هانز جورج جادامير

هانز جورج جادامير (بالألمانية: Hans-Georg Gadamer)‏ (بالإنجليزية: Hans-Georg Gadamer) فيلسوف ألماني، ولد في ماربورغ، 11 فبراير 1900. اشتهر بعمله الشهير الحقيقة والمنهج، وأيضاً بتجديده في نظرية تفسيرية (الهرمنيوطيقا). وقد توفي في هايدلبرغ، 13 مارس 2002.

حياته

ولد هانز جورج جادامير في ماربورغ بألمانيا، وهو نجل أستاذ الكيمياء الدوائية، والذي عمل في وقت لاحق منصب رئيس الجامعة هناك. وقد تجاهل جادامير توصيات والده بدراسة العلوم الطبيعية واختار دراسة العلوم الإنسانية. ولذلك درس في فروتسواف تحت قيادة هونجسولاد. ولكنه سرعان ما عاد إلى ماربورغ للدراسة مع الفلاسفة الكانطيين الجدد بول نتروب ونيكولاي هارتمان، والذين تتلمذ على يدهم حتى حصل على الدكتوراه سنة 1922 بعمل قدمه عن أفلاطون جوهر المتعة في حوارات أفلاطون.

وبعد فترة وجيزة، قام جادامير بزيارة فرايبورغ ودرس مع مارتن هايدغر، والذي لم يصل آنذاك إلى الأستاذية حيث كان مدرساً مساعداً، وبفضل هايدغر، فقد أدرج اسم جادامير في مجموعة من الطلاب والذين برزوا فكريا فيما بعد، ومن بينهم ليو شتراوس وكارل لوث وحنة آرندت، وأصبحت علاقة الصداقة بين هايدغر وجادامير وثيقة حتى أنه عندما شغل هايدغر منصباً هاماً في ماربورغ، اختار جادامير أن يتبعه هناك، وكان من المحتمل أن يكون التأثير القوي لهايدغر على فكر جادامير تأثيراً ذو طابع خاص، والذي بدوره قد أسهم بدرجة كبيرة على تشكيل فكره. بالإضافة إلى أنه أسهم بشكل فعال في انفصال جادامير عن تيارات الكانطيين الجدد التي كانت قد تشكلت منذ فترة طويلة.

وقد قدم جادامير شهادة التأهيل لدرجة الأستاذية عام 1929، وقام بالتدريس في ماربورغ خلال السنوات الأولى من الثلاثينات (1930) من القرن العشرين. وخلافاً لهايدغر، فإن جادامير كان دائم الرفض للنازية، حيث يمكن اعتباره وبشكل علني ضد النازية. ولم يشغل جادامير أي منصب ملموس خلال سنوات الحكم النازي، وبالمثل لم ينضم لأي حزب إلا في نهاية الحرب عندما شغل منصبا في لايبزيغ. وفي عام 1946، وبعد انتهاء الحرب ونظرا لاعتباره شخصية لم تلوث بعد من قبل النظام النازي، استطاع جادامير أن يشغل منصب رئيس جامعة لايبزيغ. ولم يظهر جادامير فقط معارضته للنازية فحسب، إلا أنه أيضا ومع ميلاد الجمهورية الألمانية الديمقراطية أبدى معارضته الشديدة لنظام الشيوعية. وهذا دفعه إلى الانتقال إلى جمهورية ألمانيا الاتحادية حيث القبول المبدئي لشغل منصب في فرانكفورت أم ماين، ثم حل بعد ذلك محل كارل ياسبرس في هايدلبرغ عام 1949، وكان هذا المنصب الذي شغله حتى وفاته عام 2002.

وطوال هذه الفترة أكمل جادامير عمله الشهير «الحقيقة والمنهج» الذي نشر عام 1960م، والذي أضاف له الجزء الثاني أيضا عام 1986م. وقد اشترك في المناظرة الشهيرة مع يورغن هابرماس حول إمكانية التفوق التاريخي والثقافي بحثاً عن الحالة الاجتماعية التي شكلها التفكير النقدي. ولم تنته المناظرة أبداً بضربة قاضية لأي منهما بل أنها كانت بداية لصداقة حارة بين جادامير وهابرماس، بالإضافة إلى أن جادامير سهل الطريق لها برماس لإمكانية انضمامه للوسط الأكاديمي بمساندته له في شغل منصب أستاذ في هايدلبرغ. وكان هنالك محاولة مشابهة أخرى من جاك دريدا ولكنها لم تكن على المستوى المطلوب؛ حيث أن كلا المفكرين كان لديهم القليل من النقاط المشتركة. ورأى دريدا أن خطأه في عدم إيجاد نقاط بحث أساسية مشتركة بينه وبين جادامير يعد أكبر كارثة في حياته الفكرية. وأعرب في النعي الذي خصصه لجادمير عن إعجابه واحترامه الشديد للمفكر الألماني.

