الوضعية الجديدة
الوضعية الجديدة (بالإنجليزية: Neo-Positivism) حركة عرفها علم الاجتماع الأمريكى خلال بواكير القرن العشرين، مزجت ما بين ثلاث قضايا هى: التكميم، والنزعة السلوكية، والإبستمولوجيا الوضعية. كان من أبرز ممثليها فرانكلين ه. جيدنجز وجورج أ. لندبرج، وإن كان بوسعنا أن نعد إسهامات كاتب مثل جورج ك. زيف (عاش من عام 1902 حتى 1950) فى علم الاجتماع الرياضي نوعاً من تطوير النظرية الوضعية الجديدة.
وقد قدم جيدنجز فى كتابه: دراسات فى نظرية المجتمع، الصادر عام 1922، دفاعاً عن السلوكية ذهب فيه إلي أن "علم النفس قد أصبح علماً تجريبياً موضوعياً، وأنه استطاع أن يميز بين الانعكاس والتشريط"، كما أكد أن "علم الاجتماع علم إحصائي من حيث المنهج، وأن أى وصف حقيقي مكتمل لأي شئ لابد وأن ينطوي على قياس له". كذلك أكد لندبرج أن علم الاجتماع يمكن أن يصاغ نموذجه على غرار العلوم الطبيعية، و أنه يتعين عليه أن يلاحظ سلوك الكائنات البشرية فى المواقف الاجتماعية المختلفة ولكن دون الإشارة إلى مفاهيم مثل المشاعر، والغايات، والدوافع، والقيم، والإرادة (وهى التى وصفها بتعبير "وهم العلوم الاجتماعية").
وعلى شاكلة جيدنجز ذهب لندبرج إلى أن العلم يتعامل مع أوصاف دقيقة وتعميمات يتطلب كل منها "صياغات كمية". وأكد فى هذا الإطار على أهمية مقاييس الاتجاهات، و أصر (متفقاً فى هذا مع الوضعيين السابقين) على أن العلم لا يمكنه أن يصوغ أحكاماً قيمية، وأن علم الاجتماع يجب أن يكون علماً على هذه الشاكلة.
ويمكن أن نتبين المدى الذى مارس فيه الوضعيون الجدد تأثيراً باقياً على تطور علم الاجتماع الأمريكى فى أوضح صوره فى بحوث علم الاجتماع الرياضي الأخيرة، كما يتبدى على سبيل المثال فى محاولة ريتشارد م. إمرسون المزج بين النظرية الرياضية ونظرية التبادل (وقد عرض لها ج. برجر و آخرون - محررين - فى كتابهم: التقدم فى نظريات علم الاجتماع، الصادر عام 1972). وإن كان بعض الذى يصرون عليه هو أن أكثر المعايير أهمية بالنسبة للنظرية العلمية هى قابليتها للاختبار، وأن النظرية المصاغة فى صورة رياضية هى الوحيدة القابلة للاختبار. (انظر على سبيل المثال كتاب جيبس، بناء نظرية علم الاجتماع، الصادر عام 1972).