نيكولاي هارتمان

نيكولاي هارتمان (بالألمانية: Nicolai Hartmann)‏ هو كاتب وفيلسوف ألماني، ولد في 20 فبراير 1882 في ريغا في لاتفيا، وتوفي في 9 أكتوبر 1950 في غوتينغن في ألمانيا.

هرتمن (نقولاي)

فيلوف ألماني ، منشى ء لانطولوجيا واقعية

ولد في ريجا ( في لتفيا ، من دول بحر البلطيق )في ٢٠ فبراير سنة ١٨٨٢ وتوفي في جيتنجن ( ألمانيا الغربية )في ٩ أكتوبر سنة ١٩٥٠ تعلم في سان بطرسبرج ، ودوربات Dorpat ، وجامعة ماربورج ( ألمانيا ) . وصار في سنة ١٩٠٩ مدرساً مساعداً في ماربورج ، ثم صار استاذاً في ماربورج في اسنة ١٩٢٠ الىسنة١٩٢٥؛ واستاذا في كيلين (كولونيا) في سنة ١٩٢٥-الى سنة ١٩٣٠ ثم استاذاً في جامعة برلين في سنة ١٩٣١ ثم استاذاً في جامعة جيتنجن في سنة ١٩٤٦ حقى وفاته سنة ١٩٥٠

توزع انتاج نقولاي هرتمن بين تاريخ الفلسفة ، وبخاصة الألمانية ، ومؤلفاته الخاصة التي أودع فيها مذهبه .

وقد بدأ حياته الفلفية بالتأثر بالفلسفة السائدة في عصره آنذاك — أواخر القرن التاسع عشر والعقد الأول من

القرن العشرين - وهي الكنتية الجديدة ، مثلة خصوصا في هرمن كوهن وباول ناتورب ٠ ويتجلى هذا التأثر في كتابه الأول ٠ منطق الوجود عند أفلاطون I ( جيسن ، سنة ١٩٠٩). فهو فيه يفسر الصور الأفلاطونية بأنها فروض مطلقة ، بالمعنى الكنتي الجديد ، اعني : مواقف أساسية يتخذها الفكر في تكوينه وفهمه للحقيقة الواقعية .

لكنهما لبث أن انصرف عن الفلسفة الكنتية الجديدة، وبدأ يشق طريقه الخاص ، وكان ذلك بتأثير ظاهريات ادموند هسرل ، حتى انتهى الى مذهبه الخاص القائم على الأبوريات ( الأبوريا : هي أن يكون الانسان بإزاء موقفين متعارضين، وكلاهما وجيه ، في الاجابة عن مشكلة واحدة )، والمؤدي إلى انطولوجيا واقعية ، فيها تعالج كل المشاكل الفلسفية ،بما في ذلك نظرية المعرفة ، على أساس أنها مشاكل وجود -Seins Probleme . والفكرة الرئيسية في مذهبه هذا هي النظر الى الوجود على انه مؤلف من طبقات Schichtung هي : اللاعضوي، العضوي، النفسي، الروحي وطريق المعرفة يقوم في تحليل المقولات ( وهي تحديدات اساسية للوجود مثل الزمان ، والمكان والكيف والكم ، والباطن والظاهر الخ )،وكل طبقة من هذه الطبقات Schichten وعلاقاتها المتبادلة . وإلى جانب مجال الوجود الواقعى، ولكنه ليس تابعاً له ، يوجد مجال الوجود المثالي ، أعني الوجود الرياضي والقيم المثالية التي ينبغي أن ينظر إليها على انها ذات حقيقة موضوعية مثل الوجود الواقعي .

وينتقل هرتمن من دراسة مبادىء الوجود الكلية ، مثل الوحدة والكثرة، البقاء والتغير، إلى الانطولوجيات الإقليمية ، أعني إلى تحليل المقولات الخاصة بالوجود اللاعضوي ، والوجود العضوي ، الخ . وانطولوجيته تتخذ شكل تحليل فينومينولوجي للمقولات لمتمثلة في المرجودات المعطاة في التجربة .

