تراقيا

تراقيا أو ثرايس (باليونانية: Θράκη، وبالبلغارية: Тракия، وبالتركية: Trakya) الاسم القديم لمنطقة تاريخية وجغرافية كبيرة في جنوب شرق شبه جزيرة البلقان، وقد كانت تمتد من مقدونيا شمالاً، إلى نهر الدانوب، وجنوب بلغاريا وتركيا الأوروبية، وتمتد شرقًا حتى البحر الأسود. والأراضي الإقليمية التي كانت تشملها تراقيا القديمة أصبحت الآن مقسمة سياسياً بين بلغاريا واليونان وتركيا منذ عام 1923. وهناك تداخل في حدود تراقيا التاريخية وحدود مقدونيا التاريخية. تطل تراقيا على ثلاث بحار: البحر الأسود، وبحر إيجة، وبحر مرمرة، وهي محاطة من الشرق بالبحر الأسود ومضيق البوسفور، ومن الجنوب ببحر مرمرة ومضيق الدردنيل وبحر إيجة، ومن الغرب جبال منطقة صوفيا، ومن الشمال وادي نهر الدانوب، وقد تقلصت مساحة الإقليم في زمن الرومان بتراجع الحدود البرية في الغرب والشمال إلى قمم جبال صوفية وجبال ستارا بلانينا، حيث انطبقت معها الحدود الإدارية على حدود الإقليم الجغرافي الذي تقدر مساحته اليوم بنحو 94,515 كم2 65.7٪ منها في بلغارية و25٪ منها في تركية، وتُعرف بتراقيا الشرقية، والباقي يدخل في أراضي اليونان الشمالية الشرقية.

وكانت جبال ثريس تحتوي على رواسب قيِّمة من الذهب والفضة. كما كانت سهولها الواسعة تستخدم للزراعة، ورعي الخيول، والأبقار.

كان سكان تراقيا من الهنود الأوروبيين. وقد أصبحوا أغنياء من التجارة مع الإغريق الذين عاشوا على طول الساحل التراقي في القرن السابع قبل الميلاد. احتل الفرس الكثير من أراضي تراقيا، خلال الفترة من 520 إلى 460 ق.م. بعد ذلك أصبحت تراقيا مستقلة، وأقامت صلات واسعة مع الإغريق القدماء. أخذ التراقيون عن الإغريق أسلوبهم الفني، كما أخذ الإغريق عن التراقييت أساطيرهم ومعتقداتهم الدينية. وفيما بعد انضمت تراقيا إلى الدولة الأثينية، ثم إلى مقدونيا. فقد أخضع فيليب الثاني ثريس بأكملها، ثم انتقلت المنطقة إلى حكم ابنه الإسكندر الأكبر. وخلال المائة عام التي سبقت ميلاد المسيح أصبحت ثريس إحدى مقاطعات الإمبراطورية الرومانية، وكانت أهم المدن الإغريقية في تراقيا: أبديرا، وسيستوس، وبيزنطة. وقد كانت بيزنطة القديمة أساس مدينة إسطنبول الحديثة (القسطنطينية). وقد وضع سقوط القسطنطينية عام 1453م تراقيا جميعها تحت الحكم التركي.

بعد الحرب الروسية التركية (1877-1878م) أصبح شمال تراقيا يعرف باسم روميليا الشرقية التي اتحدت مع بلغاريا عام 1885م. وخلال الحرب العالمية الأولى (1914-1918م) أخذت اليونان غربي تراقيا، ثم سيطرت تركيا وبلغاريا على بقية الإقليم.

اجتاحت القوات الألمانية تراقيا اليونانية عام 1941م، ولكنها أعيدت إلى اليونان بعد الحرب العالمية الثانية (1939-1945م). تضم تراقيا اليونانية، مقاطعتي إفروس و رودوب. أما تراقيا التركية، فهي الجزء الأوروبي من تركيا.

