لانهاية
كلمة لانهاية (بالإنجليزية: infinity) تدل على «ما لا حدود له» أو «اللامنتهي» أو «غير المحدود» تستخدم بعدة مفاهيم مختلفة لكن يجمع بينها جميعا فكرة واحدة هي «عدم وجود نهاية». من هذا المنطلق فهي ترتبط بالفلسفة والرياضيات والإلهيات والحياة اليومية أيضا.
وأوّل من استعمل الرمز المعروف الآن (∞) لهذا التعبير، كان جون واليس سنة 1655 في مؤلَّفيه: الأوّل De Sectionibus Conicis وبعدها في Arithmetica Infinitorum.
في الثقافة الشعبية، اللانهاية عادة هي شيء يمكن تشبيهه «بأكبر عدد ممكن» أو أبعد مسافة ممكنة، ففي ذهن الكثير يبقى التساؤل: ما هو بعد اللانهاية، لكن الكثير أصبح يعتبر سؤال ما بعد اللانهاية أمرا سخيفا لأن اللانهاية تمثل رمز لما لا يمكن تخيل ما هو أكبر منه.
في الرياضيات، اللانهاية تستخدم كعدد تقاس به كمية غير محدود، ويُرمز لها بالحرف (∞). وهو كيان مختلف عن أي كيان عددي آخر في خاصياته وسلوكه.
تاريخ
كانت لدى القدماء العديد من المفاهيم حول طبيعة اللانهاية، إذ لم يكن قدماء الهنود، والإغريق قادرين على التعبير عنها في صورة رياضياتية أكثر منها فلسفية.
تأتي الدلائل التاريخية للانهاية ربما في (زينون من إيليا) وتعود في قدمها إلى القرن الرابع قبل الميلاد، أي فلسفة ما قبل سقراط. بالمقابل، فإن الهلنستيين فضلوا تمييز اللانهاية الكامنة من اللانهاية الحقيقية. على سبيل المثال، وبدلاً من القول بوجود عدد لا نهائي من الأعداد الأولية، فضل إقليدس الاستعاضة عن ذلك بقوله أن هناك أعداد أولية أكثر من تلك المحتواة في أي مجموعة من الأعداد الأولية. كما أن دراسات حديثة أشارت إلى أن أرشيمدس كانت له حدسية بشأن الكميات اللانهائية الفعلية.
كذلك جاء في مخطوطة هندية قديمة أنه «إذا عزلنا جزء من لا نهاية أو أضفنا جزء إلى لا نهاية، فإن ما يتبقى يظل لا نهائياً». صنف علماء الرياضيات الهنود في القرن الرابع قبل الميلاد - صنفوا الأعداد إلى ثلاث فئات: معدودة، غير معدودة، ولا نهائية.
خواص اللانهاية
فيما يلي بعضا من خواص اللانهاية:
- إذا كان a وb عددين حقيقيين وa موجب فإن النهاية من اليمين هي:
- في حين أن النهاية من اليسار هي:
كميات لا نهائية
- حاصل جمع لا نهايتين موجبتين أو أكثر يساوي لا نهاية موجبة: ∞ + ∞ = ∞
- حاصل جمع لا نهايتين سالبتين أو أكثر يساوي لا نهاية سالبة: -∞ + -∞ = -∞
- حاصل ضرب لا نهايتين موجبتين أو أكثر يساوي لا نهاية موجبة: ∞ × ∞ = ∞
- حاصل ضرب لانهاية موجبة في لانهاية سالبة يساوي لا نهاية سالبة: -∞ × ∞ = -∞
- حاصل ضرب لانهاية سالبة في لانهاية سالبة يساوي لا نهاية موجبة: -∞ × -∞ = ∞
- حاصل ضرب لانهاية وعدد لا صفري يساوي لا نهاية: ∞ × أ = ∞
- حاصل قسمة لانهاية على عدد لا صفري يساوي لا نهاية: ∞ ÷ أ = ∞
- حاصل قسمة عدد حقيقي على لانهاية يساوي صفر (في حساب النهايات فقط): أ ÷ ∞ = 0
كميات غير معينه
- الفرق بين لا نهايتين موجبتين هو كمية غير معرفة: ∞ - ∞ = عدم تعيين
- حاصل ضرب لانهاية × صفر هو كمية غير معرفة: 0 × ∞ = عدم تعيين
- حاصل قسمة لانهاية \ صفر هي كمية غير معرفة: ∞ ÷ 0 = عدم تعيين
- حاصل ضرب لانهاية سالبة × صفر هو كمية غير معرفة: 0 × -∞ = عدم تعيين
- حاصل قسمة لا نهايتين هو كمية غير معرفة: ∞ ÷ ∞ = عدم تعيين
- مالا نهاية مرفوعة للأس صفر كمية غير معرفة: ∞0 = عدم تعيين
- 1 مرفوع إلى ما لا نهاية هو كمية غير معرفة: 1∞ = عدم تعيين
- حاصل قسمة عدد حقيقي على لانهاية (في غير حساب النهايات) = عدم تعيين
استخدامات
الرمز أو الحرف المعبر عن لانهاية، يستخدم بشكل خاص في:
- حساب التفاضل والتكامل
- حساب النهايات
- أعداد أليف
- الصفوف في نظرية المجموعات
- مجموعة نهاية-ديديكايند Dedekind-infinite set
- الأعداد الترتيبية الكبيرة Large Cardinal
- مفارقة راسل
- الأعداد الحقيقية الفائقة
- الهندسة الإسقاطية
- الأعداد الحقيقية الممددة Extended Real Number
- اللانهاية المطلقة Absolute Infinite
في الفلسفة، اللانهاية يمكن أن تنسب لأي فضاء أو مكان أو زمان كما في التضاد الأول لكانت. بشكل عام تحاول الفلسفة والإلهيات أن تستكشف اللانهاية ضمن نقاشها للأعظم والمطلق، والله وأيضا مفارقات زينون، ففي الفلسفة الإغريقية، يعتبر أناكسيماندر اللامحدود هو أصل كل شيء.
