بيغل (سفينة)

سفينة البيغل (بالإنجليزية: HMS Beagle)‏ كانت سفينة تابعة للبحرية الملكية البريطانية، سميت نسبة إلى اسم سلالة الكلاب الشهيرة. أطلقت السفينة في 11 مايو 1820 من نهر التيمز، وفي يوليو من نفس العام شاركت في احتفال تتويج جورج الرابع ملك المملكة المتحدة. لم تستخدم السفينة بعد ذلك، فتم تحويلها إلى سفينة أبحاث وشاركت في ثلاث رحلات استكشافية: الأولى (1826-1830) والثانية (1831-1836) اتجهتا إلى مناطق في أمريكا الجنوبية. الرحلة الثانية وصلت أيضا إلى نيوزيلندا وأستراليا وقد كان على متنها تشارلز داروين، عالم الأحياء البريطاني. أما الرحلة الثالثة (1837-1843) فكانت إلى أستراليا وبحر تيمور.

وجد داروين في أمريكا الجنوبية بعض الأحافير لبعض الحيوانات المنقرضة التي كانت تشبه إلى حد كبير الأنواع الحديثة. وفي جزر جلاباجوس في المحيط الهادئ لاحظ اختلافات كبيرة بين النباتات والحيوانات التي تنتمي إلى النوع العام نفسه في أمريكا الجنوبية. وجمع داروين الأحافير وغيرها من عينات الأعضاء لدراستها في المستقبل.

عاد داروين إلى إنجلترا عام 1836م واستقر في لندن. وقضى بقية حياته يدرس العينات، ويجري التجارب ويكتب الملاحظات حول مايخرج به من آراء من تلك الدراسات. وكان من بين كتبه التي ألفها في البداية: تركيب وتوزيع طبقات الفحم (1842م)، كما كتب يوميات حول أبحاثه عندما كان يجري أبحاثه على ظهر السفينةبيجل.

تفاصيل رحلة سفينة البيغل

بدأت الرحلة في 27 ديسمبر 1831 واستمرت الرحلة لمدة خمس سنوات، وكان قائد الرحلة يدعى الكابتن فيتزروي عمره 26 عاماً. قضى العالم الإنجليزي تشارلز داروين معظم وقته في الرحلة مستكشفاً الطبيعة وعمل على تجميع عينات التاريخ الطبيعي، ودون ملاحظاته وتخميناته النظرية خلال الرحلة يرسلها إلى جامعة كامبردج. وكان لداروين بعض المعرفة في الجيولوجيا، وخبرة في تشريح اللافقاريات البحرية ولكنه كان مبتديءً في جميع المجالات الأخرى وكان يجمع ببراعة العينات من أجل تقييم الخبراء، وكانت تتركز معظم مذكراتة في علم الحيوان على اللافقاريات البحرية كما اهتم بجمع العوالق.

في أول توقف على الشاطيء على جزيرة اس تي جاغو St. Jago، وجد داروين Hن الشريط الأبيض العالي في الجرف الصخري البركاني يحتوي على أصداف. كان الكابتن فيتزروي قد أعطى داروين المجلد الأول ل"تشارلز ليل" (مباديء الجيولوجيا) الذي يحدد مفاهيم تشكل الأرض الصاعدة ببطء أو الهابطة على مدى فترات زمنية هائلة. وشاهد داروين بعينية ما تحدث عنه تشارلز ليل وبدأ يفكر بكتابة كتاب عن الجيولوجيا، وفي البرازيل ابتهج داروين كثيراً بالغابات الأستوائية. في بونتا التا في باتاغونيا حقق داروين اكتشاف هام لعظام أحفورية لثديات ضخمة منقرضة في المنحدرات بجانب أصداف بحرية حديثة. دالاً على أنقراض حديث بدون وجود اشارات لتغير في المناخ أو حصول كارثة، استطاع داروين التعرف على الميغاثريوم (حيوان منقرض) عن طريق سن بالمدرع العظمي الذي بدى له للوهلة الأولى وكأنة نسخة عملاقة من المدرع ذو النسخة المحلية. جلب أكتشاف داروين هذا أهتماما كبيرا عندما عادوا إلى بريطانيا. خلال الرحلة الأولى سرق مجموعة من الفوجيين وهم (السكان الأصيين لأرخبيل) قاربا من على سفينة البيغل فقام الكابتن فيتزروي بأعتقال اثنان من الفوجيين (صبي وفتاة) واحتجازهم كرهائن على متن الباخرة، وقد أكملوا الرحلة مع سفينة البيغل وعادوا معهم إلى إنجلترا وأمضوا عاما هناك وتمت أعادتهم إلى أرخبيل كمبشرين. وجد داروين ان هؤلاء الفوجيين الاثنان مسالمين ومتحضرين بينما وجد ان أقاربهم في "أرض النار" بائسين وهمج منحطين والفرق بين هؤلاء الاثنان وأقاربهم كالفرق بين الحيوانات المدجنة والحيوانات المتوحشة. بالنسبة لداروين فان هذا الأختلاف اظهر التقدم الحضاري وليس. على عكس أصدقاءة العلماء فهو الآن يعتقد انه لم يعد هناك فجوة لا يمكن تجاوزها بين البشر والحيوانات. أحد الفوجيين الذي سمي جيمي بوتون عاش مثل بقية السكان المحليين وكان لدية زوجة ولم يكن لدية رغبة للعودة إلى إنجلترا.

