العلوم الإنسانية والعلوم الطبيعية

Geisteswissenschaften and Naturwissenschaften كلمتان ألمانيتان تستخدمان على التوالى للدلالة على العلوم الإنسانية (الاجتماعية) والعلوم الطبيعية. فقبل الحرب العالمية الأولى بحوالى ثلاثة عقود كانت الحياة الأكاديمية فى ألمانيا تشهد عددا من الخلافات حول المنهج (أو ماكان يعرف بالخلاف المنهجى)، وكانت القضية العامة فى هذا النقاش (وربما تكون أهم القضايا) تتعلق بالعلاقة بين العلوم الطبيعية والعلوم الثقافية (أو التاريخية). فقد اقترح الفيلسوف فيلهلم فيندلباند، منطلقا من قضية أن الواقع لا يمكن أن يتجزأ، التمييز المنطقى القبلى بين العلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية على أساس منهجيتها. فالعلوم الطبيعية من وجهة نظرفيندلباند تستخدم منهجا كليا أو تعميميا، طالما أنهسا تسعى إلى الكشف عن الحلاقات والخصائص العامة التى قد تصل إلى درجة القانون، بينما تستخدم العلوم الاجتماعية أو الثقافية منهجا إيديوجرافيا Ideographie أو تفريديا (انظر مادة: الاتجاهات الفردية فى مقابل الاتجاهات التعميمية)، طالما أنها تهتم بالأحداث غير المتكررة فى الواقع وبالجوانب الخاصة أو المميزة للظاهرة. ومن ناحية أخرى فقد قابل فيلهلم ديلثى بين العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية فى ضوء الموضوع الذى يدرسه كل منهما، وينطلق هذا المحك منطقيا من المقدمة البديلة التى تقرر أن الواقع يمكن أن يتجزأ إلى قطاعات مستقلة - ومن التمييزات الأساسية داخله، ذلك التمييز بين مجال الطبيعة ومجال الروح - بحيث يكون لكل مجال مجموعة مستقلة من الحلوم التى تدرسه.

ومن أكثر الإسهامات إثارة فى هذه الممناقشات من وجهة نظر علم الاجتماع الرأى الذى قده هيزيش ريكرت (عاش من عام 1863 حتى 1936) وهو أستاذ المفلسفة المتأثر بالكانطية المجديدة فى جامعة فرايبورج ثم فى جامع هايدلبرج بعد ذلك، وهو معاصر وصديق لمماكس فيبر. و لقد مارست نظرية ريكرت فى تكوين المفهوم فى العلوم (وكماوصفهافى كتابيه: حدود بناء المفاهيم فى العلوم المطبيعية: مقدمة منطقية في العلوم التاريخية، الصادر عام 1902، وكتاب: العلم والتاريخ؟ نقد نظرية المعرفة الوضعية، الذى صدر فى الفترة من 1898 حتى 1902)؛ مارست تأثيرا قويا على الكتابات المتهجية لماكس فيبر وعلى تحليلاته العيانية، (خاصة على منهجية الأنماط المثالية المستخدمة فى مجموعة المقالات حول الأخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية). ويمكن أن نلمس الأهمية السوسيولوجية للحوار حول المنهج فى مقال فيرنر كانمان التالى: ماكس فيبر والخلاف المنهجى فى العلوم الاجتماعية، الممنشور عام 1964.