب نجو المنطقة الأكثر سخونة من المكان الذي كانت فيه. وتعتبر الاختلافات في الحرارة شيئا مهما في المحركات والطبيعة. دون هذه الاختلافات، لن يتم إنجاز أي عمل مفيد. فكما قال هلمهولتس، إن "الموت الحراري" أمر ينتظر الكون ككل.
لكن في بعض الأحيان، يزداد الأمر اتساعا. فالفيزيائي الألماني لودفيك بولتزمان، لديه أخبار أفضل. ففي عام ١٨٩٧ ، لاحظ بولتزمان أنه لا يوجد ما يبرر التزام الكتل الكونية الكبيرة، مثل المجرات أو الأكبر منها، بالتوازن الحراري وعدم كونها مليئة بالتنوع والحياة والحركة لفترات طويلة من الوقت. وطالما أنه توجد طاقة يمكن استهلاكها لحفظ الاختلافات الحرارية، يمكننا أن نواجه "الموت الحراري"؛ حيث يقوم الجزء الذي نعيش فيه من الكون بذلك الآن.