انظر أيضاً
اللامتناهي
يطلق ٠اللامتناهي» على معان متباينة، بل ومتقابلة:
١) إذ يطلق اولاً على ما لى ل حد، أعي باية
٢) كما يطلق على ما لا شأن له بالحد، إذ يعوزه كل إشا إلىحد وغهاية.
٣) واللامتناهي أمر سلبي وناقص.
٤)أو وأمرا ابوتام.
٥) واللامتناهي أمر بالقوة فقط، إنه في حال صيرورة لا في حال وجود.
٦) او هو امر بالفعل ومعطى كله.
اللامتناهي
كذلك يميز البعض بين اللامتناهي infini وبين اللامحدود indéfini: فالأول لا يحتمل أيحد، أما الثافي فله حد ولكنه يدفع الى الوراء او إلى الأمام باستمرار؛ إذ له حد، ولكنه غير معين.
وقد بحث رودلفوموندلفوفيللامتناهى في الفكر اليونافي، واستقصى هذا ا موضوع فنجيل إليه. وإننانجدفكرة اللامتناهي عند ديمقريطس في قوله إن الذرات لا محدودة أولا متناهية العدد، وإن الفراغ الذي توجد فيه الذرات لا متناه ايضاً. كما نجدها ايضاً مفترضة مقدماً في حجج زينون الايلي ضد الحركة، إذ تفترض القول بقسمة المكان إلى ما لا نهاية.
لكن البحث الوافي في اللا متناهي إنما نجده عند ارسطو في كتاب ,الماع الطبيعي، (المقالة الرابعة، الفصول ٤- ٨، ص ٢٠٢ ب ٣٠- ٢٠٨ أ ٢٦)، فلنلخص ما قاله لأهميته في هذا الباب.
بدأ ارسطو بالتساؤل: «هل اللامتناهي موجود، أو لا ؟ وإن كان موجوداً ، فما هو، ويذكر ان الفلاسفة السابقين عليه تكلموا في اللامتاهي اوكلهم جعله كالمبدأ للموجودات، مثل ال فوثاغورس: جعلوه في المحسوسات، وذلك أنهم يقولون إن العدد ليس هو شيئاً مفارقاً، ولا ينسب إلى شيء آخر، بل هو بذاته جوهر. لكن الفوثاغورين يقولون إن , اللانهاية (= اللامتناهي ) توجد في الأمور المحسوسة ، لأنم لا يجعلون العدد مفارقاً، ويقولون إن لا هاية» خارج السماء .
«وأما فلاطن فيقول إنه ليس خارج الجسم جم اصلا، ولا الصورة - من قبل انها ليست عنده في مكان اصلا. غيرانه يقول إن «لا نهاية، موجود في المحسوسات وفي تلك (ح اي في الصورة).
«وقوم قالوا إنلا نهاية، هو الزوج، قالوا : فإن هذا، وهوواحد، إذاحوى وتناهى عن الفرد(= أي اذاحده الفرد وحصره) اكسب الموجودات أن تكون بلا نهاية.
قالوا: والدليل علىذلك ما يعرض في الأعداد. . . فأما افلاطن فإنه قال إن «ض المتناهية» اثنان: الكبير، والصغير.
