وادي قديد



قديد وادٍ فحل من أودية الحجاز، خصيب كثير العيون والمزارع فيه 25 عيناً اندثر بعضها. يأخذ أعلى مساقط مياهه من حرة ذَرَة، ثم ينحدر غرباً بين واديي الأخرم جنوباً ودوران شمالاً، وكلاهما يقصر عنه، فيسمى قسمه العلوي سِتَارة حتى إذا وصل إلى البحول وهو سوق قديد الرئيسي سمي الوادي قُديداً حتى يدفع في البحرعند بلدة القضيمة، ويبلغ طوله قرابة 150 كيلاً، نصفه سِتَارة ونصفه قُدَيد. ويحف بقديد من الشمال القديدية حرة نسبت إلى الوادي كان اسمها المُشَلَّل، يمر سيل قديدعلى 130 كيلاً شمال مكة. (البلادي: معجم معالم الحجاز، ج7، ص 96-99). ويقطع طريق مكةالمدينة القديم وادي قديد عبر جسر يبعد بنحو 13 كم عن بلدة البريكة التي تعد أكبر بلدة عامرة في حوضه الأدنى، ويمر هذا الطريق عبر سهل مترامي الأطراف يغلب عليه طابع الاستواء، حتى إن المسيلات المائية الصغيرة تحتار في أي طريق تسلكه. وتجمع كتب السيرة النبوية على أن سهيل بن عمرو قد نحر لجيش المشركين عشراً من الإبل في هذا المكان.

المشلل بضم أوله وفتح ثانيه وفتح اللام وتشديدها وهي ثنية مشرفة على قديد وبالمشلل دفن مسلم بن عقبة فنبش وصلب وقال مزرد :

                             تدب مع الركبان لا يسبقونها
                               وحلت بجنبي عزور فالمشلل 

قال يعقوب عزور واد قريب من المدينة. والمشلل من قديد وبالمشلل كانت مناة التي كانوا يعبدونها وقال مالك كانت حذو قديد وكان الأنصار قبل أن يسلموا يهلون بمناة الطاغية.* قال نصيب :

                            عفا سرب الحبل الدميث المحلل
                            ففرش الجبيل بعدنا فالمشلل
                         فذو سلم فالصـــــفح إلا منازلا به
                            من مغانيــــــها حديث ومحول

سرب بلد هناك وكذلك الفرش وذو سلم وقال عمر بن أبي ربيعة :

                          وقد هاجني منها على النأي دمنة 
                             لها بقديد دون نعف المشلل

وقد تقدم ذكره في رسم العقيق * وتعرف حرة المشلل اليوم بالقُدَيدية، نسبة إلى قُدَيدالوادي المعروف، تراها يمينك وأنت تتجاوز القضيمة ذاهباً إلى المدينة، مستطيلة من المشرق إلى المغرب مع انحراف إلى الجنوب. وثنية المشلل بأسفل هذه الحرة.' (البلادي: معجم معالم الحجاز، ج8، ص ص 171-173).* معجم البلدان

أصل التسمية وصحيحها

قديد تصغير القد من قولهم قددت الجلد أو من القد بالكسر وهو جلد السخلة أو يكون تصغير القدد من قول تعالى طرائق قددا وهي الفرق وسئل كثير فقيل له لم سمي قديد قديدا ففكر ساعة ثم قال ذهب سيله قددا وقديد اسم موضع قرب مكة قال ابن الكلبي لما رجع تبع من المدينة بعد حربه لأهلها نزل قديدا فهبت ريح قدت خيم أصحابه فسمي قديدا وبذلك قال عبيد الله بن قيس الرقيات

                        قل لفنــــــــد تشيع الأظعانا
                     ربما سـر عيشـــــنا وكـفـــــــانا
                         صـــــــادرات عشية عن قديد
                            واردات مع الضحى عسفانا

وينسب إلى قديد حزام بن هشام بن حبيش بن خالد بن الأشعر الخزاعي القديدي من أهل الرقم بادية الحجاز روى عن أبيه وأخيه عبد الله بن هشام وعمر بن عبد العزيز ووفد عليه مع أخيه روى عنه عبد الله بن إدريس والقعنبي عبد الله بن مسلمة ومحرز بن مهدي القديدي وأيوب بن الحكم إمام مسجد قديد ووكيع أبو سعيد مولى بني هشام والواقدي ويسرة بن صفوان ويحيى بن يحيى النيسابوري وغيرهم وكان ثقة وأبو هشام أدرك عمر بن الخطاب وسافر معه وبقي حتى أدرك عمر بن عبد العزيز.* و القُدَيْدُ : اسم ماء بعينه. وفي الصحاح : وقُدَيْدٌ ماءٌ بالحجاز وهو مصغر وورد ذكره في الحديث. قال ابن الأَثير : هو موضع بين مكة والمدينة. ابن سيده : وقُدَيدٌ موضع وبعضهم لا يصرفه يجعله اسماً للبقعة ومنه قول عيسى بن جهمة الليثي وذُكِرَ قَيسُ بن ذُرَيْح فقال : كان رجلاً منا وكان ظريفاً شاعراً وكان يكون بمكة ودونها من قُدَيْد وسَرف وحول مكة في بواديها كلها. وقُدَيْدٌ فرس عَبْس بنِ جدّان. * قال قيسُ بن ذريح :

                          فَغَيْقَةُ فالأَخْيافُ أَخْيافُ ظَبْيةٍ
                          بها مِنْ لُبَيْنَى مَخْرَفٌ ومَرابعُ
                      فسراوع فوادي قديد فالتلاع الدوافع

الخَيْفُ : ما ارتفع عن موضع مَجرى السيلِ ومَسيلِ الماء وانْحَدَرَ عن غِلَظِ الجبل والجمع أَخْيافُ (* قوله « فغيقة إلخ » قبله كما في المعجم لياقوت عفا سرف من أهله)

قال الواقدي مات عروة ابن الزبير بالفرع ودفن هناك سنة أربع وتسعين، والفرع من أشرف ولايات المدينة وذلك أن فيه مساجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم نزلها مرارا وأقطع فيها لغفار وأسلم قطائع وصاحبها بجبي اثني عشر منبرا منبر بالفرع ومنبر بمضيقها على أربعة فراسخ منها يعرف بمضيق الفرع ومنبر بالسوارقية وبساية وبرهاط وبعمق الزرع وبالجحفة وبالعرج وبالسقيا وبالابواء وبقديد وبعسفان وبإستارة، هذه كلها من عمل الفرع. وقال الزبير كان حمزة بن عبد الله بن الزبير قد أعطاه أبو الربض والنجفة عينين بالفرع تسقيان أزيد من عشرين ألف نخلة. قديد بضم أوله على لفظ التصغير قرية جامعة مذكورة في رسم الفرع وفي رسم العقيق وهي كثيرة المياه والبساتين. روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم صام حتى أتى قديدا ثم أفطر حتى أتى مكة هكذا روى شعبة عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس والعلاء بن المسيب عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس ورواه الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس فصام حتى بلغ الكديد ثم أفطر. وهذه الرواية أصح وأثبت. وبين قديد والكديد ستة عشر ميلا الكديد أقرب إلى مكة وسميت قديدا لتقدد السيول بها وهي لخزاعة وبقديد كانت وقعة الخارجي الذي يقال له طالب الحق مع أهل المدينة فقالت المدنية ترثيهم :

                                  يا ويلتا وويلا ليه 
                                  أفنت قديد رجاليه

وهناك مات القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق حتف أنفه. وفي الكتب القديمة أن قديدا هو الوادي الذي وقعت فيه الريح بالنبي سليمان وأنه هو الذي أتي فيه بصاحبة سبأ.

