نسيج بايو

نسيج بايو أو نسجية بايو المطرزة (بالإنجليزية: Bayeux Tapestry) وثيقة تروي في صيغة مصورة قصة غزو إنجلترا من وجهة نظر النورمان، كما تعطي صورة رفافة لحياة الإقطاع من خلال القصة. النسجية من الكتان بطول 231 قدما (بنحو 69 مترا) وبعرض 20 بوصة (50 سنتمتر)، وقد تحول لونها للبني الفاتح مع الزمن، وتم تطريزها بالإبرة على أقمشة صوفية من ثمانية ألوان.

وقد يكون إطلاق كلمة نسجية في هذا المقام مغالطة لا يسوغها إلا كونها تستخدم كمعلقات فوق الحائط. وإذ كان التصميم قد نفذ بتطريز خيوط الصوف فوق سطح شريط من الكتان الحشن دون نسجه في القماش ذاته فكان الأجدر تسميتها مطرزة بايو. وكانت أمثال هذه الزخارف من القماش تستخدم لتغطية الجدران العارية للحصون، غير أن هذه النسجية بالذات ظلت ضمن كنوز كاتدرائية مدينة بايو، وهي من إنتاج أشهر بيوت التطريز الإنجليزية فرغت منها بعد 20 عامًا من معركة هيستنغز Hastings التي تسجلها.

الخلفية التاريخية

في الحكايات المحلية تم وضع إدارة العمل تحت إمرة زوجة وليام الفاتح. كان فريدريك بلوكيه، في كتابه "مقالة تاريخية عن مدينة بايو" Essai historique sur la vale de Bayeux (1829)، أول من رفض هذا الاعتقاد، وربط بين العمل وأخ وليام غير الشقيق أودو دي بايو، وهذه هي وجهة النظر المقبولة الآن، وتؤكدها حقيقة أن ثلاثة من أتباع الأسقف المذكورين في كتاب ونشيستر كانوا من بين الأشخاص القليلين المذكورين على السجادة. واحتمالية أن أودو صممها لكاتدرائيته هي شبه أكيدة، لكن سواء كانت قد صنعت بأصابع إنجليزية أم لا فهذا محل الشك، رغم أن بعض الكلمات عليها تدعم جزئيًا وجهة النظر هذه. وقال فريمان بشيء من التأكيد بأنه كانت عملاً معاصرًا.

وفي عام 1902 شكك ألبرت مارينيان، على أسس أثرية، بالتاريخ الذي وضع لصنع السجادة، كما شكك آب دي لا رو قبله بتسعين عامًا؛ لكن حججه دحضها غاستون باريس وموريس لانور، وأثبتت مصداقية السجادة. يبدو أن الأثر المشهور كان الباقي الوحيد من صنفه، لأن الأسقف باودري وصف في أبيات لاتينية عملا مماثلا تم صنعه لأديلا ابنة وليام الفاتح، وفي الفترة السابقة كان أرملة بريختنوث قد صنعت سجلا مماثلا عن مآثر زوجها وموته في معركة مالدون القاسية (991).

وكانت معروفة سابقا بقماشة سان جان Toile de St Jean، واستعمل على بعض الأعياد لتزيين صحن كاتدرائية بايو. ونجت بأعجوبة من معارك الثورة الفرنسية، وعرضت في باريس برغبة نابليون في 1803-1804، ومنذ ذلك الحين أصبحت تحت الرعاية المدنية لبايو، حيث أنها معروضة الآن تحت الزجاج. في الحرب الفرنسية البروسية (1871) أنزلت بعجالة وتم إخفاؤها.

المشاهد المصورة

تضمن النسجية مشاهد تمثل غزو إنجلترا من قبل النورمان. والشخصية الرئيسية فيها لوليام الفاتح الذي فرض نفسه على شمال أوربا خلال النصف الثاني من القرن الحادي عشر. وتستغرق القصة التي ترويها النسجية في 58 مشهدًا الفترة ما بين الشهور الأخيرة من حكم إدوارد المعترف [القديس] (1002 - 1066) ملك إنجلترا الذي قام بإرسال هارولد إلى بوزهام في طريقه إلى نورماندي، وتنتهي باليوم المشهود من عام 1066 عندما وطد وليام الفاتح حقه في المطالبة بالعرش بعد أن دحر القوات الإنجليزية في معركة هايستينجز، رغم أن النهاية الفعلية للشريط قد ضاعت. وعلى طول القمة والقاع تظهر حدود تزيينية بأشكال الحيوانات، ومشاهد من خرافات أيسوب وفايدروس، ومن الفلاحة والمطاردة، ومن حين لآخر لقصة الغزو نفسها.

والنسجية في مجموعها عمل فني ناجح أعد لتغطية مساحة طويلة ضيقة وتعد إنجارًا بديعًا من صنع فنان قدير أو أكثر. وقد تحمل مظهر الخشونة بل والبدائية أحيانًا، فرسومها عجلة لا تتريث لإيضاح التفاصيل فتبدو متقنة متأنقة، ولكن شأنها شأن فنون العصور الوسطى إن هي إلا سرد قصصي يلعب التأثير الجارف ((للكل)) دورًا أهم من تفاصيل الجزئيات، فهي إنجاز يتلقاه قوم لا يؤمنون بغير الأفعال في عصر كان الناس فيه يعجبون بالمآثر أكثر من إعجابهم بالصور أو الكلمات المعبرة عنها.

القيمة التاريخية

وصفها وليام ستوكلي في عام 1746 بأنها "أكثر الآثار نبلا في العالم والتي تتعلق بالتاريخ الإنجليزي القديم"، وتم وصفها مرارا، ونوقشت وأعيد إنتاجها، في فرنسا وفي إنجلترا منذ العام 1730. أفضل إعادة إنتاج ملونة تلك التي أنتجها تشارلز ألفرد ستوتهارد في عام 1818، ونشرت في المجلد السادس لكتاب الآثار القديمة Vetusta Monumenta؛ لكن في 1871-1872 صورت السجادة لصالح هيئة التعليم الإنجليزية من قبل إي . دوسيتر.

ومن الناحية التاريخية فهي مصدر أساسي، وفي الحقيقة فهي المصدر الرئيسي الذي يروي القصة من جانب النورمانديين. وبما أن بعضا من دلائلها فريدة، فإن التشكيك بمصداقيتها مهم، واستنتاجات فريمان أكدت عمليا بالمناقشة الأخيرة.