جون دالتون

جون دالتون (بالإنجليزية: John Dalton)‏ (ولد 6 سبتمبر 1766 - توفي 27 يوليو 1844م) كيميائي بريطاني. وضع النظرية الذرية الحديثة المسماة باسمه.

حياته

ولد عالم الكيمياء جون دالتون في قرية إنجليزية صغيرة تدعى (ايكزفيلد كمبرلاند). نشأ في أسرة فقيرة. كان أبوه نساجًا وتوفي اثنان من اخوته جوعًا وبردًا. لمع منذ أعوامه الدراسية الأولى في الرياضيات وحل مسائل رياضية معقدة وفي الخامسة عشرة من عمره أصبح أستاذا في مدرسة القرية ثم تركها وانتقل إلى كندال العام 1781 حيث عمل مدرسًا أيضًا.

كان لدالتون مرصدا صغيرا لمراقبة الأحوال الجوية ووضع جداول لتسجيل المعطيات اليومية لكل من الضغط الجوي وكمية المطر والرطوبة والرياح وغيرها.

تعلم دالتون على يد العلامة الضرير جون هوف اللغة اليونانية واللاتينية والفرنسية والرياضيات ونال اعجابه وتقدير زملائه وسكان المدينة. قام بكتابة مقالات في مجلة لتبسيط العلوم ودرس المذهب الطبيعي في الفلسفة في الكلية الجديدة في مانشستر وكندال في آن واحد معا. ثم انتقل كليا إلى مانشستر العام 1793.

لم يتزوج دالتون على الإطلاق، ونادراً ما كان يبعد عن مدينة مانشستر. توفي دالتون إثر إصابته بسكتة دماغية في عام ١٨٤٤ . سار ٤٠.٠٠ شخص في جنازته، وامتد موكب الجنازة لسافة ٢ كيلو متر وبناء على طلبه، تم تشريح جثته لتحديد سبب إصابته بعمى الألوان والذي سمي أحيائا بالدالتونية نسبة له والنتيجة أنه لم يتم العثور على أي عيوب في عينيه. ولكن بعد حوالي ١٥٠ عاما، تم حفظ إحدى مقلتي عينيه في المعهد الملكي لتخضع لاختبار الحامض النووي DNA حتى يتضح تفسير فقد الحساسية الوراثي للضوء الأخضر.

الوسام الذهبي

زار دالتون لندن سنة 1809 والتقى بكبار العلماء فيها، فعرضوا عليه دخول الجمعية الملكية لكنه رفض لتعلقه بمانشستر، عينته أكاديمية العلوم الفرنسية عضوا مراسلا وأصبح رئيسا للجمعية الأدبية والفلسفية من مانشستر العام 1817 وفي العام 1822 سافر بعدها إلى باريس والتقى جميع العلماء لاسيما بالعالم غي لوساك. ثم عاد إلى مانشستر ووضع جدولا للاوزان الذرية لمعظم العناصر وكان يقوم بتجديده دائما وفي سنة 1826 منحته الحكومة الإنكليزية وساما ذهبيا تقديرا لاكتشافاته في الكيمياء والفيزياء ومنحته بلدية مانشستر لقب مواطن شرف واقامت له تمثالا في أكبر قاعاتها Town-Hall.

إسهامات جون دالتون في مجال الاكتشافات العلمية

اشتهر اسم الإنجليزي جون دالتون في مجال العلوم وكان بحق أهلاً لهذه الشهرة. عاش دالتون معظم حياته يعمل كمدرس في مدينة مانشستر، وكان يؤجل عملية البحث إلى وقت الفراغ. كانت دراسة حالة الجو هي شغله الشاغل طوال حياته حتى أنه سجل بعض الملاحظات التي وصلت إلى ٢٠٠٠٠٠ ملاحظة في مذكراته اليومية. ولكن للأسف دمرت قنابل الحرب العالمية الثانية سجلاته التي تم الاحتفاظ بها لفترة تزيد عن القرن. كان دالتون مصابا طوال حياته بعمى الألوان الذي تم تشخيصه لأول مرة عندما كان في السادسة والعشرين من عمره.

نتيجة لاستغراقه الكامل في دراسة حالة الجو، اهتم دالتون أيضا بالغازات مثل الهواء وبخار الماء. قدم في عام ١٨٠١ أول إسهاماته في مجال العلوم ألا وهو قانون الضغوط الجزئية ونصه: عند مزج نوعين من الغازات، فإن الضغط الخاص بهذا المزيج هو مجموع ضغط كلا القازين كل منفصل عن الآخر. وقد لاحظ دالتون أيضا أن ضغط بخار الماء على أي سائل في وعاء مغلق يزيد عندما تزداد حرارة السائل. وأوضح علماء آخرون أن السائل يصل لحالة العليان عندما يتساوى ضغط بخار الماء مع ضغط الهواء المحيط.

