رامون لول
رامون لول (Ramon Llull) هو فيلسوف كتالوني، من أسرة ميسورة الحال. أولع بالشعر، ثم انضم إلى رهبنة الفرنسيسكان. انكب على دراسة اللغة العربية والثقافة الإسلامية، قاصداً دعوة المسلمين إلى المسيحية. سافر من أجل ذلك إلى شمال إفريقية غير مرة، ولقي حتفه هناك. حاضر في باريس، ومر بمونبلييه ومايورقا. حاول في مؤلفاته، وخاصة «الفن الأكبر»، أن يدافع عن المسيحية ضد الإسلام وضد فلسفة ابن رشد. كان ذا نزعة صوفية عميقة، وله منهج رمزي دقيق.
قديس أو زنديق
حدث جدل واسع في الكنيسة منذ ظهور الكتابات الأولى لرامون لول بشأن ما إذا كان قديساً أو زنديقاً. قام لول بعملية تقديس علنية في الفاتيكان في عهد فيليب الثاني، وكان الملك فيليب نفسه أحد داعمي هذه العملية، إذ كان الملك الإسباني مغرماً بأعمال لول واستخدم جزءاً منها في إنشاء دير إسكوريال. اعتبر لول زنديقاً قبل ذلك من قبل معظم رجال الدين في الفاتيكان، واستمر الجدل بشأن لول والملك فيليب الثاني في روما بعد ذلك لفترة طويلة. حُظرت أعمال لول من قبل محاكم التفتيش الإسبانية في عهد الملك فيليب، لأنها اعتبرت غير مفهومة وواضحة، وعلى الرغم من ذلك فقد احتُفظ بنسخ من أعماله بأمان في مكتبة إسكوريال وقرأها العلماء الإسبان المؤيدون لوجهات نظر لول.
يُكرم رامون لول كشهيد ضمن الرهبنة الفرنسيسكانية، وقد طُوِّب قديساً في عام 1847 على يد البابا بيوس التاسع، ويعتبر يوم ميلاده في 30 يونيو عيداً من أعياد القديسين.
سيرة شخصية
حياته المبكرة وأسرته
ولد رامون لول لعائلة ثرية في بالما عاصمة مملكة مايوركا. أسس جيمس الأول ملك أراغون مملكة مايوركا لدمج الأراضي التي غزاها مؤخراً في جزر البليار (جزء من إسبانيا اليوم) ضمن تاج أراغون. كان والدا لول قد قدما من كاتالونيا كجزء من الجهود المبذولة لاستعمار الجزيرة. وبما أن الجزيرة احتُلت عسكرياً، فقد استُعبد السكان المسلمون الذين لم يتمكنوا من الفرار من المسيحيين المحتلين، على الرغم من أنهم كانوا يشكلون جزءاً كبيراً من سكان الجزيرة. تزوج لول من بلانكا بيكانا في عام 1257، ورزق منها بولدين: دومينيك وماجدالينا، وعلى الرغم من أنه شكل عائلة إلا أنه عاش ما أسماه لاحقاً حياة مهدرة. عمل لول كمدرس لجيمس الثاني ملك أراغون، وأصبح فيما بعد سينيسكال (الرئيس الإداري للأسرة المالكة) للملك المستقبلي جيمس الثاني ملك مايوركا، وهو أحد أقارب زوجته.
عمله التبشيري
حث لول الأوربيين على دراسة اللغة العربية وغيرها من اللغات التي لم تدرَّس بشكل كافٍ في أوروبا، وتركزت أغلب أعماله حول تحويل المسلمين والمسيحيين المنشقين إلى الديانة المسيحية. سافر عبر أوروبا للقاء الباباوات والملوك والأمراء محاولاً إنشاء كليات خاصة لإعداد المبشرين المستقبليين، وفي عام 1276 أُسست مدرسة لغات للمبشرين الفرنسيين في ميرامار بتمويل من ملك مايوركا. سافر رامون لول إلى تونس حوالي عام 1291، وقام بعمليات تبشير للمسلمين هناك، بالإضافة لمناظرات فلسفية عديدة مع العلماء المسلمين، وبعد إقامة قصيرة في باريس عاد إلى الشرق مرة أخرى كمبشر. سافر لول إلى تونس للمرة الثانية عام 1304، وكتب العديد من الرسائل إلى ملك تونس، ولكن لا يُعرف سوى القليل عن هذا الجزء من حياته.