* لسان العرب

* معجم ما استعجم

* معجم ما استعجم

قصة مرور النبي صلى الله علية وسلم بخيمتي أم معبد بوادي قديد

في الطريق إلى المدينة مر النبي صلى الله علية وسلم بأم معبد اسمها عاتكة بنت كعب الخزاعية في وادي قديد حيث مساكن خزاعة، وهي أخت خنيس بن خالد الخزاعي الذي روى قصتها، وهي قصة تناقلها الرواة وأصحاب السير، وقال عنها ابن كثير في البداية والنهاية: «وقصتها مشهورة مروية من طرق يشد بعضها بعضا». فعن خالد بن خنيس الخزاعي صاحب رسول الله صلى الله علية وسلم : «أن رسول الله صلى الله علية وسلم حين خرج من مكة، وخرج منها مهاجراً إلى المدينة، هو وأبو بكر رضي الله عنة ومولى أبي بكر عامر بن فهيرة رضي الله عنة ودليلهما الليثي عبد الله بن أريقط، مروا على خيمتي أم معبد الخزاعية، وكانت برزة (كبيرة في السن لا تحتجب) جلدة (قوية وعاقلة) تحتبي (تجلس) بفناء القبة ثم تسقي وتطعم، فسألوهما لحماً وتمراً، ليشتروه منها، فلم يصيبوا عندها شيئاً من ذلك، وكان القوم مُرْمِلين (نفد زادهم) مسنتين (داخلين في أسنة وهى المجاعة) فنظر رسول الله صلى الله علية وسلم إلى شاة في كسر الخيمة(أي جانب الخيمة) فقال: «ما هذه الشاة يا أم معبد؟» قالت: خلفها الجهد عن الغنم، قال: «فهل بها من لبن؟» قالت: هي أجهد من ذلك، قال: «أتأذنين أن أحلبها؟» قالت: بلى بأبي أنت وأمي، نعم، إن رأيت بها حلباً فاحلبها.

فدعا بها رسول الله صلى الله علية وسلم فمسح بيده ضرعها، وسمي الله عز وجل، ودعا لها في شاتها، فتفاجت (فتحت ما بين رجليها للحلب) عليه، ودرت واجترت ودعا بإناء يُرْبِض(يسقيهم) الرهط، فحلب فيها ثجا (لبنا كثيرا سائلا) حتى علاه البهاء ثم سقاها حتى رويت، وسقى أصحابه حتى رووا، وشرب آخرهم صلى الله علية وسلم ثم أراضوا(ارتوا)، ثم حلب فيها ثانياً بعد بدء حتى ملأ الإناء، ثم غادره عندها، ثم بايعها، وارتحلوا عنها.

وصف النبى صلى الله علية وسلم: فقلما لبثت حتى جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزا عجافا يتساوكن هُزلا(يتمايلن)ضحى، مخهن قليل، فلما رأى أبو معبد اللبن عجب، وقال: من أين لك هذا اللبن يا أم معبد، والشاة عازب حيال (لا تحمل) ولا حلوبة في البيت؟ قالت: لا والله، إلا أنه مر بنا رجل مبارك، من حاله كذا وكذا، قال: صفيه لي يا أم معبد. قالت: رأيت رجلا ظاهر الوضاءة (الجمال)، أبلج الوجه (مضيء) حسن الخلق، لم تعبه نحلة (ليس نحيل) ولا تزر به صعلة (صغر الرأس) وسيم، في عينيه دعج (شديد السواد شديد البياض). وفي أشفاره وطف(طول الرموش). وفي صوته صهل (ليس حاد الصوت) وفي عنقه سطع (طول العنق) وفي لحيته كثاثة، (أي لحيته كثيفة). أزج (دقيق شعر الحاجبين مع طولهما)، أقرن (متصل ما بين حاجبيه من الشعر)، إن صمت فعليه الوقار، وإن تكلم سما (علا برأسه أو بيده وارتفع) وعلاه البهاء. أجمل الناس وأبهاه من بعيد، وأحلاه وأحسنه من قريب، حلو المنطق، فصل لا هذر ولا نزر(لا كثير الكلام ولا قليله)، كأن منطقه خرزات نظم يتحدرن، ربع(ليس بالطويل وليس بالقصير) لا يأس من طول ولا تقتحمه العين من قصر غصن بين غصنين، فهو أنضر الثلاثة منظراً، وأحسنهم قدراً، له رفقاء يحفون به، إن قال استمعوا لقوله، وإن أمر تبادروا إلى أمره، محفود(مخدوم)، محشود(يجتمع الناس حوله)، لا عابس ولا مُفنَّد (ليس منسوب إلى قلة العقل). قال أبو معبد: هو والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر بمكة، ولقد هممت أن أصحبه، ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلاً. وقد روي أنها كثرت غنمها، ونمت حتى جلبت منها جلباً إلى المدينة، فمر أبو بكر، فرآه ابنها فعرفه، فقال: يا أمه هذا الرجل الذي كان مع المبارك، فقامت إليه فقالت: يا عبد الله من الرجل الذي كان معك؟ قال: أو ما تدرين من هو؟ قالت: لا، قال: هو نبي الله، فأدخلها عليه، فأطعمها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاها. وفي رواية: فانطلقت معي وأهدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً من أقط ومتاع الأعراب، فكساها وأعطاها، قال: ولا أعلمه إلا قال: وأسلمت، وذُكر أنها هاجرت هي وزوجها وأسلم أخوها خنيس واستشهد يوم الفتح.

قصة لحاق سراقة بن مالك بالرسول صلى الله علية وسلم وأبي بكر الصديق عند الهجرة بوادي قديد

لما أيس المشركون من الإمساك بالرسول صلى الله علية وسلم وصاحبه الصديق جعلوا لمن جاء فيهما دية كل واحد منهما لمن يأتي بهما أو بأحدهما فجد الناس في الطلب والله غالب على أمره فلما مروا بحي مدلج مصعدين من قديد بصر بهم رجل فوقف على الحي فقال : لقد رأيت آنفا أسودة ما أراها إلا محمدا وأصحابه، ففطن بالأمر سراقة بن مالك فأراد أن يكون الظفر له وقد سبق له من الظفر ما لم يكن في حسابه فقال : بل هما فلان وفلان خرجا في طلب حاجة لهما ثم مكث قليلا ثم قام فدخل خباءه وقال لجاريته : اخرجي بالفرس من وراء الخباء وموعدك وراء الأكمة ثم أخذ رمحه وخفض عاليه يخط به الأرض حتى ركب فرسه فلما قرب منهم وسمع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر يكثر الالتفات ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا يلتفت - قال أبو بكر : يا رسول الله ! هذا سراقة بن مالك قد رهقنا فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فساخت يدا فرسه في الأرض فقال : قد علمت أن الذي أصابني بدعائكما فادعوا الله لي ولكما أن أرد الناس عنكما فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم فخلصت يدا فرسه فانطلق وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن يكتب له كتابا فكتب له أبو بكر بأمره في أديم وكان الكتاب معه إلى يوم فتح مكة فجاء به فوفى له رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع فوجد الناس في الطلب فجعل يقول : قد استبرأت لكم الخبر وقد كفيتم ها هنا فكان أول النهار جاهدا عليهما وكان آخره حارسا لهما.*

