شتات

الشتات (بالإنجليزية: Diaspora من اليونانية διασπορά) مصطلح يعنى انتشار الناس فى شتى أنحاء العالم، كما يطلق على أماكن تواجد شعوب مهاجرة من أوطانها في مناطق مختلفة من العالم ليصبحوا مشتتين فيها كمجموعات متباعدة، ويتفاعلون فيما بينهم بمختلف الوسائل للتنسيق لمحاولة العودة إلى أوطانهم. ومن الأمثلة على شعوب تعيش في الشتات:

تاريخ المصطلح

أول من استخدم هذا الاصطلاح بمسماه الغربي كان الاغريق ولكنهم عَبّروا به عن أبنائهم الذين ذهبوا ليستعمروا البلاد التي فتحوها وسيطروا عليها. ولكن العهد القديم استخدم هذه المصطلح للإشارة إلى اليهود الذين تبعثروا نتيجة الأسر البابلي بعد أن سباهم نبوخذ نصر. وفى العصر الحديث يُستخدم أيضاً للإشارة إلى اليهود الذين يعيشون خارج فلسطين، وبعد قيام اسرائيل، الذين يعيشون خارجها. أما اليوم فقد اتسع استخدام المصطلح للإشارة إلى أى موقف ينتشر فيه جماعة من المهاجرين على نطاق مكانى واسع.

دراسات الشتات

شهدت السنوات الأخيرة من عقد الثمانينيات والأولى من عقد التسعينيات أن تحولت دراسات الشتات للخبرات والجماعات المهاجرة عبر العالم إلى نوع من النقد المواعى لدراسات علم الاجتماع السابقة عن الهجرات الدولية. ويعكس هذا التغيير فى المصطلحات المستخدمة تحولا أوسع نطاقا تجاه قضية العولمة كموضوع مهم فى ميدان الماكرو سوسيولوجيا (الدراسة السوسيولوجية للوحدات الكبرى)، وإن كان يمكن القول أيضاً أن نظريات ما بعد الحداثة وما بعد البنيوية قد أثرت هى الأخرى تأثيراً واضحاً فى احداث هذا التحول ويذهب دعاة هذه النظرة الجديدة إلى آن التيسيرات والتحسينات التى طرأت على وسانل النقل (مثل رخص أسعار السفر بالطائرات) ووساتل الاتصال (البريد الالكترونى، وتلفزيون الأقمار الصناعية، والانترنت) قد مكنت جماعات الشتات المبعثرة فى كافة أرجاء الأرض من آن تحافظ على هوياتها المتميزة، وعلى أساليب حياتها، والعلاقات الاقتصادية الخاصة بها. وهكذا حلت محل القومية ذات الحدود المكانية الصارمة، والتى تسم كل دولة من دول العالم المعاصر، حلت سلسلة من الحدود المتغيرة والمتتاز ع عليها. و استطاعت دراسات الشتات أن تفرز قدرا وفيرا من المصطلحات والمفاهيم الجديدة (من قبيل : المجتمعات المتخيلة"، و "الفضاثيات الإثنية العالمية"، و"بوتقة الصهر السابقة على الهجرة" وغيرها). وتصف تلك المصطلحات تلك المؤثرات الدولية (العابرة للقوميات)، والشبكات الاجتماعية والجماعات محل الدراسة، وبذلك تحل محل المصطلحات المتقليدية التى كانت تستخدم عادة فى دراسات الهجرة وتمثل ثقافات المجتمعات الجديدة. ومن الدراسات التى تعبر أفضل تعبير عن هذا الاتجاه الكتاب الذى ألفه بول جيلروى بعنوان : الأطلنطى الأسود، الذى صدر عام 1993، والكتاب الذى أصدره نانسى آبلمان وجون لى بعنوان الأحلام التعيسة: الأمريكيون من أصل كورى و أحداث شغب لوس أنجلوس، الصادر عام 1955.

ويذهب المتحمسون لدراسات الشتات الجديدة إلى أنها تستطيع حل وتفسير التعقيد، والتنوع، والسيولة التى تتسم بها هويات المهاجرين وخبراتهم، وأنها قادرة على تحقيق ذلك باسلوب واقعى يفضل الأسلوب الذى كانت تتبعه نظريات ونماذج الهجرة الدولية القديمة ذات الطبيعة الميكانيكية. وهى النظريات والنماذج التى كانت — فى رأى هذا الفريق - تؤكد على حدوث تدفق المهاجرين وحدوث التأثيرات فى اتجاه واحد فقط، وعلى اقتلاع المهاجرين من مجتمعاتهم وثقافاتهم الأصلية فى بلد المنشا، وعلى التمثل بفعل نظرية وعاء الصهر وتبنى ثقافة مجتمع المهجر.

فى مقابل هذا يذهب نقاد دراسات الشتات إلى أتها خلقت كما هائلا من المصطلحات الجديدة قليلة القيمة، والعناصر النظرية العويصة والمبهمة، فضلا عن تجاهلها الواضح لقيمة الآرقام والتعميمات، وكذلك ميلها الى تجاهل الدراسات السوسيولوجية السابقة لموضوع الهجرة، خاصة حيث تسجل تلك الدراسات السوسيولوجية أبنية معقدة للفرص و الشبكات الاجتماعية للمهاجرين على نحو يدل مسبقا أو ينبى سلفا بدراسات الشتات الجديدة ذاتها. كما قيل أيضا أن دراسات الشتات الجديدة قد أغفلت -على نحو لا مبرر له - المؤثرات الاقتصادية والسياسية البنانية فى الهجرة. ومن المؤكد أن الكثير من تلك الدراسات يعتمد فى المقام الأول على الحكايات الشخصية التى يرويها آفراد من المهاجرين، وأنها تولى المحل الأول من اهتمامها دراسسة وتسجيل الثقافة الشائعة لمجتمع مهاجرى الشتات.

انظر أيضاً