قمبيز الثاني


قمبيز ابن الملك قورشٌ غزا مصر سنة 525 ق.م وحكم لمدة 4 سنوات لقب بالألقاب المصرية القديمة مثل ملك الشمال والجنوب وابن رع واتخذ لنفسه لقب حورس موحد الأرضين واتخاذه هذه الألقاب دليل على قوة التقاليد المصرية وضرورتها حتى يستطيع الملك ان يملك الأمر أو ربما الذي دفعه لاتخاذ هذه الألقاب هو معرفته بعظمة وقيمة تلك الألقاب كتقليد للفراعنة ولكن هتاك احتمال آخر أنه أراد أن يعطى لحكمه أمام الشعب أنه حكم ذو صبغة مصرية. كان أهم هدف من أهدافه هو غزو مصر لأنه كان يعتبرها امتدادا للإمبراطوريته الفارسية التي أقرها أباه

سياسة قمبيز الداخلية والدينية في مصر

بمجرد دخول قمبيز إلى منف انتقم منها شر انتقام إذ قتل 2000مصريا انتقاما من "منف "كلها لمقتل طاقم السفينة الفارسية الذي كان عدده مائتى رجل ابحروا إلى منف لعرض شروط السلام ولكن سكان منف قاموا بقتلهم ولكنه سرعان ما أدرك أن هذه القسوة لا تخضع شعبا له مثل هذا التراث من الحضارة فاتسم إلى حد ما الحكم في بعض الأوقات باللين والهوادة وهذا يظهر من احترامه لمدينة سايس واحترامه لآلهتها الآلهة نيت الذي كان بدافع التأثير على المصريين بعد الدخول السئ الذي دخله لمصر وما نتج عنه من اعمال وحشية حيث أنه رأى بنفسه مدى تمسك المصرين بديانتهم فأراد أن يعزف على هذا الوتر في أن يظهر الأحترام للآلهة المصرية ليكسب احترام وحب المصريين خاصة بعد المذبحة التي حدثت في منف.

لكنه في مدينة "سايس" أيضا قام بعمل مشين وهو عبثه بجثة احمس الثاني فأمر بإخراج الجثة وضربها بالعصى وأن ينزعوا شعر بدنه ورأسه وينكلوا به أقبح تنكيل ولكنهم لم يقدروا على هذا الجسد لأنه حنط تحنيطا جيدا فأمر باحراقه غير مراع احترام الدين على الرغم من أن الفرس يعتقدون أن النار اله وليس مسموحا لهم أن تحرق الموتى حيث لا يصح لاله أن يطعم بجثة إنسان وهذا المنع موجود أيضا عند المصريين لأنهم يؤكدون أن النار وحش ضارى يفترس كل ما يقدم له وبعد أن يشبع منه يموت هو أيضا مع الذي أحرقه وبهذا العمل يكون قمبيز قد قام بعمل مشين في الديانتين المصرية والفارسية

كما قام قمبيز بضرب معابد هليوبوليس بالحديد والنار وهدمها وحرقها من كل ناحية كما فعل ذلك بالمسلات فهناك اثنتان منهما اتلفتا اتلافا تاما كما يروى لنا هيرودت وسخر من شكل الآلهة بتاح في معبده ودخل أماكن محظور الدخول إليها سوى للكهنة فقط وسبب أضرارا جسيمة في طيبة وروى ديودور أنه حما إلى فارس قرصا كبيرا من الذهب من مقبرة أوزمانديس مقبرة في الرمسيوم حيث كان مدون عليها أيام السنة كلها ومعلومات بخصوص ظهور واختفاء النجوم.