أكد لول في عام 1308 أن تحويل المسلمين للمسيحية يجب أن يكون عبر الدعوة لا بالقوة العسكرية، وقد حقق هدفه أخيراً في تعليم اللغات في الجامعات الكبرى في عام 1311، عندما أمر مجمع فيينا بإنشاء كراسي لتدريس العبرية والعربية والكلدانية (الآرامية) في جامعات بولونيا وأكسفورد وباريس وسلامنكا وفي المحكمة البابوية أيضاً.
لول (رامون)
مفكر مسيحي اسباني.
ولد في بلمادي ميورقة ( بجزيرة ميورقة) إما في نهاية سنة ١٢٣٢ أو بداية سنة ١٢٣٣. وكان الابن الوحيد لأسرة نبيلة. واشترك ابوه في غزو ميورقة الذي قام به دون خومه الأول Don Jaume I وحصل من ذلك على عمتلكات وتشريفات ، الأمر الذي جعله يستقر في هذه الجزيرة , وصار انه غلاماً Paje عند الملك دون خومه الأول ، وهو في الرابعة عشرة من عمره . كذلك عين ، وهو شاب صغير، مربياً لابن الملك الذي صار منذ سنة ١٢٥٦ ولياً للعهد وحاكماً على ميورقة. ولما بلغ رامون لول العشرين منح لقب رئي القصر وجنرالاً لدى ولي العهد هذا . وفي سنة ١٢٥٧ تزوج من بلانكا بيكاني، فأثمر زواجها ولدا وبنتا . على كل حال عاش رامون لول عيشة الترف والفخفخة وانتهاب اللذات .
لكنه بعد ان بلغ الثلائين حدث له , تحول » ديفي حاسم ، بعد أن تجلى له يوع المسيح مصلوباً خمس مرات ، مما دعاه إلى ترك حياة الترف والثهوات ، والانصراف إلى الزهد، والصلوات. وانتهىبه الأمر إلى العزم على إمضاء بقية حياته في تحويل غير المسيحيين إلى المسيحية ، وخصوصا المسلمين . وفي سبيل ذلك عزم على تالبف كتب يرة فيها على الاسلام توطة للتبشير بالمسيحية بين المسلمين . ثم باع جزءا من متلكاته وقام بالحج إلى روكا مادور وسنتياجودي كمبوستيلا ( شنت يعقوب في كتب الجغرافيا العربية ) .
وبعد عودته من الحج بدأ دراساته الفلسفية واللغوية واللاهوتية ، في المدة من سة١٢٦٥ إلى ١٢٧٤ .
ولما بلغ الأربعين من عمره اعتزل في جبل رندا ( على
٣٨٢
لول(رامون)
مسافة ٣٠ كم من بلمادي ميورقة)، وانصرف إلى حياة التأمل . ومن هناك رحل إلى ديريذعى ه1 عل Monasterio Real ، وفيه كتب ، من بين كتبه الأخرى ، « كتاب التأمل في ال لماع0 Libre de Contemplacic en
ودعاه ولي العهد للحضور إلى مدينة مونبلييه ( جنوبي فرنسا )، وهناك ألف كتابه : « فن البرهان» -Art demostra tiva . وحصل من ولي العهد 1001 Jaume هذا ، على قرار بتأسي كلية ميرامار Colegio de Miramar في ميورقة، ليقيم فيها ثلاثة عشر راهباً فرنسيسكانياً ليتعلمو اللغة العربية ابتغاء التمكن من السفر إلى البلاد الاسلامية والقيام بالتبشير بالمسيحية بين المسلمين وصدق على تأسيسهافي سنة ١٢٧٦ البابا يوحنا الحادي والعشرون (يدرو هسبانو -12010 Hispa) no ومنحت الحبوس ريعاً سنويا مقداره خسمائة فلورين ذهبا . وفي سنة ١٢٧٧ سافر إلى روما ، ليحصل من البابا على تأسيس كليات أخرى عديدة لتكوين المبشرين ، على غرار كلية ميرامار . ثم قام فيما ين سنة ١٢٧٧ وسنة١٢٨٢ برحلات طويلة جعلته ، على حد تعبيره ، يعرف المعلوم من العالم آنذاك تقريباً ، من البرتغال حتى بلاد التتار، ومن بولنده حتى بلاد الحبشة .
