بنية بلورية
في علم المعادن وعلم البلورات يطلق مصطلح البنية البلورية على الترتيب الفريد للذرات في البلورة. تتكون البنية البلورية من مجموعة من الذرات مرتبة بطريقة معينة في الشبكة البلورية. من الممكن تخيل وحدات البنية البلورية على أنها مجموعات من الذرات على شكل صناديق صغيرة تدعى الخلايا (وحدة خلية)، وبتكرار هذه الخلايا في الفضاء الثلاثي الأبعاد تتشكل البلورة العينية.
من أهم خصائص البلورة هو طول أضلاع الخلية، تسمى c ، b ، a والزوايا بين أضلاع الخلية وتسمى ألفا، بيتا، غاما. وتلك الستة إحداثيات تسمى إحداثيات الشبكة البلورية. تلعب البنية البلورية دوراً هاماً في تحديد خصائص البلورة مثل قابليتها على الانشقاق (الانفلاق البلوري)، التوصيل الكهربائي، نطاق الطاقة، وخصائص بصرية وخصائص مغناطيسية.
تبدأ دراسة بناء المعدن من المستوى الذري. فإذا كانت المادة معدن النحاس النقي، كان توزيع ذرات النحاس في شبكة تبلور برافيه سهلا، نظرا لتماثل جميع الذرات المكونة للبلورة. وإذا كان تركيب البلورة من مادتين مثل ملح الطعام فنحن نعرف أن ملح الطعام يتكون من كلوريد الصوديوم أي من أيونات الكلور وأيونات الصوديوم. ومن دراسة تركيب ملح الطعام عرفنا أن تركيبه يتخذ نظام المكعب. أي أنه يكوّن وحدات خلايا متساوية الأضلاع وتبلغ الزوايا بين الأضلاع 90 درجة.
إسهامات الأخوين براج في مجال تركيب البلور
اشترك أخوان للمرة الأولى في التاريخ في حصولهما على جائزة نوبل، بالرغم من وجود أشقاء آخرين فازوا بجوائز مختلفة. كان وليم هنري براج إنجليزيا ولكن أخاه وليم لورنس براج ولد في أستراليا عندما كان والده أستاذا لمادة الفيزياء في جامعة أدلايد. تفوق هذان الأخوان في أدائهما لوظيفتهما في إنجلتر فيما بعد؛ حيث توليا مسئولية إدارة المعهد الملكي بالتناوب (طومسون ١٧٩٨) واشتركا في الحصول على جائزة نوبل عام ١٩١٥ في الفيزياء. وفي الخامسة والعشرين فقط من عمره. كان وليم لورنس براج هو أصغر المتخرجين في الجامعة، حيث نجح في خلافة العالم المتمكن أرنست رذرفورد كرئيس لمعمل كافندش في كامبريدج.
برز اهتمامهما بالبلور في عام ١٩١٢، عندما ركز العالم الفيزيائي الألماني ماكس فون لو شعاع من أشعة إكس على بلورة أحد العناصر المعدنية. وكان هذا العالم مهتما بشكل أكبر بأشعة إكس عن اهتمامه بالبلور، حيث كان يريد أن يعرف ما إذا كان من الممكن اعتبار أشعة إكس تتكون من موجات بدلاً من جسيمات. فالبلورة مع ترتيبها المنتظم للذرات في مستويات متوازية، تبدو أشبه بشبكة حيود (فرانهوفر ١٨١٤) تعمل على تقسيم الضوء إلى ألوانه المختلفة؛ حيث يتحرك الضوء على هيئة موجات. وقد أثبتت تجربة العالم فون لو أنه في هذه الحالة أيضا تتحرك أشعة إكس على هيئة موجات، بالرغم من أن هذا النقاش كان مجرد بداية (١٩٢٤).
لكن مع تطور الأمور ومرور الأيام، نجح الأخوان براج في إمعان النظر في هذه التجربة ولكن بشكل مختلف. فبينما كانا يعلمان أن أشعة إكس كانت عبارة عن موجات ذات طول موجي معين، عملا على إسقاط هذه الأشعة من خلال بلورات من مواد مختلفة. فقد أرادا من خلال ذلك أن يعرفا كيفية ترتيب الذرات في هذه البلورات. بالاعتماد على الفراغات والتجمعات الخاصة بذرات البلور، وجدا أن أشعة إكس حادت عن مسارها بأشكال مختلفة مع وجود أشعة لامعة أو خافتة عند لف البلورة في جميع الاتجاهات أمام جهاز كاشف لنشاط الأشعة لقد كان هذا العمل شاقا، حيث إنه يتطلب تحليل النتائج للعثور على الترتيبات والفراغات التي تحتوي عليها الذرات التي لا ترى بالعين المجردة. وقد كانت المهمة الثانية تتركز على استخدام الطرق والصيغ الرياضية بشكل كبير إلى جانب العمليات الحسابية المعقدة التي كان يتم إجراؤها قبل اختراع أجهزة الكمبيوتر وظهورها في مختلف مجالات الحياة. ولذلك، استغرق الأمر في الغالب سنوات عديدة حتى بالنسبة للعالم الماهر وليم لورنس براج.
