فريدريك فيلهيلم يوزف شيلن
فريدريك فيلهيلم يوزف شيلن (بالألمانية: Friedrich Wilhelm Joseph Schelling، وتُلفظ: [ˈfʁiːdʁɪç ˈvɪlhɛlm ˈjoːzɛf ˈʃɛlɪŋ]، مواليد 27 يناير 1775 - 20 أغسطس 1854)، في وقت متأخر (بعد 1812) كان فون شيلن فيلسوفاً ألمانياً. يضعه تاريخ الفلسفة القياسي نقطة وسط في تطور المثالية الألمانية، ويضعه بين يوهان جوتليب فيشته الذي كان معلمه في سنواته المبكرة، وجورج فيلهيلم فريدريش هيغل شريكه في غرفة الجامعة لمرة واحدة وصديقه الأول وخصمه لاحقاً. يعد تفسير فلسفة شيلن أمراً صعباً نظراً لطبيعته المتطورة.
أُهمِل فكر شيلن بشكل عام وفي دول العالم الناطقة باللغة الإنجليزية بشكل خاص. كانت أحد العوامل المهمة المتسببة في هذا الأمر تفوق هيجل الذي صورت أعماله الناضجة شيلن كمجرد هامش في تطور المثالية. وقد هاجم العلماء أيضاً فلسفة الطبيعة الخاصة بشيلن بسبب ميلها إلى التشابه وقلة التوجه التجريبي. ومع ذلك، أبدى بعض الفلاسفة فيما بعد اهتماماً بإعادة تفحص أعماله.
الحياة
النشأة
ولد شيلن في مدينة ليونبرغ في دوقية فورتمبرغ (تسمى الآن بادن فورتمبيرغ)، ابن جوزيف فريدريك شيلن وزوجته جوتليبين ماري. التحق بالمدرسة الرهبانية في بيبنهاوزن بالقرب من توبنغن، حيث كان والده كاهناً وأستاذاً مستشرقاً. من عام 1783 حتى 1784 انضم شيلن لمدرسة لاتينية في نورتينغن وتعرف على فريدريك هولدرلين الذي كان يكبره بالعمر بخمس سنوات. في 18 أكتوبر 1790، وبسن 15 سنة، مُنح الإذن للتسجيل في «توبينغار شتيفت» (وهو معهد تابع للكنيسة الإنجيلية اللوثرية في مدينة فورتمبرغ) على الرغم من عدم بلوغه سن التسجيل الطبيعي البالغ 20 عاماً بعد. تقاسم غرفته في توبينغار شتيفت مع هيغل وهولدرلين، وأصبح الثلاثة أصدقاء مقربين.
دَرَسَ شيلن آباء الكنيسة والفلاسفة اليونانيين القدماء. تحول اهتمامه تدريجياً من اللاهوت اللوثري إلى الفلسفة. في عام 1792 تخرج بأطروحة ماجستير بعنوان «أقدم الأصول الإنسانية لسفر التكوين الفلسفي السيئ 3، تفسير فلسفي ناقد». وفي عام 1795 أنهى أطروحة الدكتوراه بعنوان «مرقيون كمدير لرسائل بولس». وفي هذه الأثناء، بدأ بدراسة كانط وفيتشه، اللذين أثرا عليه بشكل كبير.
في عام 1797، أثناء قيامه بتعليم شابين من عائلة أرستقراطية، زار لايبزيغ كمرافق لهما وحظي بفرصة حضور محاضرات في جامعة لايبزيغ. إذ كان مأسوراً بالدراسات الفيزيائية المعاصرة بما في ذلك الكيمياء والبيولوجيا. وزار دريسدن أيضاً، حيث رأى مجموعات ناخب ساكسونيا، والذي أشار إليه لاحقاً بتفكيره في الفن. على الصعيد الشخصي، شهدت زيارة دريسدن هذه التي استمرت ستة أسابيع من أغسطس عام 1797 لقاء شيلن مع الأخوين أغسطس ويلهلم شليغل وكارل فريدريك شليغل وزوجته المستقبلية كارولين (التي تزوجت أغسطس فيلهلم لاحقاً)، ونوفاليس.
فترة ينا
بعد التدريس لمدة عامين، في أكتوبر عام 1798 وفي سن الـ 23، استدعي شيلن إلى جامعة ينا كأستاذ استثنائي في الفلسفة (غير مأجور). أدى الوقت الذي قضاه شيلن في جامعة ينا (1798-1803) إلى تموضعه في مركز الثورة الفكرية للحركة الرومانسية. كانت علاقته وثيقة مع يوهان وولفغانغ فون غوته، الذي قدر الجودة الشعرية لفلسفة الطبيعة، قارئاً كتاب «فون دير فيلتسيله». بصفته رئيس وزراء دوقية ساكس فايمار، دعا غوته شيلن إلى ينا. من جهة أخرى كان شيلن غير متعاطف مع المثالية الأخلاقية التي أضفت الحيوية على أعمال فريدريك شيلر، والأساس الآخر لكلاسيكية فايمار. لاحقاً وفي عمل شيلن (محاضرة حول فلسفة الفن 1802/03)، استُعرضت نظرية شيلر حول السمو عن قرب.