وفي سنة ١٢٨٢ عاد إلى يربنيان (على الحدود بين فرنسا وأسبانيا ) لزيارة حاميه الذي صار ملكاً ، باسم دون خومه الثاني . وفي سنة ١٢٨٥ عاد إلى روما ، حيث عرض مشروعاته على البابا هونوريوس الرابع .
وسافر إلى باريس لأول مرة في سنة ١٢٨٦، حيث حصل على لقب magister . وقام بالتدريس في مدرسة برتودي سان دني Saint Denys ع0 Berthauld ويقول لول إن مهمته في فرنسا كانت أن يلتمس من ملك فرنسا ومن جامعة باريس أن ينشئوا هناك ( في فرنسا وباريس بخاصة ) أديرة تتعلم فيها لغات غير المسيحيين . لكنه يبدو أن الدومينكان في باريس لم يعيروا مشروعاته أي اهتمام ، شأنهم شأن الفرنسسكان في مونيلييه .
وكان عليه هو أن يقوم بترجمة كتابه : « فن ابتكار الحقيقة» Art inventiva de veritat إلى اللغة العربية ، ومن المحتمل أن يكون ذلك قد تم إبان إقامته في جنوة سنة ١٢٨٩ . كماكان عليه أيضاًان يقوم ، على نفقته الخاصة ، بالابحار إلى شمالي أفريقية ، بعد أن مر بأزمة روحية شديدة
وأزمة مادية أيضا وهو في جنوة .
سافر إلى تونس فأخفقت مهمته هناك إخفاقاً ذريعاً . لقد تجادل مع الفقهاء المسلمين هناك ، ورفعوا امره إلى السلطة ، فحوكم وقضي عليه بالطرد من تونس . وأراد هو البقاء ، لكن امام الموقف العدائي الذي وقفه منه الشعب التونسي ، قرر الرحيل ، فأبحر إلى نابلي ، حيث قام ببعض إلتدريس . لكنه عاد إلى مثروعاته القديمة فعرضها من جديد على البابا شلستينو الخامس وبونيفاشيو الثامن ، فرداه خائباً كما فعل به أسلافهما من قبل . فانتابته محنة روحية عنيفة أثمرت واحداً من اجمل مؤلفاته الأدبية ، وعنوانه ه الضيق ،، ٤]م1مح5ه.
ودخل في الطريقة الثالثة لطريقة القديس فرنشسكو ، ربمافيس ١٢٩٥.
وفي سنة ١٢٩٨ عاد رامون لول إلى باريس ، وخاض في النزاع القائم ضد ابن رشد والرشدية اللاتينية. ثم ترك التعليم والجدل ، ليفرغ لكتابة مؤلفه : « شجرة فلسفة الحب »- وهو تتمة ل « شجرة العلم »- فأنجزه في سنة ٠١٢٩٨
وابتداء من سنة ١٢٩٩ عاد إلى الأسفار، فرحل إلى برشلونة، وميورقة، وقبرص، وارمينية ورودس ومالطة، واستمرت هذه الاسفار حتى سنة ١٣٠٢ حين عاد إلى ميورقة ؛ وما لبث أن مضى إلى ليون ( فرنسا ) ليعاود مساعيه لدى البابا ، وذلك في سنة ١٣٠٥ .
