هيوستن ستيوارت تشامبرلين
كان هيوستن ستيوارت تشامبرلاين (9 سبتمبر 1855- 9 يناير 1927) فيلسوفًا ألمانيًا بريطاني المولد ألّف أعمالًا حول الفلسفة السياسية والعلوم الطبيعية، وُصف من قبل مايكل دي. بيديس، مساهم في قاموس أوكسفورد للسير الوطنية، بأنه «كاتب عرقي». تزوج تشامبرلاين إيفا فون بولوف، ابنة المؤلف الموسيقي ريتشارد فاغنر، في ديسمبر من عام 1988 بعد 25 عامًا على وفاة فاغنر.
أشهر كتب تشامبرلاين هو أسس القرن التاسع عشر (دي غروندلاغين ديس نويزنتن جارهنديرتس)، الذي نُشر في عام 1899، والذي كان له تأثير كبير على حركات رابطة الشعوب الجرمانية فولكيش في مطلع القرن العشرين وأثّر لاحقًا على معاداة السامية في السياسات العرقية النازية. في الحقيقة، أشير إلى تشامبرلاين بأنه «يوحنا المعمدان الخاص بهتلر».
نشأته وتعليمه
وُلد هيوستن ستيوارت تشامبرلاين في ساوثسي، هامبشاير، إنجلترا، ابن الأميرال الخلفي ويليام تشارلز تشامبرلاين. توفيت أمه، إيليزا جين، ابنة الكابتن باسيل هال، من البحرية الملكية البريطانية، قبل إتمامه عامه الأول، ربته جدته في فرنسا. أدى سوء صحة تشامبرلاين في كثير من الأحيان إلى إرساله في الشتاء إلى المناخات الأكثر دفئًا في إسبانيا وإيطاليا. جعل هذا التنقل المستمر تكوين صداقاتٍ دائمة مسألة صعبة على تشامبرلاين.
نال تشامبرلاين معظم تعليمه، الذي بدأ في المدرسة الثانوية في فرساي، في القارة، غير أن والده رسم لابنه مسيرة مهنية عسكرية. أُرسل في عمر الحادية عشر إلى جامعة تشيلتنهام، مدرسة داخلية بريطانية خرجت العديد من ضباط الجيش والبحرية. نشأ تشامبرلاين في جو فيكتوري واثق ومتفائل احتفل بالقرن التاسع عشر على أنه «عصر التقدم» وزمن الثروة المتنامية والاكتشافات العلمية والتقدم التكنولوجي والإصلاحات السياسية الديمقراطية، عالم لم يتوقع له الكثير من الفيكتوريين سوى أن يصبح أفضل فأفضل مع تولّي بريطانيا قيادة الطريق لبقية العالم. نشأ تشامبرلاين كليبرالي، وتشارك القيم العامة لليبرالية البريطانية في القرن التاسع عشر مثل الإيمان بالتقدم وبعالم لا يمكن سوى أن يتحسن، وبعظمة بريطانيا كمجتمع ليبرالي ديمقراطي ورأسمالي.