«وأما الطبيعيون فإنهم جميعاً يصفون للاناية، طبيعة ما اخرى، غير لمسماة اسطقسات: مثل ماء اوهواء او شيء
هوفيمابين هذين: فأما من جعل الاسطقسات متتاهية، فليس منهم احد يجعل أشياء لا نهاية لها. وأما الذين يجعلون الاسطقسات غير متناهية، مثل أتكاغورس وديمقريط، فإنهم يقولون إن «لا نهاية» متصل بالمماسة: اما أتكاغورس فعن الأجزاء المتشابهة (= الهوميومريات) وأما ديمقريطس فعن المعنى الذي يلقبه ب ,أصل وبذر كل شكل،.
ويعلق ارسطو على آرائهم هذه قائلا إنهم لم يخطئوا كلهم في قولهم عن اللامتناهي إنه موجود، وانه مبداً، لأن «كل شيء هوإما مبداً ،وإماعن مبداً. وليس للاهاية مبدا، وذلك انه إن كان مبدءاً فهو نهاية له؛ وإذا كان مبداً فإنه ايضاً مبداً لا متكون ولا فاسد».
ويبين أن معفى «اللامتناهي، إنما قيل بسبب خسة اشياء خاصة: «أعني من قبل: الزمان، فإن الزمانغيرمتناه، ومن قبل: القمة التي تكون في المقادير، فإن اصحاب التعاليم (= الرياضيين) وغيرهم يستعملون فيها«لا نهاية» ؛ وأيضا من قبل هذا الوجه وحده يتهيا الآ يخلو- في وقت من الأوقات-الكون والفساد؛ وأيضاً من قبل ان المتناهي هو ابداً ينتهي إلى ش٠، فيجب من ذلك الا تكون نهايتهأصلا إن كان يجب ابدا ان يتناهى الشيء إلى شيء غيره. .،
فعلى صاحب الطبيعة بخاصة ان «ينظر هل يكون قدر محسوس لا هاية له.، وفي سبيل ذلك يحدد ارسطو الوجوه التي يقال عليها «اللامتناهي،، وهي:
١-اللامتناهي هوما ا يمكن الشروع فيه، لأنه ليس من شأنه ان نظفر به،كما يقال في الصوت إنه غير مرئي؛
٢ - اللامتناهى هو «ما كان مسلكه لا لآخر له، أوما كان سلوكه بكن ومشقة، أو ما كان في نفسه سلوكاً غير انا لا نقدر على سلوكه وبلوغ آخره.
٣ - اللامتناهي هوما لا يايه له إما في الزيادة وإما في القسمة، وإما فيهيا جميعا.
ثم ياخذ ارسطوفي عرض آرائه في الامتناهي فيقرران اللامتناهى لا يكون مفارقاً للمحسوسات وشيئاً قائماً بنفسنه. إذ لو كان جوهراً، لكان غيرمنقم، وإذا كان غيرمنقم فليس هو بلا نهاية الا على الوجه الذي يقال به إن الصوت غيرمرئي. «وظاهرانه ليس يمكن أن يكون الانهاية» يجري مجرى ما هو بالفعل ومجرى الجوهر والمبدا، وذلك أنه يجب أن
اللامتناهي
يكون اي شيء منه أخذته كان - غير متناو، إن كان متجزئاً، لأنه إن كان لا هاية جوهراً ، وليس مما يقال على موضوع فإن ماهية ,لا نهاية» (= أي ان يكون لا متناهياً) ولا نهاية، معنى واحد بعينه، فيجب إما أن يكون غير منقم، وإما ان يكون منقسماً أقساماً ليس منها قسم إلا هو لا نهاية، فتكون ايضاً أشياء كثيرة لا نهاثية شيئاً واحداً بعينه، وهذا محال. 1 .
ويمضي فيقول «إنه ليس يمكن، بالجملة، أن يكون جسم عسوس غير متتاه، ذلك لأن من شأن المحسوس أن يشغل مكانا، لكنه لا يمكن أن يكون مكان غير متناه، فمن المستحيل أن يوجد جسم غير متناه.
لكن ليس معنى هذا ان اللامتناهي غبر موجود اصلاً، لأنه يترتب على انكاره أموركثيرة محال : إذ يترتب على ذلك ان يكون للزمان يداية وغهاية، وان يكون مقدار.لا ينقسم إلى مقادير، والا يكون عدد غير متناه. لكن هذا غيرصحيح، إذ الزمان لا بداية له ولا نهاية، كما أنه ا يوجد شيء لا يتجزا، وتوجد أعداد تمتد إلى غير نهاية.
والحل هو ان يقال إن اللامتناهي هو من جهة: موجود، ومن جهة اخرى: هو غير موجود. إنه موجود بالقوة، لكنه غير موجود بالفعل. فالمقدار هو بلا نهاية من حيثإمكان القسمة، لكنه بالفعل لا ينقسم إلى ما لاهاية. «فقد حصل الأمر على أن «لا غهاية» إغما هو بالقوة. وليس ينبغي أن نفهم من قولنا «بالقوة»، كما نفهم من قولنا: إن هذا الشيء بالقوة تمثال ونحن نعني انه سيصير تمثالاً، حتى نفهم مثل ذلك في «لا نهاية» أي أنه سيخرج إلى الفعل، وإنما المقصود هو «ان لك أن تأخذ منه دائماً شيئاً بعد شىء، وما تأخذه منه ابداً متناه، إلا انه ابداً غير ما اخذته منه ٠
ويختم ارسطو الكلام عن اللامتناهي بالرد على حجج القائلين بأن اللامتناهي موجود بالفعل.