سياسة قمبيز الخارجية

بعد أن استقر قمبيز في مصر خطط لثلاث حملات الأولى إلى قرطاجة والثانية إلى نباتا والثالثة إلى واحة سيوة مقر ووحى آمون

الحملة الأولى على قرطاجة

فكر قمبيز في ضم قرطاجة وبالطبع كان هذا متمشيا مع الميوا الفارسية في السيطرة الكاملة والتامة على البلاد وبالطبع على الساحل الشمالى فهي خطوة مهمة بالنسبة لهم وفى نفس الوقت كان لهم اسطول بحرى في بلوزيوم يقف بدون عمل فأرسل الملك "قمبيز" إلى قائده يأمره أن يعد فرقة كاملة مجهزة بالعدة والعتاد ورجال البحر لكى يبحروا إلى قرطاجة ولكن هذا الأمر أحبط لأن أحسن البحارة لديه كانوا من الفينيقيون ولما علموا أنهم سوف يحاربوا ضد أبناء عمومتهم واخوانهم رفضوا هذا مما يوضح أن الامبقراطورية الفارسية كانت في عنفوان قوتها إلا أنه كان يوجد أيضا بعض الثغرات من الضعف فيها مثل اعتمادهم على البحارة الفينيقيين حيث كانوا هم أقوى بحارة في هذا الوقت. كان هذا أول مشروع من مشاريع قمبيز الخارجية وبالطبع فشل.

الحملة الثانية على نباتا

فكر قمبيز في ضم نباتا إليه طمعا في ذهب النوبة وليفتح طريقا للسودان ولكنه قبل أن يقوم بالحملة أرسل جواسيس إلى الحبشة بحجة حملهم الهدايا واستدعى جماعة من الفينيقيين يعرفون لغة الحبشة وحملهم بالهدايا وكانت عبارة عن ثوب من الأرجوان وطبق من الذهب وأساور واناء منالرخام مملوء اطيابا وبرميلا من نبيذ البلح.

قدمت الهدايا باسم الملك قمبيز لملك الحبشة نستازن لقيام الصداقة بينهما ولكن لم يخف على ملك الحبشة أن هؤلاء القوم جواسيس فأجابهم بهذا الحديث "ليس حبا ولا صداقة بيننا هو الذي حمل ملك الفرس على ارسالكم بهذه الهدايا وأنتم لاتقولون لى الحق بل أنتم قادمون لاختبار مدى قوى مملكتى وسيدكم ليس رجلا عادلا لأنه يطمع في بلاد لا تخصه ويحاول أن يستعبد أمة لم تضره ".

فأعطى لهم ملك الحبشة قوسا من عنده وحملهم هذه الرسالة إلى الملك الفارسي وهي "أن ملك الحبشة يشير على ملك الفرس أن يأتى ويحاربه بجيش قوى حينما يصير الفرس قادرين على أن يوتروا قوسا كبيرا مثل هذا بالسهولة التي تكون لى ولمن فليقدم الشكر للآلهة إذا لم يلهموا الحبشة الرغبة في توسيع بلادهم بفتوحات جديدة وأعطاهم القوس. وسألهم بعد ذلك ما الأرجوان وكيف يصنع فلما أخبروه قال هؤلاء الناس خادعون حتى غى ثيابهم ثم سألهم عن الطوق والأساور الذهبية فأجابوه على أنها حلى فصار يضحك وظن أنها سلاسل ورد عليهم أن الحيشة تملك أقوى منها وسألهم عن العطور التي أتوا بها ولما أفهموه طريقة تركيبها وكيفية استعمالها أجابهم بما أجاب بخصوص الأرجوان ولكنه عندما عرف الخمر وكيفية عملها سر جدا بهذا الشراب.

من عجائب الحبشة

أظهر الرسل التعجب من طول الحياة عند أهل الحبشة فأخذهم ملكها إلى عين من خصائصها أن الذين يغتسلون فيها يخرجون منها مطيبين برائحة كرائحة البنفسج وجلودهم لامعة كأنها دهنت بالزيت وقال الرسل أن عين تلك الماء كان خفيفا جدا حتى أنه لايطفو عليه شيء ولا الخشب.

وبعد ذلك سار بهم إلى السجن فوجدوا المسجونين مقيدين بقيود ذهبية لأن النحاس عند الحبشة من المعادن النادرة واثمن من غيرها. ثم أراهم ما يسمى بمائدة الشمس وهي برج مملوء بلحوم مسلوقة من كل أنواع الحيوانات ذوات الأربع يأتى بها الحكام ليلا إلى هناك وعند طلوع النهار يكون كل إنسان حر أن يأتى ويتناول غذاؤه ويقول أهل البلاد أن الأرض تخرج من نفسها هذه اللحوم.