والموقف الرئيسي في فلسفة هرتمن هو الكشف عن قوانين تركيب العالم الواقعي ٠ وفي رأي هرتمن أن الفلسفة التقليدية أخطأت في هذا خطاً كبيراً ، وذلك على نحوين : مرة اعتقدت الفلسفة أنها أمام محرجة جذرية هي : إما الإقرار بمعرفة للوجود مطلقة، أو افتراض الجهل التام بالأشياء في ذاتها . وفي الحالة الأخيرة تنكر إمكان معرفة الوجود الموضوعية بوجه عام ، وفي الحالة الأولى نصل إلى مذاهب ميتافيزيقية مغلقة ترفض كل لا معقولية للوجود وترى أن من

هرنمن(نقولاي)

الممكن إدراك كلية الموجود، من حيث المبدأ. وهكذا أغفلت حالة رسطى نالثة هي ادراك الموجود إدراكاً تصورياً جزئياً مع عتبار الباقي اللامتناهي غيرمعقول .

والنحو الثاني من الخطأ هو نقل المقولات ( المبادىء ) من ميدان إلى ميدان آخر غير مجانس لم ، مثلاً : تطبيق المبادىء الميكانيكية عل حياة المجتمع والدولة ، أو بالعكس : تطبيق التراكيب النفسية الروحية على عالم الجمادات , ولهذا ينبغي التغلب على هذا التجاوز المقولي للحدود بواسطة تحليل دقيق، مع الإبقاء على المقولات في مجالها النسبي لكل ميدان أخذت منه في البداية . هنالك ينتج عن وجه نظر الانطولوجيا النقدية تقسيم معقد لمجموع الموجود ، غير ذلك الوارد في الصيغ التوحيدية الموجودة في الميتافيزيقا التقليدية ,

والمغرفة تنتسب إلى أعلى الطبقات المعروفة لنا ، اعني طبقة الروح . ولهذا فانه لا تتيسر معرفة ماهية المعرفة إلا بواسطة انطولوجيا الوجود الروحي ■

وعلى نظرية المعرفة أن ضء الأساس لكل بحث انطولوجي ، لكنها لن تجد غايتها إلآ في إطار أنطولوجيا الوجود الروحي.

١ - ميتافيزيقا المعرفة

قلنا إن نقولاي هرنمن كان في مطلع حياته من أنصار الكنتية الجديدة . لكنه بعد ذلك تلقى تأثيرات عديدة من الفينومينولوجيا ، ثم حاول بواسطة دراسات عميقة في تاريخ الفلسفة في الغرب بحث مناهج خصبة — مثل منهج الأبوريات uAporetik. أرسطو وديالكتيك هيجل - بعد تحديد لها .

وقد أخذ يتخلص من تأثير الكنتية الجديدة حينما وضع ميتافيزيقا المعرفة فبينما الكنتية الجديدة تنكر وجود موجود مستقل عن الذات وعال على الشعور ، وتقرر بالتالي أن كل معرفة هي من نتاج الموضوع بواسطة الذات ، حاول هرتمن أن يبين أن ماهية المعرفة إنما تقوم لا في انتاج Erzeugen بل في إدراك Erfassen موجود قائم بذاته مستقل عن المعرفة .

وقد تأدى به إلى هذا الموقف تأثره بالفينومينولوجيا إن ماينبغي أن يكون أساساًللابحاث ليس قضية واحدة تنة، مثل الكوجيتو الديكارتي ، بل قاعدع للظواهر تكون أوسع ما يمكن أن تكون . فإن تعدد الظواهر يوجد معياراً متبادلاً تجاه الانحرافات عن الطريق القويم ولهذا يجب أن تكون

