هوغو دي فريس
هوغو ماري دا فريس (بالهولندية: Hugo de Vries) (فبراير 16، 1848 - ماي 21، 1935) كان عالم نبات هولندي وأحد أوائل علماء الوراثة. وهو معروفُ بالأساس لاقتراحه لمفهوم الجينات، إعادة اكتشافه لقوانين الوراثة في سنوات ال-1890 عندما لم يكن يعلم عن أعمال غريغور مندل، ولإدخاله للمصطلح "طفرة"، وتطويره لنظرية طفور للتطور.
سيرة حياته
ولد دي فريس في عام 1848، وهو الابن الأكبر لجيريت دي فريس (1818-1900)، وهو محامي و وشماس للطائفة المينوناتية في مدينة هارلم. لاحقاً اصبح رئيس وزراء هولندا من عام 1872 حتى 1874،. وماريا إفراديان ريوفنس (1823-1914)، ابنة أستاذ في علم الآثار في جامعة ليدن. والده اصبح عضواً في مجلس الدولة الهولندي وذلك في عام 1862، ومن ثم انتقلت عائلتة إلى مدينة لاهاي. أظهر هوغو ومنذ سن مبكرة اهتماماً كبيراً في علم النبات، حيث فازت معشباتة بالعديد من الجوائز المدرسية في كل من هارلم و لاهاي.
في عام 1866، التحق هوغو بجامعة ليدن في تخصص علم النبات. كان متحمساً بشدة لدروس والنزهات التي يقوم بها العالم ويليام فريدريك سورينجار. أظهر تأثراً واهتماماً كبيراً بنظرية التطور لتشارلز داروين رغم تشكيكات سورينجار. كتب أطروحة حول تأثير الحرارة على جذور النبات، مضيفً عدة تصريحات من داروين لإثارة أستاذه، وتخرج في عام 1870.
حياته المهنية
بعد فترة قصيرة قضاها في التدريس، غادر هوغو في سبتمبر من عام 1870 ليأخذ دروس في الكيمياء والفيزياء من جامعة هايدلبرغ وعمل في مختبر فيلهلم هوفمايستر. في الفصل الثاني من العام الدراسي انضم إلى مختبر المحترم يوليوس ساكس في فورتسبورغ وذلك لدراسة نمو النبات. من سبتمبر 1871 إلى 1875 قام بتدريس علم النبات، علم الحيوان و الجيولوجيا في مدارس أمستردام. خلال الإجازات والعُطل، كان يعود لمختبر هايدلبرغ لمواصلة أبحاثة.
في عام 1875 عرضت وزارة الزراعة لبروسيا على دي فريس منصب أستاذ في الكلية الملكية للزراعة (والتي كانت وقتها قيد الإنشاء) في برلين. تحسباً لذلك، عاد إلى مدينة فورتسبورغ، حيث درس المحاصيل الزراعية بالتعاون مع ساكس. وفي عام 1877، كانت كلية برلين لاتزال مجرد خطة على الورق، تولى لفترة وجيزة منصب للتدريس في جامعة هاله. في نفس العام عُرض علية منصب محاضر في فسيولوجيا النبات في جامعة تأسست حديثاً في أمستردام. اصبح أستاذاً مساعداً في عام 1878 وأستاذ كرسي في عيد ميلاده من عام 1881، وكان ذلك جزئياً بهدف ثنية عن الانتقال إلى كلية برلين، والتي أفتتحت أخيراً تلك السنة. شغل دي فريس إلى جانب ذلك منصب أستاذ ومدير معهد وحديقة علم النبات في أمستردام بين عامي (1885-1918).