١ - فيقرر أولاً ان الكون لا يجتاج في حدوثه إلى جم محسوس هو لا متناه بالفعل. والفساد يمكن أن يكون كونا لشيء آخر، بينما الكل محدود.
٢ - وثانياً : هناك فارق بين اللمس وأن يكون محدوداً . فاللمس يتعلق بشيء وهو لمس لشيء، اما ان يكون محدوداً فليس يكون محدوداً بالنسبة إلى شيء . كما ان المماسة ليست ممكنة بالضرورة بين أي شيثين أخذتهما حيثيا اتفق.
٣-ولا يمكن الاستناد إلى مجرد التفكير، إذ سيكون الإفراط أو النقص ليسا في الشيء نفسه، بل في التفكير. ففي وسع أحدنا أن يظن انه أكبر ما هو، وأن يكبر نفسه إلى ما لا نهاية. لكنه لا ينتج عن هذا أنه اكبر مما هو بالفعل.
إن الزمان والحركة كليهما لا متناه، وكذلك الفكر. أما المقدار فليس لا متناهياً لا في الزيادة ولا في النقصان.
ذلك هو عرض ارسطو لمشكلة اللامتناهي، اوردنا معظمه في نصه كما ترجمم اسحق ابن حنين (راجع نشرتنا لهذه الترجمة بعنوان: أرسطوطاليس : «الطبيعة» ج١ ص ٢٠٢-٢٦٨ القاهرة، سنة ١٩٦٤).
ويمكن تلخيصه بعبارة سهلة كما يلي:
يرى أرسطو أن الاعتقاد في وجود اللامتناهي ينبثق عن عدةاع تبار ،هي:
١ - أن الزمان ليس له بداية ولا نباية.
٢ - إمكان انقسام المقادير إلى غير غهاية.
٣-لايمكن دوام الكون والفسادإلا إذا كان مصدرهما لا متاهيم.
٤-كل ما هو محدود إنما هو محدود بشيء آخر.
٥ - فكرنا قادر على تصور عدم هاية العدد وانقسام المقادير وما هو خارج السماء. ومن أجل إدراك حقيقة اللامتناهي ينبغي - هكذا يقول أرسطو - ان نحدد معافي هذا اللفظ:
أ ) اللامتناهي ما لا يمكن بطبعه عبوره والفراغ
ب ) اللاتاهي هو ا سار. لا آخر ه ارل ا يمكن بلوغآخره.
ج ) ا للامتناهي هو ما لا تنتهي زيادته ولا قسمته.
ويرى أرسطو ان حل مشكلة اللامتناهي يقوم في التمييزبيننوعين:
ا) اللامتناهي بالقوة ب) اللامتناهي بالفعل وهو يقر بالأول، وينكر الثاني. فهو يقر باللامتناهي بالقوة بالنسبة إلى سلسلة الأعداد، وبالنسبة إلى سللة النقط على الخط. واللامتناهى بالقوة له صورتان : لا متناه بالقوة فيما يتعلق بالقسمة، مثلا قمة الخط إلى غير نهاية بالقوة، ولا متناه بالقوة فيما يتعلق بالإضافة، مثل إضافة عدد الى عدد إلى
اللامتاهي
غير نجاية.
أما اللامتناهي بالفعل فينكره أرسطو.
وأرسطو والروح اليونانية بعامة تنظر إلى العالم على انه متناه، وترى امتناهي اعلى قدراً من اللامتناهي، لأن المتناهي محدود، أما اللامتناهي فغير محدود بطبيعته.
لكن جاء فيلون اليهودي 5لاء2للال0انام فقلب الوضع وجعل اللامتناهي اعلى مرتبة من المتناهي، على اساس أن اللامتناهي هوالذي يعم ويشمل كل متناه، وهويحتوي على ضفات لا حصر لها، بينما المتناهي يشتمل على صفات محدودة أو نهائية. وما هوادفى في الصفات هوأدفى في الدرجة، كما ان ماهوأعلى في الصفات هواعلى في الدرجة. لهذا فإن أللامتناهي، اعني الذي يشتمل عى كثير جداً مما لا يتناهى من الصفات، اعلى من المتناهي، اي الذي يشتمل على عدد محدود معلوم من الصفات. إن اللامتناهي عند فيلون هو الذي لا يمكن حصر صفاته، بينما المتناهي محمور الصفات. ولهذا يصف فيلون اله بأنه لا متناه، لأنه يشتمل على كل صفات الكمال الممكنة أو الموجودة، ويشتمل عليها بدرجة لا متناهية.