في ينا، كان شيلن على علاقة جيدة مع فيشته في البداية، ولكن مفاهيمهما المختلفة -حول الطبيعة بشكل خاص- أدت إلى زيادة التفاوت في تفكيرهما. نصحه فيتشه بالتركيز على الفلسفة بمعناها الأصلي، أي الفلسفة المتسامية وعلى وجه التحديد الكتاب الذي ألفه فيشته بعنوان «علم المعرفة». لكن شيلن الذي أصبح قائداً معترفاً به في المدرسة الرومانسية، بدأ برفض فكرة فيشته لكونها باردة وتجريدية.
كان شيلن مقرباً بشكل خاص من أغسطس فيلهلم شليغل وزوجته كارولين. وردت فكرة زواج بين شيلن وابنة كارولين الصغيرة «أوغست بومر» من قبل كليهما. توفيت أوغست بسبب الزحار في عام 1800، ما حرض الكثيرين على إلقاء اللوم على شيلن الذي أشرف على علاجها. وبالرغم من ذلك، يجادل روبرت ريتشاردز في كتابه «المفهوم الرومانسي للحياة» بأن تدخلات شيلن لم تكن مناسبة فقط، بل على الأرجح ليس لها صلة، لأن الأطباء المستدعين أكدوا لكل المعنيين أن مرض أوغست كان قاتلاً حتماً. قربت وفاة أوغست كلاً من شيلن وكارولين من بعضهما. انتقل شليغل إلى برلين، ورتب لإجراءات الطلاق (بمساعدة غوته). انتهى وقت شيلن في ينا، وفي 2 يونيو 1803 تزوج هو وكارولين بعيداً عن ينا. كانت مراسم زواجهما آخر مناسبة قابل فيها شيلن صديقه في المدرسة الشاعر فريدريك هالدرلين، الذي كان في ذلك الحين يعاني من مرض عقلي بالفعل.
في فترة ينا، كانت علاقة شيلن وثيقة مع هيجل مجدداً. وأصبح هيغل بمساعدة شيلن محاضراً خاصاً في جامعة ينا. كتب هيجل كتاباً بعنوان «الفرق بين أنظمة فيشته وشيلن في الفلسفة، 1801)، ودعمَ موقف شيلن ضد أسلافه المثاليين، فيشته وكارل ليونارد راينهولد. نشر هيغل وشيلن بدءاً من يناير 1802 مجلة «الصحيفة الناقدة للفلسفة» كمحررين مشاركين، ونشرا أوراقاً عن فلسفة الطبيعة، لكن شيلن كان منشغلاً جداً ليبقى منخرطاً في التحرير وكانت الصحيفة تنشر بشكل أساسي من قبل هيغل متبنية فكراً مختلفاً عن شيلن. توقفت المجلة عن نشرها في ربيع عام 1803 حين انتقل شيلن من ينا إلى فورتسبورغ.
الانتقال إلى فورتسبورغ والصراعات الشخصية
ذهب شيلن من ينا إلى بامبرغ لفترة لدراسة الطب البرونوني (نظرية جون براون) مع أدلبرت فريدريك ماركوس وأندرياس روسشلاوب. من سبتمبر 1803 حتى أبريل 1806 عمل شيلن أستاذاً بجامعة فورتسبورغ المقامة حديثًا. اتصفت هذه الفترة بتدفق ملحوظ في آرائه وبخلاف أخير مع فيشته وهيغل.
وجد شيلن في فورتسبورغ -وهي مدينة كاثوليكية محافظة- العديد من الأعداء بين زملائه وفي الحكومة. انتقل بعدها إلى ميونيخ في عام 1806، حيث شغل وظيفة مسؤول حكومي، بدايةً كزميل في الأكاديمية البافارية للعلوم الإنسانية وأمين سر الأكاديمية الملكية للفنون الجميلة، بعد ذلك شغل منصب أمين سر القسم الفلسفي لأكاديمية العلوم. كان 1806 نفسه العام الذي نشر فيه شيلن كتاباً انتقد فيه فيشت بكل صراحة وبالاسم. في عام 1807 تلقى شيلن مخطوطة لكتاب هيغل «ظواهرية الروح» أرسله هيغل إليه، إذ طلب من شيلن كتابة المقدمة. وبالرغم من دهشته بسبب إيجاد ملاحظات موجهة إلى نظريته الفلسفية، كتب شيلن في النهاية رداً لهيغل، وطلب منه أن يوضح ما إذا كان ينوي السخرية من أتباع شيلن الذين يفتقرون إلى الفهم الحقيقي لفكره، أو السخرية من شيلن نفسه. لكن هيغل لم يرد مطلقاً. في نفس العام، ألقى شيلن خطاباً حول العلاقة بين الفنون البصرية والطبيعة في أكاديمية الفنون الجميلة. وكتب هيغل انتقادات شديدة للخطاب لأحد أصدقائه. انتقدوا بعضهم البعض لاحقاً في قاعات المحاضرات وفي الكتب بشكل علني حتى نهاية حياتهم.
فترة ميونيخ
دون الاستقالة من منصبه الرسمي في ميونيخ، حاضر لفترة قصيرة في شتوتغارت (محاضرات شتوتغارت الخاصة 1810)، ولسبع سنوات في جامعة إرلانجن (1820-1827). في عام 1809 توفيت كارولين قبل نشره مباشرة لكتاب «مقال الحرية» والذي كان آخر كتاب يُنشر له خلال حياته. تزوج شيلن بعد ثلاث سنوات من إحدى صديقاتها المقربات «بولين جوتر» إذ وجد فيها صاحبة مخلصة.