نظرية الطفرة
في عصره، أشتهر دي فريس بنظريته للطفرة. في عام 1886 كان قد أكتشف أشكال جديدة بين أزهار الربيع المسائية والتي كانت تنمو بشكل جامح في حقل بطاطا مهجور قرب هيلفرسوم، أخذ البذور من هناك وتبين له في مزارعة التجريبية ان الزهور تنتج أنواع جديدة; وقد اطلق مصطلح طفرة على تلك الاختلافات التي تظهر فجأة. في كتابة المنشور في مجلدين نظرية الطفرة (1900-1903) أفترض ان التطور، خصوصاً أصل الأنواع، قد يحدث بشكل أكثر تكرراً على نطاق واسع من التغيرات من تلك التي في التدرج الدارويني، يشير أساساً إلى شكل من أشكال التطور قافز. كانت نظرية دي فريس أحد المتنافسين الأساسيين لشرح كيفية عمل التطور، والتي أدت، على سبيل المثال، بتوماس مورغان لدراسة الطفرات في ذبابة الفاكهة، حتى أصبح التوليف التطوري الحديث هو النوذج السائد وذلك في حوالي 1930. الغريب في الأمر ان تلك التغيرات التي كانت تطرأ على زهرة الربيع المسائية كانت عبارة عن ازدواجية في الكروموسومات (تعدد الصيغ الصبغية)، في حين أن مصطلح الطفرة في الوقت الحالي يطلق عموماً على تلك التغيرات المنفصلة التي تحدث تسلسل الحمض النووي (DNA).
أخيراً، في محاضرة نشرت عام 1903 (Befruchtung und Bastardierung, Veit, Leipzig)، دي فريس أول من أقترح وقوع إعادة إتحاد بين الكروموسومات المتجانسة، والتي تعرف الآن بعملية انتقال الكروموسومات، وكان ذلك في خلال سنة من تورط الكروموسومات في الوراثة المندلية بواسطة والتر ساتون.
إسهامات العالم هوجو دي فاريس في علم الوراثة
يعتبر العالم الهولندي هوجو دي فاريس واحداً من بين ثلاثة علماء، الذين قاموا في عام ١٩٠٠ بإعادة اكتشاف إسهامات العالم جريجور مندل التي توصل إليها منذ ما يقرب من أربعين عاما (١٨٦٥) في ذلك الوقت والخاصة بقوانين الوراثة في علم الأحياء. وبعد ذلك التاريخ بعام، أضاف هوجو دي فاريس الكثير من الإسهامات لهذه القوانين، للاستجابة لأحد أكثر الاعتراضات الخاصة بالعالم تشارلز داروين ونظريته عن التطور (١٨٥٩). فقد ادعى داروين أن أي جيل من الكائنات الحية يحتوى على بعض السمات التي تميزه عن غيره من حيث الشكل الظاهري. فقد يكون لبعض الكائنات سمات مميزة في أجسامها أو سلوكها تجعلها قادرة على البقاء على قيد الحياة لمدة أطول وتربية صغارها لتوارث هذه السمات. وقد لخص داروين هذه العملية في العبارة المعروفة "البقاء للأصلح". ولكن من أين تكتسب هذه الكائنات هذه الميزة؟ وما مصدر التعدد والاختلاف بين جميع أنواع الكائنات؟ لم يستطع داروين أن يجد أية إجابة وافية عن هذين السؤالين، بالرغم من أن تجاربه الخاصة التي أجراها على تربية الحمام أظهرت مدى الاستفادة التي يمكن الحصول عليها من خلال هذه الاختلافات والفروق عند حدوثها.
اعتقد عالم الأحياء الفرنسي جان لامارك (١٨٠٩) أن الكائنات الحية اكتسبت هذه القدرات الجديدة عن طريق التكيف بالفعل مع البيئة المحيطة بها ليظهر تأثير هذا التكيف وينتقل إلى صغارها. فقد تطورت أنواع الطيور التي تغوص في المياه والبرك وأصبح لديها سيقان طويلة لكي تتمكن من الخوظ في مياه أكثر عمق بحثا عن الغذاء. وخلال قرن كامل من الزمان تقريبا في ملاحظة ذلك، لم يلحظ أي شخص هذه النظرية تحدث على أرض الواقع. وقد بحث العالم مندل عن إمكانية حدوث مثل هذه النظرية، واكتشف أن تهيئة بيئة واحدة لمجموعة مختلفة من النباتات التي تتم تربيتها جنبا إلى جنب لا يؤدي إلى حدوث تأثيرات ملحوظة على الأجيال المتعاقبة من هذه النباتات.