وأقام في باريس للمرة الثالثة في سنة ١٣٠٦ حيث قام بالتدريس لمدة فصل دراسي ، ومن هناك عاد إلى ميورقة، ومن هذه أبحر إلى أفريقية، ونزل في بجاية ( الجزائر)، مبشراً بالمسيحية مما أفضى به إلى السجن ■ وفي السجن شرع في كتابة مزلفه : « مناظرة ريموندو مع Hamar ( عمر ؟ عمار ؟ ) المسلم» Disputatio Raimundi 00 Hamar Saraceno وبعد ستة أشهر من الجن طرد من بجاية ، وأبحر منها متوجهاً إلى جنوة، لكن سفينته غرقت بالقرب من بيزا Pisa ، فأقام في بيزا عامين في اثنائهما تفرغ لإعداد حملة صليبية^لى بيت لمقدس. وكتبمؤلفابعنوان : اكتاب نتح الأرض لمقدسة » في سنة ١٣٠٩. وفي هذه السنة قام برحلته الرابعة والأخيرة إلى باريس حيث قام فيها بالتدريس من سنة ١٣٠٩ إلى سنة ١٣١١- وفي هذه الفترة كان جداله العنيف ضد ابن
لول(رامون)
٣٨٣
رشد ، ولقي نجاحاً لدى بعض الأساتذة في باريس ، وأوصى الملك فيليب الجميل بكتبه . فدفعه هذا النجاح إلى الذهاب إلى مجمع فينا ، وفدم له التماساً فيه عشرة اقتراحات ، أقر المجمع بعضها ، ومما أقره منها : إنشاء كليات ( مدارس ) للغات الشرقية في باريس ، وروما، وطليطلة ؛ ادماج كل الطرق الدينية العسكرية في طريقة واحدة ؛تخصيص عشردخل الكنيسة لغزوالأراضي المقدسة ( فلسطين )؛ منع أنصار ابن رشد من التدريس ؛ التبشير الالزامي بين اليهود والمسلمين المقيمين في الممالك المسيحية ، وبخاصة في أيام السبت ( بالنسبة إلى اليهود ) والجمعة ( بالنسبة إلى المسلمين ) . ونتيجة لذلك انشئت كراسي أو كليات لتدريس اللغة العربية ، والكلداية ( السريانية ) والعبرية فيكلمن: بولونيا (ايطاليا)، واكسفورد، وباريس ، وروما ، وشلمنقة ( أسبانيا ) .
وقام بآخر رحلة تبشيرية له في أفريقية في سنة ١٣١٤، فأقام في تونس قرابة عامين ، واعظاً ومبشراً ومجادلاً ، وكان الملك دون خومه الثاني قد حمله رسائل توصية موجهة إلى حاكم تونس.
أما عن موته فتزعم النقول الدينية أنه توفي شهيداً في ٢٩ يونيوسنة ١٣١٥، وكانت وفاته إما أثناء رحلة عودته إلى ميورقة ، أوبعد وصوله إلى ميورقة ، وأن السبب في موته هو أنه رجم بالحجارة في بجاية . لكن التحقيق التاريخي يدعوإلى تاخيرتاريخ وفاته إلى بداية سنة ١٣١٦؛ استناداً إلى رسالتين بتاريخي٥أغطسو٢٩ أكتوبرسنة ١٣١٥ كتبهماإليه الملك دون خومه الثاني ، وإلى كون لول قد ألف كتابين وهو في تونس في ديسمبر سنة ١٣١٥.
آؤه
لم يكن لون مفكراً ذا نزعة عقلية ، بل كان أقرب إلى لايمان الخالص والتصوف . ولهذا كان يرى أن لسبب في كفر ا الكفار» ( ويقصد بهمكلمن ليسو مسيحيين ) ليس افتقارهم إلى العقل ، بل إفتقارهم إلى النور الذي يلقيه الايمان على العقل كيما يستنير، ونحن في حاجة إلى الايمان ليس فقط من أجل النجاة في الآخرة، بل وأيضاً من أجل التعقل والفهم . وهكذا نجده يسير في الطريق الذي بدأه القديس انسلم وكان شعاره : أومن لأتعقل . وهولهذا ايضاً يسير في التقاليد الأوغسطينية المتأثرة بالأفلاطونية- القديمة
والمحدثة على السواء-، ولا يكاد يتأثر بأرسطو
ومن هنا فإن لول لا يرى محلا لوجود مشكلة الصلة بين العقل والايمان . لإيضاح موقفه نقول إنه يرى ان اللم هو الموضوع الأسمى ، ولهذا هو يملك الخير الأسمى والعظمة العليا . ومادام الله هو الموضوع الأسمى ، فإن العقل في مرتبة ادف من مرتبة الته ، ولهذا لا يستطيع العقل أن يحيط بالته احاطة ٠كاملة» . لكن الله يريد للإنان أن يعرفه ، ولهذا فإنه جعل الإيمان يمكن الطبيعة الانسانية من الطفوعلى المعرفة « كما يطفو الزيت على الماء «؛ وذلك بأن يلقي الايمان الضوء على العقل ، فيؤمن ويعرف الله . وهذا الايمان ، الناشىء عن الاشراق، أسمى من الايمان المستمد من البرهان العقلي ، لأنه يكتسب بدون مجهود ، وما يكتسب بدون مجهود أسمى مما يكتسب بمجهود . ثم إن الإيمان المستنيربالاشراق الالهي أبقى ، لأنه مستمد من المصدر الأصفى : أعني الله .