الزحف على نباتا

عندما وصلت البعثة إلى قمبيز ابلغوه بكل العجائب التي رأوها في الحبشة ووصفوهم له بأنهم طوال القامة وأن ملكهم أقوى الرجال.هذة المعلومات أغضبت قمبيز وجعلته يأمر قواته بالتوجه إلى الحبشة وذلك بسبب طمع قمبيز في ذهب هذه المنطقة الكثير وأيضا روح الكبرياء والعظمة التي تكلم بها ملك الحبشة وطمعه في معرفة اسرار هذا البلد الغريب فقرر الزحف ولم يأمر بتجهيز القوة اللازمة لهذه الحملة واستغرقت المدة إلى عاصمة الحبشة 52يونا وفضل قمبيز أن يقطع هذه المسافة في الخط الأيمن عن طريق الصحراء وابتعد عن طريق النهر تماما وبصعوبة بالغة استطاع أن يصل إلى الشلال الخامس وفى ذلك الوقت قات المؤونة التي كانت معه وأوشكت على الانتهاء ولذلك لضطر الجنود إلى أكل العشب ثم أكل بعضهم بعضا فسارع قمبيز إلى انهار هذه الحملة الفاشلة

الحملة الثالثة على واحة سيوة

أثناء زحف قمبيز على الحبشة مر على طيبة واختار نحو 50 ألف رجل وأمرهم أن يتوجهوا إلى واحة آمون ويشعلوا النار في هيكل جوبيتر الذي يهبط فيه أما هو فأخذ طريقه إلى الحبشة ومعه باقى الجيش وبالفعل توجه الجنود إلى واحة آمون ومعهم الأدلاء ومن المؤكد أنهم وصلوا إلى هناك ولكن لا يعلم أحد ماذا جرى لهم بعد ذلك ومن المحقق أن هؤلاء الجنود لم يصلوا إلى مصر ويقول أهل سيوة أن هؤلاء الجنود هبت عليهم ريح شديدة غمرتهم بجبال من الرمال وأخفتهم جميعا وهكذا هلك جنود قمبيز.

انتقام قمبيز بعد الفشل الذريع لحملاته الثلاث

عند عودة قمبيزمن الحبشة عاد إلى "منف"فوجد المصريين يحتفلون بظهور آبيس جديد لهم فعندما رأى قمبيز تلك الاحتفالات ظن انهم فرحون لفشاه الذريع في حملاته الثلاث فاستدعى حكام "منف" وسألهم عن سبب فرحهم فقالوا ان الههم لم يظهر منذ مدة طويلة وقد ظهر في تلك الأيام ويفرح المصريزن لذلك فرحا عظيما ولما سمع قمبيز هذا الكلام ظن أنم يكذبون فأمر بقتلهم ثم استدعى الكهنة لسؤالهم نفس السؤال فأجابوه بنفس الاجابة فأمرهم بأن يأتوا بآبيس ليشاهده وبالفعل اتوا به ومن صفات هذا الآبيس انه عجل صغير لا تحبل أمه بغيره والمصريون يقولون أنه ينزل عليها برق من السماء قتحبل به ويعرف ببعض العلامات فيكون شعره أسود وعلى جبهته بقعة مثلثة وعلى ظهره نسر وتحت لسانه صورة عجل وشعر ذنبه مضاعف وفى حضور الكهنة ارتكب قمبيز جرما كبيرا إذ استل سهمه ليشق بطن آبيس لكنه ضربه في فخذه ثم التفت إلى الكهنة وقال متهكما "أيها اللصوص هل تكون الآلهة من لحم ودم وهل تشعر باصابة السلاح "وبعد ذلك أمر أن يضرب الكهنة بالعصى وأن يقبض على كل المصريين الذين يوجدون في حالة فرح بعيد الآبيس الجديد فبطلت الأفراح وعوقب الكهنة أما آبيس فمرض مدة في هيكله بسبب الجرح الذي في فخذه ثم مات ودفنه الكهنة بدون علم قمبيز.