نتيجة لاهتمام دالتون بالهواء وعناصره، حدث تقدم طبيعي"للنظرية الذرية" الخاصة التي نشرت في عام ١٨٠٨ والتي كانت السبب الرئيسي في شهرته. لقد اعتبر دالتون هذه النظرية تفسير موجزاً وطبيعيا للطريقة التي تتركب بها المواد كيميائيا. ذاعت شهرته حتى أدت به إلى أن يصبح عضو في الجمعية الملكية والأكاديمية الفرنسية وأن يتم منحه معاشا حكوميا ولكنه استمر في مجال التدريس.

النظرية الذرية

يعتبر دالتون أبا للكيمياء الحديثة وذلك بعد أن اقترح النظرية الذرية للمادة حوالي العام 1803 ان نظرية دالتون تعتمد على قوانين بقاء الكتلة والنسب الثابتة والتي اشتقت من العديد من الاستنتاجات المباشرة، تتكون المادة من العديد من الجسيمات الغير قابلة للتجزئة تسمى الذرات، اما محتوى نظرية دالتون هو ان المادة تتكون من العديد من الجسيمات غير القابلة للتجزئة تسمى الذرات إضافة إلى ان كل ذرات العنصر تتميز بنفس الخواص (الحجم - الشكل - الكتلة) والتي تختلف باختلاف العناصر. كما أن التفاعل الكيميائي يحدث عند تبديل وضعية الذرات وتحويلها من منظومة لأخرى.

لقد اثبت نجاح نظرية دالتون عبر تفسيرها لبعض الحقائق القائمة في ذلك الوقت كما أنها استطاعت أيضا التنبؤ ببعض القوانين غير المكتشفة.

1- تضمنت هذه النظرية قانون حفظ الكتلة حيث ان التفاعل الكيميائي لايفعل شيئا سوى إعادة توزيع الذرات ولم تفقد أي ذرة في هذه المنظومة وبالتالي تظل الكتلة ثابتة عند حدوث التفاعل.

2- فسرت نظرية دالتون قانون النسب الثابتة بافتراضها ان المادة تتكون من عنصرين B,A وان أي جزيء من هذه المادة يتكون من ذرة واحدة من A وذرة واحدة من B (يعرف من الجزيء بانه مجموعة ذرات مترابطة مع بعضها بقوة تسمح لها بالتصرف أو إعادة التنظيم كجسيم واحد كما افترض أيضا ان كتلة الذرة A تكون ضعف كتلة الذرة B وبالتالي فان الذرة A تساهم بضعف الكتلة التي تساهم بها الذرة B في تكوين جزيئي واحد من هذه المادة الامر الذي يعني ان نسبة كتلة الذرة A إلى الذرة B هي ½. اما إذا اخذنا مجموعة كبيرة من جزيئات هذه المادة فاننا نجد دائما ان عدد ذرات A مساو لعدد ذرات B الامر الذي يعني انه بغض النظر عن حجم العينة فاننا نحصل دائماً على نسبة كتلة B-A تساوي ½ وبالمثل إذا فاعلنا A مع B لنحصل على هذا الجزيئي سنجد ان أي ذرة من A تتحد مع ذرة واحدة من B اما إذا خلطنا 100 ذرة من A مع 110 ذرة من B نجد انه قد تبقت 10 ذرات من B غير متفاعلة بعد اكتمال التفاعل.

تنبأت نظرية دالتون بقانون النسب المتضاعفة: عند تكوين مركبين مختلفين من نفس العنصرين فان كتلتي أحد العنصرين اللتين تتفاعلان مع كتلة ثابتة من العنصر الآخر تكونان في شكل نسبة عددين بسيطين وصحيحين.

إسهامات جون دالتون في مجال دراسة الذرات

لقد راود الفيزيائيون الأوروبيون لمدة . . ٢ عام تقريبا الفكرة القديمة التي مفادها أن المادة مكونة من جسيمات صلبة دقيقة ذات حركة ثابتة. أعطت الذرات تفسيراً لحركة الغازات (١٦٦١)، كما شجعت العالم إسحاق نيوتن على عرض نظرية الجسيمات الضوئية (١٦٧٢). جدير بالذكر أن المدرس الإنجليزي جون دالتون قد حظي بشهرة واسعة عن طريق تطبيق الفكرة نفسها على علم الكيمياء.