إن الايمان هو الأداة للسمو بالعقل. وهذه الأداة كانت الوسيط الذي وضعه الله بينه وبين العقل الانساني ، حتى « يستريح الانسان بنفسه في موضوعه الأول »، أي الله .
ولول يبدأ من الله ، من أجل تفسير الانسان والعالم ، وينتهي إلى الله أيضا. وإله لول هو إله المسيحيين مؤولا على مذهب الأفلاطونية المحدثة . إن النه هو الوجود الحقيقي الوحيد ، وما عدام فإغا يستمد وجوده منه . لكن لول لا يقول بفكرة الصدور او الفيض الموجودة عند أفلوطين وعنه ( كما يظهر في كتاب « أثولوجيا» ) أخذه الفارابي وابن سينا وبعض الفلاسفة المسلمين . بل يقول بالمشاركة -Participa cion أعفي ان المخلوق يشارك ، على نحوما ، في وجود الخالق . لكن فكرة امشاركة تصطدم بعقيدتين على الأقل ، هما : مادية جزء كبيرمن المخلوقات ، ثم التعدد . وللتغلب على هاتين الصعوبتين اللتين تؤدي أولاهما إلى انتهاك الروحية الإلهية، وتؤدي ثانيتهما إلى انتهاك وحدانية اس ، كان لا بد من القول بالصور Ideas ، التي هي بمثابة معقولات أولى في العقل ( النوس ) الإلهي. وهذه الصور قد اتخذت في الإسلام لسني شكل «أسماء الله الحسفى». والأساء الحسنى هي « حضرات » لله (جمع : حضرة ) اي اوصاف، لا تدل على كثرة وتعدد ، لأغها محكومة بوحدانية ال ، ويتحول بعضها إلى بعض : فهي بالنسبة إلى اله واحدة ، وبالنسبة إلى المخلوقات تستخدم لكي تنال المخلوقات ما يهبها اسة . ويأخذ لول عن المتكلمين المسلمين هذا الرأي ، ويقول إن مخلولقات الله هي
ول(رامون)
بمثابة أوعية تنال حظها المتفاوت من التشابه باله وفقاً لشكل وعائها .
ووفقاً لدرجة التشابه بين امخلوق وخالقه يترتب عالم المخلوقات ، إلى درجات : أدناها هو التشابه العنصري ، الموجود في العناصر الأربعة ( الماء والهواء والنار والتراب )؛ وفوقه التشابه النباني الموجود في النباتات ؛ وفوقه التشابه الحيواني الموجود في الحيوان المزودبالحس فقط، وفوقه التشابه الحيوافي التخيلي ، الموجود في الحيوان وهو الحس والخيال ؛ وفوقه - وهي المرتبة العليا والخامة ، التشابه الانسافي المزود بالعقل . ولهذا فإن في الموجودات في العالم خمس مراتب : عنصرية ، نباتية ، حساسة ، تخيلية ، عقلية ووفقا لهذه المراتب تكون درجة المعرفة . فالحيوان الحساس فقط ، الحساس المتخيل لا يعرف إلآ بالحس وحده أو بالحس والمخيلة . أما الانسان فيعرف بالعقل . وعلى الرغم من أن معرفة العقل هي بالتشابه وجزئية ، فإن في وسعه أن يعقل أن الله هو الطبيعة الوحيدة واللانهائية ، وله كل الكمالات اللامتناهية.
والمخلوقات ، بدون اس ستكون مظلمة ، وخالية من المعفى ، وأعداماً . والمخلوقات رموز ، والحكيم هو الذي يستطيع فك هذه الرموز .
