مهند الطاهر
طفولته ونشأته
مهند الطاهر ذو ال29 ربيعا، ينحدر من خلة العامود في مدينة نابلس موطن عدد من خيرة أبناء كتائب القسام امثال المعتقل القسامي عمار الزبن، ويعتبر من القساميين المخضرمين في الضفة الغربية، فهو قسامي بدء عمله في كتائب القسام في العام 1997 مع ثلة من القادة القساميين البارزين مثل الشهيد القائد محمود أبو هنود والشهيد القائد يوسف السوركجي وغيرهم.
لم تكن طفولة مهندس المتفجرات ومولّد الاستشهاديين مهند الطاهر بالطفولة العادية، فقد فتح عينيه كما تقول والدته (أم محمد) على قراءة القرآن والالتحاق بدروس الوعظ في المساجد، وتشابكت خطوط هذه الطفولة مع اندفاع كبير لدى الشعب الفلسطيني لمقاومة المحتلين في انتفاضة فلسطين الكبرى عام 1987م، حينها كان مهند في الحادية عشرة من عمره.
وفي هذه الانتفاضة تعلَّم مهنَّد رماية الحجارة، وأتقنها حتى إنه كان يُحسد من أقرانه على مهارته في إصابة دوريات الاحتلال الإسرائيلي والجنود الذين يطلقون الرصاص في كل الاتجاهات. ولم يكن مهند - ذلك الطفل الصامت الهادئ - يعلم أن يد القدر تعدّه لمستقبل كبير، وأن الحجارة ليست إلا السلاح الأول الذي أريد له التدرب عليه ليتدرج بعدها، خلال فترة قصيرة لم تتعدَّ عشر سنين، لقنص عشرات الجنود والمستوطنين.
وفي فترة الطفولة تنقّل مهند – المدلَّل، أصغر إخوته الخمسة – بين مدارس مدينة نابلس، حيث درس المرحلة الابتدائية في مدرسة عمرو بن العاص، ومن ثَم أكمل دراسة المرحلتين الإعدادية والثانوية في مدرسة قدري طوقان ليلتحق بعدها بجامعة النجاح الوطنية في نابلس ليدرس فيها الشريعة الإسلامية، ولم يكن يتبقى له على التخرج سوى ساعات قليلة.
تربَّى في أحضان المقاومة
لم يكن عمر مهند الطاهر قد تجاوز الـ 18 عامًا حينما انتمى إلى إحدى خلايا "كتائب عزّ الدِّين القسَّام" الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)؛ ليصبح في أقل من أربع سنوات "المهندس الرابع" لكتائب القسَّام، وليكتب تاريخ حياته القصيرة عمرًا بسجلات المجد والخلود لمستقبل لا ينتهي إلا بانتهاء الحياة.
ففي عام 1996م انتمى مهند الطاهر لخلية عسكرية تابعة لحركة حماس، والتي أنشئت من قبل "محمود أبو هنود" و"خليل شريف"، وبدأ عمله العسكري داخل الحركة؛ ليصبح خبيرًا في صناعة المتفجرات حتى إن البعض أطلق عليه "منتج الاستشهاديين".
تقول والدة مهند -60 عامًا، أرملة تعيل أولادها محمد، والشهيد مهند، وثلاث شقيقات: إنها لم تتخيل يومًا أن يتحول أصغر أبنائها الهادئ الذي ولدته عام 1976م في مدينة نابلس إلى بطل عظيم يُعَدّ ضمن ثلَّة قليلة استطاعت أن تتسبب بموت هذا العدد الكبير من الصهاينة.
واعتبرت أم مهند أن ما سمعته من تصريحات إسرائيلية عن ابنها - وآخرها تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي بأن ابنها كان المسؤول عن مقتل 117 إسرائيليًّا - شهادة فخر واعتزاز لها كأم استطاعت أن تربِّي أولادها على حب الوطن والشهادة بعد أن رحل والدهم عن الحياة قبل خمس سنوات.
وتضيف الأم الفلسطينية الصابرة بأن نجلها المطارد منذ عامين ونصف أوصاها في جميع لقاءاته معها بألا تصرخ جزعًا عند سماعها بخبر استشهاده.. وألا تبكي عليه.
وتابعت قائلة: "لقد طلبت منه أكثر من مرة الزواج والاستقرار، لكنه رفض بشدة، وقال لي: أريد أن أتزوج من الحور العين يا أمي".