وانتقل هذا الرأي إلى الفلسفة المسيحية في العصور الوسطى الأوربية. فوصفوا اله بأنه لا متناه، ولانهائيته مطلقة، وصفاته هي الأخرى لا متناهية: فقدرته لا تتناهى، وكذلك حبه وعلمه. وهذا اللامتناهي الإلهي لا متناه بالفعل، وليس بالقوة. وبهذا الامتناهي يتميز اله من سائر الموجودات حتى اللامتناهي (بالقوة) منها! مثل لا متناهي العدد، فإن لا متناهي العدد هوبالقوة، وليس بالفعل.
واللامتناهي لا يوجد في الأجسام المحسوسة . ولا يوجد لا متناه في المقدار بالفعل، ولا في أي مخلوق. فاللامتناهي بالفعل الوحيد هواللامتناهي الإلهي.
أما في الفلفة الإسلامية، فاننا نجد ابن سينا في كتاب «النجاة» (ص ١٢٤- ١٣٠) يكرس أربعة فصول لإبطال اللامتناهي، فيقرر أنه لا يمكن ان يكون كم متصل موجود الذات ووضع غيرمتناه، ولا ايضاً عدد مرتب الذات موجود ايضاً غيرمتناه - واعني ب «بمرتب الذات، : أن يكون بعضها أقدم من بعض بالطبع في ذاته،. . ثم يبرهن على أنه ا يتأق ان يوجد مقدار ذووضع غيرمتناه «لأنه إما أن يكون غيرمتناه من الأطراف كلها، أوغيرمتناه من طرف. فإن كان غيرمتناه
من طرف، امكن أن يفضل من بين الطرف الثافي جزء بالتوهم، فيؤخذ ذلك المقدار مع ذلك الجزء شيئا على حدة بانفراد شيئاً على حدة. ثم نطبق بين الطرفين امتناهيين في التوهم. فلا يخلو: إما ان يكونا بحيث يمتدان معاً متطابقين في الامتداد، فيكون الزائدوالناقص متساويين. وهذاعحال. واما ان لا يمتد، بل يقصر عنه، فيكون متناهياً، والفضل أيضاً كان متناهياً . فيكون المجموع متناهياً . فالكل متناه. - وأما إذا كان غير متناه من جميع الأطراف، فلا يبعد ان يفرض فيه مقطع، تتلاقى عليه الأجزاء ويكون طرفاً ونهاية، ويكون الكلام في الأجزاء أوالجزئين، كالكلام في الأول. وبهذا يتأق البرهان على أن العدد المترتب الذات الموجود بالفعل متناه، وأن ما لا غهاية، بهذا الوجه، هو الذي إذا وجد ففرض أنه يحتمل زيادة ونقصاناً، وجب ان يلزم ذلك محال.
وأما إذا كانت الأجزاء لا تتناهى وليست معاً، وكانت في الماضي والمستقبل، فغيرمتنع وجودها واحداً قبل آخر، او بعده، لامعاً، اوكانتذاتعددغيرمترتب ي لوضع، لا بالطبع، فلا مانع من وجوده معاً. ولا برهان على امتناعه؛ بل على وجوده برهان. امامن القسم الأول، فإن الزمان قد ثبت انه كذلك، والحركة كذلك» أي لا متناهيان.
«أما من القسم الثاني، فيثبت لنا ضري من الملائكة والشياطين لاب لها في العدد، كما سيلوح لك الحال فيه، ونتهي إلى القول بأن «العدد لا يتناهى، والحركات لا تتناهى» لكن من حيث «الوجود بالقوة، لا القوة التي تخرج إلى الفعل، بل القوة بمعنى أن الأعداد يتأق أن تتزايد فلا تقف عند نهاية أخيرة ليس وراءها مزاد. » .
ثم يعقد بعد ذلك فصلاً لإثبات وعدم إمكان وجود قوة غيرمتناهية بحسب الشدة, وفصلاً افي عدم قبول القوة غير المتناهية» بحسب المدة للتجزيء والانقام، ولا بالعرض» ويختم بغصل رابع عن عدم قبول القوة غيرالمتناسبة بحسب العدة للانقسام والتجزيء، رينتهي الى تقرير انه «ليس شيء من القوى غير المتناهية موجوداً في الجسم، ولا قوة جسمانية غير متنا هية,».
وواضح من كلام ابن سينا انه إنما يلخص ما أورده ارسطو وذكرناه آنفاً، ولا يكاد يضيف شيئاً من عنده، اللهم إلا طريقة العرض.