خلال إقامته الطويلة في ميونيخ (1806-1841) بات النشاط الأدبي لشيلن تدريجياً في انقطاع. من الممكن أن تكون القوة القاهرة والتأثير الخاص بالنظام الهيغلي هما اللذين قيدا شيلن، لأنه بمجرد حلول عام 1834 وبعد وفاة هيجل أفصح بشكل علني في مقدمة ترجمة هوبير بيكرز لعمل فيكتور كوزن عن العداء الذي كان بينه وبين الهيغليين، وبينه وبين مفهومه الخاص للفلسفة في الماضي. بالتأكيد لم يكن العداء حقيقة جديدة آنذاك. تعبر محاضرات إرلانجن حول تاريخ الفلسفة لعام 1822 عن الخصومة نفسها بأسلوب حاد، وكان قد بدأ شيلن بالفعل في معالجة الأساطير والدين اللذين شكلا في رأيه العناصر الإيجابية الحقيقية لسلبية الفلسفة المنطقية أو المضاربة.
شلنج
فيلسوف مثالي الماني.
ولد في ليونبرج بمقاطعة فورتمبرج بجنوب غربي المانيا في ٢٧ يناير سنة ١٧٧٥ . وكان ابوه شماساً وعلى علم باللاهوت ويعرف بعض اللغات الشرقية وآدابها، وصار استاذا في بيبنهاوزن بالقرب من توبنجن. فالحق ابنه فريدرش بمعهد ديراني لإعداد الطلاب للالتحاق بجامعة توبنجن لدراسة اللاهوت. وظهر نبوغه المبكر في الدراسة. وفي اكتوبر منة ١٧٩٠ التحق فريدرش بجامعة توبنجن، فأمضى خ سنوات من ١٧٩٠ إلى١٧٩٥: القسم الأول منها في دراسة الفلسفة، والقسم الأخير في دراسة اللاهوت. هنا في تونجن تعرف إلى شخصين سيكون لهما مستقبل عظيم في الأدب والفلسفة في ألمانيا وهما: الشاعرهيلدرلن، والفيلوفهيجل وكانا يكبرانه بخمس سنوات. وبتأثير أبيه ولع بدراسة اللغات الشرقية، وخصوصاً السامية والعبرية على وجه الخصومى .
وفي سبتمبر سنة ١٧٩٢ حصل على درجة ماجستر Magister في الفلسفة، وفي يوليو سنة ١٧٩٥ حصل على نفس الدرجة في اللاهوت.
وبعد ان أتم دراسته في جامعة توبنجن، امضى صيف سنة ١٧٩٥ في بيت اهله. لكنه طمح إلى التنقل، وهو أمر لا يتهيا لثله إلا بان يكون معلماً ومرافقاً لأبناء النبلاء الذين يسافرون إلى الخارج كجزء من تثقيفهم. وسنحت له الفرصة في نوفمبر سنة ١٧٩٥، أن صار مرافقاً لولدين لأحد النبلاء لكن للظروف السياسية، اقتصرت الرحلةعلىختلف بلاطات المانيا. فسافرإلى ليبتسك في مارس سنة ١٧٩٦ وبقي فيهاحتى اغطس سنة ١٧٩٨ . وكان لهذه الإقامة أئركبير في تطوره الروحي، إذ تحول من نظرية العلم عند فشتم إلى نظرية الطبيعة، وجهذا بداً طريقه الخاص.
فبدا يتطلع إلى منصب اكاديمي، اي ان يكون أستاذاً في إحدى الجامعات وسنحت الفرصة بأن عين في جامعة ينا، وكانت يينا آنذاك مركز الفلسفة في ألمانيا كلها. فارتحل إليها شلنج في شهر اغسطس سنة ١٧٩٨، وبلغهافي اكتوبر وأمضى فيها تسعة فصول دراسية، وطي في يينا اربع سنوات. وفي جو يينا وفيمار الروحي، استطاع شلنج أن يلتقى بجيته وخصوصا
شلئج
بأقطاب الحركة الرومنتيكية: الأخوين اشليجل، وكارولينا إلتي تزوجها فيا بعد. كما استطاع في هذا الجو الروحي العظيم ان يضع أساس مذهبه الفلسفي، يضعه من خلال محاضراته في جامعة يينا.
وانتهت فترة تعيينه استاذا في جامعة ينا في ربيع سنة ١٨٠٣. فدعته حكومة بايرن ليكون أستاذا في جامعة فورتسبورج، فعين فيها وبدأ محاضراته في الفصل الشتوي سنة ١٨٠٣، واستمر فيها حتى ابريل سنة ١٨٠٦، حيث عين في منصب مزدوج: كان عضواً في اكاديمية العلوم، واميناً عاماً لأكاديمية الفنون التشكيلية. وبعد ذلك بعشر سنوات عين اميناً لقسم الدراسات الفلسفية في أكاديمية العلوم، ومنح لقب فارس، وصار من طبقة النبلاء. وعاش هنا هادئاً في مركز مرموق، ولم يشغل نفسه بالقاء المحاضرات .
لكنه ما لبث ان اشتاق إلى التدريس والعودة إلى كرسي الأستاذية. فدعته جامعة ايرلنجن في أواخرخريف سنة ١٨٢٠ فاقام في ايرلنجن سبع سنوات محوطاًبالتقدير.