إن الشيء المهم في العلم لا يتعلق بمقدار التعرف على حقائق جديدة بقدر ما يتعلق باكتشاف طرق جديدة للتفكير في تلك الحقائق. وليم لورنس براج
لقد كان يتم إنجاز هذا العمل في بداياته بواسطة بلورات بسيطة مثل بلورات ملح الطعام، ولكن تم كشف النقاب عن الإمكانيات الحقيقة للتكنولوجيا عندما تم اكتشاف أن أشعة إكس تعمل على إضاءة بلورات المركبات العضوية، مثل العقاقير المقاومة للأمراض التي تطورت على يد العالم بول إيرليخ (١٩١٠). فإدراك تركيب مثل هذه المواد الكيميائية جعل من الممكن استنتاج طريقة عملها وربما أيضا تركيبها وعمل أفضل أشكالها. ويعتبر هذا النوع من التحليل، الذي تسيطر عليه الميكنة بشكل كبير في الوقت الحالي، أمراً ضروريا في مجال الصناعات الدوائية الحديثة.
للمرة الثانية بعد فترة من اكتشاف كل هذه الحقائق، تم استخدام التصوير الفوتوغرافي لرصد أشعة إكس التي انحرفت عن مسارها الطبيعي (وذلك كما اكتشف العالم ولهلم رونتجن في عام ١٨٩٥ عندما خلفت أشعة إكس نقاطاً لامعة ونقاط سوداء في فيلم فوتوغرافي، تماما مثلما يحدث مع الضوء). وزادت هذه الاكتشافات من سرعة إجراء التجارب، إن لم تكن قد زادت من إجراء الحسابات الرياضية. وباستخدام هذه الطريقة، نجح العالمان لينيوس بولينج (١٩٢٨) وروزاليند فرانكلين وآخرون في اكتشاف التركيب الخاص بالبروتينات، الأمر الذي أدى بعد ذلك إلى اكتشاف المادة الوراثية المتمثلة في الحامض النووي والتي أتاحت تمهيد الظروف للاكتشاف الكامل للحامض النووي بواسطة العالمين جيمس واتسون وفرنسيس كريك في عام ١٩٥٣ .
البناء البلوري لملح الطعام
ويبين الشكل توزيع أيونات الصوديوم (أحمر)، وتوزيع أيونات الكلور (أخضر) في البلورة العيانية (الكبيرة). فنرى من اليمين إلى اليسار أيونان للكلور يتبعه أيونان للصوديوم ثم يتبعه أيونا للكلور.. وهكذا.
وإذا نظرنا إلى تتابع الأيونات من الأمام إلى الخلف وجدنا أيضا أن أيون الكلور يتبعه أيون للصوديوم ثم يتبعه أيون للكلور.. وهكذا .
وإذا نظرنا إلى توزيع الأيونات من أسفل إلى أعلى وجدنا الحال لا يختلف.
أي أن ذرات المادة (أو أيوناتها) تترتب وفق نمط منتظم متكرر، ويمكن تقسيمها إلى أصغر خلية وهي وحدة خلية وتحمل وحدة الخلية جميع الصفات الهندسية للبلورة الكبيرة.
وبفحص بلورات المعادن المختلفة وجدنا 7 أنظمة بلورية وأربع عشرة شبكة بلورية تقدم وصفاً لمواقع الذرات والاتجاهات البلورية والمستويات البلورية.
تنحصر البنية البلورية لمعظم المعادن في واحدة من ثلاثة أنواع بسيطة على الأغلب. تبدي المركبات السيراميكية ذات التركيب الكيميائي الواسع بناءات متعددة منها البسيط ومنها المعقد، ولكن معظمها (مثل السيليكات) معقدة البنية.
