ويليام هيرشل

(بالتحويل من وليام هرشل)

فريدريك ويليام هيرشل (بالألمانية: Friedrich Wilhelm Herschel)‏ (15 نوفمبر 173825 أغسطس 1822) عالم فلك وملحن بريطاني من أصل ألماني. اتبع هيرشل خطوات أبيه فانضم للفرقة الموسيقية العسكرية التابعة لهانوفر، قبل هجرته إلى بريطانيا العظمى عن عمر يُناهز التاسع عشر، وهو شقيق العالِمة كارولين هيرشل. أصبح مشهوراً لاكتشافه كوكب أورانوس، وقمريه الرئيسيين تيتانيا، وأوبيرون، بالإضافة إلى قمري زحل. وقد كان أيضا أول من اكتشف وجود الأشعة تحت الحمراء. وألف واشتُهر بسمفونياته الأربعة والعشرين، وعدداً من القطع الموسيقية التي لحنها.

بداية حياته وأعماله الموسيقية

ولد في هانوفر لأبوين إسحاق هيرشل وآنا إليز موريتزين، وهو ابن من أصل عشرة أبناء. عائلته كانت من المسيحيين اللوثريين، وكان أبوه عازف على آلة الأوبوا في الفرقة الموسيقية العسكرية التابعة لهانوفر.

وبعد أن بلغ التاسعة عشر من عُمره انتقل هرشل إلى إنكلترا ليعمل كعازف ومُدرس للموسيقى، فقد كان بالإضافة لعزفه على آلة الأوبوا فقد كان يُجيد العزف على آلة الكمان وعلى الهاربسكورد ولاحقاً تعلم الأورغن. ولحن عدداً من الأعمال الموسيقية، من ضمنها سمفونياته الأربعة والعشرين، بالإضافة إلى الموسيقى الكنائسية.

انتقل هيرشل بعد ذلك إلى سندرلاند عام 1761 عندما عينه تشارلز افيسون عازف الكمان الأول في أوركسترا نيو كاسل، حيث أنه عزف معهم لموسم واحد.

بعد نيو كاسل انتقل هيرشل إلى هاليفاكس فقد كان أول من عزف الأورغن في كنيسة القديس جون ذا بابتست "يوحنا المعمدان" (هاليفاكس منستر الآن). انتقلت أُخته كارولين إلى إنجلترا في 1772، وعاشت معه في نيو كنق ستريت، باث. والبيت الذي عاشا فيه أصبح الآن مُتحف وليام هيرشل. أخويه ديترش، الكسندر، وجايكوب قد ظهروا كموسيقيين أيضاً في باث.

بدايته مع الفلك وأعماله

قاد حب هيرشل لموسيقاه إلى اهتمامه بالرياضيات وعلم البصريات، وقد زاد اهتمامه بالفلك بعد أن تعرف على الفلكي الملكي إنجليزي نيفل ماسكيلين، وأنشأ هيرشل مقرابا عاكسا خاصاً به وكان يقضي أكثر من 16 ساعة يوميا يلمع ويعدل سبيكة المرايا المعدنية لمرآته الأولية. وفي مايو 1773 بدأ يرصد الكواكب والنجوم، وفي الأول من مارس عام 1774 بدأت صحيفة فلكية بنشر ملاحظاته حول حلقات زحل وسديم الجبار.

في الثالثة والأربعين من عمره، اكتشف كوكب أورانوس (Uranous)، عام 1781م، وهو الكوكب السابع في بعده عن الشمس، وسمّاه "جورجيوم سيدوس" نسبة للملك جورج الثالث ويعرف الآن عالمياً باسم أورانوس.

بعد سنة عُيِّن هرشل كفلكي خاص للملك مما ساعده في تكريس كل وقته إلى مساعيه الفلكية. ثم نصب هرشل منظاراً في مستنقع بيركشاير ومن خلال استعماله لهذا المنظار استطاع أن يكتشف قمرين لأورانوس والقمر السادس والسابع لزحل.

