معجزة (دين)
المعجزة هي أي حدث غير متوقع يعزى إلى تدخل إلهي. أو في بعض الأحيان يعزى أيضاً (جزئياً) إلى قديس ما أو زعيم ديني. ويعتقد بعض الأحيان المعجزة هي قطع واضح وشرخ يحدث لقوانين الطبيعة. و يقترح البعض الآخر أن الله يعمل مع قوانين الطبيعة لإحداث ما يعتبره الناس معجزات. اللاهوتيون أو علماء الإلهيات يقولون بأنه مع وجود العناية الإلهية فإن الله يعمل بانتظام من خلال قوانين الطبيعة، مع ذلك فإن له مطلق الحرية في أن يعمل ضد قوانين الطبيعة إن أراد ذلك.
وغالباً ما تعتبر المعجزة حدثاً فجائياً واستثنائياً مقارنة مع القضاء و القدر. في الاستخدام اليومي، قد تطلق كلمة معجزة أيضاً إلى أحداث عادية ذات إحصائيات منخفضة (مثل النجاة من الكوارث الطبيعية) أو ببساطة مجرد حدث رائع واقع بغض النظر عن الاحتمالات، مثل الولادة.
و مما قد يعتبر من المعجزات: البقاء على قيد الحياة بعد مقاومة مرض عضال، والهروب من حالة تهدد الحياة. و قد يتم اعتبار بعض الصدف على أنها معجزات.
المعجزات
تعرف « المعجزة » بأنها « حادث يخرق المجرى العادي للطبيعة » . وتعرف في علم الكلام لإسلامي بأنها ٠ خزق العادة » ، ولهذا تسمى المعجزات باسم : خوارق العادات . وهذا التعريف يتضمن وجود نظام معتاد تخرقه المعجزات ، أي ان المعجزة هي استثناء لنظام معتاد في الطبيعة . ولهذا لا يمكن التحدث عن « المعجزات» إلا إذا كانت لدينا معرفة دقيقة بنظام الكون .
ولهذا نجد المؤيدين والمعارضين لوجود معجزات يستخدمون هذا التقرير لمعفى المعجزات من اجل تبرير موقفيهما المتعارضين . فالقديس اوغسطين ، من الفريق الأول ، يقول إن ٠ الطبيعة هي مشيئة الله » ولهذا فإن « العجيبة ( - المعجزة ) ليست مضادة للطبيعة ، بل مضادة لمعرفتنا بالطبيعة» ,Portentum ergofitnon Contra natur ,nota natura (decivitateDei أ25 Contra quam ل52 ,21٠ ( 8 , * . ونجد جون لوك - من الفريق الثاني - في بحثه بعنوان « مقال عن المعجزات ه ( كتبه سنة ١٧٠٢ ولكنه نثر بعد وفاته) يعرف المعجزة بأنها «عمليةمحسوسة، لما كانت فوق فهم المشاهد ، وفي رأيه مضادة للمجرى المقرر للطبيعة ، فإنه يعتقد أنها إلهية» . والمعجزة على أساس هذين التعريفين إنما تصورت كذلك لجهلنا بنظام الطبيعة ولوكنا نعرفه تمام المعرفة لما كان هناك محل للكلام عن خوارق على الطبيعة ، أي عن معجزات .
لكن أوغطين توسع في معفى المعجزة بحيث تجاوز المصطلح الدقيق ، لأنه يطلق المعجزة ليس فقط على خوارق الطبيعة بالمعنى الدقيق ، بل وأيضاً على العجائب التي يصنعها الملائكة والجن والحرة بل وعلى الظواهر، الطبيعية
وغيرها ، التي تبدو غريبة . ولهذا نجده يستعمل ألفاظا عديدة مترادفة في نظره للدلالة على المعجزات مثل : signa ( ايات، علامات )، prodigia ( عجاب)، monstra ( مخلوقات عجيبة )، mirabilia ( أمور مدهشة )، Portenta (عجائب). والمهم في هذا أن أوغسطين ا يشترط في المعجزة أن تحدث بتدخل من اله .
وعلى عكس ذلك جاء القديس بوناقنورا ، وهومن مؤيدي مذهب اوغسطين ، فاشترط كي يوصف حادث بأنه معجزة شرطين : الأول : أنه لكي يكون الحادث معجزة فيجب أن تكون علته الفاعلة المباشرة هي الله ، والثاني : أن يكون ضد الطبيعة ؛ إن الطبيعة يمكنها ان تحدثه، ولكن على نحوآخر.
