هانز أورستد
هانز كريستيان أورستد (بالدنماركية: Hans Christian Ørsted) من 14 أغسطس 1777- 9 مارس 1851 هو عالم فيزيائي وكيميائي دنماركي توقع وجود علاقة بين الكهرباء المغناطيسية وهو ما قاده إلى اكتشاف التأثير المغناطيسي للتيار الكهربائي عام 1820 حيث قام بتجربة بينت أن مجالاً مغناطيسياً يمكنه أن يؤثر في البوصلة يتولد حول السلك إذا ما مرر في هذا السلك تيار كهربائي.
وفي مجال الكيمياء يعتبر أورستد هو من أنتج الألومنيوم وهو مؤسس شركة البا لأول مرة في التاريخ وذلك عام 1825. وكتب كتاب روح الطبيعة (1850م). وُلد أورستد في رودكوبنغ بالدنمارك.
درس العلوم الطبية والفيزيائية في جامعة كوبنهاغن ونال درجة الدكتوراه في عام 1799، وفي عام 1806 صار استاذاً للكيمياء والفيزياء في الجامعة نفسها.
اهتم أورستد في أبحاثه الأولى بالتيارات الكهربائية وعلم الصوت. وفي عام 1819 اكتشف في إحدى تجاربه، حين قرّب بوصلة من سلك ناقل للكهرباء، أن إبرة البوصلة المغنطيسية تنحرف عمودياً نحو السلك. وكانت هذه التجربة بينة مخبرية واضحة للعلاقة بين المغنطيسية والكهرباء. كما بيّن فيما بعد أن الأثر الكهرمغنطيسي لا يتغير بوضع حاجز من الزجاج أو المعادن غير المغنطيسية الأخرى بين إبرة البوصلة والسلك الناقل للكهرباء. وقد عمل علماء آخرون على تحري أهم نتائج أورستد بدقة، ومنهم أمبير وفراداي اللذان أدركا أهمية هذا الاكتشاف فأهملا الاستقصاءات المتعلقة بالظواهر الأخرى وتفرغا لدراسة الكهرمغنطيسية. وأدار أورستد تجارب أخرى تتعلق بالكهرباء مثل الأعمدة الفُلطائية (البطاريات) والكهرباء الحرارية (الطاقة المولدة من تسخين الأسلاك المعدنية).
وفي حقل الكيمياء توصل أورستد إلى اكتشافات أخرى، ففي عام 1820 اكتشف مادة الفلفلين (الببرين) piperine (أحد عناصر الفلفل الفعالة)، ويُعدّ اكتشاف هذه المادة أحد الإسهامات المهمة في علم الكيمياء بوصفها مادة مساعدة في تحضير الألمنيوم، ففي عام 1825 استطاع أورستد عزل الألمنيوم على هيئة مسحوق. ثم حوّل أورستد اهتمامه نحو خواص الموائع وأثبت أن الغازات ليست قابلة للانضغاط بالتساوي.
كان أورستد مدرساً ومحاضراً مجيداً وألف عدداً من المقالات المهمة. وفي عام 1824 أسس جمعية هدفها نشر المعرفة العلمية بين العامة. ومنذ عام 1908 بدأت هذه الجمعية تمنح وساماً باسم «وسام أورستد» لعلماء الفيزياء الدنماركيين الذين يقدمون إسهاماً ذا شأن في علوم الفيزياء. وفي عام 1932 أطلق اسم أورستد على واحدة قياس شدة الحقل المغنطيسي.
إسهامات هانز أورستد في مجال دراسة المغناطيسية والكهرباء
ينسب إلى العالم الدانمركي هانز أورستد شهرته في توضيح ولأول مرة — الارتباط الواضح بين الكهرباء والمغناطيسية؛ حيث حظي كلا المجالين بدراسات مستفيضة منذ وقت طويل (١٦٠٠) ولكن دون الاعتقاد بأنهما مرتبطان إلى حد بعيد. فقد ادعى البعض أن التفريغ الكهربائي - مثله مثل صاعقة البرق - يمكن أن يؤثر في إبرة البوصلة أو أن يتسبب في أن تكون قطعة من الحديد ممغنطة. ولكن ما من أحد على ما يبدو قد قام بدراسة ذلك الأمر بشكل منهجي.