اكتشاف وليم هيرشل لكوكب أورانوس

لم يكن معروفا حتى القرن الثامن عشر سوى خمسة كواكب (خلاف كوكب الأرض) هي عطارد والزهرة والمريخ والمشترى وزحل، بالإضافة إلى الشمس والقمر؛ مما يجعل عدد الأجرام السماوية سبعة. ولم يكن من المتوقع زيادة عدد الكواكب عن ذلك للاعتقاد بقوة في ذلك العدد. لكن، ذلك الاعتقاد لم يمنع وليم هيرشل، الذي ولد في ألمانيا وعاش في إنجلترا، من اكتشاف كوكب جديد عام ١٧٨١ . وقد اكتشفه عن طريق استخدامه لواحد من أفضل التليسكوبات في عصره، والذي كان يوجد بمرصده بمدينة باث غرب إنجلترا؛ حيث رأى جسما خافت الضوء يتحرك ببطء شديد في الفضاء من المساء إلى مساء اليوم التالي وفي اتجاه معاكس لجميع النجوم الأخرى. وبذلك، استنتج أنه لا يمكن أن يكون نجما على الإطلاق.

أطلق وليم هيرشل على ذلك الكوكب اسم الملك جورج تكريما له، كما فعل ذلك جاليليو من قبل الذي أطلق على أقمار المشترى اسم الملكة ماديسيس عند اكتشافه لها عام ١٦١٠ ولكن فيما بعد أطلق عليه اسم أورانوس وهو الاسم المستخدم حتى الآن. وتنص الأساطير الرومانية القديمة على أن أورانوس كان أبا لكوكب زحل، وزحل أبا لكوكب المشترى.

هذا، وقد أثبتت الحسابات أن الكوكب الجديد يستغرق حوالى ثلاثة أضعاف امدة التى يستغرقها زحل - أبعد الكواكب عن الشمس - للدوران حول الشمس ووفقا لذلك، فإن المسافة بين أورانوس والشمس تساوي ضعف المسافة بين الشمس وزحل وفقا لقوانين كبلر (١٦٠٩). وبهذا الاكتشاف، أصبح حجم النظام الشمسي ضعف ما كان يعتقد في البداية ولكن، استمر الجدل دائرا حول ما إذا كان ذلك الاكتشاف مذنبا أو كوكبا. ولكن تم حسم هذا الجدل عندما لوحظ أنه يدور في فلك دائري وليس مطولاً.

كرس وليم هيرشل معظم وقته قبل ذلك للموسيقى حيث عمل كعازف للأرغن وملحن حتى جاء علم الفلك ليشغله. وبعد ذلك، تم تعيينه عالم الفلك الخاص بالملك. وقد استمر في دراسة الفضاء لمدة 40 عاما في مدينة سلو غربي لندن. وهناك قام ببناء أكبر تليسكوب في ذلك الوقت (١٧٨٩). وبالمثل، كانت أخته كارولاين موهوبة في الموسيقى والفلك. وقد عملت كمساعدة لأخيها في كلا المجالين لمدة عدة أعوام. كما قامت بالعديد من الاكتشافات الخاصة بها والتي تضم عدداً من المذنبات الجديدة. وبذلك، تكون أول سيدة يبرز اسمها في تاريخ العلم على مدار التاريخ.

اختراع وليم هيرشل لتليسكوبات كبيرة الحجم

عندما ولد وليم هيرشل بألمانيا الحديثة عام ١٧٣٨ ، كانت التليسكوبات تغزو الفضاء منذ ما يقرب من ٠ ١٣ عاما. وقد تم تطوير تلك التليسكوبات في أحجامها وقوتها منذ أن تم اختراعها عام ١٦١٠ بواسطة العالم جاليليو الذي قدم أول تليسكوب يحتوي على ٠ ٣ كاسر للضوء. وبزيادة حجم التليسكوبات، كان من الممكن ترتيب العدسات بشكل أفضل وبطرق أكثر تقدما. وبالتالي، أصبح لدى التليسكوب الكاسر القدرة على تجميع الضوء بشكل أفضل. وقد ساعد ذلك في اكتشاف العديد من الأجرام البعيدة التي كات تبدو خافتة الضوء بعض الشيء. على أية حال، أمكن رؤية الأجرام القريبة بشكل أوضح والتعرف على المزيد من التفاصيل الدقيقة لتلك الأجرام بعد ذلك. ويعود الفضل في ذلك إلى جون دولند باختراعه للتليسكوب الكاسر للضوء دون تحليله (١٧٥٨). وقد ساعد استخدام تلك التليسكوبات على اختفاء الهالات الملونة التي كانت تحيط بالأشياء عند رصدها وعادة ما كان يفضل علماء الفلك التليسكوبات الكاسرة للضوء؛ نظراً لأنها لا تضيع الكثير من الضوء.