أما القديس توما الأكوينى فيعرف المعجزة هكذا : «تقال المعجزة على ما يملأ المرء بالإدهاش وهوامرله علة مجهولة للجميع . لكن هذه العلة هي اللمه . ولهذا فإن الأمور الني يصنعها ال على نحوخارج عن العلل المعروفة لنا تسمى معجزات»(٠ الخلاصة اللاهوتية ٠ ١أ، المسألة ١٠٥، مادة ٧ ) ولتحديد أن العلة الوحيدة للمعجزة هى الله ، يقول إن المعجزة يجب ان تكون حادثاً يتم خارج نظام الطبيعة المخلوقة كلها ( الكتاب نفه ، المسألة رقم ١١٠، مادة٤ ) . ولهذا يميز توما تمييزا دقيقاًبين لمعجزة والعجيبة : فالأولى من فعل الله وحده ، أما العجائب فقد تكون عللها المباشرة موجودات غير الله . وقد صنف توما المعجزات تصنيفين رئييين :
(أ) فالتصنيف الأول يميز المعجزات إلى معجزات فوق الطبيعة ، ومعجزات ضد الطبيعة ، ومعجزات خارج الطبيعة
supra. Contra, Praeter naturam
١ - فالمعجزات التي فوق الطبيعة هي الحوادث التي لا يمكن أن تحدثها الطبيعة، إما مطلقا ( مثل تمجيد الأجسام والتجسد) ، او نسبياً إلى الموضوع ( مثل بعث ميت ) .
٢ - والمعجزات ضد الطبيعة هي الحوادث التي نتعارض مع النظام الذي تحرص عليه الطبيعة ( حل عذراء، بقاء ناس في النار بغير احتراق ) .
٣ - والمعجزات خارج الطبيعة هي أحداث يمكن أن تحدثها الطبيعة ، لكن الله يحققها على نحو لا تستطيع الطبيعة محاكاته مثل العلاج في الحال ، تحول الماء إلى نبيذ ، تكثير أرغغة الخبز ,
احعجزات
( ب ) والتصنيف الثافي يقسمها فيما يتعلق بقدرة الطبيعة المخلوقة التي يتجاوزها الحادث المعجز. وهنا تقسم المعجزات إلى: (١) معجزات من جهة الجوهر المصنوع، وذلك حين لا تستطيع الطبيعة المخلوقة ان تحدثها ؛ (٢) ومعجزات من جهة الموضوع الذي يتم فيه المعجزة، حين لا تستطيع الطبيعة إحداثها في الموضوع ( الشخص ) الذي حدثت فيه : مثل إحياء ميت ، إبراء أكمه ( اعمى )، الخ ؛ (٣) معجزات من جهة الكيفية التي جرت عليها المعجزة، مثل الشفاء في الحال لمريض .
والغاية من المعجزة ، بوصفها تدخلا خاصاً من الله يغيرفي حالة جزئية معينة المجرى العادي للأمور، هي تحقيق غرض معين يريده الله . يقول توما : إن المعجزة عمل يريد به اله تأييد دعوى إيمانية( * الخلاصة اللاهوتية » .و ,1٥) 01,2.2.