العمل

هانز جورج جادامير هو مؤسس مدرسة التأويل. وأضاف أن التفسير يجب أن يتجنب العشوائية والقيود الناشئة عن العادات العقلية، مع التركيز على الأشياء ذاتها وعلى النصوص. وأكد أنه دائماً ما نقترب من النص عن طريق مشروع نقوم به أو عن طريق فكرة ما عن الذي يقال عنه. ويتغير هذا المشروع ويتم إعادة صياغته بالقراءة المتعمقة للموضوع، ومن هنا نلجأ إلى تأكيد أو تغيير الافتراضات. وكما يمكن أن تمتد هذه العملية إلى ما لا نهاية، فإنه لا يمكننا أبداً الجزم بإن لدينا تفسير قاطع أو نهائي حيال هذا الأمر.

ويبقى المشروع الفلسفي الجاداميري الذي تم تحديده في كتاب الحقيقة والمنهج هو محتوى ذو علاقة مباشرة مع الهرمنيوطيقا الفلسفية. ويكمن إنجاز جادامير في اكتشاف وإبراز طبيعة الفهم البشري على مستوى نظري-منهجي: الحقيقة مرتبطة ارتباطا وثيقاً بالمنهج، ولا يجوز الاعتماد على واحدة دون الأخرى. وكان جادامير ناقداً كبيراً للمنهجين الذين كانوا يستخدموا في العلوم الإنسانية. بالإضافة إلى ذلك كان ناقدا للمناهج الحديثة التي تسعى لتمثيل مناهج العلوم الإنسانية على أساس المنهج العلمي. ومن جانب آخر، وكان ناقدا للمنهج التقليدي للإنسانيات، والذي يبدو جلياً في أعمال فلهم دلتاي، والذي يعتقد أنه لتحقيق تفسير صحيح للنص فإنه من الضروري كشف المقصد الأصلي الذي دفع المؤلف لذلك عندما كتب النص.

جدامر

فيلسوف ألماني.

ولد في ماربورج في ١١ فبراير ٣١٩٠٠

درس في برسلاو، وماربورج، ومنشن (ميونخ) وحصل على الدكتوراه الأولى يإشراف ياول ناتورب Natorp، وعلى الدكتوراه المؤهلة للتدريس في الجامعة H abili ta tion بإشراف هيدجر في جامعة ماربورج سنة ١٩٢٩. وصار أستاذاً ذا كرسي للفلسفة في جامعة ليبتسج سنة ١٩٣٩ ؛ ثم انتقل إلى جامعة فرانكفورت في سنة ١٩٤٣، ثم إلى جامعة هيدلبرج في سنة ١٩٤٩. ومنذ سنة ١٩٥٣ صار رئيس تحرير ااالمجلة الفلسفية» Philosophische Rundschau. وقد تعرفت إليه في يونيو سنة ١٩٨٣ بمناسبة احتفال اليونسكو بالذكرى المثوية الأولى لميلاد كارل يسبرز حيث اشتركنا في إلقاء أبحاث في هذا الاحتفال بقصر اليونسكو في باريس

مؤلفاته

أهم مؤلفاته هي:

١ - «الأخلاق الديالكتيكية عند أفلاطون« ، ليبتسك ١٩٣١ (ط٢ سنة ١٩٦٧ في هامبورج) Plato’s

.dialektische Ethik

٢ - «أفلاطون والشعراء ، فرانكفورت - على - نهر -الماين ١٩٣٤.

٣ - «الشعب والتاريخ في تفكير هردر» ، فرانكفورت ١٩٤٢.

٤ - »باخ وفيمار»، فيمار، ١٩٤٦.

٥-جيته والفلسفة»، ليبتسك، ٠١٩٤٧

٦ -«فيأولية الفلسفة»، ليبتسك، سنة١٩٤٨

. Ueber die Ursprünglichkeit der Philosophie

٧ - «في المجرى الروحي للإنسان»، جودسبرج،

• Von geistigen lauf des menschen ١٩٤٩

٨ - "الحقيقة والمنهج ملامح التفسير الفلسفي"، توبنجن ١٩٦٠ (ط١٩٦٥٢، ط١٩٧٢٣).

٩ - «التفسير والنزعة التاريخية»، في "المجلة الفلسفية» سنة ١٩٦٢، الكراسة رقم ٤.