لكن، كان يعيب تلك التليسكوبات الكاسرة للضوء أنها صغيرة الحجم لذا، يتم تدعيم العدسة من أطرافها فقط. ذلك، لأنه من الممكن أن تؤدي زيادة وزن ذلك التليسكوب إلى سقوطه ودماره. لذلك، أصبح التليسكوب العاكس الذي يتم فيه تدعيم المرايا من الخلف ذا مميزات أفضل؛ لأنه ليس هناك حد معين لحجمه. وبالطبع، يعد الحجم من العوامل المهمة في التليسكوب. فعلى سبيل المثال، عند زيادة حجم فتحة التليسكوب إلى الضعف، فإن ذلك يؤدي إلى رؤية الأشياء التي تبعد ضعف المسافة كما تصبح الرؤية أوضح بمقدار الضعف.

بناء على ذلك، فإن وليم هيرشل دفع بصناعة التليسكوبات نحو التطور. وقد هاجر وليم هيرشل إلى إنجلترا عام ١٧٧٢ ؛ ربما لأنه كان يوجد بعض أسلاف الملك في هانوفر على أية حال، لم يعرف السبب في تحوله السريع والمبكر عن الموسيقى إلى الفلك. ولكنه بنى أول تليسكوب خاص به عام ١٧٧٦.

في هذا الشأن، بدأ هيرشل ببناء تليسكوب يبلغ طوله ٢ متر. وباستخدام هذ التليسكوب، استطاع اكتشاف كوكب أورانوس في عام ١٧٨١ وعندما أمده الملك بالمواد المالية اللازمة، قام بمضاعفة حجمه ثم مضاعفته مرة أخرى. وفي عام ١٧٨٩، انتهى من بناء التليسكوب العملاق الذي كان يبلغ طوله ٢ ١ متراً ومثبت به مرآة يزيد قطرها عن ١ متر. وقد تم بناء السقالات والمائدة الدوارة بمدينة سلو غربي لندن لتثبيت التليسكوب في أثناء عملية الرصد. وقد كان حجم تلك السقالات والمائدة يزيد عن حجم منزل كبير. لذا، لم يتم بناء تليسكوب آخر منافس له في الحجم سوى بعد مرور نصف قرن.

من الأمانة أن نذكر أنه كان من الصعب استخدام ذلك التليسكوب العملاق، لذا فقد استخدم وليم هيرشل المعدات صغيرة الحجم لإنجاز أعظم اكتشافاته، مثل الأقمار الجديدة التي تذوز حول زحل واكتشاف كوكب أورانوس. على أية حال، استفاد علماء الفلك في المستقبل من ذلك التليسكوب العملاق.

توضيح وليم هيرشل العلاقة بين الحرارة والضوء

كان وليم هيرشل ألماني المولد لكنه عاش بإنجلترا منذ بلوغه التاسعة والعشرين من عمره. وقد كانت له مساهمات عديدة في علم الفلك، من بينها اكتشافه كوكب أورانوس عام ١٧٨١ وبناء أول أكبر تليسكوب عام ١٧٨٩ . كما قام برصد الشمس من العديد من الجوانب من خلال العديد من الفلاتر الملونة لتقليل الضوء. وقد لاحظ أن الألوان المختلفة تسمح بمرور كميات مختلفة من الحرارة عبرها. ولذلك، كان تخمينه الأول هو أن تلك الألوان تحتوي على كميات مختلفة من الحرارة.

لاختبار ذلك، قام بإجراء تجربة بسيطة ومن السهل تكرارها. وتقوم فكرة تلك التجربة على أن المنشور يعمل على كسر الضوء إلى عدة ألوان تتراوح بين البنفسجي والأحمر. كما قام بوضع ترمومتر ذي زجاجة طرفها لونه أسود في كل منطقة ملونة بالدور ثم قارن بين درجات الحرارة مع قراءة الترمومترين الذين وضعهما خلف نهاية الطيف.

لقد كانت النتائج مذهلة؛ حيث وجد أن درجات حرارة جميع المناطق الملونة أعلى من تلك التي تمت تغطيتها باللون الأسود. كما أن كمية الحرارة التي تم اكتشافها كانت ترتفع كلما اتجهنا بالتدريج من البنفسجي حتى الأحمر. لذلك، فإنه عندما وضع وليم هيرشل الترمومتر خلف منطقة اللون الأحمر، حيث لا يمكن رؤية الضوء في تلك المنطقة، لاحظ أنها أكثر المناطق حرارة.

