يلماز شيلك
ولد عام 1969 في مدينة عمورية التي أَطلقت عليها الجمهورية التركية اسم (أنقرة) وترعرع فيها وأنهى دراسته الإعدادية والثانوية فيها، وتعلم اللغة العربية بدرجة متوسطة فيها، ولا زال يقيم وعائلته وأولاده في هذه المدينة التي تشتهر بقلعة عمورية التي فتحها الخليفة العباسي المظفر المعتصم بالله سنة 230 هجرية نصرة لامرأة مسلمة اعتدى عليها علوج الروم آنذاك.
بعد أن أنهى الخدمة العسكرية ازداد ميله الديني الذي قاده للبحث عن الجهة الإسلامية التي تعمل للإسلام بجد وإخلاص، في البداية لم يكن هذا الميل أكثر من مشاعر صرفة، فسات مع جماعات وطرق مختلفة علّه يجد فيها ما يسد رمقه، إلا أن ما كانت تطرحه تلك الجماعات لم يكن كافياً لإقناع العقل ولا لطمأنة القلب.. وكان حال الأمة الإسلامية المؤلم يؤرقه ويزداد ترسخاً في نفسه يوماً بعد يوم دون أن يجد الطريق الصحيح الذي يرضى الله عنه، والجماعات والطرق التي كان يحضر جلساتهم كانوا جماعات محلية مضطربة لا يعرفون طريق النهضة الصحيحة، فاتخذوا من الواقع مصدراً لتفكيرهم وللحلول التي يطرحونها، فكانوا يطرحون الديمقراطية والإصلاح.. وعلى الرغم من إدراكه عدم جدواهم، ولأنه لم يكن لديه البديل الشافي؛ كان يتواجد بينهم ليرضي نفسه من أنه يقوم بشيء من شأنه خدمة هذا الدين العظيم... ولما كانت حاله على هذا، وفي إحدى جلسات تلك الجماعات، التقى برجل كان ضيفاً على تلك الجلسة، ولما لم يحضر المحاضر قام الضيف الكريم وألقى فيهم درساً لم يكن كالدروس التي اعتادوا على سماعها، فنزلت كلماته عليه برداً وسلاماً، فكان الأخ الكريم نقطة التحول الأولى في مجرى حياته... وعندها تعرف على حزب التحرير، وبدأ اللقاءات المنتظمة لتعريفه بالحزب وأفكاره وطريقته، وكان كل ما يُطرح عليه هو ما كانت نفسه تتوق إليه، وكأنه الحلقة المفقودة التي كان فقدانها يتعبه ويرهقه.. وبعد أن اطلع على واقع الحزب ووجوب العمل لإقامة الخلافة الراشدة التي بها تستأنف الحياة الإسلامية، وجد ضالته وسكنت نفسه إليه وعزم على العمل مع حزب التحرير، وكان ذلك في أواخر عام 1994م.
منذ أن التزم في العمل مع الحزب وحتى أوائل عام 2000م عندما نظمت الجمهورية التركية العلمانية (اللادينية) حملة اعتقالات واسعة تجاه الحزب، كانت أعمال الحزب تسير بحيوية ونشاط... ولما طالت الاعتقالات أعداداً كبيرة من شباب الحزب، ولما قام النظام العلماني (اللاديني) بحملة اعتقالات جديدة عام 2001م طالت أعداداً أخرى من خيرة شباب الحزب كانت النقطة الهامة الثانية في مجرى حياته، حيث أصبح من شباب الحزب المطاردين من قبل النظام. واستمرت الحال على ذلك وهم يقومون بواجباتهم وتكاليفهم الحزبية بالرغم من الاعتقالات المستمرة.. إلى أن نظم النظام في شهر أيار/مايو من عام 2003 حملة اعتقالات واسعة على مستوى تركيا في آن واحد طالت نحو (273) شاباً ومناصراً، حيث كان من بين المعتقلين، ووجهت له تهمة "قيادي في حزب التحرير"، وكانت تلك تجربته الأولى في سجون الظلمة وفي المثول أمام محاكمهم، وبعد ذلك منَّ الله عليه وخرج من السجن...