وحدث أن تولى عرش بافاريا ملك مستنير جديد هو لودفج، وكان محباً للعلوم والآداب والفنون، وكان ذلك في١٣ اكتوبر سنة ١٨٢٥. فأراد أن يجعل منشن (ميونخ) كعبة العلوم والآداب والفنون، فأنشاً جامعة منشن التى افتتحت في خريف سنة ١٨٢٦ وكان طبيعياً ان يفكر في شلنج خصوصاً وان هذا كان لا يزال موظفاً في حكومة بافاريا، ولم يكن في ايرلنجن إلا على سبيل الإعارة. فعينه الملك الجديد في ١١ مايوسنة ١٩٢٧ محافظاً عاماً لمجموعة الدولة العلمية، واختارته اكاديية بافاريا رثيساً لها، إلى جانب تعيينه أستاذاً في الجامعة الجديدة، جامعة منشن. وكان نثاطه الرئيى في الجامعة، فكان يلقى المحاضرات في بيان مذهبه، خصوصاً في فلسفة الأساطير وفلسفة الوحي ولاقت محاضراتم نجاحاً منقطع النظير على الرغم من عمقها وصعوبتها. وقد توزعت موضوعات ثلاثة تاريخ الفلسفة الحديثة، والتجريبية الفلفية، وفلسفته هوفي الأساطير والوحي.
وحدث ان توفي هيجل في ١٤ نوفمبر سنة ١٨٣١ ، فتطلعت انظار كبار القوم في برلين الى دعوة شلنج ليملأ الفراغ الذي تركه هيجل. وعين شكنج في جامعة برلين، وبدا محاضراته في١٥ نوفمبر سنة ١٨٤١، بعد ان ذللت العراقيل التي حالت دون تعيينه طوال هذه السنوات العثر. وكان
الموضوع الأساسي في محاضراته في جامعة برلين يدور حول فلسفة الأساطيروالوحي. ولقي نجاحا عظيما، كان هو السبب فيما لقيه من هجوم وعنت من حساده ومنافسيه،كماهو الشأن داثماً! فاضطر الى ترك عمله، وأش آخرعاضراته شتاء سنة ه١٨٤ا١٨٤٦.
وبعد سنة ١٨٤٦ عاد شلنج إلى حياة العزلة، وكانت قد تجمعت حوله في برلين دائرة حميمة من الأصدقاء.
وامضى سنوات عمره الأخيرة في برلين مع زوجته الثانية، ثم توفي في رجتس عهء88 في سويسرة في ٠ ٢ أغطس ستة ٠١٨٥٤
فلفته
١ - مهمة الفلسفة:
يقول شلنج في تحديده لموضوع الفلسفة ومهمتها : «ليس للفلسفة اساسا موضوع ختلف عن موضوعات سائر العلوم. كل ما في الأمر انا تنظر في موضوعات العلوم كلها على ضوء علاقات اعلى، وتنظر إلى الموضوعات الجزئية للعلوم، مثلاً النظام الكوفي، عالم النبات والحيوان، الدولة، تاريخ العالم، الفن -على أها مجرد أعضاء في جهاز عضوي واحد احد يرتفع من هاوية الطبيعة - التي يمتد فيها بجذوره - إلى عالم الأرواح» («مؤلفات شلنج»ج ٩ ص ٢٦١).
ومن هنا كان على الفلسفة ان تطلع على آخر وأحدث اكتشافات علوم الطبيعة، وعلوم الروح، وأن تنظر في علاقاتها العليا، وتصعد إلى المبادىء الأولى ولكن ليس معنىهذا أن الفلفة تتلقى موضوعها من العلوم الأخرى، كلا. انها تعطي لنفسها موضوعها، وتؤسسه، لأها لا تستطيع ان تستمده من التجربة مثل ساثر العلوم، ولا من أي علمآخر أعلى منها.
والفلسفة كلها من عمل الحرية. ولهذا فإنها في أصلها إرادة. «ولهذا فإن البرهان هو فقط برهان من أجل أصحاب الإرادة السائرين قدماً المواصلين التفكير». «والفلسفة الإيجابية هي الفلسفة الحرة حقا». والإرادة هي اصل الفلسفة. فالإنسان خلق للفعل وللتأمل.
ويرى شكنج ان الفلسفة السابقة عليه كانت كلها فلسفة سلبية. ولا يرى بذوراً للفلسفة الإيجابية إلا عند افلاطون في محاورة «طيماوس»، وفي الأفلاطونية المحدثة، وعند الثيوصوفيينولدى اسبينوزا.
شلنج
ما هي الفلسفة الإيجابية في نظر شلنج؟ إنها تنطوي على عدة امور، هي: إرادة الخروج من الذاتية إلى الموضوعية، وذلك ما قام به هوضد فشته بأن انشاً اولاً فلفة الطبيعة، ثم فلسفة الفن، حتى وصل إلى فلسفة الأساطير والوحي، ثم فلسفة التاريخ، كذلك تنطوي الفلسفة الإيجابية على إرادة الحرية، وعلى إرادة إيجاد دين جديد حق، دين فلسفي.
إن الفلسفة السلبية هي فلسفة ماهية، اما الفلسفة الإيجابية فهي فلسفة وجود. الفلسفة السلبية تتطلع إلى المثل الأعلى - أما الإيجاية فتطلع إلى الواقع. الفلسفة الإيجابية تعفى بالحرية، أما السلبية فتعنى بالضرورة.
