الخلفاء القرشيين الإثنا عشر



في الدين الإسلامي، ‏جاء عن نبي الإسلام محمد أن أمر الإسلام سيظل قائما وعزيزا حتى يتولى 12 خليفة أمور الخلافة كلهم من قريش يجتمع عليهم الناس كما ورد في روايات متعددة في صحيح مسلم ومسند أحمد وسنن أبي داود.

بعض الأحاديث

  • " عن ‏حصين ‏عن ‏جابر بن سمرة ‏قال دخلت مع أبي على النبي ‏فسمعته يقول ‏إن هذا الأمر لا ‏ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة ‏قال ثم تكلم بكلام خفي علي قال فقلت ‏لأبي ‏ما قال قال ‏كلهم من ‏قريش " رواه مسلم.
  • " ‏‏عن ‏عامر بن سعد بن أبي وقاص ‏قال كتبت إلى ‏جابر بن سمرة ‏مع غلامي ‏نافع ‏أن أخبرني بشيء سمعته من رسول الله ‏قال فكتب إلي سمعت رسول الله ‏يوم جمعة عشية ‏رجم ‏الأسلمي ‏يقول ‏لا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم من ‏قريش ‏وسمعته يقول ‏عصيبة ‏من المسلمين يفتتحون البيت الأبيض بيت ‏كسرى ‏أو آل ‏كسرى ‏وسمعته يقول إن بين يدي الساعة كذابين فاحذروهم وسمعته يقول إذا أعطى الله أحدكم خيرا فليبدأ بنفسه وأهل بيته وسمعته يقول أنا ‏الفرط ‏على الحوض " رواه مسلم.
  • "‏عن ‏عامر بن سعد ‏قال سألت ‏جابر بن سمرة ‏‏عن حديث رسول الله ‏قال ‏قال رسول الله ‏لا يزال الدين قائما حتى يكون اثنا عشر خليفة من ‏قريش ‏ثم يخرج كذابون بين يدي الساعة ثم يخرج عصابة من المسلمين يستخرجون كنز الأبيض ‏كسرى ‏وآل ‏كسرى ‏وإذا أعطى الله تبارك وتعالى أحدكم خيرا فليبدأ بنفسه وأهله وأنا ‏فرطكم ‏على الحوض " رواه أحمد.
  • "عن‏ ‏جابر بن سمرة ‏قال ‏سمعت رسول الله ‏أو قال قال رسول الله ‏يكون بعدي اثنا عشر خليفة كلهم من ‏قريش ‏قال ثم رجع إلى منزله فأتته ‏قريش ‏فقالوا ثم يكون ماذا قال ثم يكون ‏الهرج " رواه أحمد.
  • " عن ‏جابر بن سمرة ‏قال قال رسول الله ‏لا يزال هذا الأمر مؤاتى أو مقاربا حتى يقوم اثنا عشر خليفة كلهم من ‏قريش " رواه أحمد.
  • " ‏عن ‏جابر بن سمرة السوائي ‏قال ‏سمعت رسول الله ‏يقول في حجة الوداع ‏إن هذا الدين لن يزال ظاهرا على من ‏ناوأه ‏لا يضره مخالف ولا مفارق حتى يمضي من أمتي اثنا عشر خليفة قال ثم تكلم بشيء لم أفهمه فقلت لأبي ما قال قال كلهم من ‏قريش " رواه أحمد.
  • " ‏عن ‏جابر بن سمرة ‏قال سمعت رسول الله ‏يقول ‏لا يزال هذا الدين قائما حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم تجتمع عليه الأمة فسمعت كلاما من النبي ‏لم أفهمه قلت لأبي ما يقول قال كلهم من ‏قريش " رواه أبو داود.

رأي ابن كثير في تفسيره

‏قال ابن كثير في تفسيره تحت قول القرآن : وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا بعد إيراد حديث جابر بن سمرة من رواية الشيخين واللفظ لمسلم : ومعنى هذا الحديث البشارة بوجود اثني عشر خليفة صالحا يقيم الحق ويعدل فيهم، ولا يلزم من هذا تواليهم وتتابع أيامهم، بل قد وجد أربعة على نسق واحد وهم الخلفاء الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، ومنهم عمر بن عبد العزيز بلا شك عند الأئمة وبعض بني العباس ولا تقوم الساعة حتى تكون ولايتهم لا محالة والظاهر أن منهم المهدي المبشر به في الأحاديث الواردة بذكره أنه يواطئ اسمه اسم النبي صلى الله عليه وسلم واسم أبيه اسم أبيه فيملأ عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما. انتهى