كان تشامبرلاين يكره تشلتنهام بشدة، وشعر بالوحدة هناك وبأنه في غير مكانه. كان تشامبرلاين الشاب «حالمًا قهريًا»، وأكثر اهتمامًا بالفنون منه بالجيش وطور شغفًا بالطبيعة وشعورًا شبه صوفي بالذات. كانت العلوم الطبيعية اهتمام تشامبرلاين الرئيسي في دراسته في تشلتنهام، ولا سيما علم الفلك. ويذكر تشامبرلاين في ما بعد: «لقد كان لضوء النجوم أثر لا يمكن وصفه عليّ». بدت النجوم قريبةً مني، أكثر لطفًا وأكثر جدارة بالثقة وأكثر تعاطفًا –لأن هذه الكلمة هي الوحيدة التي تصف مشاعري- من أي شخص حولي في المدرسة. بالنسبة للنجوم، لقد اختبرت صداقة حقيقية.[١] خلال شبابه، تأثر تشامبرلاين – في حين لم يكن يرفض بالكامل عند هذه النقطة ليبراليته- بالنقد الرومانسي المحافظ للثورة الصناعية. متحسرًا على خسارة «إنجلترا القديمة السعيدة»، حاجج هذا الرأي من أجل العودة إلى وجهة نظر رومانسية للغاية عن الفترة أسطورية وريفية للتاريخ الإنجليزي التي لم توجد قط، إذ كان الناس يعيشون بسعادة وفي انسجام مع الطبيعة على الأرض تحت إشراف نخبة خيرة مثقفة. في هذا النقد، كان يُنظر إلى الثورة الصناعية على أنها كارثة أجبرت الناس على العيش في مدن قذرة ومزدحمة وعلى القيام بأعمال لاإنسانية في المصانع بينما كانت الطبقة الوسطى الجشعة والمادية النزعة تسيطر على المجتمع.[٢]
لم يكن احتمال العمل كضابط في الهند أو في أي مكان آخر في الإمبراطورية البريطانية أمرًا جذابًا بالنسبة له. بالإضافة إلى ذلك، كان طفلًا حساسًا بصحة سيئة. في سن الرابعة عشرة، ترتب عليه الانسحاب من المدرسة. بعد تشلتنهام، شعر تشامبرلاين دومًا بأنه في غير مكانه في بريطانيا، مجتمع لم تكن قيمه هي ذاتها قيم تشامبرلاين، كتب في عام 1876: «قد تكون الحقيقة مؤسفة لكنها تظل حقيقة، لقد أصبحت تمامًا غير إنجليزي لدرجة أن مجرد التفكير في إنجلترا والإنجليز يجعلني غير سعيد». سافر تشامبرلاين بعد ذلك إلى منتجعات صحية مختلفة برفقة معلم بروسي، هير أوتو كونتزي، الذي علمه اللغة الألمانية وجعله يهتم بالثقافة والتاريخ الألمانيين. مفتونًا بفن وعمارة عصر النهضة، تعلّم تشامبرلاين اللغة الإيطالية وخطط للاستقرار في فلورنسا لفترة من الوقت.
ذهب تشامبرلاين بعد ذلك إلى جنيف، حيث درس تحت إشراف كارل فوغت (أحد مؤيدي التصنيف العرقي في جامعة جنيف) وغرايبي ومولر أرغوفيانس وثوري وبلانتامور وأساتذة آخرين. درس علم النبات المنهجي والجيولوجيا وعلم الفلك، وفي وقت لاحق علم التشريح وعلم وظائف الأعضاء في جسم الإنسان.[٣] تحت وصاية الأستاذ يوليوس فون يزنر من جامعة فيينا، درس تشامبرلاين علم النبات في جنيف وحصل على بكالوريوس في العلوم الفيزيولوجية والطبيعية في عام 1881. لم تنته أطروحته، دراسات حول ارتفاع النسغ، حتى عام 1897 ولم تبلغ تأهيلًا إضافيًا. الاتجاه الرئيسي لأطروحة تشامبرلاين هو أنه لا يمكن تفسير النقل الرأسي للسوائل في النباتات الوعائية عبر نسيج الخشب من خلال النظريات الميكانيكية السائلة لذلك الوقت، بل فقط من خلال وجود «قوة الخلق» التي تتجاوز حدود القياس المادي. يلخص أطروحته في المقدمة:
بدون مشاركة هذه الوظائف الحيوية، من المستحيل تمامًا أن يرتفع الماء إلى ارتفاع 150 قدم و200 قدم وأكثر، وجميع الجهود التي يبذلها المرء لإخفاء صعوبات المشكلة من خلال الاعتماد على مفاهيم مشوشة مستمدة من الفيزياء هي أكثر معقولية قليلًا من البحث عن حجر الفيلسوف.
منذ ذلك الحين، ثبت أن الحجج الفيزيائية، ولا سيما السحب التعرقي والضغط الجذري، كافية لتفسير صعود النسغ.