المهندس الرابع
يعد الشهيد القائد مهند الطاهر من أبرز وأمهر مهندسي المتفجرات في فلسطين حيث أنه ملقب بالمهندس الرابع، وله تاريخ جهادي مليء بالعمليات البطولية النوعية، فقد كان من ضمن خلية المجاهد القسامي عمار الزبن والمحكوم عليه في سجون الاحتلال بـ 27 مؤبدا، حيث نفذ مهند مع عمار العديد من العمليات الجريئة، من وضع عبوات ناسفة وعمليات إطلاق نار، كما أنه اشترك في التخطيط للعمليات الاستشهادية التي وقعت في القدس المحتلة عام 1997 في سوق محني يهودا وشارع بن يهودا والتي أوقعت أكثر من 23 قتيلا صهيونيا ومئات الجرحى..
اعتقال الشهيد لدى السلطة
ولقد اعتقلته سلطة الحكم الذاتي في شهر 1 /1998 بعد انكشاف مخزن ضخم للمتفجرات في نابلس حيث حققت معه المخابرات الفلسطينية في مسلخ سجن أريحا ومن ثم تم نقله إلى سجن جنيد في نابلس حيث تعرض للتحقيق مرة أخرى ولكن هذه المرة بطريقة خبيثة حيث أوهمه مدير سجن جنيد محمد جبارين (أبو سفيان) أنه سيتم إخراجه لقضاء إجازة لمدة 24 ساعة مع أهله، وبالفعل وعند خروج مهند من باب السجن الخارجي – حيث لم يطلب منه مدير السجن إحضار كفيل له ليخرجه من السجن كما هو متبع في تلك الحالات وقتها - قامت قوة من مخابرات السلطة الفلسطينية كانت تنتظره خارج السجن باختطاف مهند من الشارع بطريقة قذرة، حيث ظن في البداية أن قوات خاصة صهيونية هي التي اختطفته ليجد نفسه بعد ساعتين موجودا في قسم التحقيق في سجن أريحا حيث تم التحقيق معه لمدة شهر كامل تعرض خلالها للتعذيب والتنكيل من رجالات المخابرات الفلسطينية.. وأعيد بعدها إلى سجن جنيد ليكمل أيام اعتقاله مجهولة الأجل فيه..
الالتحاق بمطاردي كتائب القسام
وعند انطلاق انتفاضة الأقصى في عام 2000م أفرج عن غالبية المعتقلين في سجن جنيد حيث كان مهند منهم ولكنه لم يلبث إلا أن التحق بمطاردي القسام بعد حادث استشهاد المجاهد القائد القسامي إبراهيم بني عودة (أبو حذيفة) حيث واصل مهند مشواره الجهادي مع إخوانه في كتائب القسام الذين أخذوا يكيلون الضربات الموجعة للصهاينة المحتلين..
تعرضه للاغتيال
ولقد نجاه الله عز وجل من محاولات الاغتيال مرتين حيث كان من المقرر أن يكون مع المجاهد القسامي القائد الشهيد محمود أبو هنود ليلة اغتياله من قبل الصهاينة ولكن الله عز وجل أخر ذهابه للموعد مع أبي هنود حيث استشهد أبو هنود يومها، والمرة الثانية نجاه الله عز وجل عندما اجتاح العدو الصهيوني مدينة نابلس للمرة الثانية في شهر أيار 2002 حيث اشتبك مهند بصحبة أخيه المجاهد القسامي علي الحضيري مع الجنود الصهاينة في إحدى الشقق في شارع غرناطة وسط مدينة نابلس حيث أوقع المجاهدون ثلاثة قتلى صهاينة بين جنود وضباط الوحدات الخاصة الصهيونية واستشهد يومها المجاهد القسامي البطل علي الحضيري في حين تعرض مهند للإصابة في يده وقدمه إلا أن الله عز وجل رعاه وحفظه ولم يتمكن الجنود الصهاينة منه حيث فروا هاربين يومها..