طرق تعيين البناء البلوري
الدراسات التي تقوم بتعيين البناء البلوري للأملاح والمعادن تعتمد على طرق القياس الآتية:
كما يمكن تعيين البناء البلوري المغناطيسي بواسطة حيود النيوترونات.
أنواع التبلور
توجدالمادة الصلبة في إحدى من ثلاثة تصنيفات بالنسبة إلى بنيتها البلورية، هي:
- بلورة أحادية.
- كثيرة البلورات.
- مادة لابلورية.
وتفصيل تلك التصنيفات كالآتي:
بلورة أحادية
بلورة أحادية (بالإنجليزية:single crystal) هي مادة صلبة تتميز بامتداد الشبكة البلورية فيها من أولها إلى آخرها مكونة بلورة كبيرة منتظمة. وتتكون البلورة الأحادية مثلا عن طريق تغطيس بلورة صغيرة في محلول مشبع بمادة البلورة، وتكون البلورة الصغيرة بمثابة بذرة تتراص عليها الذرات أو الجزيئات، وتأخذ كل ذرة من ذرات المذاب موضعها بالضبط في الشبكة البلورية وبذلك تنمو البذرة إلى بلورة أحادية كبيرة.
متعدد البلورات
متعدد البلورات (بالإنجليزية: Polycrystalline) هي مواد مكونة من حبيبات بلورية كثيرة لها أحجام مختلفة وعشوائية التوزيع. يمكن عن طريق ضبط عملية التبلور التوصل إلى تقليل عشوائية التوزيع بحيث تنتظم البنية البلورية ونحصل على ما يسمى بلورة أحادية.
- تبين الصورة المجاورة تكون الحديد الصلب من حبيبات، تشكل كل منها بلورة أحادية تتبع النظام البلوري الخاص بالحديد، وتتوزع فيه البلورات الأحادية توزيعا عشوائيا بالنسبة للاتجاه.
وتعتبر معظم المعادن وخزف موادا متعدد البلورات، وكثيرا ماتسمى البلورات الأحادية الصغيرة فيها بالحبيبات. ويمكن تصور كثيرة البلورات عند طحن بلورة أحادية، فكومة المسحوق تشكل مادة متعدد البلورات.
مادة لابلورية
مادة لابلورية (بالإنجليزية:amorphous solid) هي مادة صلبة لا تتوزع فيها الذرات توزيع منتظما على نطاق بعيد، ويكون توزيع الذرات فيها عشوائيا، بمعنى أن توزيع الذرات فيها لا يتبع أي نظام من الأنظمة البلورية. وقد تتسم ببعض النظام على النطاق القصير (حيز 10 - 20 ذرة )، ولهاذا تسمى جوامد لابلورية. مثال على ذلك بنية الزجاج والبوليسترين وكذلك الحلوى. تتصف الجوامد ذات نظام بلوري على النطاق البعيد (أي نظام واحد يشمل البلورة من أولها إلى أخرها) بالبلورات.
أنواع الشبكات البلورية
تتكون الشبكات البلورية في الأحجار الكريمة من سبعة أنواع متشابه شكلا ولكنها مختلفة مضمونا كما جاءت في كتاب الأحجار الكريمة وتم تقسيمها علميا بحسب المحاور والزوايا ما بين تلك المحاور عند تقاطعها، وهذه النظم تحتوي على محاور ثلاثية بترتيب هندسي معين يعطي كل نظام شكله وخصائصه الفيزيائية، ويسمى العلم الذي يبحث في النظم الكرستالية باسم علم البلوريات ويطلق علية أحيانا اسم العائلة الكرستالية أو النظام الشبكي الكرستالي، والنظم الفراغية وتاتي تعريفات الخصائصية للنظام الكرستالي من التناظر المتأصل الذي يعني وتحت ظروف معينة يبقى النظام الكرستالي الشبكي على وضعه العام دون تغير. وكما هي مصورة اسفل هذه المقالة وهي كما يلي:
- النظام الثلاثي الميول: هو النظام البلوري الذي يتكون بواسطة ثلاثة محاور يتقاطعون معا بزوايا ثابتة وصحيحة اثنان من تلك المحاور لها نفس الطول على نفس المستوى والمحور الثالث الرئيسي إما أن يكون أطول أو أقصر من المحورين الآخرين. ويعتبر النظام البلوري ثلاثي الميل بلورة تحدد بواسطة ثلاثة متجهات ذات أطوال مختلفة، ولكن بشرط أن تكون غير متعامدة مع بعضها البعض. والشكل المثالي النموذجي للموشورات أربعة إما أسطح هرمية أو ثمانية أسطح هرمية متعاكسة.
