فولفغانغ باولي

(بالتحويل من فولفجانج باولي)

فولفغانغ باولي (بالألمانية: Wolfgang Ernst Pauli)‏ عالم فيزياء نظرية نمساوي وواحد من العلماء الرواد في ميكانيكا الكم. في عام 1945 استلم باولي جائزة نوبل في الفيزياء "لمساهمته في اكتشاف قانون جديد للطبيعة وهو مبدأ استبعاد باولي". ساهم كثيرا في تطور نظريات ميكانيكا الكم. كان صديقا حميما لنيلز بور وفيرنر هايزنبرج. حصل على شهادة الدكتوراة من جامعة لودفيغ ماكسميليان في ميونخ. مبدأ استبعاد باولي ومصفوفات باولي وغيرها تعد من أهم ما قدمه باولي في مجال ميكانيكا الكم.

إسهامات فولفجانج باولي في مجال الذرة وإلإليكتزونات

حققت النظرية الخاصة بالعالم الفيزيائي دانمركي الجنسية نيلز بور تقدم لا بأس به في تفسير نموذج خطوط الطيف التي تمت رؤيتها في الضوء الناتج عن تسخين الغازات (١٩١٣). فقد تعاملت تلك النظرية مع الهليوم مثلما تعاملت طيف غاز الهيدروجين بطريقة لا تخلو من الحرص، ولكنها حاولت بجد شرح المواقع الدقيقة لخطوط الطيف الخاصة بأكثر العناصر تعقيدا.

بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك مشكلة جديدة. فلكل ذرة حالة تسمى بحالة الخمود تتسم فيها بأقل مستوى من الطاقة يمكن للإليكترون تحمله، كما أن ذلك الإليكترون لا بد أن يكون الأقرب للنواة من غيره. ولكن، لماذا لا تفقد كل الإليكترونات ببساطة طاقتها لتسقط في حالة الخمود؟ تشغل مدارات الإليكترونات الخارجية معظم المساحة الفارغة في الذرة (فوفق لما أوضحه العلماء هانز جايجر وأرنست رذرفورد وأرنست مارسدن في عام ١٩٠٩، تعتبر نواة الذرة شديدة الصغر لدرجة أنها تكاد تصل إلى حد العدم.) ولذلك، فإن أمر وجود كل إليكترون على حالة الخمود يهدد بزوال الذرات وانهيار بنية المادة. بالطبع لا يحدث ذلك، و لكن، لم لا يحدث؟

استطاع العالم الفيزيائي الألماني فولفجانج باولي الإجابة عن ذلك السؤال في عام ١٩٢٥. فقد كان ذلك العالم مفكراً ناجحا لكنه لم يحقق تلك الدرجة من النجاح عندما حاول أن يثبت صحة نظرياته عن طريق التجربة. وكان ذلك العالم غير بارع لدرجة أن الأجهزة التي كان يستخدمها داخل المعمل كانت تتوقف عن العمل، عندما كان لا يفعل أي شيء بخلاف السير في أرجاء المعمل.

كان شرح باولي للسؤال الذي سبق طرحه شرح بسيطا، ولكنه كان عميقا في الوقت ذاته. فليست كل الإليكترونات قادرة على الوصول إلى حالة الخمود؛ حيث لم تكن هناك مساحة تكفي سوى لاثنين من الإليكترونات فقط بصفة عامة، لا يوجد سوى إليكترونين فقط لديهما المجموعة نفسها من الثلاثة الأعداد الكمية (١٩١٣). وكانت هذه هي نظرية العالم باولي عن مبدأ الاستبعاد. ولكنه لم يستطع تفسيره، ولم يكن متأكداً حتى من أن مدارات الإليكترونات تمثل حقيقة أم خيال. وبغض النظر عن ذلك، بفضل هذا العالم تمت معرفة أنه من المستحيل أن يكون العالم من حولنا يمر بحالة مستمرة من الانهيار. وبفضل ذلك المبدأ أيضا، حصل العالم باولي على جائزة نوبل في الفيزياء 1945.

إسهامات فولفجانج باولي في مجال اكتشاف العناصر

بحلول الثلاثينيات من القرن العشرين، كان علماء الفيزياء يقومون بدراسة الأشعة المنبعثة من العناصر المشعة على مدار ثلاثة عقود. فجسيمات بيتا، التي كانت كتيار متدفق من الإليكترونات (النشاط الإشعاعي ١٨٩٩)، كانت تنتقل بمعدلات مختلفة وواسعة النطاق من السرعة. وفي الحقيقة، يبدو أن هذه الأشعة تستطيع الحركة بأية سرعة ممكنة. وفي عصر فيزياء الكم، يمثل ذلك الأمر مشكلة كبيرة. أما بالنسبة للفلسفة الجديدة التي يتم اتباعها حاليا، فكل الأشياء التي يحتوي عليها عالم الذرة الصغير جدا، بما فيها طاقة الجسيمات (وبالتالي سرعتها أيضا)، توجد في مجموعات ذات حجم معين، فالنطاق المستمر لا يسمح به ببساطة.

استطاع عالم الفيزياء الألماني فولفجانج باولي تقديم الحل لهذه المشكلة المعقدة، حيث تميز عقله بالذكاء امتقد الذي دفعه قبل ذلك إلى اكتشاف القاعدة التي مفادها عدم وجود أكثر من إليكترونين في مكان واحد (١٩٢٥). وكانت جرعات الطاقة التي أطلقت جسيمات بيتا من ذرات مشعة بالفعل ذات أحجام معينة، وفقا لمستويات الطاقة المسموح بها، ولكن الإليكترون قد تخلص بالفعل من جزء منها. أما الباقي فقد تم التخلص منه من جانب شيء آخر لم تستطع أجهزة تعقب الأشعة المتجمعة حول الذرات المشعة) تسجيله.

المثير في ذلك الأمر هو أنه ربما تكون الجسيمات الأخرى غير حاملة لأية شحنة كهربائية ولا لكتلة ولا حتى يكون لديها إمكانية التفاعل مع المواد الأخرى. فقد لا يكون ثمة تأثير لوجودها. أطلق العالم باولي على ذلك الجسيم الذي توقع وجوده قبل اكتشافه فعليا اسم "الجسيم الصغير المحايد"، ولكن أطلق عليه عالم الفيزياء الإيطالي أنريكو فيرمي اسم نيوترينو.

بالفعل كان النيوترينو دائم الانزلاق. ولكن لم يتم إثبات وجوده قبل حلول عام ١٩٥٥، حيث تم العثور عليه في مخلفات أحد امفاعلات النووية في عام ١٩٥٥.

لا أعترض على بط عملية التفكير، ولكنني أعترض علي التسرع في نشر الأفكار قبل التفكير فيها. فولفجانج باولي

لم يعط هذا المفهوم الأولي كتلة للنيوترينو، ولكن أصبح الباحثون فيما بعد غير متأكدين من ذلك الأمر. فحتى إذا كانت للنيوترينو كتلة شديدة الصغر، فإن عدد النيوترينوات سيكون أكثر بكثير من عدد الذرات لدرجة أنه سيشكل جزء كبير من الكتلة الكلية للكون. لقد تسبب ذلك الأمر في جعل النيوترينوات الأسباب الأولى وراء تفسير غموض الكتلة الناقصة للكون، بمجرد معرفتنا بأن هذه الكتلة مفقودة (زويكي ١٩٣٦).