  • مختصر سيرة الرسول

بعض الأحاديث للرسول صلى الله علية وسلم والتي ورد فيها ذكر وادي قديد

1– 1 حديث ضرس الكافر مثل أحد ومقعده من النار كما بين قديد ومكة :

حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النضر ثنا عبد الرحمن يعنى بن عبد الله بن دينار عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ضرس الكافر مثل أحد وفخذه مثل البيضاء ومقعده من النار كما بين قديد ومكة وكثافة جلده اثنان وأربعون ذراعا بذراع الجبار. تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده ضعيف محتمل للتحسين*

1 - 2 حديث يدخل من أمتي سبعين ألفا بغير حساب :

قال الإمام أحمد : عن عطاء بن يسار أن رفاعة الجهني حدثه قال : أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بالكديد - أو قال بقديد - فذكر حديثا وفيه ثم قال : " وعدني ربي عز وجل أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا بغير حساب وإني لأرجوا أن لا يدخلوها حتى تبوؤا أنتم ومن صلح من أزواجكم وذرياتكم مساكن في الجنة "قال الضياء : وهذا عندي على شرط مسلم. وفي مسند الإمام أحمد بن حنبل : قال حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل بن إبراهيم قال حدثنا هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار عن رفاعة الجهني قال : أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بالكديد أو قال بقديد فجعل رجال منا يستأذنون إلى أهليهم فيأذن لهم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال ما بال رجال يكون شق الشجرة التي تلي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبغض إليهم من الشق الآخر فلم نر عند ذلك من القوم الا باكيا فقال رجل ان الذي يستأذنك بعد هذا لسفيه فحمد الله وقال حينئذ أشهد عند الله لا يموت عبد يشهد أن لا إله الا الله وإني رسول الله صدقا من قلبه ثم يسدد الا سلك في الجنة * قال وقد وعدني ربي عز وجل أن يدخل من أمتي سبعين ألفا لا حساب عليهم ولا عذاب وإني لأرجو أن لا يدخلوها حتى تبوؤا أنتم ومن صلح من آبائكم وأزواجكم وذرياتكم مساكن في الجنة تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير أن صحابيه لم يرو له سوى النسائي وابن ماجة.*

1 – 3 نزول الله في السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل.

روى عبد الله بن بكر السهمي قال : ثنا هشام بن أبي عبد الله عن يحيى بن كثير عن هلال بن أبي ميمونة قال : ثنا عطاء بن يسار أن رفاعة الجهني حدثه قال : فكنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كفا بالكديد - أو قال بقديد - حمد الله وأثنى عليه ثم قال : (إذا مضى ثلث الليل - أو قال ثلثا الليل - نزل الله عز وجل إلى السماء فيقول : من ذا الذي يدعوني أستجيب له ؟ من ذا الذي يستغفرني أغفر له ؟ من ذا الذي يسألني أعطيه ؟ حتى ينفجر الفجر)نزولا يليق بذاته من غير حركة وانتقال تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. * وفي رواية أخرى.. حدثناه الحسين بن الحسن ويعقوب بن إبراهيم الدورقي وزياد بن أيوب قالوا : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم قال : حدثنا هشام الدستوائي قال : حدثنا يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار عن رفاعة الجهني - واللفظ لابن المبارك - قال : أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بالكديد - أو قال : بقديد - جعل رجال منا يستأذنون على أهليهم فيأذن لهم فحمد الله عز وجل وقال : خيرا وقال : إذا مضى نصف الليل - أو قال : ثلث - ينزل الله عز وجل إلى السماء الدنيا فيقول : لا أسأل عن عبادي غيري من ذا الذي يستغفرني فأغفر له ؟ من ذا الذي يدعوني فأستجيب له ؟ من ذا الذي يسألني فأعطيه ؟ حتى ينفجر الصبح.*

1 – 4 صيام الرسول صلى الله علية وسلم في سفرة حتى بلغ قديد.

روى البيهقي من حديث عاصم بن علي عن الليث بن سعد عن عقيل عن الزهري اخبرني عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا غزوة الفتح في رمضان قال وسمعت سعيد بن المسيب يقول مثل ذلك لا أدري اخرج في ليال من شعبان فاستقبل رمضان أو خرج في رمضان بعد ما دخل غير أن عبيد الله بن عبد الله أخبرني أن ابن عباس قال صام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ الكديد الماء الذي بين قديد وعسفان أفطر فلم يزل يفطر حتى انصرم الشهر. *

حدثنا معاذ بن المثنى وعثمان بن عمر الضبي قالا : ثنا أبو الوليد الطيالسي (ح) وحدثنا يوسف القاضي ثنا سليمان بن حرب قالا : ثنا شعبة عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في رمضان زمن الفتح فصام حتى إذا كان بقديد افطر وأفطر أصحابه حتى قدموا مكة واللفظ لسليمان بن حرب. *

خرج رسول الله صلى الله علية وسلم عام الفتح في شهر رمضان فصام حتى مر بقديد (بقديد : مصغرا : وهو موضع بين مكة والمدينة. النهاية [ 4 / 22 ] ب) في الطريق وذلك في نحو الظهيرة فعطش الناس وجعلوا يمدون أعناقهم وتتوق أنفسهم إليه فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدح فيه ماء فأمسكه على يده حتى رآه الناس ثم شرب فشرب الناس.*

1 – 5 الرسول يأمر بصيام يوم عاشوراء وهو بقديد.

حدثنا سحاق بن إبراهيم الدبري عن عبد الرزاق عن إسرائيل عن سماك بن حرب عن معبد القرشي قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم بقديد فأتاه رجل فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : أطعمت اليوم شيئا ليوم عاشوراء ؟ فقال : لا إلا أني شربت ماء قال : فلا تطعم شيئا حتى تغرب الشمس واءمرن من وراءك أن يصوموا هذا اليوم. *

1 – 6 الصعب بن جثامة يهدي رجل حمار وحش للرسول صلى الله علية وسلم فيردها وهو محرم بقديد.

أخبرنا محمد بن قدامة قال حدثنا جرير عن منصور عن الحكم عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال : أهدي الصعب بن جثامة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل حمار وحش تقطر دما وهو محرم وهو بقديد فردها عليه. قال الشيخ الألبان: صحيح *

حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عفان ثنا شعبة قال أخبرني الحكم بن عتبة قال سمعت سعيد بن جبير يحدث عن بن عباس : ان الصعب بن جثامة الليثي أهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم بقديد عجز حمار فرده وهو يقطر دما.*

1 – 7 الرسول صلى الله علية وسلم يواعد بعض أصحابه لقائهم بقديد.

حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب حدثني أبي عن بن إسحاق حدثني معبد بن كعب بن مالك عن أبي قتادة الحرث بن ربعي قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سيف البحر في بعض عمره إلى مكة ووعدنا أن نلقاه بقديد فخرجنا ومنا الحلال ومنا الحرام قال فكنت حلالا فذكر الحديث قال وفيه هذه العضد قد شويتها وأنضجتها وأطيبتها قال فهاتها قال فجئته بها فنهسها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حرام حتى فرغ منها. *

1 – 8 الرسول صلى الله علية وسلم يتصدق بلحم هدي يوم الحديبية بقديد.

حدثنا فهد قال ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال ثنا سفيان بن عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد عن أبيه عن سباع بن ثابت عن أم كرز قالت : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية أسأله عن لحوم الهدي قال أبو جعفر فذهب قوم إلى ان الهدي إذا صد عن الحرم نحر في غير الحرم واحتجوا في ذلك بهذا الحديث وقالوا لما نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدي بالحديبية إذ صد عن الحرم دل ذلك على أن لمن منع من إدخال هديه الحرم أن يذبحه في غير الحرم وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا لا يجوز نحر الهدي إلا في الحرم وكان من حجتهم في ذلك قول الله عز وجل هديا بالغ الكعبة فكان الهدي قد جعله الله عز وجل ما بلغ الكعبة فهو كالصيام الذي جعله الله عز وجل متتابعا في كفارة الظهار وكفارة القتل فلا يجوز غير متتابع وإن كان الذي وجب عليه غير منطبق الإتيان به متتابعا فلا تبيحه الضرورة أن يصومه متفرقا فكذلك الهدي الموصوف ببلوغ الكعبة لا يجزئ الذي هو عليه كذلك وإن صد عن بلوغ الكعبة للضرورة أن يذبحه فيما سوى ذلك وكان من الحجة لهم على أهل المقالة الأولى في نحر النبي صلى الله عليه وسلم لذلك الهدي الذي نحره بالحديبية لما صد عن الحرم وتصدق بلحمه بقديد أن قوما زعموا أن نحره إياه كان في الحرم.*

  • مسند أحمد بن حنبل
  • مسند أحمد بن حنبل
  • الإبانة - الأشعري
  • الشريعة
  • البداية والنهاية
  • المعجم الكبير
  • كنز العمال
  • المعجم الكبير
  • سنن النسائي
  • مسند أحمد بن حنبل
  • مسند أحمد بن حنبل
  • شرح معاني الآثار

ذكر من نزل من صحابة رسول الله صلى الله علية وسلم وتابعيهم وادي قديد

1 -عمر بن الخطاب ينزل قديد 

عن حزام بن هشام الكعبي عن أبيه قال رأيت عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يحمل ديوان خزاعة حتى ينزل قديدا فنأتيه بقديد فلا يغيب عنه امرأة بكر ولا ثيب فيعطيهن في أيديهن ثم يروح فينزل عسفان فيفعل مثل ذلك أيضا حتى توفي.*

عن عبد الرزاق عن بن جريج عن عبد الكريم وذكر أن قتادة المدلجي كانت له جارية فجاءت برجلين فبلغا ثم تزوجا فقالت امرأته لا أرضى حتى تأمرها بسرح الغنم فأمرها فقال ابنها نحن نكفي ما كلفت أمنا فلم تسرح أمهما فأمرها الثانية فلم تفعل وسرح ابنها فغضب وأخذ السيف وأصاب ساق ابنه فنزف فمات فجاء سراقة عمر بن الخطاب في ذلك فقال وافني بقديد بعشرين ومئة بعير فإني نازل عليكم فأخذ أربعين خلفة ثنية إلى بازل عامها وثلاثين جذعة وثلاثين حقة ثم قال لأخيه هي لك وليس لأبيك منها شيء وذكروا أنهم عذروا قتادة عند عمر فقالوا لم يتعمده إنما أراد الحدب فأخطأته فغلظ عمر ديته فجعلها شبه العمد. * عن عبد الرزاق عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب أن سراقة بن جعشم أتى عمر بن الخطاب فأخبره أن رجلا منهم يدعى قتادة حذف ابنه بسيف فأصاب ساقيه فنزي منه فمات فأعرض عنه عمر فقال له سراقة لئن كنت واليا لتقبلن علينا وإن كان غيرك فأمرنا إليه قال فأقبل إليه عمر فعرض عليه الأمر فقال عمر أعدد لي بقديد عشرين ومئة فلما جاءه أخذ منها ثلاثين حقة وثلاثين جذعة وأربعين خلفة ثم قال أين أخ المقتول خذها ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليس لقاتل ميراث.

2- عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب ينزلان بقديد.

حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم بن سليمان يعنى بن المغيرة عن على بن زيد ثنا عبد الله بن الحرث بن نوفل الهاشمي قال : كان أبي الحرث على أمر من أمر مكة في زمن عثمان فأقبل عثمان إلى مكة فقال عبد الله بن الحرث فاستقبلت عثمان بالنزل بقديد فاصطاد أهل الماء حجلا فطبخناه بماء وملح فجعلناه عراقا للثريد فقدمناه إلى عثمان وأصحابه فامسكوا فقال عثمان صيد لم أصطده ولم نأمر بصيده اصطاده قوم حل فأطعموناه فما بأس فقال عثمان من يقول في هذا فقالوا على فبعث إلى علي فجاء قال عبد الله بن الحرث فكأني أنظر إلى علي حين جاء وهو يحت الخبط عن كفيه فقال له عثمان صيد لم نصطده ولم نأمر بصيده اصطاده قوم حل فأطعموناه فما بأس قال فغضب على وقال أنشد الله رجلا شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أتى بقائمة حمار وحش فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا قوم حرم فأطعموه أهل الحل قال فشهد اثنا عشر رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال على أشهد الله رجلا شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أتى ببيض النعام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا قوم حرم أطعموه أهل الحل قال فشهد دونهم من العدة من الاثني عشر قال فثنى عثمان وركه عن الطعام فدخل رحله وأكل ذلك الطعام أهل الماء.*

3 - موت ابن لعبدالله بن عــباس وهـو بقـديـد :

حدثنا عبد الله ثنا أبى ثنا هارون قال أبو عبد الرحمن وسمعته أنا من هارون قال أنا بن وهب حدثني أبو صخر عن شريك بن عبد الله بن أبى نمر عن كريب مولى بن عباس عن عبد الله بن عباس : أنه مات بن له بقديد أو بعسفان فقال يا كريب انظر ما اجتمع له من الناس قال فخرجت فإذا ناس قد اجتمعوا له فأخبرته قال يقول هم أربعون قال نعم قال أخرجوه فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا الا شفعهم الله فيه. *

4 - عبد الله بن عمر يشتـري هـدياً من قديـد :

حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق سمعت عبيد الله بن عمر وعبد العزيز بن أبي رواد يحدثان عن نافع قال : خرج بن عمر يريد الحج زمان نزل الحجاج بابن الزبير فقيل له ان الناس كائن بينهم قتال وأنا نخاف ان يصدوك فقال { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة } إذن أصنع كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم أشهدكم أني قد أوجبت عمرة ثم خرج حتى إذا كان بظهر البيداء قال ما شأن العمرة والحج إلا واحد أشهدكم أني قد أوجبت حجا مع عمرتي وأهدى هديا اشتراه بقديد فانطلق حتى قدم مكة فطاف بالبيت وبين الصفا والمروة لم يزد على ذلك ولم ينحر ولم يحلق ولم يقصر ولم يحلل من شيء كان احرم منه حتى كان يوم النحر فنحر وحلق ثم رأى ان قد قضى طوافه للحج والعمرة ولطوافه الأول ثم قال هكذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم. *

حدثنا أبو بكر قال حدثنا علي بن مسهر عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر أنه أقام بمكة ثم خرج يريد المدينة حتى إذا كان بقديد بلغه أن جيشا من جيوش الفتنة دخلوا المدينة فكره أن يدخل عليهم فرجع إلى مكة فدخلها بغير إحرام. *

5 - نفور البعير بالسيدة عائشة رضي الله عنها بقـديد :

ذكر فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتى بيت أبي بكر في الظهيرة : قالت عائشة : وفي البيت أنا وأختي أسماء فقال أخرج من معك فقال أبو بكر : إنما هما بنتاي يا رسول الله وقال في جامع البخاري : إنما هم أهلك يا رسول الله وذلك أن عائشة قد كان أبوها أنكحها من قبل ذلك وكذلك روي عن أمها أم رومان بنت عامر بن عويمر ويقال في اسم أبيها : رومان بفتح الراء أيضا فقال ابن إسحق في غير رواية ابن هشام في حديث طويل ثابت اختصرته : إن أبا بكر حين هاجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف بناته بمكة فلما قدموا المدينة أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة وأبا رافع مولاه وأرسل أبو بكر عبد الله بن أريقط الديلي وأرسل معهم خمسمائة درهم فاشتروا بها ظفرا بقديد ثم قدموا مكة فخرجوا بسودة بنت زمعة وبفاطمة وبأم كلثوم. قالت عائشة : وخرجت أمي معهم ومع طلحة بن عبيد الله مصطحبين فلما كنا بقديد نفر البعير الذي كنت عليه أنا وأمي : أم رومان في محفة فجعلت أمي تنادي : وابنيتاه واعروساه ! ! وفي رواية يونس عن ابن إسحق وفيه قالت عائشة : فسمعت قائلا يقول ولا أرى أحدا ألقى خطامه فألقيته من يدي فقام البعير يستدير به كأن إنسانا تحته يمسكه حتى هبط البعير من الثنية فسلم الله فقدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبني المسجد وأبياتا له فنزلت مع أبي بكر ونزلت سودة بنت زمعة في بيتها فقال أبو بكر : ألا تبني بأهلك يا رسول الله فقال : لولا الصداق قالت : فدفع إليه ثنتي عشرة أوقية ونشا والنش : عشرون درهما وذكرت الحديث. ورواه ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة. *

6 - عمر بن عبد العزيز قدم قديد.

عن حزام بن هشام الخزاعي قال أن عمر بن عبد العزيز قدم قديدا فأرسل إلى أبي ببغلة فركب نحوه وذهبت معه حتى قدم على عمر بن عبد العزيز فسأله عمر اين ترانا من القوم قال كل يعمل على شاكلته قال على ذاك اخبرني قال هل كنت لو انك خليفة تقبل تسير مع القوم على رواحلهم ليس امامك حرس ولا وراءك حتى يبلغوا منزلا فينزلوا به أما لصلاة واما لموضع طهور فتنيخ راحلتك كما ينيخها القوم وحال رحلك كما يحله القوم ومفترش إلى رحلك كما يفترش القوم ومقيد راحلتك كتقييد القوم ثم قال لحاجته فإذا راحلة رجل من القوم قد جمع بين وظيفتها فخالس إليها فمر حتى قيدها ثم راجع إلى القوم يعرفون الغضب في وجهك ثم قال يظل احدكم على قلب دابته حتى إذا حان رزقها جمع بين عظمين من عظامها بئس والله ما تصنعون فأنا والله رأيت عمر بن الخطاب يصنع هذا.

موضع صنم مناة في وادي قديد

مناة هذه التي ذكرها الله في سورة النجم} ومناة الثالثة الأخرى{([2])كانت لهذيل وخزاعة وكانت قريش وجميع العرب تعظمها، فلم تزل على ذلك حتى خرج الرسول r من المدينة سنة 8 هـ وبعث علي بن أبي طالب إليها فهدمها، وأخذ ما كان لها وأقبل بها إلى رسول الله r, وكانت الأزد وغسان يهللون له ويحجون إليه، وكان أول من نصبه عمرو بن لحيّ الخزاعي. وتشير المصادر بأنه هو أول من أدخل عبادة الأصنام إلى الجزيرة العربية، فكانت مناة أقدم هذه الأصنام، وكان الأوس والخزرج هم الأكثر تعظيماً لهذا الصنم)

وتبعد مناة عن قديد عشرة كيلومترات تقريباً وفيها يتربع مناة على ربوة يرتفع منسوبها عن البحر قرابة خمسة وعشرين متراً، ويمكن للناظر ليلاً أن يرى منها ميناء ثول، وميناء القضيمة، حيث لا توجد حواجز طبيعية تحجز الرؤية عن البحر، وتشرف جروف حرّة القديدية(المشلل) على هذا الموقع من ارتفاع يعلو الموقع بنحو 75 متراً، ويبدو أن هذا الجرف الصخري البازلتي كان يستخدم في السابق مرشداً للمسافرين ليساعدهم على تحديد موقع مناة بدقة. ولمن يريد الوصول إلى هذا الموقع اليوم، عليه أن يسلك طريقاً ترابياً ممهداً يسير وخط الضغط العالي للكهرباءالى جهة الشمال من طريق الهجره، ويتوقف عند البرج الكهربائي الذي يحمل رقم [ 107 ] أو [401 = F5 ]، فقد حل هذا البرج مكان مناة، ويتربع البرج على ربوة دائرية الشكل، يوحي توزع الحجارة البازلتية حولها، بأنها كانت تلتف حولها على شكل حلقات، ولم يتم التأكد بأن هذه الربوة طبيعية أم من صنع عُبّاده. ([3]) والمشلل : بالضم ثم الفتح وفتح اللام أيضاً، والشل الطرد : وهو جبل يُهبَط منه إلى قديد من ناحية البحر. قال العرجي :

                          ألا قل لـمن أمسى بمكة قاطناً 
                        دعوا الحجّ لا تستهلكوا نفقاتكم
                         ومن جاء من عَمق ونَقْب المشلل
                       فـما حجُّ هـذا العـام بالمتقبل ([1]) 

وينقل البلادي عن البكري أن : المشلل ثنية مشرفة على قديد، وبالمشلل دفن مسلم بن عقبة، قائد يزيد بن معاوية، الذي استباح المدينة ثلاثة أيام فيما يعرف بيوم الحرّة، وبعد دفنه، نبش قبره، ثم صلب هناك. وإلى الغرب من موقع مناة بنحو 4 كم، يعتقد أهل المنطقة بأن يوجد موقع خيمة أم معبد التي مر بها الرسول صلى الله علية وسلم في هجرته مع أبي بكررضي الله عنة.

