موسيقى الصين القديمة
وجدت آلة الديانة البوذية بين شعوب المنطقة من شرق آسيا والواقعة بين الهند والصين من المعتقدات والعادات وجعلتها تحافظ عليها آلاف السنين دون تعديل يذكر, وقد بدأت الموسيقى في الصين كما بدأت في جميع الممالك القديمة المتحضرة متمشية مع الدين وجزءً منه, فهم يعتقدون كالهنود أنها من اختراع الآلهة. والموسيقى قديمة جداً في الصين ولكن لا يمكن تعقبها إلا منذ عام 637ق.م في حياة القيصر (تشه يو) الذي رغب في أن تكون للموسيقى قواعد ثابتة تتبع في جميع بقاع الإمبراطورية الواسعة,فأمر وزيره ليطوف البلاد ويجمع ما تصل إليه يده من قواعد الموسيقى وقوانينها, وعاد بمجموعة من القوانين أتبعت قروناً طويلة والصين القديم بنى موسيقاه على التوافق بين الكواكب وحركة الأجرام السماوية والأرض وتعاقب الفصول, بل لينظر أبعد من ذلك إلى توثيق ارتباطها بحياة الدولة وحالتها العامة فكل خير أو شر يقع لهم هو نتيجة خلل أو خطأ ما في نظريات الموسيقى وترتيب وتركيب السلالم الموسيقية. ولذلك يكون كل اهتمام كل أسرة والتي تجئ في الحكم أن تزاول البحث في تلك العلوم على أن تهتدي إلى تصحيح الخطأ وذلك بأنهم يبنون أمور حياتهم على توافق الأرض والسماء. والسلم الصيني خماسياً حتى الآن, وهو أقدم من اهتدى إلى نغمات ذلك السلم بطريقة دائرة الخامسات, وقد استخرجوا سلمهم الخماسي باستعمال آلة المصفار وهي أنابيب مفتوحة من طرف واحد وإذا نفخ فيها أعطى صوتاً فإذا اشتد النفخ أعطت الجواب ثم الخامسة. وإذا صنعت أنبوبة جديدة أساسها هذا الصوت في الأنبوبة الأولى ونفخ فيها نفخاً عادياً أعطت هذا الأساس أما إذا نفخ فيها بشدة فإنها تعطي خامسته التي هي خامسة الأنبوبة الأولى وبنفس الطريقة وبإضافة أنابيب أخرى تعطي خامسة خامسة خامسة ...الخ الأنبوبة الأولى وهكذا تبنى دائرة الخامسات التي أساسها هو في العادة نوتة أو درجة فا أي حسب دائرة الخامسات هي:
فا – دو – صول – ري – لا
وترتب هذه الدوائر (دائرة الخامسات) تعطي سلم:
فا – صول – لا – دو – ري
وهو سلم خماسي بدون أنصاف الألوان وظل الصينيون كذلك حتى أسرة (ين) 1300 ق.م حيث زادوا عليها درجتين هما: (مي – سي) وضموها بذلك للسلم الموسيقي الخماسي فصار سباعياً ولكن ظل استعمالهم لها إضافياً وسموها مي الموصلة, ثم اهتدوا بعد ذلك إلى أنصاف النغمات فعرفوا الديوان الموسيقي اثني عشر صوتاً يتم منهم تشكيل الدرجات المؤسسة للسلم كدرجات كاملة وأنصاف الدرجات وهي تتناسب مع الفلك فالشهور اثني عشر شهراً وقسموا المجموعة إلى قسمين الأولى من سنة فهي تمثل الأشياء القائمة بذاتها والكاملة بطبيعتها(كالشمس والرجل) والأخرى أنثى فهي الأشياء التي لا تستقل بنفسها (كالقمر والمرأة) , وتعتبر عندهم درجة فا هي العالية أما (ري) فهي الواطنة ليس بمقياس الحدة والغلظ كما نحسبها نحن الآن, ولكن من حيث درجة استخراجها من الآلة ووضعها عند العزف, وهم قد عرفوا أكثر من ستين سلم أو مقام خماسي تؤلف على النغمات الاثني عشر المعروفة في الديوان الواحد بانقلابها أي (5*12 ) وكل مقام له معنى واعتقاد ملازم له مرتبط بالدين أو الطب أو الفلك...الخ. فأسرة (شو) 1122-249 ق.م اعتقدت أن حكمها يناسبه من العناصر الخشب وعلى ذلك لا تؤلف ألحانها أبداً على سلم قراره درجة صول وهي التالية لنغمة فا لأنها يقابلها من العناصر المعدن وهو الذي يكسر الخشب وعليه فهو شؤم عليهم . ونرى بذلك أن الصينيين يربطون بين الموسيقى والدولة والفلك والدين والعناصر بل والألوان والحيوان والأطعمة والأجواء وأعضاء الجسم ولحالة النفسية فالنغمات الخمس توافق كل منها احد الجهات الأصلية وأيضاً هناك ارتباط بين الفصول والآلات الموسيقية وصناعتها واستعمالها وبين حركة الأجرام السماوية والأرض.