إنكار المعجزات : أنكر أنصار العلم الوضعي إمكان حدوث معجزات ، أي أمورخارقة للقوانين الطبيعية ، فقالوا إن العالم الذي نسكنه هو نظام مغلق لا يتدخل فيه شيء من خارجه. وكل ما يجري فيه من احداث، مهما تكن غرابتها، لا بد لها من تفسير مستمد من القوى والعناصر التي يتألف منها هذا العالم . وما هوطبيعي هو وحده العلمي ، اما القول بخوارق على القوانين الطبيعية فليس من العلم في شيء . يقول أرنت رينان : «إن مجرد قبول الخوارق معناه الخروج على العلم، ( « حياة يسوع» ط٣، المقدمة ، ص ٧١)
وحجة هؤلاء هي ان العلم يقوم على اساس الجبرية déterminisme المطلقة للظواهر التي يدرسها . ومن ابرز من أنكروا إسكان المعجزات على اساس الجبرية ديفد هيوم . وخلاصة رأيه هي ان قوانين الطبيعة تقررت وثبتت بالتجربة الثابتة المطردة . لكن القول بالمعجزات معناه إنكار القوانين الطبيعية . إذن المعجزات مستحيلة . ( « بحث في العقل الانساني»، في *مؤلفات هيوم الفلسفية» ج٤، بوسطن ادنبره سنة ١٨٥٤ص ١٣٠- ١٣١). وجاء جون ستيورت مل فأيده قائلاً : * إن اطراد مجرى الطبيعة ، وهو أمرمشاهد بالتجربة ، يدل على أن الكون محكوم بقوانين عامة لا بتدخلات خاصة - فثم إذن ضد المعجزات عدم احتمال لا يمكن موازنته إلآ باحتمال قوي جداً ناجم عن ظروف خاصة للحالة موضوع البحث ا ( * مذهب في المنطق الاستنباطي والاستقرائي » ترجمة فرنسية ط٣ باريس ١٨٨٩ ، ص ١٦٦-
١٦٧).
وعلى نحوآخر ينكر دوار لوروا- وهوبرجسوفي، ومع ذلك مؤمن بالكاثوليكية- المعجزات هكذا: إن المعجزة ليست واقعة استثنائية ، ولا يمكن أن تكون لها علة ختلفة عن العلل الطبيعية ؛ إنها لا تتميز من سائر الوقائع الطبيعية ، إذ لا توجد حادثة خاصة، يقول : من وجهة نظر المظاهر المباشرة ، فإن كل تقطيع ( للواقع ) يزول ، وكذلك يزول كل تصنيف ؛ ولا يبقى المرء بحضرة شيء آخر غير الاتصال المتحرك غير المتميز. هنالك تختفي المعجزة كما تختفي كل ظاهرة خاصة ، في التغير الكوني ، والسيل غير المنقطع للصور» («بحث في فكرة المعجزة» ، «حوليات الفلسفة المسيحية»، ج٥٣ ص٢٩ ). لكن لوروا ينتهى إلى تفسير المعجزة تفسيراً ذاتياً روحياً فيقول : , إن المعجزة هي فعل للروح التي تستعيد - على نحو اكمل من المعتاد وتعزو موقتا شطراً من ثرواتها ومواردها العميقة » ( البحث نفسه ص٢٤٧),
وقد ظهر اتجاه إلى تفسير المعجزات تفسيراً طبيعياً منذ وقت مبكر . ومن ايرزممثلى هذا الاتجاه اسيبينوزا. فعنده أن امعجزة لا يمكن تصورها موضوعياً : فهذا الفظ : و معجزة»لا معنى له إلا بالنسبة إلى الآراء الانسانية، ولا معنى له سوى أنه حادث لا نستطيع تفسيره ومعرفة علته الطبيعية بواسطة مثال حادث اخر معروف .
ويحار مالبرانش في تفسير المعجزات، وهو رجل دين مع ذلك . فيحاول ان يفسرها فيقول : « أنا افهم من المعجزات الآثار المتوقفة على قوانين عامة غير معروفة لنا طبيعياً ،(, محادثات في الميتافيزيقا »، الفصل ١٢، رقم ١٣ فيالهامش.
كذلك نجد ليبنتس يرى ان المعجزة تندرج في النظام العام للكون، وبالتالي لا تختلف عن الحادث الطبيعي «إلا في الظاهر وبالنسبة إلينا نحن » ( مؤلفاته ج٩ عمود ١٨٣ ) .
وف، هذا الاتجاه أيضاً سارت البروتستنية المتحررة . فنجد اشلير ماخريقرران المعجزة- شأنها شأن الوحي - هي في مستوى الأحداث الطبيعية. إنها علامة وإشارة وقول على ه العلامة المباشرة بين ظاهرة واللامتناهي » . ويقول أيضاً : إن « المعجزة ليست إلا التسمية الدينية لحادث . وكل حادث ، مهما يكن طبيعياً وشائعاً ، متى ما سمح بأن تكون وجهة النظر الدينية بشانه هي وجهة النظر السائدة ، هو معجزة,. («ني الدين. خطب موجهة إلى المثقفين بين المزدرين لهم» ط٣ برلين، ص ١٥١- ١٥٣ ).