والمبدأ الأول عند شلنج هو الهوية Identität المطلقة. والوجود الأول هو العقل، أي السوية التامة بين الذاتي والموضوعي وكل ما هو موجود هو في العقل. ولا شيء خارج العقل. ان العقل هو المطلق.
٢-سفة طبيعة:
والطبيعة هي إذن من نتاج العقل، وهي أول ما يتأمله. والطبيعة هي سلسلة تطورية ضرورية في تاريخ الشعور بالذات. ولهذا ينبغي ان تكون فلسفة الطبيعة جزءاً ضرورياً منالمثالية اصابة.
ومهمة فلسفة الطبيعة، في نظر شلنج، هي أن نستبط من مبادىء إمكان الطبيعة، أي مجموع العالم المؤسسة على التجربة.
والفكرة الأساسية التي تقوم عليها فلسفة الطبيعة عنده هي القول بوحدة الطبيعة والعقل وقد اعتمد في ذلك على كنت وليبنتن معاً. كنت من حيث فكرة الغائية، وليبنتس من حيث فكرة التدرج في الأشياء والتطور في نظام العالم.
وهذه الفكرة بدورها تقوم على ثلاثة معان رئيسية: ١) الغائية الباطنة في الطبيعة، أوالتنظيم،٢) حياةالطبيعة، أوالتطور، ٣) إمكان معرفة الطبيعة
والغائية الباطنة في الطبيعة تستند إلى وحدة الطبيعة والروح، والمادة والعقل. إذ لوفصلنا بينهما، فلا يمكن تصور غاية الطبيعة إلا على نحوين: اما بواسطة الانسجام بين عالمين مستقلين: عالم الطبيعة وعالم الروح، او أن ننقل إلى الطبيعة تصورنا للغائية. لكن الانسجام بين الطبيعة والروح ليس إلا تعبيراً آخر عن غائية الطبيعة. فهذا الانسجام إذن لا يفسر في شيء، بل هو الأمر الذي يحتاج إلى تفير. ونقلنا تصورنا
للغائية إلى الطبيعة يرغم الطبيعة على الوقوع تحت سلطان فكرة غريبة عنها، وبالتالي يرفع الطبيعة نفسها. ولهذا فإن السبب الوحيد للغائية هو وحدة الطبيعة والروح. إن الطبيعة والروح ليستا جوهرين مختلفين، بل هما جوهر احد.
ووحدة الطبيعة والروح (العقل) معناها هومبدأ التطرر المستمر للأشياء، ووحدة الطبيعة والعالم الشاملة.
والتعارض الأساسي في الطبيعة هو بين العضوي واللاعضوي. وشلنج في دراسته للطبيعة اللاعضوية، اهتم خصوصا ببيان وحدة القوى الفيزياثية، ووحدة القوة بوجه عام. ورأى في هذا البحث الغائية التي يجب أن تسعى الفيزياء إلى بلوغها.
أما في الطبيعة العضوية فنجد التقابل بين النبات والحيوان، بين انواع النبات بعضها وبعض، بين أنواع لحيوان بعضها وبعض. وحل هذه المتقابلات يقتضي القول بالتطور التدريجي المتواصل، ونشأة الأشكال العضوية من شكل أولي بطريقة طبيعية تدريجية. وكان شلنج تمن أكدوا - وبكل وضوح ولاسباب فلسفية - مبدأ التطور العضوي الذي اصبح فيا بعد أساسا للدارونية.
إن مبدأ وحدة الطبيعة يقتضي رفع التقابل بين المتقابلات الظاهرة في الطبيعة، واستخلاص الطبيعة العضوية والطبيعة اللاعضوية كلتيهما من مبدأ واحد. ولهذا فإن شلنج يرفض المذهب الحيوي اي النظرية القائلة بقوة الحياة، ويريد أن يفسر الحياة تفيراً فيزيائياً. ويؤكد أن السلسة المتدرجة لكل الكائنات العضوية قد تكونت تدريجياً خلال تطور نظام عضوي واحد.
ومذهب شلنج في فلسفة الطبيعة موزع بين مجموعة من الكتب والأبحاث الى ألفها في السنوات من ١٧٩٧ إلى ١٨٠٦ . لكنها لا تؤلف كلا متدرجاً او متصلا، بل ويكرر بعضها بعضاً احياناً ، وتتغاير اوجه النظر احياناً اخرى، بحيث لا تؤلف نظاماً مشيداً محكم البناء.
وكان عام ١٨٠١ فاصلا بين عهدين في فلسفة الطبيعة عند شلنج.
ويختلف كلا العهدين من حيث الروح العامة في مذهب فلسفة الطبيعة. فالعهد الأول يغلب فيه على فلسفة الطبيعة النزعة «الطبيعية»، والعهد الثافي تغلب عليه. النزعة الدينية»
شلنج
لكن كليهما معا يتم بنزعة وحدة الوجرد.