(1) معجم البلدان، ياقوت الحموي، المجلد الرابع، ص 271.
(2) آية 20.
(3) بحث طريق جيش المشركين من مكة إلى بدر. مركز أبحاث المدينة المنوره

لقاء وفد بني سليم الرسول صلى الله عليه وسلم بقديد وإسلامهم عام الفتح

قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من بني سليم يقال له قيس بن نشبة فسمع كلامه وسأله عن أشياء فأجابه ووعى ذلك كله ودعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام فأسلم ورجع إلى قومه بني سليم فقال سمعت ترجمة الروم وهيمنة فارس وأشعار العرب وكهانة الكهان وكلام مقاول حمير فما يشبه كلام محمد شيئا من كلامهم فأطيعوني وخذوا بنصيبكم منه فلما كان عام الفتح خرجت بنو سليم فلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقديد وهم سبع مائة ويقال كانوا ألفا وفيهم العباس بن مرداس وجماعة من أعيانهم فأسلموا وقالوا اجعلنا في مقدمتك واجعل لواءنا احمر وشعارنا مقدما ففعل ذلك بهم فشهدوا معه الفتح والطائف وحنينا وقد كان راشد بن عبد ربه السلمي يعبد صنما فرآه يوما وثعلبان يبولان عليه فقال

... أرب يبول الثعلبان برأسه... لقد ذل من بالت عليه الثعالب... ثم شد عليه فكسره ثم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اسمك قال غاوي بن عبد العزى فقال بل أنت راشد بن عبد ربه واقطعه موضعا يقال له رهاط فيه عين تجري يقال لها عين الرسول وقال هو خير بني سليم وعقد له على قومه وشهد الفتح وما بعدها. قال شاعرهم عباس بن مرداس السلمي رضي الله عنه.

        من مبلغ الأقوام أن محمدا.... رسول الاله راشد حيث يمما
       دعا ربه واستنصر الله وحده.... فأصبح قد وفى اليه وأنعما
       سرينا وواعدنا قديدا محمدا.... يؤم بنا أمرا من الله محكما
       تماروا بنا في الفجر حتى تبينوا... مع الفجر فتيانا وغابا مقوما
       على الخيل مشدودا علينا دروعنا.... ورجلا كدفاع الأتي عرمرم
       فان سراة الحي إن كنت سائلا..... سليم وفيهم منهم من تسلما
       وجند من الأنصار لا يخذلونه..... أطاعوا فما يعصونه ما تكلما
       فإن تك قد امرت في القوم خالدا... وقدمته فإنه قد تقدما
       بجند هداه الله أنت أميره... تصيب به في الحق من كان أظلما
       حلفت يمينا برة لمحمد... فأكملتها ألفا من الخيل ملجما
       وقال نبي المؤمنين تقدموا... وحب الينا أن نكون المقدما
       وبتنا بنهي المستدير ولم يكن... بنا الخوف إلا رغبة وتحزما
       أطعناك حتى أسلم الناس كلهم... وحتى صبحنا الجمع أهل يلملما
       يظل الحصان الأبلق الورد وسطه... ولا يطمئن الشيخ حتى يسوما
       سمونا لهم ورد القطا زفه ضحى... وكلا تراه عن أخيه قد أحجما
       لدن غدوة حتى تركنا عشية.... حنينا وقد سالت دوامعه دما
       إذا شئت من كل رأيت طمرة..... وفارسها يهوي ورمحا محطما
       وقد أحرزت منا هوازن سربها... وحب إليها أن تخيب وتحرما

هكذا أورد الامام أحمد بن اسحاق هذه القصائد من شعر عباس بن مرداس السلمي رضي الله عنه. *

  • البداية والنهاية

معارك وغزوات وقعت في وادي قديد

1 - غزوة المريسيع(بني المـصـطـلق)

قال قتادة : مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسراياه ثلاث وأربعون. أربع وعشرون سرية بعثها وتسع عشرة غزوة خرج فيها. لقي منها ثمانية بنفسه : ببدر والأحزاب والمريسيع وقديد وخيبر وفتح مكة وحنين والحديبية سنة ست. (مختصر تاريخ دمشق) فلقد غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم في شعبان من السنة السادسة بني المصطلق من خزاعة لما بلغه أنهم مجتمعون له وقائدهم الحرث بن أبي ضرار أبو جويرية أم المؤمنين فخرج إليهم واستخلف أبا ذر الغفاري وقيل نميلة بن عبد الله الليثي ولقيهم بالمريسيع من مياههم ما بين قديد والساحل فتزاحفوا وهزمهم الله وقتل من قتل منهم وسبي النساء والذرية وكانت منهم جويرية بنت الحرث سيدهم ووقعت في سهم ثابت بن قيس فكاتبها وأدى عنها وأعتقها وتزوجها وأصيب في هذه الغزاة هشام بن صبابة الليثي من بني ليث بن بكر قتله رجل من رهط عبادة بن الصامت غلطا يظنه من العدو وفي مرجع النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الغزاة وفيها قال عبد الله بن أبي بن سلول لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل لمشاجرة وقعت بين جهجاه بن مسعود الغفاري أجير عمر بن الخطاب وبين سنان ابن واقد الجهني حليف بني عوف بن الخزرج فتثاوروا وتباهوا فقال ما قال وسمع زيد بن أرقم مقالته وبلغها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزلت سورة المنافقين وتبرأ منه ابنه عبد الله وقال : يا رسول الله أنت والله الأعز وهو الأذل وإن شئت والله أخرجته ثم اعترض أباه عند المدينة وقال : والله لا تدخل حتى يأذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن له وحينئذ دخل وقال يا رسول الله بلغني أنك تريد قتل أبي وإني أخشى أن تأمر غيري فلا تدعني نفسي أن أقاتله وإن قتلته قتلت مؤمنا بكافر ولكن مرني بذلك فأنا والله أحمل إليك رأسه فجزاه رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا وأخبره أنه لا يصل إلى أبيه سوء و فيها قال أهل الإفك ما قالوا في شأن عائشة مما لا حاجة بنا إلى ذكره وهو معروف في كتب السيرة وقد أنزل الله القرآن الحكيم ببراءتها وتشريفها وقد وقع في الصحيح أن مراجعته وقعت في ذلك بين سعد بن عبادة وسعد بن معاذ وهو وهم ينبغي التنبيه عليه لأن سعد بن معاذ مات بعد فتح بني قريظة بلا شك داخل السنة الرابعة وغزوة بني المصطلق في شعبان من السنة السادسة بعد عشرين شهرا من موت سعد والملاحاة بين الرجلين كانت بعد غزوة بني المصطلق بأزيد من خمسين ليلة والذي ذكر ابن إسحق عن الزهري عن عبيد الله وغيره أن المقاول لسعد بن عبادة إنما هو أسيد بن الحضير والله أعلم و لما علم المسلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج جويرية أعتقوا كل ما كان في أيديهم من بني المصطلق أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطلق بسببها مائة من أهل بيتها ثم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى بني المصطلق بعد إسلامهم بعامين الوليد بن عقبة بن أبي معيط لقبض صدقاتهم فخرجوا يتلقونه فخافهم على نفسه ورجع وأخبر أنهم هموا بقتله فتشاور المسلمون في غدرهم ثم جاء وفدهم منكرين ما كان من رجوع الوليد قبل لقيهم وأنهم إنما خرجوا تلقية وكرامة وروده فقبل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك منهم ونزل قوله تعالى) يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق (الآية *

