عنق زجاجة سكانية
عنق الزجاجة السكانية هي ظاهرة يَنخفض فيها الحجم السكانيّ لمجموعة من البشر أو الحيوانات بشكل كبير. ويُمكن أن تسبب حدوث هذه الظاهرة عدة عوامل، مثل الكوارث الطبيعية والصيد حتى الانقراض وتدمير المواطن الطبيعية الذي يُسبب موت المخلوقات التي تعيش فيها.
تتسبب ظاهرة عنق الزجاجة السكانية بانحدار في البرك الوراثية للسكان، وذلك بسبب أن الأليلات أو التميز الجينيّ الذي كان موجوداً عند السكان الأصليين قد اختفى الآن. وبسبب هذا كله، فإن السكان الذين يَبقون بعد عنق الزجاجة يَملكون مستوى منخفضاً جداً من التنوع الوراثي، الذي يَعني أن السكان ككل[١] يَملكون مُميزات وارثية قليلة. وهذا بدوره يَجعل السكان غير قادرين على التكيف مع حدوث أي تغير بيئيّ من حولهم، مثل تغير المناخ أو نضوب الموارد المتاحة.[٢]
بعد ظاهرة عنق الزجاجة السكانية يُواجه السكان الباقون مستوى أعلى من الانحراف الوراثي، وهو عبارة عن تقلبات عشوائية في وُجود الأليلات عند السكان. عند السكان صغيري العدد، تواجه الأليلات نادرة الظهور فرصة أكبر بالزوال، مما يَحد أكثر من وُجودِ البرك الوراثية. ويُمكن نتيجة لفقدان التميز الجينيّ أن يُصبح السكان الجدد متميّزين جينياً عن السكان الأصليين، والذي يَقون بدوره إلى فرضية أن عنق الزجاجة السكانية يُمكنها إنتاج أنواع جديدة.[١]
أمثلة
البشر
افترض الأحيائيّ التطوري ريتشارد دوكنز بأن البشر متقدري الحمض النووي (يَرثونه من أمهماتهم فقط) وذوي الصبغيات واي (التي يَرثونها من أبائهم) يُظهرون توحداً حدث على التوالي قبل ما يَتراوح من 140,000 إلى 60,000 عام. أو بمعنى آخر، فإن جميع البشر الحيّين من الخط السلفي الأنثوي انحدروا في الواقع من أنثى واحدة (حواء) قبل حوالي 140,000. وحتى في الخط الذكري، فيُمكن أن يَعود جميع البشر منه إلى سلف واحد (آدم) انحدروا منه قبل حوالي 60,000 إلى 90,000 عام.[٣]
وهذا متوافق مع نظرية كارثة توبا التي تشير إلى أنه ظهرت عنق زجاجة للسكان البشريين قبل 70,000 عام، وتقترح أن عددهم ربما تناقص نتيجة لذلك إلى 15,000 شخص[٤] عندما ثار بركان بحيرة توبا العظيم في أندونيسيا وأحدث تغيرات بيئية حادة في الكوكب بأكمله. وهذه النظرية مبنية على دليل جيولوجيّ يُظهر حدوث تغيرات مناخية سريعة في تلك الفترة، بالإضافة إلى دلائل توحدية لبعض المورثات (بما في ذلك الحمض النووي المتقدريّ وصبغيات-واي وبعض المورثات النووية)،[٥] علاوة على المستوى المنخفض نسبياً للتميز الوراثيّ بين البشر.[٤]
لكن مع هذا، فإن هذا التوحد متوقع وراثياً ولا يَدل بحد ذاته على وُجود عنق زجاجة سكانية، وذلك لأن الحمض النووي المتقدريّ وحمض صبغيات-واي النووي ليسا إلا جزءاً صغيراً من الجينوم الكامل، وهما شاذان بأنهما لا يُتوارثان إلا عبر الأمهات أو عبر الآباء دون الانتقال من جنس إلى آخر. تتوارث معظم المورثات في الجينوم إما من الأب أو الأم، وهكذا فيُمكنها أن تعود إلى أزمنة طويلة في الخط السلفي الذكري أو الأنثوي.[٦] وعلاوة على ذلاك، فقد توصلت البحوث التي أقيمت حول العديد من المورثات إلى تواريخٍ مختلفة للتوحد تتراوح مما يَعود حتى مليوني عام إلى 60,000 عام، وهذا يَدحض وُجود أعناق زجاجية أحدث من ذلك.[٤][٧]
لكن من جهة أخرى، فقد وَضعت ورقة "الأحياء الجزيئية والبيئة" - المنشورة عام 2000 - في الحساب نموذجاً انتقالياً أو "عنقاً زجاجية طويلة" لتميز وراثيّ محدود، بدلاً من تغير بيئيّ كارثيّ.[٨] ويُمكن لهذا أن يَكون متوافقاً مع الاعتقادات التي تشير إلى أنه من المُحتمل أن عدد السكان في المناطق المجاورة للصحراء الكبرى انخفض إلى 2,000 فرد فقط لما يَزيد عن 100,000 عام، وذلك قبل أن تبدأ أعدادهم بالارتفاع مُجدداً في العصر الحجريّ المتأخر.[٩]
حيوانات أخرى
واجه البسون الأوروبي الانقراض خلال أوائل القرن العشرين بعد صيده بأعداد هائلة خلال القرن التاسع عشر. وقد تكاثرت جميع الحيوانات الحية منه اليوم من 12 بيسون أوروبي فقط نجوا من الانقراض، والأفراد الحيّون منه اليوم يَملكون تنوعاً وراثياً منخفضاً جداً يُمكن أن يَبدأ بالتأثير على القدرة التكاثرية لدى الذكور. وقد واجهت أعداد البيسون الأمريكي هو الآخر شبه الانقراض في وقت مشابه بسبب الصيد أيضاً، فقد وصلت إلى أقل من 1,000 رأس في نهاية القرن التاسع عشر، ثم عادت للتعافي وارتفعت إلى أكثر من 200,000 بحلول القرن الحاليّ.
