إلهيات

الإلهيات أو اللاهوت (بالإنجليزية: Theology)‏ هي الدراسة المنهجية للمعتقدات ونظم التفكير الدينية المتعلقة بالله (أو بالآلهة في المجتمعات التعددية) والطبيعة الإلهية، وعلى نطاقٍ أوسع، للعقيدة الدينية، وذلك انطلاقاَ من تراث معين، كاليهودية أو الكاثوليكية. تُدرّس كتخصّصٍ أكاديمي، عادةً في الجامعات والمعاهد الدينية. تشغل نفسها بالمحتوى الفريد لتحليل ما فوق الطبيعة، ولكنها تتعامل أيضًا مع الإبستمولوجيا الدينية، وتسأل وتسعى للإجابة على سؤال الوحي. يتعلّق الوحي بقبول الله أو الآلهة أو المعبودين، ليس لأنه متعال أو فوق العالم الطبيعي فحسب، بل لأنه أيضًا على استعدادٍ وقادرٌ على التفاعل مع العالم الطبيعي، وعلى وجه الخصوص، الكشف عن أنفسهم للبشرية. في حين تحوّلت الإلهيات إلى مجالٍ علماني، ما زال معتنقو الديانات يعتبرون الإلهيات نظامًا يساعدهم على العيش وفهم مفاهيم مثل الحياة والحب ويساعدهم على عيش حياة الطاعة للمعبود الذي يتبعونه أو يعبدونه.

واللاهوت ليس بعيداً كل البعد عن الفلسفة وعلم الاجتماع الدينى إذا كانت اعتبارات المعنى والمظاهر الإمبيريقية للدين محور البحث.

التأثيل

الإلهيات مشتقّة من كلمة ثيولوجيا اليونانية (θεολογία)، المشتقة من ثيوس (Θεός)، التي تعني «الإله»، و-لوجيا (-λογία)، بمعنى «التصريحات والأقوال والوسطاء الروحيين» (كلمة مرتبطة بـ لوغوس [λόγος]، التي تعني «الكلمة أو الخطاب أو الحساب أو المنطق») التي انتقلت إلى اللاتينية لتصبح ثيولوجيا وإلى الفرنسية ثيولوجي (théologie). وصُكّت الكلمة المقابلة باللغة الإنجليزية "theology" وكانت (Theologie ،Teologye) بحلول عام 1362. يعتمد المعنى الذي تحمله الكلمة في اللغة الإنجليزية إلى حدٍّ كبير على المعنى الذي اكتسبه ما يقابلها في اللغتين اللاتينية واليونانية في الاستخدام المسيحي الباترولوجي ومسيحية القرون الوسطى، على الرغم من أن المصطلح الإنجليزي قد انتشر الآن خارج السياقات المسيحية.

تعريفها

يعرّف أغسطينوس قديس هيبون اللاهوتي المقابل اللاتيني، ثيولوجيا، بأنه «المنطق أو النقاش المتعلّق بالمعبود»؛ عرّف ريتشارد هوكر «الإلهيات» بالإنجليزية على أنها «علم الأشياء الإلهية». ومع ذلك، يمكن استخدام المصطلح ليشمل مجموعةً متنوّعة من التخصّصات أو مجالات الدراسة.

تدرس الإلهيات ما إذا كان المعبود موجودًا بشكلٍ ما، كما هو الحال في الحقائق الجسدية أو فوق الطبيعية أو العقلية أو الحقائق الاجتماعية، وماهية الدليل الذي يمكن العثور عليه والدليل الذي حوله من خلال التجارب الروحية الشخصية أو السجلات التاريخية لمثل هذه التجارب كما وثّقها آخرون. إن دراسة هذه الافتراضات ليست جزءًا من الإلهيات الصحيحة ولكنها موجودة في فلسفة الدين، وبصورةٍ متزايدة من خلال علم نفس الأديان والإلهيات العصبية. وترمي الإلهيات إلى بناء وفهم هذه التجارب والمفاهيم، واستخدامها لاستنباط التعاليم المعيارية لكيفية عيش حياتنا.