خلال فترة وجوده في جنيف، أصبح تشامبرلاين، الذي احتقر دائمًا بينجامين دزرائيلي، يكره بلاده أكثر فأكثر، واتهم دزرائيلي بأخذ الحياة البريطانية إلى ما اعتبره تشامبرلاين مستوى شديد الانخفاض. خلال أوائل ثمانينيات القرن التاسع عشر، كان تشامبرلاين ما يزال ليبراليًا، «رجل تعامل مع القضايا من منظور غلادستون الحازم وأظهر كرهًا واضحًا لفلسفة وسياسات النزعة البريطانية المحافظة». غالبًا ما عبّر تشامبرلاين عن اشمئزازه من دزرائيلي، «الرجل الذي لامه إلى حد كبير على حقن مصلحة طبقية أنانية وجينغوية في الحياة العامة البريطانية في العقود القادمة». في عام 1881، كتب إلى عائلته في بريطانيا، إذ امتدح وليام إيوارت غلادستون لتقديمه قانون الأرض لجلب «إيجارات عادلة» في آيرلندا والانسحاب من ترانسفال. ظهرت علامات مبكرة على معاداته للسامية في عام 1881 حين وصف ملاك الأراضي في آيرلندا المتأثرين بقانون الأرض بأنهم «يهود ماصون للدماء». كانت فئات ملاك الأراضي الرئيسية في آيرلندا آنذاك من الجنتايل الأنجلو آيرلنديين، على الرغم من أن تعليقاته المعادية للسامية في هذه المرحلة من حياته كانت قليلة ومتباعدة.
كان تشامبرلاين مؤيدًا مبكرًا لنظرية لفيلتيسليهر التي طرحها هانز هوربيغر، وهي النظرية القائلة بأن معظم الأجسام في نظامنا الشمسي مغطاة بالجليد. أصبحت هذه عقيدة كونية رسمية خلال الرايخ الثالث، ويرجع ذلك جزئيًا إلى تأييد تشامبرلاين لها. كان موقف تشامبرلاين تجاه العلوم الطبيعية متناقضًا ومتضاربًا إلى حد ما، كتب لاحقًا: «إن أحد أفدح الأخطاء في عصرنا هو ذلك الذي يدفعنا إلى إعطاء وزن كبير جدًا لما يسمى بـ«نتائج العلوم».
انظر أيضًا
شمبرلن
فيلسوف حضارة ومتخصص في علم الأجناس، من أصل اسكتلندي ثم صار ألمانياً. ولد في ٩ سبتمبر ١٨٥٥ في بورتسماوث (أنجلترة). وتوفي في ٩ يناير
شمبرلن
سنة ١٩٢٧ وكان أبوه «كابتن» في البحرية الإنجليزية، وصار بعد ذلك أميراا؛ وكان أبوه وأمه ينحدران من نبلاء اسكتلنديين. أما جدته لأبيه فكانت ابنة تاجر من ميناء لوبك (ألمانيا) يدعى بيكمن Bockmann وكان ينحدر من أصل اسكتلندي.