والسبب في هذا الاختلاف بين العهدين يرجع إلى الفارق في طريق التأسي: ففي العهد الأول وحد بين الطبيعة وبين الحياةالإلهية، وفي الثانيساد تجي عالم الصور الإلهي. في الأول كان اله بمثابة الطبيعة الطابعة(الفاطرة)، وفي اكافي الله هو المطلق، وهو إرادة تجلي ذاته بذاته. في العهد الأول كانت الطبيعة بمثابة حياة اشه وتطوره، وفي العهد الثاني عدل عن هذا التصور، لأنه يرى ان الله كائن ولين صائراً، ولهذا نظر إلى الظبيعة على انها تجلي الله، وصيرورة معرفة الشه، وعيان الله، الذي تتحد فيه كل العلوم، وتجتمع فيه الفلسفة مع الدين والفن، وتكتمل فيه حياة العالم الروحي. ولما كان نظام العالم صورة من عالم الصور، فلا بد ان يكون عالم الصور.
والفلسفة الطبيعية الحقة، التي تجمع بين العلم والدين والفن، وحدة ورابطة بين الأرواح والصورة الصادقة لوحدة العالم الروحية وصار شلنج ينظر إلى التطورعلى انه طور مراد منذ الأزل، وان وحدته وانسجامه هما منذ الأزل، وأن ثمت انسجاماً ازليان
٣-الفلسفة المتعالية:
الطبيعة» هي مجموع ما هو موضرعي» في معارفنا. و«الأنا» أو «العقل» هو مجموع ما هو اذاني، فيها. وكلتا الفكرتين متعارضة مع لأخرى. فالعقل ينظر إليهعلى انه هوما يمتيل، والطبيعة على انها ما يعتثل. والأول ينظر إليم على انه الوعي، والثافيعلىاها مااوعي له. ولكنكلمعرفة تقتضي تداخلا بين الوعي واللاوعي. وكل معرفة تقوم على اتفاق بين الذاقي والموضوعي، لأنا لا نعرف غير الحق، والحق يقوم على الاتفاق بين الامتثالات وبين موضوعاتها.
ونحن في المعرفة بين امرين: (أ) فإما أن نعطي الأولوية للموضرعي على الذاتي - وهذا ما تفعله فلسفة الطبيعة، (ب) أو نعطي الأولوية للذاقي على الموضوعي، وهذا ما تفعله الفلسغة المتعالية عا1110300م2052242121]1. وهما متعارضان من حيث المبادىء والاتجاهات، ولكنهما مع ذلك يسعيان للتلاقي والاستكمال أي أن يكملكل منهما الآخر.
ولما كانت الفلسفة المتعالية تعطي الأولوية للذافي وترى فيه الأساس الوحيد لكل حقيقة واقعية، والمبدا الوحيد لتفير الكل، فإنها ينبغي أن تبدأ بالشك العام في حقيقة ما هو مرضرعي.
وكما ان فلسفة الطبيعة تسعى بكل وسيلة لنع تدخل الذاتي في معارنها، كذلك الفلسفة المتعالية لا تخثى شيثاً قدر خشيتها من نفوذ الموضرعي في المبدأ الذاي الخالص الخاص بمعارفها هي. والسبيل إلى إبعاد المرضوعي عو الشك المطلق ليس فقط فيها يتعلق بالأحكام السابقة الشائعة بين الاس الذين لا يمضون إلى اعماق الأشياء، بل وأيفاً الشك في الحكم الابق الأساسي الذي يسند سائر الأحكام السابقة Vorurteile والذي يجر القضاء عليه إلى القضاء على ساثرها.
والحكم السابق الأساسي الذي تستند إليه سائر اأحكام السابقة هو الذي يزعم انه توجد اشياء خارجاً عنا, وهوحكم سابق لا يتند إلى أي سبب أو برعان، إذ لا يوجد دليل عليه لا يقبل التفنيد. ولكنه أيضاً لا يفند ببرهان مضاد.
والفلسفة المتعالية تختلف عن المعرفة العادية في نقطتين:
اأولى: المعرفة المتعالية ترى ان اليقين المتعلق بوجود الأشياء الخارجية هو مجرد حكم سابق بسيط تحاول هي ان تتجاوزه للكثف عن اسباب ه. فالفيلسوف المتعالي سعى،لا إلى البرهنة على وجود الأشياء، ل فقط اى بيان أنه بفضل حكم سابق طبيعي وضروري نحن نعلم بواقعية الأمور الخارجية.
الثانية: المعرفة المتعالية تفصل بين القضيتين التاليتين وهما:«أناموجود»، انم اشياءخارجاًعناء، اللتين تختلطان في الشعور المعتاد. وذلك من اجل بيان هويتهما ورابعطتهما المباشرتين اللتين لا توجدان في الشعور المعتاد إلاعلىهيئة عاطفة. وهذا الفصل، حين يكون كاملا، يؤلف شروط طريقة النظر المتعالية التي ليست ابداً طبيعية، بل صناعية فقط.
ولما كان الذاقي هو وحده الذي له حقيقة مباشرة عند الفيلسوف المتعالي فإن الذاتي هو الذي سيكون الموضرع المباشر لمعرفته. أما الموضوعي فلن يجعل منه إلا موضوعا غيرمباشر-وبينما في المعرفة العادية يختفي فعل المعرفة امام الموضوع، فإنه في المعرفة المتعالية الموضوع، بما هو موضوع يختفي امام فعل المعرفة. إن المعرفة المتعالية ليست إذن معرفة المعرفة، بقدر ما هي ذاية خالصة.
وتتلخص مميزات الفلسفة المتعالية فيما يلي:
١ - انموضوعهاهو الذاتي وحده. .
٢ - المعرفة المتعالية هي «علم العلم» والفكر المتعالي هو تصور التصور».