ففي ذلك الوقت، بدا أن نظرية العالم لامارك لا تتحقق في جميع الأحوال. واكتشف عالم الأحياء الألماني أوجست وايسمان أنه في مرحلة مبكرة للغاية من تطور النباتات أو الحيوانات (أي في حوالي اليوم ٥٩ للجنين في الإنسان) تتكون خلايا معينة بجوار بعضها البعض لتقوم بأداء دور معين؛ حيث تكون الأمشاج والخلايا النصفية في صورة بويضات ومبايض وسائل منوي وحبوب لقاح مسئولة عن نقل الصفات الوراثية إلى الأجيال التالية. بعد ذلك اليوم، لم يحدث أي شيء آخر يمكنه التأثير على محتويات الخلايا، وكذلك على السمات التي يتم توارثها.
لذلك، فإن التنوع بين صفات الكائنات التي تنتمي لأصل أو فصيلة واحدة، كان لا يزال يحتاج إلى تفسير والمزيد من الشرح. ذات يوم، في الثمانينيات من القرن التاسع عشر، كان العالم دي فاريس يجري تجارب على زهور الربيع. فلاحظ من وقت لآخر التغييرات المفاجئة في بعض سمات النباتات من جيل إلى جيل آخر، وهي تلك التغييرات التي أصبحت شيئ حقيقيا وربما ظهر مرة أخرى مبدأ "البقاء للأصلح" ليس كسلسلة من التغييرات التي لا يمكن إدراكها، ولكن لكي يتم تطبيقه على الانتقالات الوراثية الضخمة والحاسمة، والتي تصل إلى درجة ترجح بالفعل تطبيق هذا المبدأ عليها بناء على نظرية العالم داروين الخاصة بالانتخاب الطبيعي.
لقد أطلق العالم دي فاريس على هذه التغييرات مصطلح "طفرة". وأثبتت زهور الربيع الخاصة بتجاربه أنها ليست كمثل باقي الكائنات الحية على وجه العموم؛ حيث كانت معظم الطفرات الوراثية صغيرة جداً ومن الصعب ملاحظتها، ولكن ظلت الفكرة والاسم المخصص لها عالقين في تاريخ العلم. وتمثل التحدي الآن في اكتشاف كيفية حدوث هذه الطفرات الوراثية. فإذا كانت الصفات الوراثية تنتقل عن طريق الحامض النووي الذي يوجد داخل كل خلية من الخلايا، كما هو معترف به على نطاق واسع حاليا (هيدفيج ووايسمان ١٨٨٤)، فلا بد أن تحدث الطفرات الجينية في منطقة ما في الخلية أيضا (١٩٢٦).
التكريم والتقاعد
في مايو 1905، أنتخب دي فريس كعضو أجنبي في الجمعية الملكية. وفي عام 1910، انتخب ليصبح عضواً في الأكادمية الملكية السويدية للعلوم. حصل على ميدالية داروين في عام 1906 وميدالية ينيان عام 1929.
تقاعد في عام 1918 من جامعة أمستردام وأنعزل في ملكية الخاصة "De Boeckhorst" الواقعى في قرية لانتيرين حيث كان يملك حدائق تجارب كبيرة هناك. أستمر في دراساته حول الأشكال الجديدة حتى وفاته عام 1935.
مؤلفاته
أشهر مؤلفاته هي:
- شمولية التخلق داخل الخلايا (1889)
- نظرية الطفرة German edition Bd. 1-2 (1901-03) الطبعة الإنجليزية المجلد 2 (1909-10) تم العثور عليها في 2009-08-20
- الأنواع والأصناف: أصلهم عن طريق الطفرة (1905)
- تربية النباتات (1907) الترجمة الألمانية (1908)