- النظام الاحادي الميل: هو النظام البلوري الذي يتكون بواسطة ثلاثة متجهات. ويعتبر النظام البلوري ألاحادي الميل ذو متجهات لها أطوال مختلفة، يكون اثنان منهما متعامدان، في حين يشكل الثالث زاوية غير 90°. وبالتالي يكون للبلورات شكل منشوري.
- النظام المعيني: لديه ثلاث زوايا قائمة، لكن لديه محاور ذات أطوال مختلفة. وهي ثلاثة محاور متعامدة ومرآة تناظر ولهذا النظام أربعة أنواع منها: معيني قائم بسيط، معيني قائم مركزي القاعدة، معيني قائم مركزي الجسم، معيني قائم مركزي الوجه.
- النظام الرباعي الأضلاع: وهو النظام الذي ينشأ نتيجة جذب شبكة بلورية مكعبة باتجاه أحد المتجهات، بحيث يصبح المجال الفراغي عبارة عن منشور مستطيل له قاعدة مربعة.
- النظام المنشوري السداسي المنتظم: يعتبر النظام السداسي واحدا من النظم البلورية السبعة أو النظم الشبكية البلورية السبعة hexagonal crystal system واحد النظم العائلة البلورية الستة hexagonal crystal family وهذان النظامين لهما صلة موثقة ومتشابهين شكلا مختلفين مضمونا وبناء ولكنهما علميا ليسا نفس النظام، فالنظام السداسي العام له شبكة بلورية موحده وواحدة ولكن الاختلاف يقع في أن النظام الشبكي البلوري يحتوي على سبعة مجموعات نقطية فراغية وهذا يجعل الشبكة البلورية شبكة تحتية أما النظام العائلي البلوري فيحتوي على 12 مجموعة نقطة فراغية في مجاله ليجعل الشبكة البلورية للنظام السداسي تبدو تحتية، وكانه اتحاد بين النظام الثلاثي البلوري والنظام السداسي البلوري. ويعتبر الجرافيت خير دليل على البلورة من النظام البلوري السداسي.
- النظام السداسي: هو نظام بلوري له من ثلاث إلى اربعة محاور على مستوى واحد وبنفس الطول ويتقاطعون مع بعضهما البعض بزاوية 60 درجة وللمحور الرابع طول مختلف ويقع على زاوية صحيحة من المحاور الأخرى وله شكل كرستالي مثالي وعلى نحو نموذجي يمثل ويصور الخصائص الأساسية للموشورات والهرميات وكذلك الشكل الهرمي ذو الإثني عشر سطحا والهرم المزدوج في النظام السداسي.
- النظام التكعيبي: يدعى النظام أيسومتري أو النظام المنظوري المتساوي وله ثلاثة محاور متساوية لها نفس الطول وتتقاطع بنفس الزوايا ويعتبر النظام البلوري التكعيبي هو النظام المثالي من بين جميع الأنظمة بالإضافة إلى المكعب الثماني، المجسم المعيني، المجسم الرباعي السطوح، المجسم الإثني عشر سطحي، والعشروني أو المجسم ذو العشرون سطحا.
الشبكات البلورية السبعة
برهن عالم البلورات الفرنسي برافي أنه يوجد 14 نوع من الشبكات البلورية مهما كانت أطوال الأشعة الأولية للبلورة والزوايا المحصورة بينهم، تصنف ال14 نوعاً في 7 أصناف أو أنظمة رئيسية هي: ثلاثية الميل، أحادية الميل، معينية، رباعية، مكعبية، ثلاثية متساوية الأحرف، وسداسية.
نظام الشبكات السبعة | شبكات برافي الخاصة بكل نظام (14) | |||
ثلاثي الميل | P | |||
Triclinic | ||||
احادي الميل ذو انحدار مائل مفرد | P | C | ||
Monoclinic, simple | منحدر مائل مفرد ذو قاعده مركزية | |||
نظام المعين القائم | P | C | I | F |
Orthohombic, simple | Orthohombic, base-centered | Orthohombic, body-centered | Orthohombic, face-centered | |
النظام الرباعي الأضلاع | P | I | ||
Tetragonal, simple | Tetragonal, body-centered | |||
نظام بلوري ثلاثي متساوي الأحرف |
P | |||
Rhombohedral | ||||
نظام بلوري سداسي | P | |||
Hexagonal | ||||
نظام مكعبي | Cubic, simple | Cubic, body-centered | Cubic, face-centered |