من الأمثلة الأخرى على الأعناق الزجاجية السكانية عند الحيوانات فقمة الفيل الشمالية، التي انحدرت أعدادها إلى 30 فرد فقط في تسعينيات القرن التاسع عشر، وذلك مع أن أعدادها الآن عادت للتعافي والارتفاع إلى مئات الآلاف. من الأمثلة الأخرى أيضاً سنوريات الفهود التي ترتبط بقرابة قوية مع بعضها لدرجة أن أن تطعيم جلد فهد على آخر لا يَستحث جهازه المناعيّ،[١٠][١١][١٢] وهكذا فيُعتقد أنها واجهت أعناقاً زجاجية سكانية شديدة الأثر في الماضي. ويُوجد أيضاً حيوان الهامستر الذهبي، الذي انحدر معظم أفراده الحاليون من مجموعة صغيرة عثر عليها في صحراء سوريا عام 1930.
هبطت أيضاً أعداد ظبي سايغا بنبسة تتجاوز 95% من حوالي مليون في عام 1990 إلى أقل من 30,000 في عام 2004، وهذا يَعود بشكل رئيسيّ إلى صيده من أجل استخدامه في الطب الصينيّ التقليديّ.[١٣] حسب ورقة نشرت عام 2002، فيُظهر جينوم حيوانات الباندا العملاقة دليلاً على تعرضها لظاهرة عنق زجاجة سكانية قبل حوالي 43,000 عام.[١٤]
المراجع
- ^ أ ب تعريف عنق الزجاجة السكانية. تاريخ الولوج 18-01-2011.
- ^ الأعناق الزجاجية السكانية وتأثير المؤسس. تاريخ الولوج 18-01-2011.
- ^ Dawkins, Richard (2004). The Ancestor's Tale, A Pilgrimage to the Dawn of Life. Boston: Houghton Mifflin Company. ISBN 0297825038. ISBN.
- ^ أ ب ت Dawkins, Richard (2004). "The Grasshopper's Tale". The Ancestor's Tale, A Pilgrimage to the Dawn of Life. Boston: Houghton Mifflin Company. pp. 416. ISBN 0297825038. ISBN.
- ^ Late Pleistocene human population bottlenecks, volcanic winter, and differentiation of modern humans by Stanley H. Ambrose
- ^ See the chapter All Africa and her progenies in Dawkins, Richard (1995). River Out of Eden. New York: Basic Books. ISBN 0465016065. ISBN.
- ^ 'Templeton tree' showing coalescence points of different genes
- ^ Population Bottlenecks and Pleistocene Human Evolution
- ^ BBC news : Human line 'nearly split in two'
- ^ البيسون الأمريكي: روح وطن. تاريخ الولوج 01-01-2011.
- ^ الوضع الحالي لثيران البيسون. اتحاد البيسون الوطني. تاريخ الولوج 05-01-2011.
- ^ HowStuffWorks "The Endangered Cheetah"
- ^ The saiga saga
- ^ Zhang, Ya-ping, et al. (2002). "Genetic diversity and conservation of endangered animal species" (PDF). Pure Appl. Chem. 74 (Vol. 74, No. 4): 575. doi: .
|
be:Эфект бутэлечнага рыльца bg:Гърло на бутилка ca:Coll d'ampolla (biologia) cs:Efekt hrdla lahve de:Genetischer Flaschenhals Population bottleneck]] es:Cuello de botella (biología) et:Populatsiooni pudelikael fa:گلوگاه جمعیت fi:Pullonkaulailmiö id:Leher botol populasi ja:ボトルネック効果 ko:개체군 병목현상 lt:Butelio kaklelio efektas pl:Efekt wąskiego gardła pt:Efeito de gargalo ro:Efectul „gâtului de sticlă” ru:Эффект бутылочного горлышка sv:Flaskhalseffekten uk:Ефект пляшкового горла zh:种群瓶颈