نهاية قمبيز بيده

أخذ جوماتا وهو كاهن من الماجوس مكان سمردس وهو الأخ المتوفى للملك قمبيز واستولى على الحكم وأعلن أن أوامره فقط هي التي تعتبر قوانين وبالفعل كان شديد الشبه ب"سمردس" وذلك ساعده في تحقيق تلك الخدعة إلى جانب ذلك كان الوضع في فارس يتجه نحو الاضرابات والفتن التي اجتاحت "فارس " والبلاد المجاورة لها كا هذه الاضطرابات جعلت قمبيز يسرع إلى بلده وأن يترك مصر لأن أخبار بلاده السيئة وصلته وهو في سوريا وعندما كان يهم ليركب جواده أصابه نصل سيفه في فخذه كما أصاب العجل "آبيس"وبعد عشرين يوما جمع قواده واعترف أنه قتل اخاه سمردس وحثهم ألا يجعلوا هذا الرجل يسيطر على البلاد وبعد ذلك توفى متأثرا بجرحه بعد تسمم جرحه.

تحليل شخصية قمبيز من خلال أعماله

توجد بعض الروايات التي تؤكد أن قمبيز كان مختل العقل وأنه كان مجرد من الاحساس والشعور وكان أولها قتله أخاه "سمردس" خوفا من استيلائه على العرش وبسب حقده عليه لأنه الوحيد الذي استطاع أن يجذب القوس الذي أرسله ملك الحبشة فأرسل لصديقه "فرساسب" ليقتله وبالفعل قتله

ثم قتله أخته من أمه وابيه وكانت صارت معه إلى مصر وكانت أيضا زوجة له وكان لها قصة وهي أن الفرس لايتزوجون من أخواتهم لمن قمبيز شغف بحب إحدى شقيقاته وأراد أن يتزوجها وذلك لم يسبق إليه فاستدعى قضاة الملك وسألهم هل توجد شريعة تسمح للأخ أن يتزوج أخته إذا اشتهى ذلك وكان هؤلاء القضاه من أحسن الفرس ويظلون في وظائفهم إلى آخر حياتهم ما لم يصدر منهم شيء من المظالم فردوا على قمبيز جوابا يأمنون به من الخطر بدون أن يمسوا جانب العدالة بضرر فقالوا لا توجد شريعة تسمح للأخ أن يتزوج أخته ولكنه توجد شريعة تسمح للملك أن يفعل كل مايريد وبهذا تزوج قمبيز أخته التي أحبها

وقام قمبيز أيضا بقتل ابن صديقه "فرساسب" وكان طريقة قتله عبارة عن تسلية إذا قال لصديقه "اذا رميت ابنك الواقف في وسط قلبه تكون آراء الفرس التي تقول عنى اننى فقدت صوابى خاطئة واذا خاب يكون هم محقون " ثم أوتر قوسه ورمى الغلام فسقط الفتى في الحال فشق صدره ليرى أين وقع السهم فوجده في وسط القلب فسر من ذلك العمل الشنيع

وفى مناسبة أخرى أمر بدفن اثنى عشر من النبلاء الفارسين بدون أي سبب. حاول ذات مرة أن أن يذبح كريسوس- وهو حاكم ليديا السابق الذي أبقاه قمبيز كمستشار له بعد استيلائه على البلاد - لأنه عارضه ولكنه استطاع الهرب بمساعدة بعض الخدم الذين شعروا أن قمبيز سوف يأسف بعد ذلك لو قتله ولكنه اكتشف ذلك فقتل الخدم

ومن تحليل أعمال قمبيز نجد أنه كان مجرد غازى لبلاد غريبة فحاول أن يستعمل معها كل الأساليب لكى يسيطر عليها ويخضعها تحت سيطرته فاستعمل الخديعة لكى يتمكن من دخولها والرفق واللين في احترامه للتقاليد الدينية فلم تجد نفعا هذه الوسائل فاستعمل العنف والبطش لكل من أمامه فكل هذه الأسالب جعلت البعض يقول عنه أنه يقلد أباه والبعض الآخر يقول أنه مصاب باختلال العقل ولكنه في الحقيقة كان يستعمل جميع الوسائل للسيطرة على البلاد.

المصادر

  • Herod :ch 3*4
  • Budge:History of Egypt
  • P.G.Elgood,Later Dyanasties of Egypt
  • Diodor:Hall,the Ancient History of the Near East
  • Ahmed Fakhry, the Oases of Egypt