تصنيف المهن
تصنيف المهن (بالإنجليزية: Occupational Classification) الوظيفة هى أصغر وحدة فى التصنيف المهنى، وهى تعنى مجموعة من المهام التى بؤديها فرد، ويكون لها مسمى معترف به عموما. ويمكن القول بأن المهنة هى أيضا مرادف للوظيفة فى أغلب الأحوال، ولكنها يمكن أن تشير إلى مجموعة من الوظائف المتشابهة التى يكون لها مسمى عام معروف. والوظائف و المهن يمكن وصفها ليس على أساس المهام التى تنكون منها فحسب، وإنما يمكن وصفها كذلك على أساس السمات والعناصر المرتبطة بها كالمهارة، و المسئولية، والدخل المتحقق منها، ومؤهلات الالتحاق بها، و الهيبة المرتبطة بها (انظر: مكانة). وهناك سمات أخرى أكثر انتشاراً و أقل تحديداً يمكن استخلاصها من ملاحظة سلوك شاغلى الوظائغ، كأسلوب الحياة، و أساليب السلوك الثقافى المرتبطة بهم، وغير ذلك.
والتصنيفات المختلفة للمهن هى فى جوهرها أساليب لتجميع وترتيب الوظائف و المهن. وتختلف نظم التصنيف تبعاً لنوع المعايير التى تحظى بأولوية عند التصنيف، وتختلف هذه المعايير تبعاً للهدف من التحليل والإطار النظرى المستخدم. ويرجع الفضل فى تطوبر معظم تصنيفات المهن إلى هيئات التعداد القومية، والتى وضعت تلك التصنيفات لتساعدها فى جمع بيانات عن العمالة على المستوى القومى. وأشهر تصنيف للمهن هو التصنيف القياسى الدولى للمهن (International Standard Classification of Occupations (ISCO)) الذى وضعته منظمة العمل الدولية. وتوجد منه الآن عدة صور تبعاً لسنة النشر (مثل التصنيف القياسى الدولى للمهن - 68، أو 88 وهكذا) . وبعتمد أحدث تصور لهذا التصنيف (الذى صدر عام 1988) على مفهومى الوظيفة (بمعنى أن الوظيفة هى: "مجموعة من المهام والواجبات التى يتعين أداؤها)، والمهارة (بمعنى التصنيف على أساس مستوى المهارة، أو "تعقيد ومدى المهام و الواجبات المتضمنة فى هذه الوظيفة"، والتخصص المهارى بمعنى: "ميدان المعرفة المطلوب الإلمام به، والأدوات والمعدات المستخدمة فى أداء العمل، و المواد التى يجرى التعامل معها أو التعامل فيها، وكذلك انواع السلع والخدمات التى يتم انتاجها"). ويمثل هذا التصنيف هرما ذا بناء تدرجى، يجلس على قمته عشر فئات رئيسية تتقسم فى داخلها إلى 28 مجموعة فرعية، و116 مجموعة صغيرة و390 وحدة فرعية. واذا نظرنا فى إحدى المجموعات، ولنأخذ المجموعة الرئيسية رقم 1 (وتضم الموظفين)، ثم المجموعة الفرعية 41 وتضم الموظفين الكتابيين، وتضم بدورها المجموعة الصغيرة 412 (الموظفين الكتابين المشتغلين بالأرقام)، وتشمل هى الأخرى الوحدتين الفرعيتين، الأولى رقم 4121 (يعملون فى الحسابات ومسك الدفاتر) و الآخرى رقم 4122 (وتضم الموظفين العاملين فى المشئون الإحصائية والمالية). ويقوم كل من مكتب التعداد الأمريكى وهيئة التعداد السكانى فى المملكة المتحدة بعمل تصنيفات خاصة بكل منهما، تختلف بعض الشئ عن هذا التصنيف الدولى.
وفى علم الاجتماع تستخدم البيانات المخاصة بالمهن فى تحليل عمليات إحراز المكانة والحراك المهنى. ومن هنا يرى علماء الاجتماع أن وجود معايير متسقة ومستقرة للتصنيف وللترتيب التدرجى للبياتات المجموعة من الأمور المهمة لعلمهم. فدارسو الطبقات الذين يركزون على ظروف العمل وظروف السوق يفضلون تصنيفات المهن التى تعتمد على مصادر الدخل ومستوياته، أو مكانة العمل، أو ظروف هذا العمل. وأفضل نموذج لذلك فئات جولدثورب (الذى يعرف فى بعض البلاد باسم "فئات إريكسون - جولدثورب - بورتوكاريرو)، وهو تصنيف مستخلص بالنسبة لمبريطانيا من تصنيف هيئة التعداد فى المملكة المتحدة للمهن ومكاتة كل عمل. (انظر اريكسون وجولدثورب المعنون: "التدفق المتصل، الصادر عام 1992). أما الدارسون الذين يساوون بين الطبقة الاجتماعية و المكانة الاجتماعية فيستخدمون فى الغالب التقدير الذاتى للهيبة المهنية كأساس لتحديد الوضع الطبقى، على نحو ما نجد على سبيل المثال فى مقياس هوب -جولدثورب للهيبة المهنية (انظر: جولدثورب وهوب في كتابهما: الترتيب المتدرج اجتماعيا للمهن، الصادر عام 1974).
ويعتقد بعض الباحثين أن أغلب تصنيفات المهن المعروفة تنطوى على تحيز للرجل، ينعكس فى طريقة تعريف المهن، وتصنيفها فى مجموعات، وترتيبها تدريجيا. فكثيرا ما نجد أن المهن المتى يغلب على شاغليها المنساء تصنف فى مستوى متدن، بل شديد التدنى (كما نجد مثلا فى حالة مهن الموظفين الكتابيين)، بحيث لايمكن فصلهابعد ذلك ونقلها إلى مستوى آخر عندما تتغير الظروف. كذلك نجد أن مهارات ومكانة المهن التى يغلب النساء على شاغليها توضع فى مستوى أقل من مستواها الحقيقى، الأمر الذى يمكن أن يؤدى إلى تشويه تحديد مكان مثل هذه المهن بعد ذلك فى أى تصنيف للمكانة مشتق من تصنيف المهن.
ومن شأن التغير الاجتماعى والاقتصادى أن يعمل باستمرار على تعديل البناء المهنى، ويحد من قدرة أى تصنيف على أن يعكس واقع هذا البناء عبر فترة زمنية طويلة. من هنا تصبح عملية التحديث المستمرة مطلباً ملحاً، وإن كان من شأن هذا التحديث أن يؤدى إلى المزيد من تعقيد عملية التعرف على التغيرات التى تطراً على البناء المهنى عبر الزمن، حيث أن بعض هذه التغيرات قد تكون مجرد أخطاء لعمليات تغيير التصنيف نفسها.