شلنج
٢٩
٣- ان الذات تفعل وتدرك نفسها في هذا الفعل.
٤ - الفلسفة المتعالية ينبغي عليها الا تدع الفعل يختفي في الموضوع، بل عليها ان تجعل فعلها نفسه موضوعاً.
٥ - ونظراً إلى هذا الازدواج المستمر بين العمل والفكر، فإن تطور الفلسفة المتعالية هو تاريخ مستمر للوعي الذاتي.
٦ - وهذا التطور يتم على ثلاث مراحل: والمرحلتان الأولى والثانية تتحددان باليقين النظري والعملي. ولما كان اليقين النظري يتحقق باتفاق الامتثالات مع الموضوعات، ويمكن بذلك تأسيس ,إمكان التجربة» فإن اليقين العملي يقتضي «إمكان كل فعلحر».
ولهذا ينبغي حل هذا النزاع بين الفلسفة النظرية والفلسفة العملية في مرحلة ثالثة، وجهذا تتحدد المهمة العليا للفلسفة المتعالية.
ومهمة المثالية المتعالية هي ان تبين كيف أن العفل يبلغ الموضوعات التي يتوافق وإياها. وهذا التوافق مزدوج لأن صلة الامتثالات بالموضوعات (الأشياء) اما ان تكون صلة النسخ بالأصل، أو صلة الأصل بالنسخ. وفي الحالة الأولى تكون الامتثالات وفقاً للاشياء، وفي الحالة الثانية يكون الأمر بالعك.
ومهمة الفلسفة المتعالية أن تفسر هذين النوعين من التوافق.
ولهذا تنقم الى نوعين : فلسفة نظرية، وفلسفة عملية.
والمشكلة الرئيسية في الفلسفة النظرية هي تفسير «مثالية الإطارات» التيفي العقل.
والمهمة العليا للفلسفة العلمية هي الوصول إلى تصور التاريخ. فكما ان فلسفة الطبيعة تتأمل تطور الطبيعة، كذلك الفلسفة العملية تتأمل التطور التاريخي للحرية الإنسانية. وكما تسلك الفلسفة النظرية مع الطبيعة، كذلك تسلك الفلسفة العملية مع التاريخ.
٤ لسف تاريخ:
ويرى شلنج ان التاريخ ليس موضوعاً نظرياً، ولا يوجد - بالمعفى المحدود الدقيق - نظرية في التاريخ، لأن النظرية لا تكون مكنة إلا بالنسبة إلى موضوعات يمكن خضوعها لقانون، بحيث يمكن مقدماً ووفقاً لهذا القانون، ان تتنبأ بمجرى
الأحداث، كما تتنبأ بالظواهر الفلكية من كسوف وخسوف. ولكن مثل هذه القانونية مفقودة في التاريخ. ودعوى وجود قانون بمقتضاه يسير التاريخ هي دعوى يدحضها أدن تأمل في مجرى التاريخ. والسبب في هذا أن الحرية، لا الضرورة، هي التي تود في التاريخ. ولهذا يقول شلنج ان الهوى هورب التاريخ» . ولكن التاريخ موضوعاً للفلسفة لا بد له الا يكون العوبة في يد الهوى، بل لا بد أن تجمع بين القانونية والهوى. فهل هذا الجمع موجود، وبالتالي هل يمكن ايجاد فلسفة للتاريخ؟
إن التطورفي التاريخ يختلف عن التطورفي الطبيعة من حيث أن الأول ليست له مراحل ثابتة، ولا يصل إلى هدف نهائي، بل هويمضي الى غيرنهاية. إنه في تقدم متواصل. الأفراد والأجيال تمضي وتتغير، ولكن النوع الإنساني باق، وهو الذي يتقدم ويتخذ من كل مرحلة تكأة للارتفاع إلى مرحلة اعلى. فالنوع هو الذي يتقدم قدماً في تواصل الأجيال، واللاحق يقوم على السابق، ويتسلم نتائج أفعاله ويجعل منها سنة وتقاليد. فالتاريخ يتميزبالتقدم، وبكون النوع هوالذي يقوم على استمرار هذا التقدم.
لكنهذا التقدملا يعفي استمرار اكتمال الإنسان إلىغير نهاية - فهذا امر لا نستطيع ان نقرره.
ويرى يلتج ان المميز للتقدم في التاريخ هو الاقتراب شيئاً فشيئاً من دستور واحد ونظام قانوني واحد للعالم بأسره. يقول: إن النشوء التدريجي لدستورعالمي هوالأساس الأوحد للتاريخ، والموضوع الحق الوحيد للتاريخ» («مذهب لمثالية المتعالية، ص ٩ه).
وموضوع التاريخ هو الحرية التي تريد ان تكون مؤمنة عن طريق النظام بحيث يظل راسخاً رسوخ الطبيعة . وبدون هذا التأمين تكون الحرية مزعزعة. ولا ضمان للحرية إلا بالقانون العام.
وكلما تقدم التطور، اتضح التوفيق يين القانونية والحرية، وصارت الحرية أكثر سيراً بمقتضى القانون، وصار عالم الإنسان اكثر نظاماً وقلت الانحرافات والاضطرابات الناشئة عن الأهواء الفردية.