توصل دالتون إلى مثل هذه الأفكار من خلال اهتمامه الذي طال على مدار حياته بدراسة حالة الجو والغازات مثل الهواء (١٨٠١). أدى الاكتشاف بأن الهواء يتكون في المقام الأول من الأكسجين والنيتروجين إلى إجراء التجارب مع المكونات التي تحتوي على هذين العنصرين. لم يتم التعرف إلا على ثلاثة من "أكاسيد النيتروجين"؛ أحدهما يحتوي على مقادير متساوية في الوزن من الأكسجين والنيتروجين، أما الأكسيد الآخر فقد كانت النسبة فيه هي ١ إلى ١,٧ ، والأكسيد الثالث فكانت النسبة فيه ١ إلى ٣,٤. ويبدو هنا أن الطبيعة لا تسمح بوجود نسب أخرى.

وحدة دالتون: هي وحدة قياس كتلة الذرات والجزيئات في مقابل كتلة ذرة الكربون الأكثر شيوعا وقدرها 12.

توصل جوزيف بروست في فرنسا إلى القواعد نفسها مع المواد الأخرى (١٨٠٤). وقد انعكست هذه المواد في قانونيه المتطورين حديثا والخاصين بالنسب الثابتة والمتضاعفة. ولكن تطرق دالتون إلى ما هو أبعد من ذلك حين سأل عن السبب في حدوث ذلك. فقد ظل يفكر بالفعل في فكرة "الذرات" مفضلاً استخدام المصطلح الأصلي الذي استخدمه الفيلسوف اليوناني ديمقريطس قبل ذلك بألفي عام على المصطلح العصري "الجسيمات". فقد اعتقد أن هذه الفكرة تقدم تفسيراً سريعا للتركيب الثابت لأكاسيد النيتروجين، بمعنى أن جسيمات هذه المركبات ربما تتكون من أعداد قليلة من ذرات هذين العنصرين، بالإضافة إلى ذرات العنصر نفسه؛ حيث تتساوى جميعها في الوزن. بالنسبة لأكاسيد النيتروجين الأقل وزئا، تتحد ذرة نيتروجين مع ذرة أكسجين، وفي غيرها من تلك الأكاسيد تتحد ذرتان من النيتروجين مع ثلاث ذرات من الأكسجين. وفي أكسيد آخر، توجد ذرة واحدة من النيتروجين إلى جانب اثنين من الأكسجين.

يدل هذا التفسير، إلى جانب الأوزان الفعلية للمركبات المختلفة، ضمنا على أن نسبة أوزان ذرات النيتروجين والأكسجين هي ٧ إلى ٨. يمكن إجراء مثل هذه الحسابات على العشرات من المركبات الأخرى، مما أدى إلى إنشاء جدول "الوزن الذري" المميز لكل عنصر من العناصر.

نشر دالتون هذه الأفكار في كتابه A New System of Chemical Philosophy في عام ١٨٠٨. ولكن، كان هناك جدل مبدئى في هذا الصدد. تحمل دالتون بعضا من هذا الجدل عندما تشبث ببعض الأفكار الخاطئة جنبا إلى جنب مع الأفكار الصحيحة حقا على سبيل المثال، اعتقد دالتون - مع وجود بعض الاستثناءات - أن المركبات تحتوي على ذرة واحدة لكل عنصر من العناصر. فقد تمسك بالقيم الغريبة الناتجة المتعلقة بالأوزان الذرية في مواجهة الأدلة التي تدعم الآراء الأخرى في واقع الأمر، لم يكن دالتون ليقبل حقا الحسابات التي نفذناها فيما سبق ذكره.

كان دالتون عنيداً في بعض الأمور الأخرى أيضا. فقد رفض فيما بعد النظام الحديث للرموز الكيميائية الذي عرضه السويدي جونس برزيليوس (١٨١٤) بدلاً عن مجموعة الرموز لم يحسن تسميتها. لقد ظل دالتون في دعمه المتحمس لنظرية "السيال الحراري" الخاصة بالحرارة، على الرغم من تزايد الأدلة التي تتصدى لهذه النظرية (١٧٩٨). ولم يكن أيضا مجربا حذر حقا، فقد كان يرضى بالقياسات التقريبية والجاهزة عندم تكون النتائج والتقنيات الأفضل متاحة.