وبعد وفاة أمه نشأ شمبرلن عند جدته في مدينة فرساي (فرنسا، من ضواحي باري) وفي سنة ١٨٦٦ دخل مدارس انجليزية. وفي سنة ١٨٧٠ أصيب بمرض خطير وأقام في بادامز Bad Ems، إحدى مدن المياه في جنوبي ألمانيا ■ وقام برحلات إلى سويسرا حيث أقام في مدينة مونتريه. ومن سنة ١٨٧٠ إلى ١٨٧٣ درس عند اللاهوتي الألماني أوتو كونتسه Kuntze ثم عاد إلى إنجلترة، لكن جوها لم يلائمه فسافر في ١٨٧٤ إلى مدينة كان Cannes على الشاطىء اللازوردي في جنوب فرنسا. واشتغل بدراسة علمي النبات والجيولوجيا. وفي سنة ١٨٧٦ سافرإلى أسبانيا وفي عام ١٨٧٩ بدأ دراسة العلوم والطب في جنيف، واستمر فيها حتى سنة ١٨٨٥ . ثم اشتغل في معهد علم الحيوان تحت إشراف كارل فوجت Voget. وحصل على الدكتوراة برسالة عنوانها: «أبحاث في العصارة الصاعدة» (بالفرنسية) لكنه لم ينشرها إلا في سنة ١٨٩١ وفي سنة ١٨٨٢ حضر تمثيل أوبرا «برسيفال» لفاجر في بايرويت، ومن ذلك التاريخ استمر يحضر سنوياً تمثل أوبرات فاجنر في مدينة بايرويت وأصابه انهيار عصبي في سنة ١٨٨٤ مما حمله على ترك الأبحاث العلمية وأقام في درسدن من ١٨٨٥ حتى ١٨٨٩ . وتعرف في سنة ١٨٨٨ إلى كوزما فاجنر، زوجة فاجنر. وسافر إلى فيينا في سنة ١٨٨٩ ، حيث أقام حتى مايو سنة ١٩٠٩ وانعقدت صداقة بينه وبين يوليوس فيسنر Wiesner المختص فى فسيولوجيا النبات. فاستأنف دراساته العلمية، لكنه أصيب مرة أخرى بانهيار عصبي ■ فقام برحلة خلال البوسنة (البلقان). وبدأ دراسة الأجناس - وفي سنة ١٩٠١ تعرف إلى هرمن كيزرلج، وإليه أهدى كتابه عن كنت (١٩٠٥) وتزوج - للمرة الثانية، من إيفا فاجنر. وفي ١٩٠٩ انتقل للسكنى في بسايسرويت، وفي سنة ١٩١٦ حصل على الجنسية الألمانية. ثم أقام في منشن
كان شمبرلن متعدد الجوانب الفكرية؛ لكنه في كل
ناحية طرقها كان شديد الحماسة وافر الوجدان وكان يهدف من وراء دراساته في المقام الأول إلى النفوذ من أسرار الطبيعة. في الإنسان، والحيوان، والنبات، والأحجار. لكنه يقول: «إن العلوم الطبيعية لا يمكن أن تقوم بدون ميتافيزيقا، وعلم جمال، ودون تعاطف مع الدين والفلسفة والفن» («الطبيعة والحياة ص٥ ١ ١). ولهذا عني شمبرلن بالفلسفة والدين وعلم الجمال - إلى جانب تخصصه الرئيسي وهو العلوم الطبيعية. وسعى إلى الكشف عن سر الحياة . وحاول الربط بين الطبيعة وبين الحضارة والثقافة. ومن هنا كان اهتمامه بالفلسفة مرتبطاً بالنظرة في الحياة وفي العالم. وقد كتب شمبرلن جميع مؤلفاته باللغة الألمانية
لكن شهرة شمبرلن إنما تقوم على آرائه في الجنس الآري. فقد مجد هذا الجنس، ونسب إليه أعظم الفضائل وقصد من الجنس الآري خصوصاً الجنس الجرماني . فكان يؤكد أن الجرمان أفضل من سائر الشعوب، خصوصاً الشعوب السامية. وقد كرس لهذا الموضوع أهم كتبه، وهو :
١ - «أسس القرن التاسع عشر، . في مجلدين (الطبعة الأولى، منشن، ١٨٩٩ -١٩٠٤؛ الطبعة العاشرة [شعبية] سنة ١٩١٢؛ وترجم إلى الإنجليزية في سنة ١٩١١) وهذا الكتاب هوأهم كتبه وكان له تأثير هائل في ألمانيا.
٢ - «النظرة الآرية في العالم» (ط١ ، منشن، ١٩٠٥ ؛ط٣منشن، ١٩١٦).
٣- «الماهية (-الشخصية) الألمانية» ط٢، منشن، ١٩١٦).