ا ١ - «الحركة الفينومينولوجية» ، في "المجلة الفلسفية» ١٩٦٣، الكراسة ١-٢م

١ ١ - «مشكلة الوعي التاريخي» (بالفرنسية)، لوفان ٦١٩٦٣

١٢ - «الديالكتيك والسفسطة في رسالة أفلاطون السابعة"، هيدلبرج

١٣ - مادة «التفسير» Hermeneutik في «المعجم التاريخي للفلسفة» ح٣ عمود ١٠٦١ -١٠٧٣، بازل ٠١٩٧٤

فلسفته

كانت الفلسفة السائدة في ألمانيا قبيل الحرب العالمية الأولى (١٩١٤ -١٩١٨) هي الكنتية الجديدة. لكن غداة هذه الحرب أخلت الكنتية الجديدة مكانها لمذهب الظاهريات وللوجودية.

فجاء جدامر ووجه اهتمامه أوا إلى الفلسفة اليونانية، وخصوصاً إلى فلسفة أفلاطون والديالكتيك الأفلاطوني ولهذا دارت مؤلفاته الأولى حول «الأخلاق الديالكتيكية عند أفلاطون» ، وموقف أفلاطون من الشعر والشعراء. ورأى أن الديالكتيك الأفلاطوني هو نموذج للمعرفة الملتزمة بالتاريخية .

وعني بالبحث في مشكلة الحقيقة؛ وتجلى ذلك في كتابه الرئيسي وعنوانه : "الحقيقة والمنهج» ٠ وقد تبين له أن الأمر هو أمر «تفسير» Hermeneutik. وواجه مشكلة الحقيقة كما تتجلى خارج العلوم. ذلك أن الفكر الحديث يرى أن المنهج العلمي هو وحده الذي يضمن تجربة الحقيقة. لكن جدامر رأى الأمر على عكس ذلك،

جترفسيوس

فطلب الحقيقة خارج ميدان العلوم الطبيعية، وخصوصا في الفن: ففي الفن يعاني لإنسان تجربة الحقيقة بالقدر الذي به يتأثر بالعمل الفني. وتبعاً لذلك ينبغي ألا تعتبر تجربة الفن مجرد مسألة ذوق فالالتقاء بالعمل الفني واقعة تاريخية جديدة تنتسب إلى تاريخ هذا العمل الفني، كما تنتسب إلى تاريخ تفسيراتنا * واللقاء مع لغة الفن هو لقاء مع عملية غير تامة ويؤلف جزءا من هذه العملية.

وفي مادة Hermeneutik في «المعجم التاريخي للفلسفة» (ح٣ عمود ١٠٦١ - ١٠٧٣) قدم جدامر عرضاً تاريخياً دقيقاً لمعنى «التفسير». وفيها ميز أولاً بين «التفسير اللاهوتي" و«التفسير القانوني» . فالتفسير اللاهوتي هو من تأويل الكتاب المقدس. وقد بدأ في المسيحية في عصر آباء الكنيسة، وخصوصاً عند القديس أوغسطين في كتابه: «العقيدة المسيحية» . وقال إن نواة التفسير القديم هي مشكلة التأويل الرمزي. ونجده عند السوفسطائية وفي تفسير قصائد هوميروس الملحمية.

أما في العصر الحديث فالتفسير اللاهوتي وجد في اشليرماخر أكبر مؤسسيه. ثم جاء دلتاي فطبق التفسير على حوادث التاريخ وبدلتاي تأثر هيدجر، فدعا إلى تفسير أحوال الوجود. ذلك أن هديجر أخذ Hermeneutik،!! من دراساته اللاهوتية ثم من نظرية دلتاي في العلوم الروحية (راجع هيدجر: Unterwegs ص٩٦ وما يليها). لكن استعماله «للتفسير» يجب أن يفهم وفقاً لمعاني «التجربة الحية» Erlebinis والوعي»، مما يشير دائماً إلى الذاتية الخلاقة. و«التفسير» عند هيدجر يفهم بثلاثة معان: ١) «الظاهريات التفسيرية»، وهدفها فهم الوجود، وتفسير الآنية، وفقاً للمنهج الفينومينولوجي، وذلك لاستخلاص ما هو مستور أو منسي في وجود الموجود. ٢) والمعنى الثاني هو "تفسير الآنية»، وتحليل الوجود الماهوي، وهو الكشف عن الوجود - في - العالم؟. ٣) والمعنى الثالث للتفسير عند هيدجر أكثر شمولاً وذلك بتفسير «اللوجوس» أي بيان شروط (أو أحوال) إمكانية البحث الأنطولوجي. وفي هذا الباب يندرج اهتمام هيدجر بالبحث في اللغة.

وفي إثر هيدجر ومتأثراً به كل التأثر جعل جدامر جماع فلسفته في التفسير، وتوسع خصوصاً في مسألة اللغة والتفسير، لأنه رأى «أن لغوية الفهم هي التحقيق العيني للوعي ذي التأثير التاريخي» («الحقيقة والمنهج» ص٣٦٧).