نويل

نويل هي إحدى القرى التونسية، تقع في ولاية قبلي على الطريق الغربية الرابطة بين الجرسين ودوز.

في ربوع الجنوب التونسي، تحديدا في جهة نفزاوة نعثر على إحدى كنوز الأرض، منطقة صغيرة ميزتها أنها محاطة بالواحات، واحات جميلة مزدانة بنخيلها الباسق وموشحة بخرير مياهها العذبة والفياضة.

إنها قرية موغلة في القدم ولا نعرف لها وجودا محددا في أعماق التاريخ وما نعرفه فقط أنها أقدم مناطق الجهة. قدمها أورثها موروثا حضاريا هاما جدا، تجسم في العادات والتقاليد التي تتسم بالثبات والتحول في نفس الوقت، إذ قاطن نويل اليوم يحاول أن يجذر أصالته وهو يقدمها في ثوب يتماشى والعصر. وقد ظهر ذلك في مهرجان نويل للأصالة والإبداع خاصة في دورتيه الأولى والثانية. من الميزات الأساسية لهذه المنطقة كذلك أنها منطقة أولياء الله الصالحين ومن آثارهم إلى اليوم زاوية" سيدي عمران " التي تم تجذير دورها والاعتناء بها لإقدامها على أداء وظيفة حساسة في زماننا وهي تعليم القرآن الكريم وترتيله والعمل على رعايته، وقد كان مجهود سكان القرية واضحا وجليا في هذا الجانب متجسما في الدعم المادي والمعنوي لأن هذه الزاوية تمثل منارة علم ومعرفة وقد زادها هذا الاهتمام بها رفعة وسموا وإيمانا عميقا بنبل الدور الذي تلعبه على مر السنين. كذلك تمتاز نويل بربوتيها اللتان صمدتا رغم نوائب الزمن، ربوتان مرتفعتان تحضنان أكثر من نصف القرية ومن حولهما غابات النخيل باسطة أجنحتها من حولهما. إن الزائر يحس وهو يدخل قرية نويل وكأنه في عالم مصغر يجمع بين كل المتناقضات إن دخلها من الجنوب اعترضته أروقة من أشجار الكالتوس توقظ فيه نبرة الإحساس بجمال الطبيعة بعد أن اعترضته روابي الرمال الصفراء النقية نقاء القلب من الحسد والبغض، وبمجرد إطلالته على المنطقة يشاهد أعلى نقطة فيها، إنها إحدى الربوتين وهي التي تحتوي بين أحضانها الجامع الكبير الذي يعود إلى أزمان غابرة ومن وراء الربوة تلوح له وإن بشكل ضبابي غابات النخيل أو هنشير نويل وما أن يتوغل داخل مناطق العمران قليلا حتى تنقلب المناظر وتزداد جمالا فبعد أن كان يعانق أشجار الكالتوس يمينا والامتداد الانبساطي شمالا ترنو له غابات " المعمورة " يمينا ومناطق العمران شمالا مزدانة بأحلى الحلل وأجمل الهندسات.

و في الختام يغادر المنطقة ملقيا نظرة على مناطق العمران التي تركها خلفه منسجمة مع بعضها بعضا من جهة ومن جهة أخرى يفتح عينيه على مشهد آخر عن شماله يتجسم في صورة هنشير نويل المترامي الأطراف والمزدان بغابات النخيل الضاربة في القدم قدم أهالي نويل. نفس الشعور ينتاب من يدخل نويل من الجهة الشمالية وإن كان ذلك بشكل معاكس ولكن في كلا الحالتين يغادر الزائر نويل وكأنه كان في جنة أحلام يغادرها وكأنه لم يدخلها لأن المناظر من جمالها لم تترسخ في ذهنه فيعقد العزم بالطبع على إعادة الكرّة وكما يقول المثل الزيارة الثانية تحمل بالضرورة ما لا تحمله الزيارة الأولى