الخطوة الأولى في البحث هي ظاهريات ( فينومينولوجيا) للمعرفة . لكن الأمر لا ينتهى عند هذا الحد . بل هو ينقد نقداً حاداً أنصار الظاهريات الذين يظنون انهم يستطيعون أن يحلوا المشاكل بواسطة منهجهم الظاهرياتي . إن المنهج الظاهرياتي ليس قادرا على وضع المشاكل ، فبالأحرى لا يستطيع حل المشاكل . ذلك إن الغينومينولرجيا لاستطعان تفعل أكثر من أن تصف الظواهر المحضة ، وذلك من ناحية اية وجهة نظر فلسفية ٠ لكن المذهب الفلسفي ينبغي عليه أن ينظر إلى الأمور من وجهة نظر معينة تتوقفعليهاطريقة حل المشاكل , ولهذا البب ينبغي البدء بصياغة المشاكل . وهو ما لا تستطيعه الفينومينولوجيا .

وهنا ياخذ هرتمن بمنهج أرسطو في الأبوريات ؛ إذ وجد فيه تحقيق الخطوة الثانية للبحث في مشكلة المعرفة ٠ إن المشاكل تتلقف الحلول . وهذا ما تعمل على تحقيقه نظرية المعرفة التي هي الخطوة الثالثة والأخيرة في ميتافيزيقا المعرفة . لكن ليس من المؤكد من أول وهلة أن المشاكل يمكن أن تجد دائما حلولا مناسبة ، فمثل هذا الادعاء حكم سابق عقلي . رمن هنا يقنع هرتمن بإثارة المشاكل احياناً ، اولى من السعي لايجاد الحلول « بأي ثمن » . وفي نفس الوقت حاول أن يتعمق بحث الباقي اللامعقول ، أي ما هو ه ميتافيزيقي » في المعرفة.

وفي كل معرفة توجد ذات عارفة في مقابل موضوع معروف . لكن الموضوع لا يدخل في نطاق الذات بكونه صار معروفا ، بل يبقى دائما عاليا تجاه الذات . لهذا يجب على الذات أن تترك نطاقها الخاص بها (أي أن تعلو) ابتغاء إدراك الموضوع؛ لكن عليها بعد ذلك أن تعود إلى نطاقها كي تصير واعية يالموضوع . ولهذا فإن ادراك الموضوع لا يمكن أن يتم إلآ بفضل صورة للموضوع تنطبع في الذات . غير ان الصورة نفسها لا تكون أولأ مشعرراً ما ، لان المعرفة مجب ان تتوافق تماما مع الموجود وهذه الوقعة تنفذ في محايثة الظواهر، فإلى الظواهر المحايثة للشعور تتتسب المعرفة بوصفها ظاهرة نافذة في هذم المحايثة . فمثلاإذا فكرت في الجبل س فإن لدي في شعوري صورة امتثال اه ، لكنني لا أفكر في هذا الامتثال، وإنما أفكر في الجبل مى الموجود . ومن هنا يقول هرتمن إن الموضوع القصدي intentional يعيش من D رعاية الفعل»، ولكن الوجود يقوم مستقلا عنه ,

وللمعرفة نوعان : لمعرفة البعدية، وهي التي تبدا من

هرتمن(نقولاي)

الجزئيات ، والمعرفة القبلية وهى مستقلة عن الجزئيات . وفي كلا النوعين يكون الموضوع قاناً في ذاته ومستقلا عن درجة معرفتم . ومن هذا يتجل أن الموجود هو أكثر من الموضوع المدرك وهذا الجزء عينه المتموضع الم يطلب معرفته يسميه هرتمن الموضوع العالي Transobjective ، كما يسمي الحد القائم بينه وبين الجزء المعروف : حد اكرضع-١ل0؛أعةؤة0 sgrenze . فإذا بدأت الذات تحاول معرفته ، ينشأ I علم اللاعلم ا Wissen des Nichtwissens ، أي وضع المشاكل ، الذي هو تصدي المعرفة للامعروف , وينجم عن هذا محاولة الذات لإدراك جزء أكبر من الموضوع، أي بتجاوز حد التموضع ٠ لكن قد يحدث أن تصطدم هذم المحاولة بحدود لا يمكن اقتحامها أو تجاوزها : حد امكان المعرفة أو حت إمكان التموضع . ووراء حد إمكان المعرفة يقوم المعقول العالي Transintelligible أو اللامعقول . واللامعقول يلعب دوراً رثيسياً في معالجة هرتمن لمشكلة المعرفة . وهو يستند إليه في حجته الحاسمة ضد مذهب كنت .