روى البخاري في صحيحه في باب الاستخلاف من كتاب الأحكام عن جابر بن سمرة قال: سعمت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "يكون اثنا عشر أميراً. فقال كلمة لم أسمعها. فقال أبي: إنه قال: كلهم من قريش. والحديث رواه مسلم والترمذي وأبو داود. ولفظ مسلم: "إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة". وفي لفظ له: "لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر رجلاً". وفي لفظ له أيضا: "لا يزال الإسلام عزيزاً إلى اثني عشر خليفة". وفي لفظ آخر: " لا يزال هذا الدين عزيزاً منيعاً إلى اثني عشر خليفة". وفي رواية أبى داود: "لا يزال هذا الدين قائماً حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم تجتمع عليه الأمة". وهذا لا علاقة له بما يدعيه الشيعة في باب الإمامة، فإن جميع من نصوا على إمامته لم تجتمع عليه الأمة ولم يكن خليفة إلا علياً والحسن رضي الله عنهما، ويلزم على قولهم i كن قائماً و عزيزاً زمن أبى بكر وعمر وعثمان، وهذا من أبلغ المناقضة للحس والواقع، فضلا عن مناقضته للشرع القاضي بأن خير القرون قرنه صلى الله عليه وسلم ثم الذي يليه فالذي يليه. وقد اختلف العلماء في تعيين الاثني عشر خليفة المذكورين في الحديث، وأرجح الأقوال في ذلك ما قاله القاضي عياض: "ويحتمل أن يكون المراد أن يكون" الاثنا عشر" في مدة عزة الخلافة وقوة الإسلام واستقامة أموره والاجتماع على من يقوم بالخلافة، ويؤيده قوله في بعض الطرق "كلهم تجتمع عليه الأمة" وهذا قد وجد فيمن اجتمع عليه الناس إلى اضطراب أمر بني أمية ووقعت بينهم الفتنة زمن الوليد بن يزيد، فاتصلت بينهم إلى أن قامت الدولة العباسية فاستأصلوا أمرهم، وهذا العدد موجود صحيح إذا اعتبر. قال: وقد يحتمل وجوها أخر، والله أعلم بمراد نبيه" انتهى. قال الحافظ ابن حجر بعد نقل كلام القاضي وكلام لابن الجوزى (وينتظم من مجموع ما ذكراه أوجه: أرجحها الثالث من أوجه القاضي ؛ لتأييده بقوله في بعض طرق الحديث الصحيحة "كلهم يجتمع عليه الناس" وإيضاح ذلك أن المراد بالاجتماع انقيادهم لبيعته، والذي وقع أن الناس اجتمعوا على أبى بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي إلى أن وقع أمر الحكمين في صفين، فسمي معاوية يؤمئذ بالخلافة، ثم اجتمع الناس على معاوية عند صلح الحسن، ثم اجتمعوا على ولده يزيد ولم ينتظم للحسين أمر بل قتل قبل ذلك، ثم لما مات يزيد وقع الاختلاف إلى أن اجتمعوا على عبد الملك بن مروان بعد قتل ابن الزبير، ثم اجتمعوا على أولاده الأربعة: الوليد ثم سليمان ثم يزيد ثم هشام، وتخلل بين سليمان ويزيد عمر بن عبد العزيز، فهؤلاء سبعة بعد الخلفاء الراشدين، والثاني عشر هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك اجتمع الناس عليه لما مات عمه هشام، فولي نحو أربع سنين ثم قاموا عليه فقتلوه، وانتشرت الفتن وتغيرت الأحوال من يومئذ ولم يتفق أن يجتمع الناس على خليفة بعد ذلك، لأن يزيد بن الوليد الذي قام على ابن عمه الوليد بن يزيد لم تطل مدته بل ثار عليه قبل أن يموت ابن عم أبيه مروان بن محمد بن مروان ولما مات يزيد ولي أخوه إبراهيم فغلبه مروان، ثم ثار على مروان بنو العباس إلى أن قتل، ثم كان أول خلفاء بني العباس أبو العباس السفاح، ولم تطل مدته مع كثرة من ثار عليه، ثم ولي أخوه المنصور فطالت مدته، لكن خرج عنهم المغرب الأقصى باستيلاء المروانيين على الأندلس، واستمرت في أيديهم متغلبين عليها إلى أن تسموا بالخلافة بعد ذلك، وانفرط الأمر في جميع أقطار الأرض إلى أن لم يبق من الخلافة إلا الاسم في بعض البلاد، بعد أن كانوا في أيام بني عبد الملك بن مروان يخطب للخليفة في جميع أقطار الأرض شرقاً وغرباً وشمالاً ويميناً مما غلب عليه المسلمون، ولا يتولى أحد في بلد من البلاد كلها الإمارة على شيء منها إلا بأمر الخليفة، ومن نظر في أخبارهم عرف صحة ذلك فعلى هذا يكون المراد بقوله " ثم يكون الهرج" يعني القتل الناشئ عن الفتن وقوعاً فاشياً يفشو ويستمر ويزداد على مدى الأيام، وكذا كان والله المستعان).

وقال الحافظ أيضا: (فالأولى أن يحمل قوله "يكون بعدي اثنا عشر خليفة" على حقيقة البعدية، فإن جميع من ولي الخلافة من الصديق إلى عمر بن عبد العزيز أربعة عشر نفساً، منهم اثنان لم تصح ولايتهما ولم تطل مدتهما وهما: معاوية بن يزيد ومروان بن الحكم، والباقون اثنا عشر نفسا على الولاء كما أخبر صلى الله عليه وسلم، وكان وفاة عمر بن عبد العزيز سنة إحدى ومائة، وتغيرت الأحوال بعده، وانقضى القرن الأول الذي هو خير القرون، ولا يقدح في ذلك قوله: "يجتمع عليهم الناس" لأنه يحمل على الأكثر الأغلب، لأن هذه الصفة لم تفقد منهم إلا في الحسن بن علي وعبد الله بن الزبير مع صحة ولايتهما، والحكم بأن من خالفهما لم يثبت استحقاقه إلا بعد تسليم الحسن وبعد قتل ابن الزبير والله أعلم. وكانت الأمور في غالب أزمنة هؤلاء الاثني عشر منتظمة وإن وجد في بعض مدتهم خلاف ذلك، فهو بالنسبة إلى الاستقامة نادر والله أعلم) انتهى كلام الحافظ، انظر فتح الباري 13/260. والله أعلم.