مسكونية
يشير مصطلح المسكونية (Ecumenism) والذي يعني الدعوة إلى توحيد الكنائس أساسًا إلى المبادرات الهادفة إلى زيادة الوحدة أو التعاون المسيحي. ويستخدم في الغالب بواسطة الطوائف المسيحية والكنائس المسيحية المنفصلة بناء على المذهب والتاريخ والممارسة، وكذلك للإشارة إلى تلك الطوائف والكنائس. فمن خلال هذا السياق خاصة، يشير مصطلح المسكونية إلى فكرة توحيد المسيحية في المعنى الحرفي: بحيث يكون هناك كنيسة مسيحية واحدة. ويجب عدم الخلط بين هذا المصطلح ومصطلح المسيحية غير الطائفية.
تتناقض هذه الكلمة مع الحوار بين الأديان أو التعددية بين الأديان التي تهدف إلى الوحدة أو التعاون بين الأديان المختلفة والإشارة إلى «الوحدة الدينية» في جميع أنحاء العالم عن طريق الدعوة إلى إحساس أكبر للمشاركة الروحانية.
واشتقت هذه الكلمة من اليونانية (οἰκουμένη oikoumene)، التي تعني «العالم المسكون بأكمله» وكانت تستخدم تاريخيًا للإشارة المحددة إلى الإمبراطورية الرومانية. وتشتمل الرؤية المسكونية على البحث عن الوحدة المرئية للكنيسة (أفسس 4.3) و«العالم المسكون بأكمله» (متى 24,14) حسب اهتمام جميع المسيحيين.
ففي المسيحية، إن تأهيل مصطلح المسكوني الأصلي ما زال يستخدم في مصطلحات مثل «المجلس المسكوني» و«البطريرك المسكوني» في المعنى المتعلق برمته بالكنيسة الكبيرة (مثل الكنيسة الكاثوليكية أو الكنيسة الأرثوذكسية) فضلاً عن اقتصاره على واحدة من الكنائس المكونة لها أو الأبرشية. وما هو مستخدم أصلاً في هذا المعنى، هو أن المصطلح ليس له أي دلالة لإعادة توحيد الطوائف المسيحية المنفصلة تاريخيًا.
الحركة المسكونية العالمية
تُعدُّ الحركة المسكونية العالمية التي سعت إلى توحيد النصرانية كافة من أكبر التطورات في المسيحية خلال القرن العشرين. وقد بدأت الحركة مع بداية هذا القرن. كانت في البداية محصورة في طائــفة البروتستانت الذين وحدوا طوائفهم المختلفة. وفي منتصف القرن، بدأ الكاثوليك دورًا نشطًا في الحركة المسكونية؛ إذ تبنت الوثيقة التي أصدرها مجمع الفاتيكان الثاني (1962ـ 1965م) أهداف الحركة المسكونية، كما اجتمع قادة الكنائس الأرثوذكسية والكنيسة الكاثوليكية في منتصف القرن العشرين، لبحث الطرق التي يمكن بها التقريب بين الطائفتين.
وقد رأى كثير من المسيحيين أن الحركة المسكونية خطوة إيجابية في سبيل بعث روح جديدة من التعاون والتجديد في ديانة الغرب. ولكن الدين في الغــرب تعرض لنقد شديد خلال القرن العشرين؛ واتُهمت الأديان التقليدية بأنها فقدت الصلة بضرورات الحياة ومشكلاتها المعاصرة، وأن تلك الأديان لا تستطيع ولن تستطيع أن تعالج القضايا الاجتماعية الخطيرة، كما أنها تدعم وجهات النظر الأخلاقية المتخلفة، وأن معتقداتها أصبحت جافة، وفشلت في الاستجابة لحاجات الإنسان الروحية. وأكد المتدينون ردًا على هذا النقد على جهودهم الواسعة في جعل الدين قوة تعالج حاجات المجتمع ومشكلاته.
وقد توقف كثير من الغــربيين عن ممارسة الشعائر الدينية، ولجــأ بعضــهم إلى الديانات الأخرى؛ بحثًا عن الهدوء النفسي، وانجذب آخرون إلى دوائر الســحر والشعوذة والاشتغال بالتنجيم، واعتقد بعضهم أن النجوم والأجرام السماوية الأخـــرى لهــا تأثــير علــى شـــؤون الناس. واشتهرت طائفة الأرواحية التي تؤمن بوجود أرواح الموتى، وإمكانية الاتصال بها. وقد اكتسبت ديانات الشرق السماوية والوثنية كثيرًا من الأتباع في الغرب، فاعتنق بعضهم البوذية التي تركز على التأمل، واتبع آخرون شكلاً من أشكال الهندوسية، واعتنق كثير من سكان الولايات المتحدة الأمريكية الإسلام. وظهرت خلال هذا القرن حركة النصرانية المغرية التي تقوم على نوع من العبادة وإثارة العواطف فجذبت إليها ملايين الأتباع. كما ظهرت وسط الشباب في الشاطئ الغربي للولايات المتحدة حركة عيسى التي انتشرت في الولايات كلها، ثم في الأقطار الأخرى، وحاولت الجمع بين الصلوات العاطفية ومجاراة أسلوب حياة الشباب، ومن ثم اهتمت بموسيقى الروك في ترانيمها الدينية.
انظر أيضًا
- ائتلاف الاتفاق، توحيد الاهتمامات الدينية وغير الدينية حول الشمولية الدينية في التعليم (إنجلترا وويلز)
- المسيحية المجهولة
- المجلس المسكوني
- الشمولية
- الكنيسة غير المرئية
- كنيسة واحدة حقيقية
- الإيمان الحقيقي الواحد
- مسيحية ما بعد الحداثة
- التعددية الدينية
- الأسلوب السقراطي في طرح الأسئلة
- توفيق بين الأديان
- حوار مسكوني
- وحدة العالم المسيحي