والوعي الانسافي يقف من تجلي القوة الإلهية في العالم ثلانة مواقف. فهو اما أن يؤكد هذه القوة في الطبيعة والعالم الموضوعي ويجعل الإلهي مساوياً للقدر-وهذا موقف الجبرية -
شكج
أو ينكر هذه القوة العليا، على أساس شعوره بحريته الذاتية وأهوائه، فلا يرى غير الصدفة والبخت- وهذا موقف الإلحاد. ولكن كلا الموقفين - في نظر شلنج - فاسد، وكلاهما ناشى ء عن تفكير واحد محدود. والموقف الصحيح في نظره هو الموقف الثالث الجامع بين الأضداد والذي يرى في الإتهي الهوية بين الضرورة والحرية، ويعترف بوجود قوة تكشف عن تطور منظم وفق خطة لهذا العالم. فالمطلق عندها ليس هو القدر او المصير، بل هو العناية. وهذا موقف الدين. وفي التاريخ، بوصفه التجلي التدريجي للذات الإلهية يمكن أن يميز ثلاثة عصور: في الأول يسود القدر، وفي الثاني يسود القانون، وفي الثالث تسود العناية. وسيادة القدر أسيانة، وسيادة القانون الية، وسيادة العناية دينية. وينتسب إلى العصر الأسياني عالم الحضارة القديمة، واهيار تلك الامبراطوريات العظيمة التي بقيت آثارها وأطلالها. وعصر سيادة القانون الآلية يبدأ باتساع الامبراطورية الرومانية. وفي العصر الثالث ستتضح العناية كقوة سائدة ٠ متى يبدأ هذا العصر الثالث ؟ هذا أمر لا نعلمه. ولكن حين يأتي هذا العصر، يكون ثم الله ايضاً.
٥ - مذهب الهوية المطلق :
يرى شلتج أن الجرهر الأعمق للأشياء هو الراحد. وهذا الواحد الكل هو المعرفة. وهذه هي الفكرة الأساسية في مذهب شلنج. فان سميت وحدة الأشياء هوية، فإن المذهب الفلسفي سيكون «مذهب الهوية المطلق» ، وان سمي القول بأن كل الأشياء تصدر عن المعرفة : مثالية، فقد تقررت المثالية المطلقة .
ولكن الواحد يقوم في المعرفة، وفي المعرفة الذاتية على وجه أدق. وخارجها لا يوجد شيء قابل لأن يعرف. ولهذا ينتهي إلى القول بأن العقل Vernunft هو والهوية المطلقة والمطلق شيء واحد وان العقل ينظمكل شيء، وهوا لكل الدائم، او الكون. والمعرفة الذاتية هي تعبيره الضروري وصورته. والهوية المطلقة ليست فقط ماهيته، بل هي صورته وقانونه. إن المطلق واحد أحد، ماهية واحدة هى هى عينها. ولهذا ينعته احياناً بقوله إنه هوية الهوية Identität der Identität,
والأشياء تكون سلسلة من القوى، أساسها الثابت هو الهوية المطلقة في وقت معاً وفي مجموعها. وكل شيء يعبر عن الشمول Totalität. وهذا هو ما ينعته شلنج باسم «الكلية النسبية» في مقابل «الكلية المطلقة» التي تؤلف مجموع القوى.
والخلاصة هي أن الكون في جوهره عقل ومعرفة وعلم
ذاتي، وهو من حيث الصورة علم ذاي حي، وتطور ذاني للعقل. وأساس العالم هو العقل.
وشلنج ينظر إلى العالم على أنه عمل فني إلهي، وكان في هذا متأثرا بجوردانو برونو (١٥٤٨-١٦٠٠). وقد الف شلنج محاورة بعنوان «برونو» تدور حول وحدة العالم. وخلاصة الحوار الجاري فيهاهي أن المعرفة الحقة هي المعرفة المستقلة عن الزمان، أي تلك التي تكون موضوعاتها أزلية أبدية، ثابتة، مساوية لنفسها، غير خاضعة لتغير زماني ولا لقانون الآلية. وهذه صفات لا تنطبق إلآ على التصورات الأزلية الأبدية، اي المثل 0عل1، بالمعفى الأفلاطوني. فهي الموجودات حقا، الفعالة حقا، وما عداها ظواهر. ان الصور هي النماذج السرمدية، وما الظواهر إلا نسخ عنها وهذه النماذج هي موضوعات المعرفة الحقة. ولهذا فإن الحق والجمال شيء واحد بالضرورة، لأن الجمال منشؤه التطابق بين الأشياء المحاكية وبين النماذج (الصور) التي تحاكيها هذه الأشياء.
مؤلفاته
.1795 ,ع9111050011 Vom Ich als Prinzip der— .1,1797 ,Ideen zu einer Philosophie der Natur —
.1798 ,1 Weltseeleع0 ٧01 —
,Erster Entwurf eines SystemsderNatur Philosophie —
.1797
.1800 ,505٤21 des tranzendentalen Idealismus — natürliche und göttliche Prinzip ىه0 1عت Bruno, oder —
.1802 ,der Dinge
.1804 ,Philosophie und Religion — 1ع0 Philosophische Untersuchung über 025 Wesen —
.18099 ,menschlichen’F reiheit
,1 Mythologieل 11 Einleitung —
وقد نشر ابنه مجموع مؤلفاته في اشتوتجرت وأوجسبرج بين سنة ١٨٥٦ وسنة ١٨٦١ في قسمين الأول في عشرة مجلدات، والثاني في أربعة مجلدات. والأول يشمل ما نشر إبان حياة أبيه.