واله بوصفه الموجود الخالق ألوحيد أحدث ، بفضل إشعاعه، الماهيات الأربع الأولى الكونية : النارية، الهوائية ، المائية ، الترابية ، وهذه تكون الهيولى ، ويسميها الفوضى ( أو العماء ) 61205 . وكل واحد من العناصر الأربعة مؤلف من هيولى وصورة . والهيولى انفعال محض ، والصورة فعل ، وهويتحرك فيها . ولا بد أن يوجد مقارن لهيولى الفوضى ، هو الصورة الكلية ( الكونية ) ويتحرك في هذه الهيولي وعن هذه الفوضى المحركة بالصورة الكلية ننشاً كل الموجودات خلال ثلاث درجات : الأولى تتألف من وجود مركب من الماهيات الأربع المذكورة ، وفيها توجد المبادىء المولدة للكيفيات الطبيعية الخاصة بالموجودات الطبيعية : الكليات ( الأجناس ، الأنواع ، الفصول النوعية ، الخواص ، والأعراض العامة)، والصورة الكلية والهيولى الأولى . والمرتبة الثانية تنشاً عن تحويل كل المرتبة الأولى إلى قوة محض ، يحدث فيها فعل الصورة الموجودات الأولى لكل نوع من الأنواع،بما في ذلك جسم الانسان . والمرتبة الثالثة تقوم في توالي تولدات كل نوع من لأنواع.
وتوالي المراتب الثلاث هوالتوالد الحقيقي الذي يقوم في التفرد الهيولانفي والصوري .
وفوق العالم الذي تحت فلك القمر يوجد العالم السماوي ، ويتألف جوهرياً من الجوهر الخامس ويتميز بأنه لا يوجد فيه تضاد بين مبادئه ، ولا كون ولا فساد . وهذا العالم السماوي تحييه صورته التي هي نفسه المحركة له حركة دورية، وهذه الحركة الدورية هي علة كل الحركات الحادثة في العالم الذي تحت فلك القمر وما فيه من أفراد .
وفي العالم السماوي يظهر النور . لكن ليس النور صفة ذاتية هذا العالم السماوي، بل مشاركة في النور الأزلي، إن الله نور وينبوع لسائر الأنوار : أنوار السموات ، وأنوار سماء السعداء ، والأنوار التي تلقيها الكواكب على العالم الذي تحت فلك القمر . والنور جوهر مضيء ، وبفعله في سائر الجواهر يبدد الظلمات . ومن وجود النور يمكن استخلاص الصفات العامة التي تحمل على كل الموجودات : خير، عظيم ، باق، قوي ، فعال ، الخ .
أما في اللاهوت فإن الفكرة الأساسية التي يقوم عليها اللاهوت عنده هي فكرة , الصفات» Dignidades . « والصفات» هي عنده المبادىء العامة الكلية ، لكنها بالنسبة إلى الههي التي تؤلف حقيقته الجوهرية . وهذه ٠ الصفات» هي : الخير، العظمة ، السرمدية ، القدرة ، العلم ، الإرادة ، الفضيلة ، الحقيقة ، المجد ، تميز الأقانيم ، الاتفاق في الجوهر الشخصي Consubatancialidad personal المبدأ، الوسط، النهاية، الماواة، واالمفات ا أسباب لأحوال حقيقية في الوجود. فمثلا: الخيرهوعلة كلما هو خيريتم بفعل الإحسان؛ القدرة هي علة كون الانسان (أو غيره) قادراً. فلنشرح بإيازبعض هذه الصفات ٠
١ - الخير: الله خيربجوهره . والخيرالإلهي هوالعلة الوحيدة التي بها يجدث الله ما هوخيربالضرورة . ولأنه خير، فهومصدركل خيرفي الوجود .
٢ - العظمة : الته عظيم ، وعظمته لا تتناهى . وعظمته هي السبب الذي من اجله كان خيره عظياً وسرمدي نه عظيمة , وإذ كان الله لم يخلق المخلوق عظيماً ،ولم يخلقه لا متناهيا ، فالسبب في ذلك هو أن المخلوق عاجز عن قبول العظمة اللانهائية .
٣ - السرمدية : الله هو سرمدية ، وهذا معفى قولنا إن
لول(رامون)
٣٨٥
الله سرمدي eterno . والله يعرف ذاته أنه سرمدي ,
٤ - القدرة : اته قادر على كل شيء . وقدرته هي وجوده، لأنه بدون وجوده لن تتحقق قدرته اللامتناهية بالفعل .