حادثة وقعت معه أثناء التحقيق؛ حيث قام مدير عام دائرة التحقيق وهو من حملة الفكر القومي بالتهجم على حزب التحرير، واتهم مؤسسه فضيلة الشيخ العالم العلامة "تقي الدين النبهاني" بالعمالة لإنجلترا، وأن الحزب يسعى لتفرقة الأمة وإثارة الفتن! لذا فإن اتباعنا له محض جهل! وكان ذلك على مرأى ومسمع نحو 16 عنصراً من عناصره، فأجابه قائلاً: "أود سؤالك أيها المدير؛ إن الرجل الذي تحبونه والذي تدعون أنه حمى البلاد من الكفار، قام بتوقيع اتفاقية لوزان مع إنجلترا التي نجم عنها إلغاء نظام الخلافة وإسقاط الدولة التي كانت تحفظ بيضة الإسلام وتوحد المسلمين تحت راية واحدة، فكان بذلك شريكاً للكفار الإنجليز في القضاء على دولة الخلافة التي وضع لبنتها الأولى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)... وبعد مضي سنوات من ذلك قام رجل عالم عام 1953م حاملاً روحه على راحته، عاملاً لإقامة دولة الخلافة الراشدة التي بها تتوحد الأمة وجيوشها ومقدراتها من جديد لتعود الأمة إلى سابق مجدها وعزتها... فبالله عليك أي هذين الرجلين هو العميل للإنجليز الأول أم الثاني؟" فبهت المدير أمام عناصره ولم يستطع الرد، وقام بمغادرة الغرفة وهو يشتعل غضباً.
وبعد أن خرج من السجن، داوم على حمل الدعوة بصورة أقوى مما كنا عليه إلى أن اعتقل مجدداً في أوائل عام 2005م في أنقرة لعدة أشهر، ولما خرج في منتصف عام 2005م كلفه الحزب بمهام "الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية تركيا"، وفي شهر أيلول 2005م كانت فعاليات "نداء من حزب التحرير إلى الأمة الإسلامية وبخاصة أهل القوة فيها" التي نظمها الحزب عالمياً في المناطق التي يعمل فيها، قاموا بتنظيم فعاليات في جامع محمد الفاتح في إسلامبول حاضرة الإسلام الأخيرة، مما قضَّ مضجع العلمانيين وأسيادهم، وبعد مطاردات استمرت نحو شهر تمكنوا من اعتقاله وإيداعه السجن مجدداً، وبالرغم من أن الادعاء العام طالب بسجنه 18 عاماً إلا أن العزيز القدير منَّ عله وأخرجنه من سجنه بعد مضي ثمانية أشهر، وفي عام 2007م تم اعتقاله مجدداً من قبل الظلمة في أنقرة ووجهت له تهمة "رئاسة الحزب في تركيا" وطالب الادعاء إنزال عقوبة السجن بي 15-30 سنة، إلا أن الحنّان المنّان منَّ عليه مجدداً وأراحه منهم بعد مضي نحو 3 أشهر. والآن هنالك 5 قضايا مختلفة مرفوعة ضده وكلها بسبب حمل الدعوة الإسلامية مع الحزب المختار "حزب التحرير".
إنهم الآن في "مكتب الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية تركيا" يقومون بتنظيم زيارات منظمة مقصودة في أوساط معينة في تركيا لها تأثير واعتبار عند الناس من مثل؛ المنظمات الأهلية، النقابات، الجمعيات، الأحزاب السياسية، المؤسسات الفكرية والسياسية، الكتاب والصحفيين والإعلاميين والمثقفين، الصحف ووكالات الأنباء ومحطات التلفاز.. حيث يقومون خلال زياراتهم هذه بإيصال دعوة الحزب ومفاهيمه ومعالجاته لتلك الأوساط بصورة مؤثرة علَّ الخلافة تلامس قلوبهم من جانب، ولإيجاد رأي عام على فكر الحزب ومفاهيمه في تلك الأوساط، فيداومون الحديث عنه من الجانب الآخر. وبحمد الله وفضله فقد تمكوا من فرض احترامهم وتقديرهم على الأعم الأغلب ممن يزوروا.