يستخدم اللاهوتيون أشكالًا مختلفة من التحليل والحجج (التجريبية والفلسفية والإثنوغرافية والتاريخية وغيرها) للمساعدة في فهم العديد من الموضوعات الدينية أو شرحها أو اختبارها أو نقدها أو الدفاع عنها أو الترويج لها. كما هو الحال في فلسفة الأخلاق والسوابق القضائية، غالبًا ما تفترض الحجج وجود مسائل حُسِمت سابقًا، وتتطوّر من خلال إجراء التمثيلات المشتقّة عليها لاستخلاص استنتاجاتٍ جديدة بشأن مواقف جديدة.

قد تساعد دراسة الإلهيات عالم اللاهوت على التوصّل إلى فهمٍ أعمق لتقاليده الدينية، أو لتقليدٍ ديني آخر، أو قد تمكنهم من استكشاف طبيعة المعبود دون الرجوع إلى أي تقليدٍ محدّد. يمكن استخدام الإلهيات لنشر أو لإصلاح أو لتبرير تقليدٍ ديني أو يمكن استخدامها لمقارنة أو للطعن (مثل النقد الكتابي) أو لمعارضة (مثل اللادينية) تقليدٍ ديني أو رؤيةٍ كونية. قد تساعد الإلهيات أيضًا عالم اللاهوت على معالجة بعض المواقف أو الحاجة الحالية من خلال تقاليدٍ دينية، أو استكشاف السُبل الممكنة لتفسير العالم.

تاريخها

قدّم فريدريك شليرماخر الإلهيات العملية لأول مرّة كتخصّص أكاديمي يشمل مزاولة الكنيسة للقيادة في عمله مخطط موجز لدراسة الإلهيات في أوائل القرن التاسع عشر. نظر شليرماخر إلى الإلهيات العملية على أنها واحدة من ثلاثة علوم لاهوتية، إلى جانب الإلهيات الفلسفية والإلهيات التاريخية اللتين تشكّلان معًا الإلهيات ككل. 

يعتقد بعض اللاهوتيين، مثل إلين غراهام، أن الإلهيات العملية قد تطوّرت بمرور الوقت. ركّزت إلين في الأصل تركيزًا أكبر على قادة الكنيسة، تجادل بأنها اكتسبت طابعًا شخصيًا أكبر وارتباطًا أكبر بالسيرة الذاتية.

التطبيق

جادل علماء الإلهيات مثل إلين غراهام في «عندما تصبح عالمًا للإلهيات العملية: الأزمنة الماضية والحاضرة والمستقبلية»، وهيذر جيه. ميجر في «السياق هو المفتاح: مناقشة بين دراسات الكتاب المقدس واللاهوت العملي وعلم البعثات التبشيرية» (47-61)، وغلين موريسون في «الإلهيات العملية من الصميم» بأن الإلهيات العملية تبدو مختلفةً بوجهة نظر كل شخص. يقولون إن محيط المرء وماضيه هما مفتاحا التطبيق الناجح. هذا يعني أن الإلهيات العملية يمكن أن تعبّر عن نفسها في أي عدد من الطرق.

تأثّرت مجالات الإلهيات الأخرى و/أو استفادت من استخدام الإلهيات العملية مثل: الإلهيات التطبيقية (البعثات والتبشير والتربية الدينية وعلم النفس الرعوي أو علم نفس الأديان) ونمو الكنيسة و الإدارة وعلم الوعظ والتكوين الروحي والإلهيات الرعوية والتوجّه الروحي والإلهيات الروحية (أو اللاهوت الزاهد) واللاهوت السياسي ولاهوت العدالة والسلام ومجالات مماثلة. يشمل أيضًا لاهوت الدعوة، مثل مختلف لاهوتات التحرير (المضطهدين عمومًا والمحرومين والنساء والمهاجرين والأطفال واللاهوت الأسود). يمكن أيضًا مناقشة لاهوت الرعاية العلائقية، التي تتعلق بتلبية الاحتياجات الشخصية للآخرين، كمجال الإلهيات العملية.

نشأت «الإلهيات العملية المتقاربة» من دراسات وممارسات مشتركة لعلم البعثات مع التطور التنظيمي منذ نشر كتاب الكنيسة التبشيرية: رؤية لإرسال الكنيسة في أمريكا الشمالية. يصف كريستيان بويد هذا المنظور الجديد بأنه «عيش إلهياتنا (الأساسية والثانوية) وممارسة العلوم الاجتماعية من الناحية اللاهوتية، [إذ إن] من شأنه أن يجدّد عقولنا وأن يغذّي المجتمع الذي يشكّل خيالًا جديدًا لكوننا وعمل الكنيسة».