التاريخ

عاش التراقيون في قرى صغيرة حياة بسيطة، ويمارسون أعمال الزراعة وبعض الصناعات الأولية، ولم تكن لهم دولة تجمعهم، فكان رجالهم يعملون جنوداً مرتزقة في جيوش جيرانهم. ويعتقد اللغويون أن لغتهم تمت بقرابة إلى اللغة الفرنجية القديمة في آسيا الصغرى. خضعت تراقيا لحكم اليونان القدماء الذين أقاموا عدداً من الموانئ على ساحلي بحر إيجة والبحر الأسود والبوسفور، أهمها ميناء ومدينة إيستين ـ بولو (إسطنبول). بعد سقوط الإمبراطورية اليونانية على يد الرومان أصبح الإقليم جزءاً من الإمبراطورية الرومانية بزعامة «برغامون» عام 197ق.م، كما أنشأ فيها بعض أباطرتهم مدناً مثل مدينة سارديكا (صوفيا اليوم)، ومدينة أدريانوبوليس (أدرنة اليوم)، وقد تحولت تراقيا في العهد اليوناني، وفي العهد الروماني خاصة، إلى منطقة ذات أهمية اقتصادية لازدهار زراعة الحبوب والخضر والفواكة، إضافة إلى تربية الحيوانات، ونشوء الكثير من المحطات التجارية التي صارت مدناً على طريق المواصلات الرئيسية بين آسيا وأوروبا، التي عُرفت بطريق الحرير في عهود لاحقة.

بقي الوضع السكاني في تراقية من دون تغيرات جوهرية، على تغير الحكام، وظل التراقيون العنصر المحلي الغالب، إضافة إلى مستوطنين وافدين من يونان ورومان وغيرهما، حتى أواخر عقود ماقبل الميلاد، التي تميزت ولاسيما بدايات القرن الأول الميلادي، بوصول طلائع القبائل السلافية والفيزقوطية إلى الإقليم، التي تلاها تدفق أفواج كثيرة منهم أغرقت السكان الأصليين التراقيين، حتى حل السلاف محلهم في الخريطة الأثنية واللغوية التراقية، وتمكنوا في القرن السابع الميلادي من إقامة دولة سلافية في الإقليم هي بلغاريا، التي عاشت صراعاً بين البلغاريين والبيزنطيين الروم دام حتى احتل العثمانيون الأتراك الإقليم وما يجاوره في البلقان في عهد السلطان مراد الأول (1360-1389م)، وأصبح جزءاً من الممتلكات العثمانية في أوروبا التي عُرفت باسم الروملي، وكان أول ولاتها من العثمانيين لالا شاهين، وقد عُرف القسم الأكبر من إقليم تراقية بولاية الروملي الشرقي بمساحة تقدر بنحو 36,000 كم2، وكانت حاضرتها مدينة فلبة (بلوفديف اليوم)، وكانت تقسم إلى ستة سناجق (محافظات أو ألوية). وبعد حكم دام قرابة خمسة قرون، بدأت ولاية الروملي العثمانية بالتحرر من الحكم العثماني، حين بدأت سناجقها بالانفصال عنها منذ عام 1867، وكانت عاصمتها تنتقل من فلبة إلى صوفية وإلى أدرنة تبعاً للأوضاع العسكرية والسياسية في الصراع العثماني ـ الأوربي حول شبه جزيرة البلقان، ولاسيما الصراع العثماني ـ الروسي، إذ بذلت روسيا جهوداً كبيرة لإقامة دولة «بلغاريا الكبرى» السلافية في شرقي البلقان، لكنها لم توفق في ذلك، وعوضاً عن ذلك أسفرت الحرب العالمية الأولى وهزيمة العثمانيين وحلفائهم فيها عن تجزئة تراقيا وتقسيمها على الدول التي قامت في المنطقة (بلغاريا، اليونان، تركيا) بحسب معاهدات سيفر (1920) ولوزان (1923)، التي ما زالت بنودها سارية المفعول حتى اليوم، وقد نتج من ذلك تغير آخر في الخريطة السكانية الإثنية ـ اللغوية، سببته عمليات تبادل السكان وهجرتهم أو تهجيرهم، فصار سكان القسم البلغاري سلافاً مع أقلية تركية مسلمة مع مسلمين بلغار (بوماق)، وسكان القسم اليوناني يوناناً مع أقلية إسلامية تركية وبوماقية، وسكان القسم التركي أتراكاً مسلمين، ويقدر مجموع سكان إقليم تراقيا في الدول الثلاث بنحو 11.5 مليون نسمة لعام 1997.

أهم مدن تراقيا

باليونان

ببلغاريا

بتركيا