وعلى الرغم من عدم تقديره لدارون، فإنه مجد دارون لما أسهم به في دراسة مفهوم الجنس. وفي هذا يقول "يرجع إلى دارون، وإلى الحركة العلمية الكبيرة التي قوي بعضها وأبدع بعضها الآخر- تنامى معرفتنا بأهمية الجنس Rasse بالنسبة إلى السلالة الإنسانية» («الجنس والشخصية» ص٧٢) ففي الوقت الذي ترنح فيه مفهوم «النوع» art، اكتسب مفهوم الجنس Rasse تحديداً ومضمونا» (الكتاب نفسه، ص٧١)* ويحدد شمبرلن معنى الجنس Rasse فيقول: «الجنس مرتبة في
شمبرلن
الحياة راقية، تنتج عن تدريب مرتبط بظروف مواتية خاصة، وبفضله يتم تطور فردي متفاضل لاستعدادات الجسم ولبعض ملامح الخلق والعقل» (ص٧٤) والأجناس البشرية تنتج عن ظروف تاريخية وجغرافية ٠ «وتماماً كما هي الحال في الحيوان والنبات نشاهد في بني الإنسان نشوء أجناس، وازدهارها واضمحلالها وانقراضها، وتكاثر أنواعها بالتهجين والمزج وهذه «الأجناس» هي الأفراد التاريخية بالمعنى الصحيح» (ص٧٤) وهي أيضاً الحوامل الحقيقية للقيم ويستعين شمبرلن بأمثلة من عالم الحيوان (الحمام والخيل) لبيان إمكان تدريب الأجناس، ابتغاء تكوين أجناس أسمى
ويؤكد شمبرلن أن التاريخ يدلنا على إمكان إيجاد أجناس أسمى، بفضل التدريب («الجنس والشخصية» ص٧٥) إن «الجنس ليس ظاهرة رياضية ميتة. وماهيته هي إنجاب كائنات جديدة، أي كائنات متفاضلة الأفراد لكن لا بد لها من أن تكون متحركة، سائرة قدماً، خلاقة. ويقرر شمبرلن أن الجنس الوحيد المبدع الأصيل والمنجب لفروع جديدة أبداً٠ هو الجنس الجرماني («الطبيعة والشخصية ص ٧٩٠٧٨) «وفي مقابل الجنس الجرماني لا يوجد إلا فوضى من الشعوب العديمة العصارة والقدرة، العاملة على انحطاط المستوى، الخالية من الأصالة ومن الخلق ومن العبقرية. وهذا الجنس الجرماني هو، منذ ١٥٠٠ سنة، القوة الوحيدة الحية الخلاقة لحضارتنا ومدنيتنا. وأوروبا كلها هي من صنع يده» (ص٧٦)
وحياة الناس في الأمة، والدولة والشعب ينبغي أن تفهم على أساس الجنس. ويمكن وجود أجناس لا تكون أمماً " ذلك لأن «الجنس يتعلق بالطبيعة العضوية الشاملة، أما الأمة فما هي إلا شكل من أشكال التقسيم الاجتماعي للإنسانية. بيد أن الأمة هي أقوى ما يحافظ ويقوي الجنس (انظر إلى روما القديمة)، وهي مؤهلة لأنجاب أجناس جديدة جادة التفاضل (مثلاً أهل أسبرطة، وأهل بروسيا، والإنجليز) («الجنس والشخصية» ص٧٣). والأمة التي تسعى إلى أن تكون عظيمة عليها أن تحقق المطلب الأساسي التالي وهو: «تكوين خلق قومي، أي تكوين جنس متميز خاص» («الجنس والأمة» مقال في مجلة «تجديد ألمانيا«، السنة الثانية، سنة ١٩١٨،
الكراسة رقم ٧) . والعلاقة بين الدولة والشعب هي بمثابة حافز وعائق معاً. «فالدولة قوة، والشعب حياة: وكلاهما يقوي الآخر، وكلاهما يعوق الآخر. والصراع بينهما لا يتوقف «أبداً» («الجنس والشخصية» ص٧٣). وفي الشعوب تعدد للخصائص الذاتية. «ومن لا يبصر الخصائص الشعبية المتميزة تميزا حاداً، هو انسان ولد أعمى» («الجنس والشخصية» ص ١٤ .ه١).