 2 - سرية غالب بن عبد الله الكلبي إلى بني الملوح     

قال ابن اسحاق حدثني يعقوب بن عتبة عن مسلم بن عبد الله الجهني عن جندب بن مكيث الجهني قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم غالب بن عبد الله الكلبي كلب ليث إلى بني الملوح بالكديد وأمره أن يغير عليهم وكنت في سريته فمضينا حتى إذا كنا بالقديد لقينا الحارث بن مالك بن البرصاء الليثي فأخذناه فقال إني إنما جئت لأسلم فقال له غالب بن عبد الله إن كنت إنما جئت لتسلم فلا يضيرك رباط يوم وليلة وإن كنت على غير ذلك استوثقنا منك قال فأوثقه رباطا وخلف عليه رويجلا أسود كان معنا وقال أمكث معه حتى نمر عليك فان نازعك فاحتز رأسه ومضينا حتى أتينا بطن الكديد فنزلنا عشية بعد العصر فبعثني أصحابي اليه فعمدت إلى تل يطلعني على الحاضر فانبطحت عليه وذلك قبل غروب الشمس فخرج رجل منهم فنظر فرآني منبطحا على التل فقال لامرأته إني لأرى سوادا على هذا التل ما رأيته في أول النهار فانظري لا تكون الكلاب اجترت بعض أوعيتك فنظرت فقالت والله ما أفقد منها شيئا قال فناوليني قوسي وسهمين من نبلي فناولته فرماني بسهم في جنبي أو قال في جبيني فنزعته فوضعته ولم أتحرك ثم رماني بالآخر فوضعه في رأس منكبي فنزعته فوضعته ولم أتحرك فقال لامرأته أما والله لقد خالطه سهماي ولو كان ريبة لتحرك فاذا أصبحت فابتغي سهمي فخذيهما لا تمضغهما علي الكلاب قال فأمهلنا حتى إذا راحت روايحهم وحتى احتلبوا وعطنوا وسكنوا وذهبت عتمة من الليل شننا عليهم الغارة فقتلنا واستقنا النعم ووجهنا قافلين به وخرج صريخ القوم إلى قومهم بقربنا قال وخرجنا سراعا حتى نمر بالحارث بن مالك بن البرصاء وصاحبه فانطلقنا به معنا وأتانا صريخ الناس فجاءنا مإلا قبل لنا به حتى إذا لم يكن بيننا وبينهم الا بطن الوادي من قديد بعث الله من حيث شاء ماء ما رأينا قبل ذلك مطرا ولا حالا وجاء بما لا يقدر أحد أن يقدم عليه فلقد رأيتهم وقوفا ينظرون الينا ما يقدر أحد منهم أن يقدم عليه ونحن نجديها أو نحدوها شك النفيلي فذهبنا سراعا حتى أسندنا بها في المسلك ثم حذرنا عنه حتى أعجزنا القوم بما في أيدينا وقد رواه أبو داود من حديث محمد بن اسحاق في روايته عبد الله بن غالب والصواب غالب بن عبد الله كما تقدم وذكر الواقدي هذه القصة باسناد آخر وقال فيه وكان معه من الصحابة مائة وثلاثون رجلا.*

3 - وقعة قديد:

قال أبو جعفر وفي سنة ثلاثين ومائة كانت الوقعة التي كانت بقديد بين أبي حمزة الخارجي وأهل المدينة. ذكر الخبر عن ذلك :حدثني العباس بن عيسى العقيلي قال حدثنا هارون بن موسى الفروي قال حدثني غير واحد من أصحابنا أن عبد الواحد بن سليمان استعمل عبد العزيز بن عبد الله بن عمرو بن عثمان على الناس فخرجوا فلما كان بالحرة لقيتهم جزر منحورة فمضوا فلما كان بالعقيق تعلق لواؤهم بسمرة فانكسر الرمح فتشاءم الناس بالخروج ثم ساروا حتى نزلوا قديد فنزلوها ليلا وكانت قرية قديد من ناحية القصر المبني اليوم وكانت الحياض هنالك فنزل قوم مغترون ليسوا بأصحاب حرب فلم يرعهم إلا القوم قد خرجوا عليهم من القصر. وقد زعم بعض الناس أن خزاعة دلت أبا حمزة على عورتهم وأدخلوهم عليهم فقتلوهم وكانت المقتلة على قريش هم كانوا أكثر الناس وبهم كانت الشوكة وأصيب منهم عدد كثير قال العباس قال هارون وأخبرني بعض أصحابنا أن رجلا من قريش نظر إلى رجل من أهل اليمن وهو يقول الحمد لله الذي اقر عيني بمقتل قريش فقال لابنه يا بني ابدأ به وقد كان من أهل المدينة قال فدنا منه ابنه فضرب عنقه ثم قال لابنه أي بني تقدم فقاتلا حتى قتلا ثم ورد فلال الناس المدينة وبكى الناس قتلاهم فكانت المرأة تقيم على حميمها النواح فما تبرح النساء حتى تأتيهن الأخبار عن رجالهن فتخرج النساء امرأة امرأة كل امرأة تذهب إلى حميمها فتنصرف حتى ما بقي عندها امرأة.

قال وأنشدني أبو ضمرة هذه الأبيات في قتلى قديد الذين أصيبوا من قومه رثاهم بعض أصحابهم فقال :

   يا لهف نفسي ولهفي غير كاذبة       على فوارس بالبطحاء أنجاد
   عمرو وعمرو وعبد الله بينهما          وابناهما خامس والحارث السادي		

وفي هذه السنة دخل أبو حمزة الخارجي من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهرب عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك إلى الشأم. قال هارون وأنشدني بعضهم في قديد :

     ما للزمان وماليه	         أفنت قديد رجاليه
       فلأبكين سريرة   	         ولأبكين علانية
      ولأبكين إذا شجيت  	  مع الكلاب العاويه.*

