الديموقراطية الصناعية

الديموقراطية الصناعية (بالإنجليزية: Industrial Democracy) نموذج مثالى يعنى أن حقوق المواطنة المرتبطة بالعمل يجب أن تكفل للعمال حق المشاركة الجزئية أو الكلية فى تسيير التنظيم الصناعى أو التجارى. وهذا المصطلح، مثله مثل غيره من المصطلحات المشابهة، يحمل الكثير من النغمات الإيديولوجية. فقد تعنسى الديموقراطية الصناعية عند البعض تحكم العمال فى الصناعة، وربما يتم الربط بين هذا التحكم وبين ملكية وسائل الانتاج، كما هو الحال فى المؤسسات التعاونية الانتاجية. ويعنى هذا المصطلح عند البعض الآخر تعيين ممثلين عن العمال أو للنقابة العمالية فى مجلس إدارة الشركة أو داخل أقسامها المتعددة. وتأخذ الديموقراطية الصناعية عند فريق ثالث، شكل "مشاركة العمال"، كما هو الحالة فى المساومة الجماعية، حيث تمثل النقابة العمالية نوعا من أنواع المعارضة الدائمة للإدارة. ففى هذا النموذج يقدم رجال الإدارة المقترحات ويقوم العمال أو النقابات الممثلة لهم، بردود الأفعال أو الاعتراض فى حالة الضرورة، ثم تسفر المفاوضات عن اتفاقات وتسويات جماعية مرضية للجانبين إلى حد ما. أما المدخل الرابع فلا يركز على المشاركة فى القوة، بل يعول كثيرا على التفاوض والاتصال: فالمديرون يحتفظون بالمسئولية الكاملة عن القرارات، لكنهم يلجأون إلى بعض الترتيبات لاستثارة ممثلى العمال قبل إدخال أى تغيرات. ولا شك أن مثل هذه المداخل، الخاصة بالديموقراطية الصناعية، التى تحتوى على أبنية ذات طابع تمثيلى للعمال، عادة ما توصف بأنها أمثلة للديموقراطية غير المباشرة. أما عندما يعبر العمال عن أنفسهم كأفراد ودون وسطاء، عنئذ يمكن القول أننا بصدد الديموقراطية المباشرة. والمثال على ذلك هو جماعة العمل المستقلة داخل المصنع أو الشركة، التى تخول صلاحيات اتخاذ القرارات المرتبطة بالتخطيط وتنظيم العمل داخلها بشكل مستقل عن الإدارة العليا، لكن مثل هذه الجماعة تكون صغيرة بالقدر الذى يتيح لكل أعضائها أن يشارك مشاركة مباشرة فى التأثير على قرارات الجماعة.

ويلاحظ أن الديموقراطية الصناعية لا تتحدى فقط الأبنية التسلطية والبيروقراطية المميزة للمشروعات الرأسمالية، وإنما تتحدى كذلك الاتجاهات المركزية للاقتصاديات المخططة داخل الأنظمة الاشتراكية. ويرى البعض أن عدم وجود المشاركة يؤدى إلى استمرار وجود اغتراب العمال. لكن بعض النقاد يرون أن مثل هذه المشاركة يمكن أن تستخدم كأداة للتلاعب من أجل التحكم فى مجهود العمال أو لإضعاف تنظيم النقابة العمالية ووحدتها. وتوضح الأمثلة الواقعية أن درجة القوة أو التفويض الممنوح للعمال يبدو حاسما فى هذا الصدد. لكن المتشككين يرون أن سيطرة الحزب قد استمرت فى ظل الإدارة الذاتية للعمال داخل نموذج اشتراكية الدولة غير المركزية كما عرفتها بوغوسلافيا. ونال البديل الآخر الخاص بالتعاونيات التى ينشئها العمال اهتماما أكبر، ويبرز فى هذا الصدد تجربة Mondragon فى أسبانيا. أما فى ألمانيا فقد تم إدخال نظام من المشاركة (فى الإدارة) نتيجة للضغط الذى مارسته الحركة العمالية لإيجاد طريق وسط بين الرأسمالية والاشتراكية، وقد أثر ذلك فى سياسات العمل داخل معظم أقطار الجماعة الأوربية. ويعد نظام المشاركة فى الأرباح والمشاركة فى الملكية أمثلة للنظم التى تتيحها الإدارة للمشاركة، والتى تشمل أيضا جماعات العمل التى تسير نفسها ذاتيا، وأساليب القيادة الجماعية التى تعبر عن أفكار حركة العلاقات الإنسانية، وجماعات الجودة التى اعتمدت على استلهام الخبرة اليابانية.