الإلهيات

الإلهيات، أو العلم الإلهي هو العلم الباحث في اله: وجوده، وصفاته، وعلاقته بالعالم

واللفظ اليوناني: ثيولوجيا معناه الأصلي الاشتقاقي هو: القول في الله . لكن معناه تطور كثيراً.

وأول من استعمله هو أفلاطون. لكنه استخدمه بمعنى: علم الأساطير من حيث قيمته في التربية (محاورة «السياسة» ٣٧أ). وأطلق اللفظ: «ثيرلوجي» على الشعراء الذين ألفوا قصائد في نشأة الآلهة (ثيوجونيا)، مثل هسيودس وهوميروس، وأرفيوس

وأرسطو في كتابه «ما بعد الطبيعة» (م ١ ف ١ ص ١٠٢٥أس١٩)قدميزفي الفلسفة النظرية ثلاثة أجزاء هيم العلم الرياضي، العلم الطبيعي، والعلم الإلهي (ثيولوجيا). . وعنده ان العلم الإلهي هو "الفلسفة الأولى»، أي: ما بعد الطبيعة وقد خصص للعلم الإلهي المقالة الثانية عشرة (المعروفة بمقالة اللام) وذكر كلاماً مشابهاً لهذا في المقالة الحادية عشرة من كتاب «ما بعد الطبيعة» (م ١١ ، ف٨ ص ١٠٦٤ ب٢) لكنه في سائر كتبه يستخدم اللفظ «ثيولوجيا» للدالة على علم الأساطير، تماماً كما فعل استاذه أفلاطون راجع في هذا مقالا يقلم كلتنبرس kultenbusch ,?بعنوان: «نشاة اللاهوت المسيحي. بحث في تاريخ الألفاظ ثيولوجيا، ثيولوجين، ثيولوجون» ظهر في "مجلة اللاهوت والكنيسة» سلسلة حديثة، ج١ (سنة ١٩٣٠ ص ١٦١-٢١٥).

وجام الرواقيون فأبرزوا العلم الإلهي كعلم من علوم الفلسفة. فبعد أن قسم مؤسس المذهب، زينون الرواقي، الفلسفة الى ثلاثة علوم هي: المنطق، والأخلاق، والطبيعيات - جاء خلفه كليا نت Cleanth فقسم كل واحد من هذه العلوم الثلاثة الى قسمين: وفيما يتصل بالطبيعيات قسمها الى؟ العلم الطبيعي، والعلم

الإلهيات

الإلهي: وبعده جاء يانتيوس الرودسي فميز بين ثلاثة أنواع من العلم الإلهي وهي: العلم الطبيعي الذي تكلم عن الآلهة، أي علم الأساطير، والعلم الطبيعي الخاص، والعلم الطبيعي المدني. وقد اورد ذلك القديس أوغسطين في كتابه : «في مدينة الله» نقلاً عن فارون Varro («في مدينة لله» طبعة PL ج٤١ ، عمود ١٨٠) وفارون يسمي العلم الإلهي بالعلم الإلهي الطبيعي «لأن هذا العلم الإلهي يجعل من الآلهة تشخيصات لقوى الطبيعة وكان طبيعياً بعد هذا أن يتحول العلم الإلهي في المسيحية إلى البحث في الله كما تتصوره هذه الديانة، وصفاته، والصلة بينه وبين مخلوقاته :

فيوستبنوس يرى أن العلم الإلهي «يتكلم عن الله» (56 .Dial) وأنه يصنع ممارسات دينية».

وأثيناجورس يقول إنه علم الله وصفاته.

وترتليان يميز بين «اللاهوت الأسطوري» واللاهوت الطبيعي»

وفكرة «اللاهوت السلبي» الذي يقول إن صفات الله اسلوب كلها ولا يمكن وصفه بصفات ثبوتية نجدها عند كليمانس السكندر، (في كتابه Stromates م ٥ ص ٥٨٢ ومايليها).