تميزت ملاحظة العالم أورستد بالبساطة في حد ذاتها. عندما تقترب إبرة البوصلة من سلك ما يحمل تيارا كهربائيا، فإن الإبرة تتحرك كما لو أن السلك يعمل عمل المغناطيس. إن التيارات الكهربائية المستمرة كانت متاحة لمدة . ٢ عاما منذ مجيء أليساندرو فولتا وابتكاره لبطاريته (١٧٩٦). لذا، فالشيء العجيب هو عدم ملاحظة مثل هذا التأثير من قبل. ربما اكتشف المحامي الإيطالي والفيزيائي الهاوي دومينيكو روماجنوسي تأثيراً شبيها لذلك التأثير في عام ١٨٠٢ . وقد نشرت النتائج في صحيفته المحلية ولكن سرعان ما تم إهمالها. كان أورستد أستاذا بارعا ولاحظ الآخرون ذلك.
عندما يتدفق التيار، فإن التحول الذي يصيب إبرة البوصلة يشير إلى أن المجال المغناطيسي الجديد يحيط بالسلك في دائرة. ويوحي ذلك بأن هذا التأثير يمكن استخدامه ليدفع السلك الحامل للتيار ويدير المغناطيس وكأنه نوع من المحركات الكهربائية. أخضع مايكل فاراداي في المعهد الملكي في لندن هذه التجربة للاختبار في عام ١٨٢١ . ولكن، لم يكن المحرك الذي استخدمه فاراداي عمليا بالقدر الكافي، فقد اضطر إلى سحب السلك خلال أسطوانة من الزئبق، وبالفعل نجح في ذلك. وللأسف، نشر فاراداي هذا العمل دون الاعتراف بحق الزملاء الذين ساعدوه. إن حالة الاضطراب التي ترتبت على ذلك جعلته يهمل العمل في الكهرباء والمغناطيسية لمدة ١٠ أعوام (١٨٣١).
كان المغناطيس الكهربائي هو الأكثر إفادة في هذا الصدد، حيث كان يتم عمله عن طريق لف الكثير من الأسلاك لتتحول بذلك إلى ملفات من السلك التي تضاعف قوة المجال بشدة وتجعل له القطبين الشمالى والجنوبى مثل قطب المغناطيس الفعلي. يتحول اتجاه إبرة البوصلة المعلقة في منتصف هذ الملف بطريقة أو بأخرى استجابة لأصغر تيار كهربي يتدفق في هذا الملف. وهذه الفكرة هي أصل مقياس الجلفانومتر - للكشف عن التيار الكهربي وتعيين اتجاهه - الذي سمي على غرار اسم العالم لويجي جالفاني (١٧٨٦). في الاختراع الذي تم ابتكاره بعد ذلك مباشرة ألا وهو التلغراف الكهربائي، تمثل ضربات الإبرة ذبذبات التيار المجمعة طبقا لشفرة ما تسمح بإرسال الرسائل عبر مئات الكيلو مترات.
بحث الفيزيائي الفرنسي أندريه ماري أمبير في مرحلة أبعد من ذلك. إذا كان بإمكان سلك يحمل التيار الكهربي تحريك المغناطيس، فهل من الممكن له أيضا تحريك سلك آخر يحمل التيار الكهربائي الذي كان مثل المغناطيس الآخر؟ وفي غضون أسبوع من سماعه عن اكتشاف أورستد، توصل أمبير إلى إجابة عن هذا السؤال. واستنادا إلى الطريقة التي تتدفق بها التيارات الكهربائية، فإن كلا السلكين الحاملين للتيار سيتجاذبان أو يتنافران تماما كما هي الحال مع زوج من المغناطيس. كانت هذه المشاهدة بمثابة وعد باكتشاف المحركات الكهربية العملية، كما كانت أيضا أصل الشهرة الدائمة للفيزيائي أمبير الذي أطلق اسمه - بعد اختصاره - على وحدة التيار الكهربي.