وألمح الغزالي في «تهافت الفلاسفة» إلى مسألة اللامتناهي
اللامتاهي
عند الكلام على إبطال قول الفلاسفة بقدم العالم، لكن لا يمكن أن يستخرج من كلامه رأي واضح في موضوع الامتناهي.
لكننا لا نجد عند أي متكلم أو فيلسوف إسلامي وصف اشه بأنه الا متناه» . ومايذكرعن المعتزلة من قولهم بان اله ,لا يوصف بأنه متناه» (الاشعري : «مقالات الإسلاميين» ج١ ص ٢١٦، القاهرة سنة ١٩٥٠) لي معناه أن «الله ا متناه»بلهو مجرد صفة سلبية تنفى وصف اله بالمتناهى، لكن لاتصفه ايياباً بأنه لا متناه.
أما في العصر الحديث في اوربا فنجد أولاً جوردانوبرونو يقرر أن الكون لا متناه، وأنه يتحول باستمرار من الأدفى إلى الأعلى ومن الأعلى إلى الأدفى، والحياة لا متناهية ولا تنفد ابداً والمكان لا متناه، شأنه شأن الزمان، ولاتناهيها يتناسب مع لا نهاية اله، واله في داخل العالم وفي خارجه على السواء ، وهو العلة المحايثة للكون وفي الوقت نفسه عال على الكون علواًلامتناهياً . وبالجملة ، فإن الكون عنده لامتناه ويشمل مالاحصرله من العوالم . وهو لا يفترقجوهرياًعن الله ، لأنه لا يوجد في نف الوقت موجودان لا متناهيان . إنما الكون واشه بعيدان لا متناهيان عن حقيقة واحدة . وبسببرأيه هذافي لا هائية الكون حكم عليه ديوان التفتيش البابوي بالاعدام ، فأعدم في ساحة الأزهار في روما في فبراير سنة ١٦٠٠ في نف المكان الذي أقيم فيه تمثاله القائم حاليا هناك . وجاء من بعده ديكارت فدافع عن فكرة لا تناهي الكون وأكد انها ينبغي الآ تدينها الكنيسة ، بل على العكس عليها أن تأخذ بها ، لأن القول بان الكون ، الذي خلقه الله ، لا متناه ، يؤذن بان قدرة الله لا متناهية ، وفي هذا تمجيد لقدرة اش. وأكث من هذا، يستخدم ديكارت وجود تصور اللامتناهي في ذهن الانان دليلا لاثبات وجود ال، إذ ا يمكن الانسان، وهو موجود متناه، أن يكون لديه تصور اللامتناهي إل إذا كان موجود لا متناه قد اودع في ذهنه هذا التصور.
ومن بعده جاء اسيبنوزا فقرر أنه لا يوجد إلا جوهر واحد ( الله او الطبيعة ) . وتبعاً لذلك فإن هذا الجوهر يجب ان يكون لا متناهياً سواء فيماهيته وفي عددصفاته . إن الله لا بد ان يكون لا متناهياً في ماهيته، لأنه لو كان متناهياً لكان في وسعنا افتراض وجود شيء آخر يجده، وفي هذه الحالة لن يكون الحقيقة الوحيدة . كذلك يجب أن تكون صفاته لا
متناهية ، لأنه لما كانت ماهيته لا متناهية، فلا بد من وجود ما لا غهاية له من الطرق التى جها يمكن تصوره. يقول اسبينوزا: , أنا اتصور اله على أنه موجود لا متناه مطلقاً ، اعني جوهراً يتصف بما لا نهاية له من الصفات التي تعبر كل واحدة منها عن ماهية سرمدية ولا متناهية ا. إن الله - عنده - لا متناه على نحو لا متناه ، ولانهائية الصفات اللامتناهية تمنع من ان تحد الصفات لاهائية اشه. اله لا متناه بالفعل، «بحكم تعريفه اأوابحكم لاغهائية التمتع بالوجودper infinitam I essendi fruitionem وأجزاؤه لاغهائية ايضاً . ومن المحال تصوره قابلاً للقسمة والقياس ومؤلفاً من أجزاء متناهية ٠ وهو لا يتميز من لانهائية الزمان ولاغهائية المكان . إن لانهائية المكان تعبر عن الماهية اللامتناهية للجوهر الإلهي بطريق مباشر، ولانهائية الزمان تعبر عن التوالي السرمدي في الماهية الإلهية . ولكل صفة أحوال modes لا متناهمية . ولا شيء خارج لانائية اله ، حفى إن كل فردية ليست إلآ عنصراً في سلسلة من التغيرات ولا توجد بوصفها شيئاً متناهياً عرضياً . واللامتناهي ، وهو علة ذاته ، يعرف بذاته ، أي هو المعقول إلى أقصى درجة .