وبالجملة فإن المعرفة ممكنة ، لأن العارف والمعروف كليهما موجود ، وعما بهذه المثابة عضوان في نفس العالم ، ولهذا تتحدد الذات بالموضوع. وأيضاً المعرفة مكنة لأن القوانين التي تسود مجرى العالم الواقعي هي التي تعمل في مضمونات التفكير. بيد أن علو الموضوع المعروف في مواجهة الوعي العارف لن يزول عن هذا الطريق ، بل يبقى هذا العلو في حالة المعرفة الدقيقة . ولهذا السبب لا يوجد معيار مطلق للحقيقة ، لأن البنية تتناول دائياً مضمونات الوعي فقط

٢ - بناء الوجود

ينقسم الوجود إلى المزدوجات المتقابلة التالية : الآنية-كيفية الوجود- Dasein-Sosein، الوجود المثالي- الوجود الواقعي •

وفيما يتعلق بالعلاقة بين المتقابلة الأولى ، والثانية ، يقرر عرتمن ان كيفية الموجود لا تكترث للمزدوجة المتقابلة : المثالية والواقعية . فالوجود المستدير لكرة يستوي لديه أن يتعلق الأمر بكرة مادية أو بكرة مثالية هندسية ٠ ولهذا يمكن المرء أن يتحدث عن (« كيفية الوجود ا) بوجه عام ، او في ا كيفية الوجود الحيادية K ٠ وينتج عن هذا أن الثقل الوجودي للتقابل بين المثالي والواقعي يقع كله على جانب الآنية . إنه لا

يوجد انية حيادية ، وإنما الآنية هي دائياً إما واقعية اومثالية .

والعلاقة بين الآنية وكيفية الوجود مترابطة ، أعني أنه لا يوجد موجود له الآنية فقط ولا يكشف عن أية كيفية وجود ، وكل كيفية وجود مرتبطة بآنية I أما الوجود المثالي والوجود الواقعي فبينهما انفصال جذري : إما واقعي ، وإما مثالي ، ولا جمع بينهما ٠

والتقابل بين الآنية وكيفية الوجود ليس تقابلا مطلقاً ، بل نسبى أنطولوجى ٠ فمثلا كيفية وجود كرة حمراء هى آنية الحمرة فيها . وبالعكس : كل آنية لشىء ما هى كيفية وجود لآخر ، مثلاً : آنية الغضن هي كيفية وجود الشجرة ، وآنية الشجرة هي كيفية وجود الغاية ، الخ .

وليس من السهل تحديد الوجود المثالي والوجود الواقعي . وكل ما نستطيعه هو أن نقول إن الواقعي هو الفردي ، وما حدث مرة ، والزماني ، الخاضع لعملية الصيرورة ؛ أما المثالي فهو، على عكس ذلك : العام ، المجرد من الزمان ، الأبدي الأزلي ، غير الخاضع للتغير. .وليس المثالي هو المنطقي ( أي القائم في الذهن دون الواقع )، بل المثالي موجود وجوداً حقيقياً ٠ والدليل على ذلك أن العالم المادي يخضع لقوانين رياضية .

ومن حيث الأحوال الوجودية Seinsmodi يميز هرتمن بين : الامكان ، والواقع ، والضرورة -تماماً كما فعل أرسطر ومن بعده الاسكلائيون وكنت. ويشرح هرتمن هذه المقولات الثلاث هكذا :

١ - الضرورة على نوعين:

أ - ضرورة الماهية Wesensnotwendigkeit وهي ما يملكه الشيء على أساس بنيته المثالية . وهذه مقولة إضافية relational ، تسيطر على الارتباط فقط ، لا على الأعضاء الأولى

ب- وضرورة الواقع وهي حالة تبعية في العملية الزمانية ، وهي أشمل من الارتباط الجلي لأنه يوجد أيضاً تحديدات واقعية غير علية .