على الرغم من ذلك، لا زالت نظريته الذرية هي السبب في تغيير مسار العلوم وبخاصة يعد جمع الأدلة المدعمة بواسطة برزيليوس والآخرين. جادل دالتون في مسألة أصل الذرات وحدد نقطة الانطلاق إلى الكيمياء الحديثة. وكانت إحدى نتائج العلم الحديث بمثابة نقطة النهاية للآمال المبددة لعلماء الكيمياء القديمة في تحويل عنصر إلى آخر، كتحويل الرصاص إلى ذهب مثلاً إن الذرات التي اكتشفها دالتون غير قابلة للانقسام كما أنها ثابتة غير قابلة للتغير. تجدر الإشارة إلى أن مثل هذه الفكرة لم تتم مواجهتها إلا بعد مرور قرن من الزمان وذلك عند الوصول إلى نتائج منطقية عميقة التفكير (١٩١٩).

الأوزان الذرية

توصل إلى وضع فكرة الأوزان الذرية النسبية للعناصر الكيميائية وحين القى أول محاضرة في هذا المجال ادهش العلماء وفتح اذهانهم حول امور كثيرة فقد وضع المبدأ لكنه وجد صعوبة كبيرة في الوصول إلى حقيقة الامر بعد أن كانت نتائج ابحاثه خطأ لكن المبدأ الذي عمل على أساسه كان سليما.

عمى الألوان

شرع دالتون وللمرة الأولى في التاريخ بتحليل ادراكه الذاتـي للنور، عاد إلى الطبيعة وإلى طفولته المفتونة بعلم النبات حيـث بدا له لـون زهـرة البرسيم الزهري أزرق زاهيا ولون زهرة ابنة الراعي أزرق عندما كان يقطفها في الخارج وبعدها يحضرهـا الـى المنزل وينظر إليها قرب ضوء الشمعة يتبدل لونهـا بطريقـة غريبـة مـن اللـون الأزرق إلى اللـون الاصفـر، تأمـل دالتون فـي هـذه المسألـة وهـل كـان هذا الإدراك خاصا به فقط؟ سأل دالتون تلاميذه في المدرسة فظهر 4 أو 5 فتيان يعانون من نفس المشكلة، لقد كان دالتون الرائد في تحديد العمى اللوني ودراسته علميا ودعيت هذه الحالة بـ الدالتونية ولغاية الآن في فرنسا لا زالت تدعى بهذا الاسم. لقد ظن دالتون ان سبب عمـاه اللونـي وجـود سائل أزرق داخـل عينـيه لذا طـلب مـن طبيبـه رانسوم ان يستخدم إحدى عينيه ويشرحها ونفـذ رانسوم الوصيـة واستخرج احـدى مقلتـي عيني دالتـون ولم نجـد سائلا أزرق لذا اعتقد رانسوم ان المشكلة لها علاقة بامر نفسي امر بين الدماغ والعين.

انجازاته العلمية

  • نشر عدداً من الأبحاث في تفنيد الخيمياء (الكيمياء القديمة).
  • النظرية الذرية في الكيمياء.
  • محاضرات في عمى الألوان.
  • من أهم مؤلفاته نظام جديد للفلسفة الكيميائية سنة 1808.

طرق التجارب لدى دلتون

لقد أحيا العالم دالتون فكرة ديمقريطس حول انقسام المادة وبنيتها المجهرية الذرية فأفترض بأن ذرات النوع الكيميائي الواحد تكون متماثلة فيما بينها وذات نفس الكتلة، بينما ذرات الأنواع المختلفة تكون بدورها مختلفة واعتبر أن الذرة متعادلة كهربائيا. ولقد وضع دالتون أول نظرية عن تركيب الذرة حيث قال أن :

1 - المادة تتكون من دقائق صغيرة جداً تسمى الذرات.

2 - العنصر يتكون من ذرات مصمتة متناهية في الصغر لا تتجزأ.

3 - ذرات العنصر الواحد متشابهة.

4 - تختلف الذرات من عنصر لآخر.

5 -التفاعل الكيميائي هو إعادة توزيع الذرات دون المساس بصفاتها الأساسية

الحياة الشخصية والعامة

بخلاف الكيمياء فقد اهتم دالتون بدراسة الغازات والطقس. كما أنه اكتشف عمى الألوان لدى بعض الناس، وقد كان هو نفسه من هؤلاء. لم يتزوج دالتون ولم يكن لديه سوى عدد قليل من الأصدقاء المقربين. كان جون دالتون مسيحي على مذهب جمعية الأصدقاء الدينية، وعاش حياة شخصية بسيطة ومتواضعة.

وفاته وذكراه

توفـي دالتون في 27 تموز 1844 فاهتزت مانشستر للنبـأ ونكست الاعـلام لمـدة اسبوعيـن دفـن في مدافـن اردفيـك بعد أن بقـي العالم يمر امام جثمانه لمدة اسبوعين.

انظر أيضًا