الأصوات | كونج | شي | كيو | شنج | يو |
ما يقابلها | فا | صول | لا | دو | ري |
الجهات | شرق | غرب | وسط | جنوب | شمال |
العنصر | خشب | معدن | أرض | نار | ماء |
الكوكب | المشتري | الزهرة | زحل | المريخ | عطارد |
اللون | سماوي | أبيض | أصفر | أحمر | أسود |
الحالة النفسية | غضب | حزن | فكر | فرح | رعب |
وقد خسرت الموسيقى كبقية العلوم الأخرى حين أمر الإمبراطور (هوانج تي) بحرق جميع الكتب ما عدا الطب والزراعة وبذلك حرقت كتب الموسيقى والآلات وحرمتنا من ذخيرة وتراث عظيم لهذه الحضارة القديمة.
الآلات الموسيقية
الآلات الإيقاعية:-
1. الكنج هي أهم آلة طرق عندهم وتتألف من عدة قطع من الحجارة معلقة في إطار خشبي ينقر عليه بمطرقة من الخشب تتكون من ستة عشر قطعة مختلفة الأحجام منتظمة في صفين ويصدر عن كل منها صوت من الأثني عشر صوتاً بالإضافة إلى أربع أصوات من الديوان الثاني ويرجع تاريخها إلى 2300 ق.م وكانت تصنع للملوك منها آلات من حجارة خاصة ومنها أيضاً آلة (بين شنج) وهي شبيهة بالكنج إلا أنها مكونة من أجراس مختلفة الحجم وأخرى تسمى (يون لو)م من صفائح من النحاس.
2. الطبل الكبير (هيوكو): ترجع إلى 1122ق.م وكان يستعمل في القصر الإمبراطوري وكانت ضخمة الحجم وبجانبها طبلتان صغيرتان, وصوتها شبيه بصوت الرعد, الإنسان الصيني يستمتع جداً بسماع الأصوات الغليظة التي يخرجها الضرب من هذه الآلة.
3. الطبل الصغير (باكو): وهي أكثر ذيوعاً وانتشاراً وتعلق في الرقبة وصوتها خافت.
4. الصنج الصيني: يصنع من المعدن ويطرق بمطارق خشبية فيصدر عنه أحد أصوات السلم الموسيقي الصيني.
5. الأجراس الضخمة تصنع في أحجام كثيرة وصدر عن كل منها صوت من السلم الصيني وتستعمل في الحفلات الدينية والقومية ويضرب بها في الفرق الموسيقية مرة في كل مقطع من مقاطع اللحن فتكون النغمة الصادرة منها هي في العادة قرار هذا اللحن.
6. الطبل ذو المضارب: طبل ذو حامل مثبت فيه مضربان يدق عليها بتحريك هذا الحامل يميناً ويساراً.
7. المروحة (تشنغ يو) : وهي كالمروحة تتركب من عدة قطع من الخشب مثبتة معاً تمسك باليد اليمنى ويدق بها على اليد اليسرى وتستعمل في بيان الإيقاع.
آلات النفخ:-
1. التشنج: وهي أكثر آلات النفخ انتشاراً ,ترجع إلى عام 2700 ق.م وتعتبر أصواتها مقياساً لضبط الآلات الأخرى, وهي قصبات من الغاب مختلفة الأطوال يتراوح عددها من 12-24 قصبة, لكل اثنين منها طول واحد وهي متلاصقة في شكل دائري تنتهي كلها في وعاء من الخشب أو الترع كمستودع للهواء. وفي نهاية كل قصبة لسان يحدث الهواء فيها صوتاً إذا ما أغلق ثقب موجود في جدار القصبة من الخارج وتركب في القاعدة اسطوانة ملتوية لينفخ منها العازف وبتحريك أصابعه بفتح أو إغلاق الثقوب فتخرج الأصوات المرغوبة.
2. المصفار: وهي قصبات أحد طرفيها مغلق ويصدر عن كل منها بالنفخ فيه أجد أصوات السلم
3. الفلوت (تشي): وينفخ فيها من ثقب على جانبها كالفلوت الحديث.
الآلات الوترية :-
1. الكين: من أقدم الآلات الصينية وأكثرها ارتباطاً بالمعتقدات الدينية وينسبون اختراعها إلى فوهي باعث الدين فهي آلة مقدسة تزعج (الشي) وتطهر القلب والبدن وهي في أبعادها وعدد أوتارها وشكلها وطولها 3,66 قدم وهي عدد أيام السنة وأوتارها عددها خمسة مع عدد العناصر الخمسة السابق ذكرها وسطها العلوي مقوس كالأفق وقاعدتها مسطحة كالأرض خاضعة لنواميس الطبيعة وهي تستعمل فقط من الطبقة الراقية وقليل من يجيد العزف عليها لصعوبتها.
2. الشي: ومعناها العجيب وهي كالقانون مركب عليها خمسة وعشرون وتراً ويلازم الشي دائماً عازف الطبلة الصغيرة البوفو ويستعمل الاثنان معاً لمصاحبة الغناء الأول لتقوية اللحن والآخر لتقوية الإيقاع ويبدو أن عازفي هذه الآلة هي وآلة الكين كانوا من العميان كما هو متبعاً في الممالك القديمة كما في مصر أيضاً في عازفي الصنج والكنارة المصرية وقد يقال أن العازفين فقط يغمضون أعينهم أثناء العزف لئلا يشوه عليهم شيء العالم الخارجي.
3. كما يوجد أيضاً القانون والعود الصيني.
أما الفرق الصينية فكانت مكونة من:-
إلى اليمين: الجرس الكبير ثم ضارب المروحة ثم عازف المصفار ثم عازف الشي.
إلى اليسار عازف الطبل ثم الطبل ذو المضارب ثم عازف المزمار ثم الفلوت وخلفهما منضدة عليها الشموع والزهور.