٥ - العلم Sabiduría : واله هوالعلم ٠ وعلمه ليس شيثاًآخر غيرالسبب الذي من اجله هويعرف ذاته أنه عالم وعلمه لا يتناهى . وفي العلم الإلهي تتلاقى سائر الصمات : فمابعلمه يكون ، على نحو لا متناه ، خيراً ، وعظيماً ، و سرمدياً ، الخ ’
٦ - الارادة : والله هوإرادته ذاتها ، وإرادته ليست متميزء مما يعلمه ٠ واله يفعل بحسب ما يعلم ٠
٧ - الفضيلة : واله فضيلة ذاته . وهو يعلم ويريد الفضيلة اللانهائية ، وتجتمع في هذا سائر الصفات .
٨- الحقيقة : واله حقيقة ذاته ، وهذه الحقيقة حقيقة محضة . إن اله يعلم ذاته ، ويحب ذاته ، وبهذا يعلم الحقيقة المحفل .
٩ - المجد : اله ماجد ، وهومجد ذاته . وبنفس الفعل الذي يه يعقل ذاته ويجب ذاته فإنه يعلم ذاته انه اماجد مجداً لا غهائيا .
ويتساءل لول : ما دام اله هو الخير، فلماذا لم يخلق كل الخير الذي يستطيع خلقه ؟ ويجيب قائلا : إنه لا يمكن أن ننكر على الله قدرته على خلق خير أكثر وأفضل ما خلق . لكن إذا كان لم يخلق إلآ هذا القدر من الخير، فذلك لأن مشيئته أرادت ذلك .
الفن الكبير
لكن لول اشتهر خصوصاً بما يسمى و الفن الكبير» Ars magna ، الذي عرضه اولاً في « موجز منطق الغزالي»، وفي كتاب « التأمل في الله»، وفي كتاب « فن ختصر في العثور
على الحقيقة»؛ ونماه ثانياً و1كمله وطبقه في كتاب : , الفن البرهاني»،و» الفن الابتكاري اوا اللوحة العامة». وطبقه ثالثا في كل العلوم ، وذلك في كتابه ٠ شجرة العلم ,. ثم جمع خلاصته في كتاب « المنطق الجديد»،ثم خصوصاً في ٠ الفن العام النهائي ».
في كتاب « فن المختصر في العثور على الحقيقة» ( ويعرف عادة بعنوانه اللاتيني : * الفن الكبير والأكبر» Ars maior اع 142202 ) عرض لول ثلاثة « فنون» مستقلة بعضها عنبعض :
١ - » فن» للعثور على الحقيقة ، من نوع منطقي منهجي ، هو من شاً ن « الفيلسوف» الذي هو باحث عن الحقيقة ، وعنعلمكلي .
٢ - ٠ فن» للنجاة في الآخرة ، هدفه معرفة الله وتأمله حتى حدود العلم الإلهي السابق أو القدر. وهذا الفن خاص بالصوفي .
٣-« فن» لتحويل غير المسيحيين إلى المسيحية ، وهو من شأن الرسول المبشر المجادل ، والذي مهمته هي الجدل الدفاعي والتبشيري . وهذا الفن هو الأهم في نظر لول .
ويقوم هذا « الفن ، بعامة في استخدام أشكال هندسية ، عدتها عند لول أربعة هي : القطاع المستقيم ، امثلث ، المخمس، الداثرة . وهذه الأشكال تتكون من مجموعات من الحروف الأبجدية ، ولكل حرف منها دلالة رمزية . ففي مسألة القفا* والقدر مثلا يستخدم لول شكل الدائرة ، لأها ترمز إلى الكون بحسب نظرية بطلميوس الفلكية . والأرض في مركز الدائرة ؛ والجزء الأعلى هو السطح الأرضي المائي ؛ والجزء السفلي هو السطح تحت الأرض المائي . ويستعمل لول عشرين حرفاً من الأبجدية ا لاتينية ، وكل واحد منها رمز خاص ، لينتقل بها عن طريق التمثيل ( قياس النظير) من المعرفة الطبيعة إلى معنى القضاء والقدر، وذلك كما يظهر من الشكل التالي .