تسمية من قتـــل بقـديد : من آل الزبير بن العوام : حمزة بن مصعب بن الزبير. وابنه عمارة بن حمزة. ومصعب بن عكاشة بن مصعب. وعتيق بن عامر بن عبد الله بن الزبير. وابنه عمرو بن عتيق. وصالح بن عبد الله بن عروة بن الزبير. والحكم بن يحيى بن عروة بن الزبير. والمنذر بن عبد الله بن المنذر. وقتل أربعة من ولد خالد بن الزبير : سعيد بن محمد بن خالد. وابن لموسى بن خالد. ورجل منهم يقال لهم : بهبنذة. ورجل آخر. وقتل أربعون رجلا من بني أسد. وقتل ذلك أمية بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان. وهرب عبد العزيز بن عبد الله وهو أمير القوم. وقتل يومئذ سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فحدثني إسماعيل بن إبراهيم قال : أخبرني جويرية بن أسماء قال : خرج عبد العزيز بن عبد الله يريد قديدا فسقط لواؤه فتطير الناس قال إسماعيل : وحدثني غسان بن عبد الحميد قال : خرج أمية بن عبد الله بن عمرو بن عثمان مقنعا يوم قديد لا يلتفت إلى أحد ولا يكلم أحدا مقبلا على بثه حتى قتل قال أبو الحسن : ما سمع الناس بواكي أوجع للقلوب من بواكي قديد ما بقي بالمدينة أهل بيت إلا وفيهم بكى. قالت نائحة تبكيهم :

        ما للزمان وماليه	  أفنت قديد رجاليه
        فلأبكين سريرة           	ولأبكين علانية

وصف وادي قديد على لسان أبو زبيد الطائي

أخبرنا أبو خليفة أخبرنا محمد بن سلام أخبرنا أبو الغراف قال كان أبو زبيد الطائي من زوار الملوك ولملوك العجم خاصة وكان عالما بسيرهم وكان عثمان بن عفان يقربه على ذلك ويدنيه ويدني مجلسه وكان نصرانيا، فحضر ذات يوم عثمان وعنده المهاجرون والأنصار فتذاكروا مآثر العرب وأشعارها فالتفت عثمان إلى أبي زبيد واسمه حرملة بن المنذر فقال يا أخا تبع المسيح أسمعنا بعض قولك فقد أنبئت أنك تجيد فأنشده قصيدته التي يقول فيها:

          (من مبلغ قومي النائين إذ شحطوا... أن الفؤاد إليهم شيق ولع)

ووصف فيها الأسد فقال عثمان تالله تفتأ تذكر الأسد ما حييت والله إني لأحسبك جبانا هدانا فقال كلا يا أمير المؤمنين ولكني رأيت منه منظرا وشهدت منه مشهدا لا يبرح ذكره يتجدد في قلبي ومعذور أنا يا أمير المؤمنين غير ملوم، فقال عثمان : وأنى كان ذلك قال خرجت في صيابة أشراف من أفناء قبائل العرب ذوي هيئة وشارة حسنة ترتمي بنا المهارى بأكسائها ونحن نريد الحارث بن أبي شمر الغساني ملك الشام فاخروط بنا المسير في حمارة القيظ حتى إذا عصبت الأفواه وذبلت الشفاه وشالت المياه وأذكت الجوزاء المعزاء وذاب الصيهد وصر الجندب وضاف العصفور الضب في جحره أو قال في وجاره قال قائلنا يا أيها الركب غوروا بنا في ضوج هذا الوادي وإذا واد قديد يمتنا كثير الدغل دائم الغلل شجراؤه مغنة وأطياره مرنة فحططنا رواحلنا في أصول دوحات كنهبلات فأصبنا من فضلات المزاود وأتبعناها الماء البارد فأنا لنصف حر يومنا ذلك ومماطلته إذ صر أقصى الخيل أذنيه وفحص الأرض بيديه، فو الله مالبث أن جال ثم حمحم فبال وفعل فعله الذي يليه واحدا فواحدا فتضعضعت الخيل وتكعكعت الإبل وتقهقرت البغال فمن نافر بشكاله وناهض بعقاله فعلمنا أن قد أتينا وأنه السبع ففزع كل امرئ منا إلى سيفه فاستله من جربانه ثم وقفنا رزدقا فأقبل يتظالع من بغيه كأنه مجنوب أو في هجار لصدره نحيط ولبلاعيمه غطيط ولطرفه وميض ولأرساغه نقيض كأنما يخبط هشيما وإنما يطأ صريما فإذا هامة كالمجن وإذا خد كالمسن وعينان سجراوان كأنهما سراجان يقدان وقصرة ربلة ولهزمة رهلة وكتد مغبط وزور مفرط وساعد مجدول وعضد مفتول وكف شثنة البراثن إلى مخالب كالمحاجن فضرب بيديه فأرهج وكشر فأفرج عن أنياب كالمعاول مصقولة غير مفلولة وفم أشدق كالغار الأخرق ثم تمطى فأشرع بيديه وحفز وركيه برجليه حتى صار ظله مثليه ثم أقعى فاقشعر ثم تميل فاكفهر ثم تجهم فازبأر فلا والذي بيته في السماء ما انفيناه إلا بأول أخ لنا من بني فزارة كان ضخم الجزارة فوقصه ثم نفضه نفضه فقضقض متنيه ثم جعل يلغ في دمه فذمرت أصحابي فبعد لأي ما استقدموا فهجهجنا به فكر مقشعرا بزبرة كأن بين كتفيه شيهما حوليا فاختلج رجلا أعجر ذا حوايا فنفضه نفضة تزايلت مفاصله ثم نهم ففرفر ثم زفر فبربر ثم زأر فجرجر ثم لحظ فوالله لخلت البرق يتطاير من تحت جفونه من عن شماله ويمينه فأرعشت الأيدي واصطكت الأرجل وأطت الأضلاع وارتجت الأسماع وحمجت العيون ولحقت البطون وانخزلت المتون وساءت الظنون فقال عثمان اسكت قطع الله لسانك فقد رعبت قلوب المؤمنين *.

  • (طبقات فحول الشعراء ج2 ص 595)

الموقع والسكان والمساحة

يقع وادي قديد في محافظة خليص وهو أحد مراكزها الإدارية التابعة لمنطقة مكة المكرمة ويقع إلى الشمال منها ويبعد عنها 150 كم وتبلغ مساحة وادي قديد 1632.05 كم 2، ويقدر عدد سكانه 9111 نسمة تقريبا (وفقا للتعدادالعام للسكان والمساكن لعام 1425 هـ)، ويتكون من 50 قرية وهجرة ومسمى سكاني، أشهرها قرية البريكة، قرية دوقة ،قرية الجمعة ،قرية ملح الشمالي والجنوبي، قرية البخترية، قرية الظبية وقرية المندسة ويغلب على سكان الوادي في الوقت الحالي بطون قبيلة حرب مثل: قبيلة اليهيبي ،الجغثمي، القريقري، الفارسي، الرايقي، العدواني، وبعض من بطون قبائل بني سليم. ويتمتع الوادي بالخدمات الأساسية من خدمات تعليمية كمدارس للبنين والبنات والخدمات الصحية حيث يتوفر به مركزين للرعاية الأولية أحدهما في قرية البريكة والآخر في قرية الجمعة ومركز لجمعية الهلال الأحمر السعودي، والخدمات الأمنية حيث يوجد به مركزين للإمارة أحدهما مركز الظبية والجمعة والآخر مركز وادي قديد في قرية البريكة ومركز للشرطة في قرية الجمعة ومركز لأمن الطرق في قرية البريكة.ويوجد مكتب للبريد

--أبو رناد (نقاش) 09:43، 28 ديسمبر 2009 (ت‌ع‌م)