وليام جيلبرت
إسهامات وليم جيلبرت في القوة الكهرومغناطيسية
لقد حقق الطبيب الإنجليزي وليم جيلبرت المكانة والشهرة في أواخر حياته ؛ حيث تم تعيينه الطبيب الخاص للملكة إليزابيث الأولى وأصبح رئيسا للكلية الملكية للأطباء وذلك عام 1600، أي قبل وفاته بحوالي ثلاثة أعوام. كما ساهم أيضا في هذا العام في التقدم العلمي من خلال تقديمه لكتاب On the Magnet. ويعد هذا الكتاب أول دراسة منهجية شاملة لمادة المغناطيس وصناعة البوصلة، تلك الآلة التي تم استخدامها لسنوات عديدة لإرشاد السفن وتوجيهها في المحيطات.
بالإضافة إلى ذلك، فإنه تم التوصل من خلال الملاحظة إلى الكثير من الأمور، ومنها أنه لم يكن من الممكن الوثوق بالبوصلة دائما، حيث أظهرت إبر البوصلة بعض الانحراف. بمعنى أن تلك الإبر لا تتجه نحو الشمال بالضبط، وإنما تتجه نحو الشمال الشرقي أو الشمال الغربي بعض الشيء. كما اكتشف العالم روبرت نورمان عام 1581 أن تلك البوصلات تظهر "زاوية ميل" في اتجاه الأرض. هذا، مع العلم أن كلا من حدة الانحراف وزوايا الميل تختلفان من مكان إلى آخر لمئات أو آلاف من الكيلومترات.
هذا، وقد أوضحت هذه الملاحظات للعالم جیلبرت - وكذلك للعالم نورمان - أن كوكب الأرض عبارة عن حجر مغناطيس عملاق (كما تمادي هذا العالم في اقتراحاته، حيث قال إن المغناطيسية هي جوهر كوكب الأرض). وقام هذا العالم بصناعة جسم كروي من مادة المغناطيس، وأطلق على هذا الجسم اسم تيريللا أو نموذج مصغر لكوكب الأرض، وأثبت أنه عند وضع بوصلة صغيرة على سطح هذا الجسم، فإن هذه البوصلة تظهر الميل والانحراف نفسهما اللذين يحدثان في البوصلة على أرض الواقع.
إذا كان هذا النموذج صحيحا، فيعني ذلك أن كوكب الأرض له قطبان، شأنه في ذلك شأن حجر المغناطيس، وأن هذين القطبين قاما بجذب طرفي إبرة البوصلة. هذا، مع العلم أن تلك الأقطاب المغناطيسية تختلف عن الأقطاب الجغرافية، وهو الأمر الذي يوضح السبب وراء عدم اتجاه البوصلة دائما نحو الشمال بالضبط.
قام العالم جیلبرت بدراسة المغناطيسية لمدة ۲۰ عاما قبل أن يقوم بنشر کتابه. واكتشف أن تعریض مادة المغناطيس للحرارة يؤدي إلى فقد هذه المادة لفعاليتها، واكتشف أيضا خطأ بعض الآراء التي كانت سائدة في هذه الفترة حول هذا الموضوع.
وقد انكب جيلبرت أيضا على دراسة ما أطلق عليه "القوة الكهربائية"، وهي عبارة عن قطع من الكهرمان ، والتي عند حكها بالأقمشة، تكون قادرة على جذب الأتربة والشعر وغيرها من الأشياء الخفيفة. وقد تعرف اليونانيون القدماء بالفعل على هذه القوة من قبل، وقد وضع جيلبرت هذا الاسم نسبة إلى الكلمة اليونانية التي تعني کهرمان. ولقد توصل هذا العالم إلى بعض المواد التي تعمل بالطريقة نفسها، مثل الزجاج. وكان يرى جيلبرت أن القوة المغناطيسية والقوة الكهربائية ظاهرتان مختلفتان، ولم تظهر العلاقة الحيوية بين هاتين القوتين إلا بعد مرور ۲۰۰ عام (۱۸۲۰).