يبدو أن الشمس تحتوي على بعض أشكال الضوء غير المرئي. وقد أطلق وليم هيرشل على ذلك الضوء اسم الأشعة الحرارية. وقد أثبتت التجارب فيما بعد أنه يمكن عكس تلك الأشعة باستخدام المرآة وكسرها باستخدام المنشور وتجميعها بواسطة العدسات تماما مثل الضوء العادي. وأطلق على هذه الأشعة فيم بعد اسم الأشعة تحت الحمراء (١٨٠٢) أو الحرارة الإشعاعية. وفي الواقع، تشبه تلك الأشعة الضوء المرئي، كما أنها ذات علاقة بأنواء الأشعة الأخرى مثل الأشعة فوق البنفسجية (١٨٠٢) والموجات الإشعاعية (١٨٨٨) وأشعة إكس (١٨٩٥) وأشعة جاما (١٨٩٩)، بالإضافة إلى العديد من الأنواع الأخرى التي يتم اكتشافها حتى الآن.

إنجازاته

وكذلك استطاع أن يحدد موقعنا من داخل مجرة درب التبانة. فمنذ عهد غاليلو أمكن أدراك أن الحزمة الضبابية المسماة درب التبانة ما هي إلا مجموعة من ملايين النجوم، التي تتخذ بمجموعها هذا القرص الفلكي الضخم، وبالتالي ساهم في تحديد موقعنا داخل المجرة، بطريقة بسيطة تقوم على أساس حساب أعداد النجوم في مختلف الاتجاهات، وفي عام 1785م، قام بنشر نتائج حساباته لأعداد النجوم الواقعة في 683 منطقة أختارها من السماء، وأستنتج أننا واقعون في مركز المجرة، وعلى الرغم من أن طريقته كانت مليئة بالأخطاء والموقع ليس صحيحا حيث تقع نجمتنا (الشمس) في طرف المجرة، إلا أن أفكاره كانت مثيرة وسابقة لأوانها.

وقام أيضا بدراسة دوران العديد من الكواكب وحركة النجوم المُزدوجة مُستخدماً تلسكوب 40 قدم، وفهرسة أكثر من 800 نجمة مزدوجة(نجم ثنائي). ولقد درس السدم وساهم في تقديم معلومات جديدة حول تكوينهم وارتفعت ملاحظاته لهذه السدم من 100 إلى 2500. وهو كان أول من افترض أن هذه السدم تكوّنت من النجوم. وفي عام 1786 نشر ويليام هيرشيل فهرس السدم والعناقيد النجمية، بمساعدة شقيقته كارولين هيرشل.

لقد أدرك وليام هيرشل أثناء مسحه للسماء أن هناك المئات من السدم الخافتة الضبابية الهيئة المنتشرة في معظم الاتجاهات، وخلال سبع سنوات من البحث والرصد تمكن من تسجيل أكثر من ألفي سديم لم يكن ملاحظاً لها من قبل. وأدرجها بفهرس وضعه.

واستغرق مسح السماء عدة عقود وتتبع جون (John)، ابن وليام هيرشل خطى أبيه واستمر بالبحث من النقطة التي توقف عندها أبيه، وهكذا نشر جون هيرشل الفهرس العام للسدم(The General Catalogue of Nebulae)، في عام 1864م، وضمنه 5079 جرما سماويا.

عائلته

ويليام هيرشل تزوج من ميري، وأنجبا طفلا واحدا، سمياه جون، ولد في السابع من مارس 1792، ولقد تربى ويليام في بيئة مليئة بالعلم وقد اثر ذلك على ولده جون وعلى أحفاده أيضًا.

وفي عام 1816 كافأه الملك الملك جورج الرابع وحصل على اللقب سير 'Sir'. وقد ساعد في إنشاء الجمعية الفلكية في لندن عام 1820، وفي عام 1831 تلقت الجمعية ميثاق ملكي وأصبحت الجمعية الفلكية الملكية. وفي عام 1813 انتخب ليكون عضوًا أجنبيًّا في الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم.

ومن بعده ولده جون هيرشل أصبح أيضاً فلكياً مشهوراً.

وفاته

وفي 25 عام 1822 توفي ويليام هيرشل ودفن جثمانه بالقرب من كنيسة القديس لورانس.

انظر أيضًا