اما ليبنتس فيقرر ان لاسة النفس هي لانهائية الكون . وأحسن العوالم الممكنة يعكس لاغهائية الله . يقول ليبنتس : « إنني اقول باللامتناهي بالفعل إلى درجة انفي بدلاً من اقر بأن الطبيعة تفزع منه كما يقال بشكل عامي متبذل ، فإفي أوكد أن الطبيعة تكشف عنه في كل مكان بحيثيتجلى كمال خالقها على نحو أظهر وأسطع» ( رسالة الى Foucher ، نشرة Gebhardt رقم ٦) . ويمضي ليبنتس من هذا ليقرر أنه « لا يوجد جزء من المادة ليس منقسماً بالفعل ، ولا أقول بالقوة فقط ؛ وتبعاً لذلك فإن أقل جزء يجب أن يعد عالماً مليئاً بمالاهايةلهمن المخلوقات المختلفة . وكل موجود يعك -بطريقته الخاصة به - اللامتناهي . والله يعرف هذه الانعكاسات اللامتناهية للامتناهي في المونادات .
فإذا انتقلنا إلى كنت ، وجدناه يتناول تصور اللامتناهي في عرضه لنقائض العقل، فيقرر ان الأشياء الموجودة في المكان والزمان ليست معطاة في مقدار متناه ولا في مقدار لا متناه، إنما هي ظواهر تتقدم إلى ما هو لا متناه وغير محدود. ولهذا لا توجد بداية في الزمان ، ولا نهاية وحد في المكان ، ولا جزء اخير لا يقبل استمرار التجزئة . إن اللامتناهي أكبر من كل عدد (تعليق رقم٤٧٥٦). واللامتناهي لي تصورا
محددا موضوعيا لمقدار في علاقة مع مقدار اخر ، بل هو ذاتيا زيادة لمقدار فوق كل ما هو معطى لنا، وإن كان غير مذرك منكلعقل(رقم٤١٩٢)»إن اللامتناهي لا يعطىبداً، بل فقط شرط امكان التقدم الى غير ذ٢ارة أو إلى غير حد » ( رقم ٥٨٩٣) . ,وعظم العالم بوصفه ظاهرة ليس لا متناهيا، لكن التقدم فيه يتمر إلى غير نهاية»(٥٩٠٢).
والديالكتيك عند هيجل يقتضي منه الإقرار بوجود اللامتناهي بالفعل، في مقابل المتناهي بالفعل. ويميز.هيجل بين عدة ضروب من اللامتناهي : اللامتناهي الرياضي ، اللامتناهي في العظم ، اللامتناهي الذاتي ، اللامتناهي الموضوعي ، اللامتناهي الايجابي . وفي رأي ه أن هذا الأخير هو وحده اللامتناهي الحقيقي . ذلك لأن اللامتناهي الرياضي واللامتناهي في العظم كليهما ليس I نفيا للنفي» . واللامتناهي "الذاتي. واللامتناهي الموضوعي ليسا كأفيين بنفسهما ، وإنما يتكاملان إذا اتحدا بواسطة العقل . ومن هنايميزهيجل بين ا اللامتناهي الفاسد»و اللامتناهي الحقيقي ا. الأول هومجردنفي النهاية أوالحد. أماالثاني أو اللامتناهي الحقيقي، فهو الفكرة المطلقة أو, المطلق، إنه تعيين ايجابي للمتناهي . فالروح لامتناه حقيقي . إن اللامتناهي الفاسد هو القابل للزيادة باستمرار، بينما اللامتناهي الحقيقي كامل تام لا يقبل أي مزد، إنه كامل في ذاته ويقوم في ذاته . والروح المطلقة تتجلى فيما هو نهائي بحيث يمكن ان يقال إن الروح المطلقة هي ه اللامتناهي في المتناهي» . لكن تجليهافي المتناهي لا يحول بينها وبين ان تظل كماهي في ماهيتها، أي لا متناهية. والايجاب الكامل للامتناهي يتحقق حين يمتص العقل لحظات المجرد والعيني ، الكلي والجزئي . ولهذا يقول هيجل في كتاب • الطق» إن ال لامتناهي الحقيقي ينبثق فقط حين يغوص اللامتناهي المجرد للذهن في الإيجابي والمطلق وكذلك حين يغوص معم اللامتناهي العيني للعقل.
واخيراً يجيء هيدجر فينكر ان يكون ها هنا لا متناه في الوجود.
اللامتناهي الرياضي
اللامتناهي الرياضي ظهرت فكرة ال لامتناهي في الرياضيات في وقت مبكر، وذلك عند الفيثاغوريين، إذ اكتشفوا ما يعرف بنظرية فيثاغورس القائلة بأن المربع المنشا على الوتر في المثلث القائم الزاوية يساوي مجموع المربعين المنشأين على الضلعين الآخرين . فإذا فرض أن الضلعين متساويان وأن طول كل منهما ( ١ سم أو ١م مثلا ) فإن طول الوتر هو ٢٧ وهو عدد لا ماني.
