و بماذا يبوح الخاطر ؟

من قصص عارف


الخاطر .. لو كان بكل إنسان قدرة على نسج خواطره كما يشعر بها لامتلأت الآفاق بدواوين الشعر و ابداعات الاقلام ، لكنها إمكانية تختص من تشاء ، تمنعه النوم ، تؤلّب عليه مكنوناته و تعتمل فى صدره فتوقظه فى جوف الليل متأرقا يكتب ليمسح بسطوره ما تركه الألم فى نفسه ..

معذب من لا يمكنه نقش آلامه بقلمه ، و لكن الأكثر عذابا من هذا و ذاك هو من اعتاد الكتمان ، فلا لسانه ينطق و لا قلمه يعبر ، فأنّى له البوح بما يجول فى خاطره ؟ و أنّى له تسكين آلامه و ما يؤرقه ..

يا أيها المهموم أقبل و اجلس بجوارى ، فكم من ليلة قضيت و أنا عاجز فيها عن البوح و النطق ، و القلم يرفض مرافقتى ، و حينها شعرت بعذابات لم أعهدها حينما فقدت كل مظاهر التعبير و سقطت فى براثن الألم المبرح فى دهاليز الصمت ، و ما وجدت الصمت معينا ، بل زاد أعدائى واحدا فى وجوده ..

يا أيها القلم المكسور ، و يا أيها الليل الطويل ، و يا أيتها المشاعر المتّقدة ، و يا أيها الصمت المطبق ، أما بكم من رحمة بضعيف مثلى لا يقوى على مواجهة احدكم حتى تتكالبوا علىّ ؟ هل لى بمهرب أو طريق للفرار أو ملجأ آوى إليه بكل ضعفى ، فلعلنى أجد بعض القوى الخائرة تحمل أقدامى إلى مكان غير المكان ؟

لن اطلب المستحيل و اتمنى الهروب إلى زمان آخر ، و لن اطلب الإصابة بفقد الذاكرة و لو لأيام حتى أتمكن من خوض معارك الغد بقلب يصمد و عزم يتماسك و لو قليلا حتى تلين له الأقدار و تذهب به إلى بعض ما يريد ..

قصص مشابهة قد تعجبك