٢-والإمكانعل ثلاثة أنواع:

أ- مجرد الامكان Bloss- möglich sein ، وهو إمكان الوجود والعدم ، ولهذا يمكن نعته بأنه الإمكان المنفصل ، أو

٠ indifferente Möglichkeit الإمكان السواء

هرتمن(نقولاي)

ب-إمكان لماهية أو الإمكان المثالي ويقوم على عدم التناقض.

ج_ لامكان الواقعي أو إمكان الواقع -Realmöglich keit رهو الذي يفترض مقدماً توافر شروط التحقيق بالفعل ، توافرها كلها ٠ فمثلا الكرة الهندسية التامة خالية من التناقض ، وبالتالي ممكنة مثالية ؛ لكنها من الناحية الواقعية بعيدة عن إمكان التحقيق ,

٣ - والواقع هوعلى ضربين :

الواقع الماهوي Wesenswirklichkeit ويقصد به القيام في النطاق المثالي بوجه عام .

ب - الواقع الحقيقي Real Wirklichkeit وهوالمعطى لنا مباشرة من أحوال الوجود ، لكنه من حيث التصور يصعب وصفه جدا . ولا يستطيع المرء أن يشير هاهنا إلآ إلى صلابة الأحداث ، والمصير .

والواقع وعدم الواقع أمران مطلقان ، أي أنهما منفصلان عن كل ارتباط ، بعكس سائر الأحوال إذ هذه تكشف عن طابع إضافي Relational ٠

ويقرر هرتمن الصلات التالية القائمة بين سائر الأحوال الوجودية :

١ - ا توجد حال حقيقية لا تكترث لحالة أخرى .

٢ - كل الأحوال الحقيقية الايحايية (الإمكان،الرابع، الضرورة ) تستبعد عنها كل الأحوال السلبية ( عدم الإمكان ، عدم الواقع ، الصدفة ) , ومن ثم تنشأ قوانين مختلفة تتسم بالمفارقة ، مثال ذلك وجودماليس بواقعي هو غير عمكن .

٣ - كل الأحوال الحقيقية Realmodi الايجابية يتضمن بعضه بعضاً ، شأنها شأن الأحوال الحقيقية السلبية .

٣ ٠ فلسفة الروح ( العقل )

والطبقة الروحية ( العقلية ) تمثل أعلى درجات وجود لحقيقي الواقعي . وما دام كذلك فهو لا ينحصر في عالم الوعي ( الشعور) , ذلك لأن أحداث الشعور مرتبطة دائيا بأفراد ، بينما المضمونات الروحية ( العقلية ) ليست كذلك .

والروح ( العقل ) الشخصية هي أول ما يتجلى للنظرة الساذجة . فها الوحدات الروحية ( العقلية ) هي الأشخاص

المفردة . والعلاقة الرئيسية لهذه الروح هي التحرر من الاندماج في الغريزة والبيئة المحيطة .

والروح الموضوعية هي الأخرى حقيقة حية ، وهي تتجاوز الأرواح ( العقول ) الفردية وهي تتجلى أولآ للنظر التاريخي - وهي تعلو عل دائرة الوجود الحيوي البسيط . وحياتها تتحقق في مجالات مثل : اللغة، الأخلاق القائمة، الأخلاق الحقة، القانون السائد، حالة العلم، أشكال التربية والتكوين الفكري، الاتجاهات الفنية ، والنظرات في العالم السائدة بين الناس . وينتسب إلى كل مضمون من هذه المضمونات الروحية ( العقلية ) طريقة خاصة به في التجربة ، والنمر ، والتحصيل عند أفراد الإنسانية . والروح الموضوعية تقوم في علاقة فريدة من الوجود الأعلى تجام الأرواح ( العقول ) الفردية ا إنها تحيا فيهم وحدهم ولا يحملها غيرهم ، لكنها مع ذلك تشكلهم من جديد حين تسيطر عليهم .