وفي القرن السابع عشن أقر الرياضيون بوجود اعداد لا متناهية ، وسلاسل لا متناهية لها خصائص تختلف عن خصائصي الأعداد المتناهية . فمن خصائص. الأعداد الامتناهية والسلاسل اللامتناهية :
١ - أنما لا تزيد بالاضافة أو التضعيف ، ولا تنقص بالطرح أو القسمة . فلو استطعنا ان نكتب في صف واحد كل الأعداد ١، ٢ ، ٣ ، ٤ ،٥ ، . . .، وفي صف ثان نكتب كل الأعداد الزوجية :٨،٦،٤،٢، ١٠ ...، فإن عدد الأعداد في الصفين واحد هو نفسه ، مع أن الصف الثافي نتج عن اخذ العدد اللامتناهي من الأعداد الزوجية - أخذه من السلسلة اللاساهة المؤلفة من كل الأعداد . وظاهر أن الكل أكبر» هنا مشتركة I ليس أكبر من جزئه لكن ملكة
لاميه
غامضة ، ومعناها هنا هو : الاحتواء على عدد من الحدود أكبر»؛ وبهذا المعفى يمكن الكل أن يكون مارياً لجزئه دون ان يكون ثم تناقض .
٢ - أن بعض السلاسل اللامتناهية لها نهاية من جهة ، مثلا : سلسلة اللحظات الماضية تنتهي في اللحظة الحاضرة ، او عدد النقط اللاغهائي في خط متناه .
وفد جاء جيورج كانتور Georg Cantor فيسنة ١٨٨٢ - ١٨٨٣ يين أن هد عدداً لا متناهياً من الأعداد اللانهائية المختلفة ، وليبين أن من الممكن أن تطبق عليها فكرة ٠ الأكبر» و,الأل٠، وفي بعض الأحوال لا يمكن هذا التطبيق وينشاً عن ذلك مشاكل جديدة . فمثلا عدد النقط الرياضية واحد هو نفسه في خط طويل مثلما هو في خط قصير . لكن اأكبر، و«أقل، لهامعنى رياضي بحت، ولا ينطويان على أي تصور هندسي .
والصعوبات التي أثاوها الفلاسفة ، منذ أيام زينون الايلي ، حول الأعداد اللامتناهية تنشأ - في نظر الرياضيين-من كوننا نريد أن نطبق خواص الأعداد النهائية على الأعداد اللاغهائية .
ويقرر برترند رسل (« معرفتنا بالعالم الخارجي» ص١٩٤ وما يتلوها ، لندن سنة ١٩٦٩ ) ان ثم اعتبارين على أساسهما تميز الأعداد اللامتناهية من الأعداد المتناهية : الأول هو أن الأعداد اللانهائية لها خاصية يسميها باسم « الانعكاس» reflexiveness بينما الاعداد النهائية ليست لها هذ، الخاصية .
والثاني هو أن للأعداد المتناهية خاصية « الاستقرائية» inductiveness ، وهي خاصية لا توجد في الأعداد ال لامتناهية .
والعدد يقال إنه يتصف بصفة الانعكاسية ، إذاكان لايزيدكلمااضفنا العدد ١ ( أو غيره ) إليه . ومعنى هذا انه يمكن اضافة أي عدد متناه إلى عدد انعكاسي دون ان يزيد في مقداره . وتبعاً لهذه الخاصية ، فإنه يمكن اضافة أي عدد متناه من الأشياء أو طرحها من العدد اللامتناهي فلا يزد هذا العدد اللامتناهي ولا ينقص. ويسوق رسل على ذلك المثل الذي اوردناه منذ قليل وهو :
٥،٤،٣،٢،١،...
١٠،٨،٦،٤،٢...
ففي كلا الصفين مقدار الاعداد واحد، ومع ذلك فإن الصف السفلي ناتج عن اخذ كل الأعداد الزوجية - ومقدارها لا متناه - من الصف الأعلى .
أما خاصية الاستقراء الموجودة في الأعداد المتناهية، ولكنها غير موجودة في الأعداد اللامتناهية ، فمعناها ان الخاصية وراثية من عدد إلى العدد الذي يليه ابتداء من الصفر. - لكن خاصية الاستقرائية هذه لا توجد في الاعداد اللامتناهية ، لأن أول الاعداد اللانهائية ليس له سلف مباشر، لأنه لا يوجد شيء اسمه أكبر عدد متناه، سيكون التالي له هو العدد اللامتناهي . ولهذا فإن الانتقال خطوة فخطوة من عدد إلى التالي له لا يمكن أن يصل إلى عدد لا متناه .