والألمان - في نظر شمبرلن - هم أسمى شعوب أوروبا، لأن لديهم الوعي بالجنس الأنبل والأنقى، وهو الجنس الجرماني فالألمان - بفضل عظماتهم: لوتر، وبسمرك، وفريد رش الكبير، ومولتكه Moltke ، وجيته ورتشرد قجنر، وباخ وبيتهوفن - حصلوا على مكانة ومسؤولية رئاسة الجنس الجرماني» لأنهم في وسطهم يملكون مخ وقلب هذا النوع الخاص من الإنسانية» (الجنس والشخصيةا، ص١٨٩) .
ويستعرض شمبرلن الشخصيات الكبرى بين الألمان في كل ميادين الحضارة. ويقرر أولاً أن القلائل منهم هم الذين بلغوا القمم لكنه يقول: إن التكوين الأرفع سيؤدي إلى ظهور قمم أخرى وفيرة وهذا هو الهدف من كل عمل حضاري. ومن خصائص العقلية الألمانية التطلع إلى الهدف الأخلاقي في كل شيء. إن الفنانين الألمان — هكذا يقول ٠ لم يريدوا أن يبدعوا ما هو جميل فقط، بل أيضاً ما هو خير. والموسيقيون الألمان هم وحدهم الذين أبدعوا موسيقى حقيقية، وألمانية خالصة وعلى رأسهم جميعاً رتشرد ثجنر، فإن قنه «شغر بالمعنى المطلق لهذا اللفظ» («الماهية الألمانية» ص١١٨). والموسيقى هي «انتاجه المسرحي» (ص١٢٢. وإبداعه الفني هو «أوسع محاولة قام بها إنسان لإرجاع الأفعال الإنسانية إلى دوافعها الإنسانية الخالصة» («الماهية الألمانية» ص٤٥). عند فجنر بلغت أوجها حاسة العين، وحاسة الأذن.
«الشعب والبطل : هاتان هما القوتان اللتان عنهما صدر كل ما هو مجيد في التاريخ الألماني؛ وهما يتفاهمان جيداً طالما لم تتدخل السياسة الحقيرة بينهما» . («الجنس والشخصية» ص١ ٣. والألماني يميل إلى محاكاة سياسة الشعوب الأخرى وهذا أمر يجب عليه ألا يفعله، ذلك لأن السياسة الألمانية، إذا كانت تريد أن تفعل شيئاً حسنا، يجب عليها ألا تكون سائرة وراء الغريزة والصدفة، ويجب عليها ألا تكون وجدانية وحزبية، كما يجب عليها ألا تكون قائمة على الأنانية، بل يجب عليها أن تكون طاهرة وتسير على منهج علمي دقيق وهذا هو السر في وصول الألمان في ميادين أخرى إلى نتائج رائعة . . . لقد تم ذلك بالعلم المحض المقصود لذاته، واعتنوا بالتطبيق الخالي من الأنانية، لما وصلت إليه من علم) (ص٢٨) وفقط «اللاسياسة» Nichtpolitik هي التي يمكنها أن تقود الشعب الألماني إلى النجاح «وأنا أسميها «لاسياسة»، لأني أرى أنها هي علم الدولة الذي لا يضل» (ص ٣٢)
ومن الناحية العنصرية كان شمبرلن يؤكد أن أخطر أعداء الشعب الألماني هم اليهود ولعلاج ما يحيق بالحضارة الألمانية من أخطار، كان شمبرلن ينصح بما يلي العودة إلى الطبيعة، والعودة إلى حياة الفلاحين ذلك أنه كان يرى أن دائرة الفلاحين هي «التربة الخصبة المغذية التي إليها يرجع في نهاية التحليل كل الأعمال العظيمة التي قامت بها الروح الألمانية» («الجنس والشخصية» ص٨) وإعادة