وفي تحليلنا للعلاقة بين الروح الشخصية والروح الموضوعية ينبغي أن نراعي ثلاثة أمور :

١ - الأول أن الروح الموضوعية لا تورث ، بل تنقل ، أعني أن الأفراد لا يحصلون على المضمون الروحي للماضي بمجرد الميلاد ، بل إن عليهم أن يكتسبوه خلال حياتهم وبإرادتبم ؛

٢ - والثافي أن الروح الموضوعية ليس لديها وعي ولا شخصية ، على الرغم من هذم الواقعه الا وهي أنها ، بوصفها روح الشعب، تملك فردية تجاه سائر أرواح الشعوب الأخرى.

٣ 1 وينتج عن كون الروح الموضوعية ليست ذاتاً لها وعى، انها لا تجد مثيلاً واعياً لهاإلا في الأفراد. لكن الفرد ناقص جداً ، لأنه لا يمكن أي ميدان من ميادين الروح الموضوعية ان يتحقق - ولا تقربياً- في وعى واحد : إذ لا يمكن إنساناً فرداً ان يحبط بمضمون كل العلم في عصرم ، وهكذا الأمر في سائر ميادين نشاط الروح الموضوعية . ولهذا فإنه في ميدان الحياة الاجتماعية السياسة ينشأ عن هذا موقف كارث , فإن الشؤون العامة يجب أن تدبر ، ومن لحظة إلى لحظة لا بد من تسوية المسائل العامة ، وحل النزاعات ، وسد الذرائع ، ومن أجل هذ لا بد من قرارات وأفعال . لكن لا يستطيع القيام بهذا إلاً رعي واحد . فلا كانت الروح العامة

(هرتمن(نقولاي)

تفتقرإلى الوعى ،فلا بد أن ينبثق الوعى المفرد كوعى ناثب عنها . لكن الانسان المفرد لا يمكنه ابداً ان يعوض عن الوعى النامل المفتقر إليه . إنه لين كفءاً للوفاءبمطالب لروح الموضوعية ، إذ لا يستطيع أي عقل انساني أن يشمل بنظره كل الموقف السياسي ، كما يحيط بالموقف في حياته الشخصية

ويرى هرتمن أن من ين الأخطاء الرئيسية التي وقع فيها هيجل أنه اعتبر حقاً وجوهرياً في الحياة الروحية ما كان يوماً ذا قيمة عامة ؛ ذلك لأنه بذلك غفل عن هذه الواقعة وهي أن الروح الموضوعية قد وقعت احياناً في ضلالات . لهذا ينبغي ان نعتبر تحليل ما ليس صحيحاً في الحياة الروحية جزءاً مهماً من فلسفة الوجود الروحي -

هي der objektivierte Geist والروح المتموضعة

لصورة الثالثة من صور الوجود إلى جانب الروح الشخصية ، والروح I لموضوعية . وهذه الروح المتموضعة تشمل التموضعات الصادرة عن الروح ، مثل : القانون المسنون ، المعرفة العلمية المسجلة قولاً وكتابة ، العمل الفني ، الخ وبينيا الروح الشخصية والروح الموضوعية روح حية ، فإن الروح المتموضعة ليست حية . ذلك لأن الأساس الواقعي ( الورق المطبوع، الحجر المشغول ) ليس روحياً ، بل هو مادة .

وكل روح تاريخية - والماضي يمكن أن يكون صامتاًفي داخل الحاضر،كياهي الحال في الأعراف الماضية، وأشكال اللغة ، والميول الأخلاقية ، الخ ، فهي حية فينا ، دون أن شعر انها ماضية

٤ - فلسفة القيم

وعني هرتمن بفلسفة القيم عناية بالغة، خصوصاً القيم الأخلاقية.

يرى هرتمن أن القيم الأخلاقية هي قيم أشخاص وقيم افعال ، وليست قيم أشياء . إذ هي تتعلق بالنية ، والفعل والإرادة . وعليها يتوقف الاحترام وعدم الاحترام ، والشعور بالمسؤولية، والشعور بالخطيئة . إن القيمة الأخلاقية تتعلق بالشخص أو باحد أفعاله : فالاستقامة ، والأخلاق ، والثقة ، والأمانة ، وروح البذل وروح التضحية تحمل في داخلها قيمتها الأخلاقية .