استفادة شارل داروين من الرحلة الاستكشافية للسفينة Beagle

كانت بداية عمل شارل داروين ضربا من ضروب الحظ السعيد. ففي عام ١٨٣١، عرض عليه منصب تطوعي كعالم من علماء الطبيعة على متن السفينة HMS Beagle في رحلة استكشاف استغرقت سنتين حول العالم.

حصل داروين على هذه الفرصة الرائعة بل والفريدة من نوعها ليجمع الملاحظات التي ربما استفاد بها فيما بعد في تدعيم نظريته المتميزة. يعتقد البعض أن داروين كان بإمكانه أن يصبح عالم بارز دون خبرته التي اكتسبها على السفينة Beagle أو ربم استفاد شخص آخر منها بقدر أكبر من استفادة داروين. الحقيقة غائبة عن الجميع حتى الآن.

رفض داروين بالفعل العمل في المجالين الديني والطبي. جاء رفضه للمجال الثاني نتيجة للخوف الذي كان ينتابه من العمليات التى كانت تجرى دون إعطاء مخدر> كانت ظروفه المادية جيدة إلى حد كبير. فهو ينتمي إلى اخر فئة من العلماء الذين يطلق عليهم اسم العلماء النبلاء. لذا، فكان يتمتع بحرية كاملة في مواصلة أبحاثه دون تحمل العبء في تدبير دخل له. كان والده طبيبا ناجحا ووالدته واحدة من أفراد عائلة ويدجوود الشهيرة بصناعة الفخار. تمكن جداه من الإلمام بالمعرفة من خلال اشتراكهما في جمعية بيرمنجهام عام ١٧٦٥ .

عادت السفينة Beagle إلى إنجلترا مرة أخرى في أكتوبر من عام ١٨٣٦ . استغرقت الرحلة التي كان مخطط لها الاستمرار لمدة عامين في النهاية ٥ أعوام. جمع خلالها داروين مجموعة هائلة من اgملاحظات والعينات معظمها من أمريكا الجنوبية ونيوزيلندا وأستراليا أيضا. كما اجتهد أيضا قائد السفينة، روبرت فيتزروي، وآخرون في جمع هذه العينات والمشاهدات العلمية. حققت هذه الرحلة نجاحا كبيرا كواحدة من الرحلات الاستكشافية.

تعد زيارة السفينة Beagle إلى جزر جالاباجوس بعيدا عن ساحل أمريكا الجنوبية الآن من الزيارات الأسطورية. تلخص تأثير هذه الرحلة ااستكشافية على داروين في مشاهداته وملاحظاته حول طائر يسمى الشرشور. فالطيور التي تعيش في كل جزيرة من هذه الجزر العديدة لها سمات مميزة؛ مثل شكل مناقيرها والذي يتناسب مع نمط حياتها. تنوعت السلاحف التي وجدت على جزر جالاباجوس تنوعا كبيراً من جزيرة لأخرى. لاحظ الكثير من علماء الطبيعة أشكال التكيف في العديد من البيئات. فرأى البعض منهم أنها دليل على حكمة الخالق؛ وهو الأمر الذي آمن به داروين بالفعل في بداية حياته. ولكنه رأى تلميحات لإمكانية وجود تفسير آخر. انتشرت الجزر كي تستطيع الطيور الانتقال من إحداها إلى الأخرى. ونتيجة لذلك، انعزل السكان عن بعضهم البعض في أماكن متفرقة؛ مما ساعد على وجود أجيال مختلفة لا حصر لها.

كثيرا ما يتولد الشعور بالثقة بالنفس عن الجهل بالأشياء أكثر من المعرفة بها. بمعنى أن من يلمون بمعرفة محدودة عن الأشياء — وليس الذين يلمون بمعرفة شاملة - هم الذين يجزمون أن هذه المشكلة أو تلك لن يكون لها حل مطلق من خلال العلم.--- تشارلز داروين

نشرت مجموعة من اكتشافات داروين، وهي عباوة عن جزء من التقرير الرسمي عن هذه الرحلة بشكل منفصل في كتاب بعنوان The Voyage of Beagle وقد أصبح هذا الكتاب الأكثر رواجا في ذلك الوقت. وقد كتب أيضا عن آرائه حول الجزر المرجانية العديدة التي قام بزيارتها وجاء بالاقتراح التالي: بما أن الشعب المرجانية تنمو في المياه الضحلة فحسب، فإن العمق الشديد للحجر الجيري المرجاني الذي اكتشف في عدة أماكن والذي يشير إلى الأرض ما دون الشعاب المرجانية هو عمق غائر جدا. وكان في الوقت نفسه يتأمل في المعاني الضمنية العريضة لمشاهداته التي جمعها من جزر جالاباجوس والأماكن الأخرى. نمت هذه الأفكار فتطورت على مدار ٢٠ عاما إلى أن تم الإعلان عنها أخير في عام ١٨٥٩ عند نشره كتاب The Origin of Species.

من النتائج الأخرى لهذه الرحلة على داروين أن الحشرات لدغته عدة مرات وهو في أمريكا الجنوبية، لذا فقد أصابه مرض من الأمراض التي تنتشر في المناطق الاستوائية. لم يكن هذا المرض فتاكاً ولكنه أخذ يضعف جسمه من حين لآخر على مدار حياته. تقاعد بعد ذلك عن العمل وانتقل ومعه زوجته وأول ابن من أبنائهما العشرة إلى داون؛ تلك المدينة التي توجد خارج لندن حيث المكان الذي عاش فيه في هدوء ولكنه لم يتوقف مطلقا عن العمل. وهنا، تبلور كتابه The Origin of Species (1859).