غرس الجذور الألمانية في تربة الشعب الألماني هي وحدها الكفيلة بإيجاد تبادل حي بين الإنسان والطبيعة. وفي هذا الميدان تقوم أكبر مهمة للعلم وأشرفها : أعني إرجاع الإنسان الفاسد الطبيعة في عصرنا الحاضر إلى الطبيعة ٠ وأمام هذه المسؤولية أخفق العلم لأنه أعوزم الأساس في كل تفكير، أعوزه العيان Auschauüng . «إن قوة العيان عندنا في نقصان، لأننا ننزع باستمرار إلى التفكير النظري. إن العلم المجرد بالعلة والفعل، والمعرفة المجردة بالارتباط المنطقي لا تؤديان إلى الفعل. وإنما فقط العلم المفضي إلى العيان هو الذي يملك القدرة على الفعل ويملك الحكمة. «إن المنطق ليس هو إله الحقيقة، بل هو خادمها، والعين هي الملك، والأذن هي الملكة، وحس الذوق هو الناصح الأمين» («الطبيعة والحياة» ص٠٥ ١)
وكانت فكرة «الجنس» race قد شغلت أذهان كثير من المفكرين في أوروبا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ٠ ومن أبرز هؤاء المفكرين كان أرتور
-١٨١٦) Arthur, comte de Gobineau جوبينو
١٨٨٢) ففي كتابه الشهيرم «بحث في تفاوت الأجناس
البشرية» (٤ أجزاء ١٨٥٣ -١٨٥٥) قسم جوبينو الأجناس البشرية إلى مجموعتين كبيرتين: مجموعة وصفها بالرجولة، وقال إنه بفضل النبض القوي لدمها الآري فإنها قادرة على تكوين الدول، ومجموعة وصفها بالأنوثة وقال إن قدراتها وميولها تقوم في ميدان التكوين الفني. وبين هاتين المجموعتين الكبيرتين يجري صراع مستمر، وتفاعل متواصل في نفس الوقت . ويحدث دائما أن شعباً آرياً يتغلب على شعب حامي - سامي ويفرض عليه سلطانه؛ لكن يحدث دائماً بعد ذلك أن هذا الشعب المسيطر ينحل شيناً فشيناً عن طريق الامتزاج مع الشعوب الأخرى غير الآرية، ويفقد قدرته المبدعة.
كذلك أبرز أهمية «الجنس» في تشكيل التاريخ دي لا بوج de Lapouge («الاختيارات الاجتماعية» ١٨٩٦ ؛ «الآري» ١٨٩٩) - وجوستاف لوبون Le Bon («القوانين النفسية لتطور الشعوب»، ١٨٩٦ ، «نفسانية الجماهير»، ص١٤٥) - وبول بارت p.Barth («فلسفة التاريخ"، ط١ ص٢٥٠ وما يليها) وكثير غيرهم.
مؤلفاته
, «دراما رتشرد فجنر» ، ليبتسك ١٨٩٣ .
- «أسس القرن التاسع عشر» في جزئين، منشن ١٨٩٩ (ط١٤ سنة ١٩٢٢)).
-«كنت«،منشن، ١٩٠٥ (ط٤ ١٩٢١)
-»جيته»منشن، ١٩١٢ (ط١٩٢١٣).
-«سبل تفكيري«، منشن، ١٩١٩ (ط١٩٢٢٢)
— «الإنسان والله تأملات في الدين والمسيحية»، منشن ١٩٢١.
- «الجنس والشخصية» ١٩٢٥
, «الطبيعة والحياة» ، نشره بعد وفاته ٧٠ .L 11تح1*رعآ١٩٢٨1-
وطبعت مؤلفاته الرئيسية بعنوان Gesammelte Hauptwerke في ٩ مجلدات في منشن ١٩٢٣ ؛ كما نشرت «رسائله» في جزئين، منشن ١٩٢٨، وتشمل «المراسلات» منسنة ١٨٢٢ إلى ١٩٢٤. كذلك نشرت رسائله مع كوزما فجنر، في سنة ١٩٣٤