وللقيم الاخلاقية استقلال ذاتي . ويلاحظ انها تتسم بالسمات التالية :

أ) القيمة الأخلاقية هي ، بالتوسط ، قيمة خير. وتبعاً لذلك فهي نسبة إلى ذات . فاخلاص الواحد خبر للآخر ، والثقة خيرلمن يفيد منها ، والمحبة خير للمحبوب ، والصداقة خير للصديق . ومع ذلك فإن القيمة الأخلاقية تكفي نفسها بنفسها : إ تبقى قيمة ، بغض النظر عن كوها ستفيد حيرا للغير ٠ إنها قيمة للشخص ، قيمة لسلوكه .

ب ) والقيمة الأخلاقية [تصد شخصاً او جماعة من لاشخاص . وسواء اكنا بإزاء نية ام فعل ، فإن موضوع سلوك الشخص هو دائماً شخص من جديد . فالفعل يتعلق بالأشخاص، لا بالأشياء ؛ والنية تستهدف أشخاصاً ، لا أشياء ٠ وهذه النسبية إلى شخص الغير تقوم في تركيب القيمة الأخلاقية هي نفسها . فقيمة الخير الموجود في الإخلاص لشخص آخر تقوم على الثقة التي يستشعرها الشخص نفسه وثبات نيته . وهاتان القيمتان ليستا متطابقتين ، فان يضع المرء ثقته فيمن يثق فيه ، هذا يتعلق بسلوك الأول ، لكن الإخلاص هو سلوك للموثوق فيه .

ج) وثالثاً: توجه نسبة للقيمة تجام الذات، لأنه توجد علاقة بين القيمة وحاملها . والقيمة المعينة لا تتعلق بأي حامل كان : فثم علاقة جوهرية بين كليهما : وهكذا فإن قيم الأشياء تتعلق بالأشياء ، والقيم الحيوية تعلق بالأحياء ، والقيم الأخلاقية ، بالذوات الشخصية . فلا يقدر على السلوك ملكاً اخلاقياً إلآ الذات التي يمكنها أن تريد، وتفعل ، وتضع لنفسها غايات ، وتتابعها ، ولها مقاصد ، وتشعر بقيم -

والقيم الأخلاقية ترتبط بالشخص كله ، لا بهذا الفعل أو ذاك من افعاله ، لأن الشخص بكله هومن وراء كل واحب من.هذه لأفعال

وواضح من هذا أن هرتمن يأخذ بمذهب ماكس شيلر في القيم ٠

مؤلفاته الرئيسية

I منطق الوجود عند أفلاطون ٠

" PlatosLogikdes Seins. Giessen, 1909.

٠ ميتافيزيقا المعرفة ٠

هرقليط

- Grundzüge einer Metaphysik des Erkenntnis, Berlin, 1925.

,الاخلاق,.

- Ethik, Berlin, 1926.

, فلسفة المثالية الألمانية ,

- Die Philosophie des deutschen Idealismus, I. Bd. Berlin, 1923, II. 3. Berlin, 1929.

اأرسطووهيجل ا

- Aristoteles und Hegel. Erfurt, 1933.

امشكلة الوجود الروحي ا

- Das Prolem des geistigen Seins, Berlin, 1933.

انحوتأسيس الانطولوجيا>

- Zur Grundlegung der Ontologie, Berlin, 1935

, الامكان والواقع >

-Möglichkeit und Wirkilchkçit, Berlin, 1938

, بناء العالم الحقيقي )

- Der Aufbau der realen Welt, Berlin, 1940

, فلسفة الطبيعة ٠

- Philosophie der Natur, Berlin, 1950

, المؤلفات الصغرى ٠

- Kleinere Schriften, 3 Bde, Berlin 1955 — 1957- 1958