ويرى غريغوريوس النوساوي أن الله فوق كل المقولات Contra Eunem).

أما القديس أوغسطين فيقول إن العلم لإلهي هو "العلم الباحث» في الأمور التي تؤدي إلى نجاة الناس («في الثالوث» ١٤ :١). وهو «قول عقلي في الألوهية» («في مدينة الله» ٨ ١) ويقرر أنه لا يمكن وضع الله تحت أية مقولة («في الثالوث» ٥: ٦؛ «الاعترافات» ٤ : ٢٩)،

ويميز ديونوسيوس الأريوفاغي بين نوعين من اللاهوت: اللاهوت الايجابي، واللاهوت السلبي واللاهوت السلبي يؤكد أن الله يسمو على كل الأوصاف، إنه فوق الوجود، ولا يعلم إلا في عدم العلم («اللاهوت السلبي» ص١ وما يليها؛ «في أسماء الله»٤:١؛٢:٤؛ ١٣: ١ ومايليه؛ «في المراتب الكنسية» ٢ : ٣) .

وهذا التقسيم إلى لاهوت سلبي ولاهوت ايجابي أخذه جان اسكوت اريجين («في تقسيم الطبيعة» ٢ : ٣) .

وهو يفضل اللاهوت السلبي قائلا: «إن الأوصاف الثبوتية فيما يتعلق بماهية الله أقل قيمة من الأوصاف السلبية» («فيتقسيم الطبيعة» ٣: ٢٠؛٤ : ٥).

ويوحنا الدمشقي يضع العلم الإلهي بين علوم الفلسفة. «حوار» ٣) . ألبرتس الكبير يقول : «العلم الإلهي هو الطابع والخاتم للحكمة الإلهية فينا»، و«هو علم بالعقيدة اليقينية» («الخلاصة اللاهوتية" ، المقدمة).

أما القديس توما فميز بين التفكير العقلي، وبين مقتضى الوحي. فهو يقول إن الإلهيات علم عقلي، وإن كان يستمد مضمونه من الوحي، لأنه ابتداء من هذا المضمون يقوم بوضع مذهب منظم عقلي ببراهين منطقية .

وفي العصر الحديث نجد أن فرنسس بيكون م□) (.2٢ ,11ذه يعد العلم الإلهي الطبيعي جزءاً من العلم.

أما سبينوزا فيرى أن إلهيات العقل وعقل الإلهياث لا فائدة منهما («الرسالة اللاهوتية ٠ السياسية» فصل ه١).

ويرى كرستيان فولف أن اللاهوت الطببعي «جزء من حكمة العالم، وفيه يدرس أصل المخلوقات ويتحدث عن الله» («آراء عقلية في قوى الفهم الانساني» ص٧).

وبومجارتن يعرف اللاهوت الطبيعي بأنه «العلم بالله من حيث يمكن معرفته دون طريق الايمان» («الميتافيزيقا»، بند٨٠٠).

ويرى كنت أن الإلهيات هي «مذهب في معرفة الماهية العليا». إن «معرفة بكل ما يوجد عند اشه هي ما نسميه العلم الإلهي النموذجي ض0ا٠0ع،

وهذا لايوجدإلالديه هو اما مذهب معرفة مايقوم في الطبيعة الانسانية بشأن الله فهو يسمى ض0ا0ةم وهذا لا يمكن أن يكون إلا ناقصاً» («محاضرات في فلسفة الدين» ص٤). وا تستطيع الالهيات أن تفيدنا في العلم بظواهر الطبيعة وااحالة الى الله في العلم هي «من شأن العقول الكسولة (ص٧) , وتطبيق الإلهيات على الأخلاق هو الدين الطبيعي (ص٨). والإلهيات الطبيعية هي «الفرض الذي تفترضه كل الأديان» (ص٨) والإلهيات الطبيعية هي: (أ) إلهيات عقلية؛ (ب) وتجريية. والإلهيات العقلية متعالية - أي مستقلة عن كل تجربة.

أما لودفج فويرباخ فيرى أن الإلهيات هي علم الانسان، لأن إله الإنسان «ما هو إلا تأليه لماهية الإنسان» (مجموع مؤلفاته ج٨ ص٢٠) .