الحدود الأولية الصفات الحدود النهائية المقولات
اله الرب = ٨ معى ه = اافضاء والقدر = ج معفى =10 الملا؛ ح ع القدرة = ٢ العلم ءت الارادة =11 " ٠' -ا الرحمة = كا الكمال = سا قوى ا لنف = 4 السطح الأرضى الماثي - لام السطح تحت الأرضى المائي = 0 الاعان =? عدم الامكان = 9 الموضع الأعل = 18 الموضع الأسفل • 5 ١لحركة - ٦ الثقل =
لييرت
ويقول لول في شرحه لهذا الشكل: «كما أن 4م تعقل ل، فإنها تعقل أيضاً و ومعنى هذا ان في ستتحرك من 18 لى 5 ومن ل إلى 0. وكما أن لا تتعقل 0 وتنسى لاا، فإن تحل في5و5 تحل في*. وهكذا ينعكس كل الشكل في 4 ؛ و2 تتحول إلى 1 ومم تتحول إلى 2. ولهذا فإن4 يعقل أن * واً يتحرك من 0 إلى . وهكذا، بينما 4 على هذا النحو قد عكست وقابلت الشكل وحولت حروفاً إلى حروف أخرى، فإن 4 في نفس الوقت تتذكر وتعقل نفسها بوصفها متحولة ومقلوبة، دون أن تحول الأرض، ولا لام ولا 0 أو تتغير في الواقع. وبنفس الطريقة، من حيث إن ا! تتذكر وتتعقل بهذه الكيفية، فإن 18 تبرهن على٨، و10 تبرهن على c ولهذا فإن ٧4 تعقل أنه كما أنها تأخذ طبيعة للتعقل والتذكر، فإنها تتذكر من ل نحو مركز الشكل، وتتخذ طبيعة أخرى تنتقل حين نتذكر من مركز الأرض إلى 0، وكذلك تتخذ ضرباً خاصاً من التعقل حين تبرهن ة عل ٨، مع.ا وع ول وذل وه وتتخذ طبيعة أخرى خاصة، من أجل أن تتعقل ما نعرفه ه عن 1، مبرهناً بواسطة ه. ومن هنا تنتج أنه إذا عقلت نفسها، على النحو الذي عرضناه، فإنها في نفس الوقت تعقل وتفهم انه ما دامت ٩4 تتغير وتنتقل من تعقل إلى تعقل اخر، فعلى هذا النحو نفسه فإن ه ليست لها قدرة على الانتقال منه٨إلى1 و و1 و«-وه وت1، إن تغير5 و18 و0 وايغر0ولإو1و*».
ولو ترجمنا هذه اللغة الرمزية إلى اللغة العادية لكانت كما يلي : العقل الانساني يتعقل العالم المحسوس وإمكان التغير . وهذا يدل على أن الثقل ، بواسطة الحركة ، يمكن أن ينقل ما في مستوى ما إلى مستوى آخر - ولما كان العالم لمحسوس لمدرك المعتاد يفهم ما كان قبل ذلك غير مشاهد ، وينسى المشاهد السابق ، ناقلا ماكان في مكان إلى مكان آخر. وهكذا يتحول الفهم إلى عقل، وماكان من قبل غير عكن صار عمكنا ، والعكس بالعكس . ولهذا فإن العقل يمكن ان يفهم أن الثقل في الحركة يتحرك من غير المشاهد إلى المشاهد . وفي هذا قد قام العقل بعمليتين : فهم التغير الحادث ، ومعرفة ما جرى فيههو من تغير. ومع ذلك فإن العالم المحسوس ، والمشاهد وغير المشاهد لا تتغير . ولو طبقنا هذا على العلم الإلهي السابق، وجدنا أن العقل الانسافي يفهم المعنى العقلي لتصور اله ، وهذا يبرهن على الد ، والمعف العقل لتصور القفاء والقدر يرهن عل العلم الإلهي
السابق .
ويكفينا هذا نموذجاً « لفن» لول هذا . وقد رأى فيه البعض إرهاصاً بالمنطق الرياضى المعاصر ! وقد كان هذا « الفن» هدفاً لسخرية الكثيرين من الفلاسفة والمفكرين ، ومنهم ديكارت ، وقالوا إنه عبث صبياني. والوحيد الذي أشاد
به هو ليبنتس .
مؤلفاته
نظراً لكثرة عددها ، نحيل إلى الثبت الذيوضعه ميجيل كروث هرنندث ملحقاً لكتابه :
El Pensamiento de Ranon T T ,111 Foondacion 21لال Match, 1ت ditorial 025٤2112, Madrid, 1976.