قيادته لكتائب الفسام
استلم مهند قيادة كتائب القسام بعد استشهاد المجاهدين القادة الشيخ يوسف السركجي ونسيم أبو الروس وجاسر سمارو وكريم مفارجة حيث استطاع مهند أن يقود خلايا الكتائب بحكمة بالغة خاصة في الظروف الصعبة للغاية التي مرّ بها مع إخوانه المجاهدين من مطاردة الصهاينة وملاحقة الأجهزة الأمنية الفلسطينية لهم والتي كان يشكو مهند دائما منها ومن حجم الضغوط التي يتعرض لها، حيث اضطر لتغيير مكانه العديد من المرات بسبب تلك الملاحقات، كما أن ذلك أعاق العديد من العمليات الجهادية ضد الصهاينة، ولقد كان يشيع رجال المخابرات الفلسطينية والأمن الوقائي – الذين لم يتوقفوا عن ملاحقة مهند وإخوانه للحظة واحدة – (أنه ما دام مهند حيا فلن يترك الصهاينة نابلس بحالها)،..ولكن ورغم كل تلك الظروف استطاع مهند بفضل الله عز وجل أن يسدد أقوى الضربات للصهاينة المجرمين، وكان من توفيق الله عز وجل له أنه استطاع أن ينفذ أكبر العمليات والتي أوقعت أكبر أعداد من القتلى والجرحى الصهاينة.. حيث يتهمه الصهاينة بأنه وراء قتل 117 صهيوني وجرح المئات في عملياته البطولية خاصة عمليات الدولفيناريوم في تل أبيب وحيفا وفندق بارك وعملية غيلو الأخيرة.
عملياته الجهادية
فقد بدء عمله في كتائب القسام بعمليات استشهادية في مدينة القدس "عمليات محني يهودا 1997" وختم عمله في كتائب القسام بعملية استشهادية في القدس نفذها الاستشهادي محمد الغول وقتل خلالها 19 صهيونيا، فكانت القدس الهدف الذي لا يفارق قلبه، لقد كان شهر آب 1997 ومهند الطاهر يقود سيارة في حي رفيديا في نابلس بداخلها ثلاثة من استشهادي كتائب القسام من بلدة عصيرة الشمالية ،وكان التوقف امام فندق القصر في حي رفيديا حيث القائد محمود أبوهنود ومهند الطاهر وغيرهم من قادة القسام يودعون الاستشهاديين الثلاثة الذين شقوا طريقهم بعد ذلك إلى شارع بن يهودا في القدس ليقتلوا 17 من الصهاينة ويجرحوا المئات، وقبلها عملية في سوق محني يهودا نفذها استشهاديان من نفس الخلية قتل خلالها 11 صهيونيا وجرح 150 اخرون.
دفاعه عن نابلس
كما أن مهند كان من أوائل المدافعين عن مدينة نابلس خلال الاجتياح الكبير الذي تعرضت له المدينة في نيسان 2002 حيث أبلى بلاءً حسنا في المواجهات التي دارت في البلدة القديمة..
يحفظ معظم كتاب الله عز وجل
وأخيرا فقد ترجل الفارس مهند الطاهر وهو قائد عبقري فذ مجاهد صامت كثير العمل لم يهدأ يوما حتى بعد أن أصيب في حادث غرناطة.. وهو غير متزوج وقد أنهى دراسته الجامعية في جامعة النجاح الوطنية حيث تخرج من كلية الشريعة وهو يحفظ معظم كتاب الله عز وجل القرآن الكريم.
وصيته:
أريد أن أكون بجانب جمال منصور وفي الوصية التي تركها مهند الطاهر الذي كان قد تبقى على تخرجه من جامعة النجاح الوطنية في نابلس من كلية الشريعة ساعات معدودة.. اعتبر مهند أن روحه في أي وقت يستشهد فيه هي هدية لفلسطين وللأقصى الشريف. وتمنى مهند على من يبقى خلفه بأن يتم دفنه إلى جانب أستاذه ومعلمه الأول الشيخ جمال منصور كبير قادة حركة المقاومة الإسلامية الذي اغتيل مع ستة آخرين من رفاقه في التاسع والعشرين من تموز 2001م.[١]
الشهادة
استشهد المجاهد القسامي القائد مهند الطاهر 28 عاما ومساعده عماد دروزة (أبو أنس) 32 عاما (شقيق المجاهد القائد صلاح الدين دروزة – أبو النور – بعد عصر الأحد يوم 30/6/2002 م وذلك أثناء اشتباك مسلح عنيف وقع في منطقة المساكن الشعبية شرقي نابلس، وقد حصل الاشتباك أثناء خضوع مدينة نابلس لحصار ومنع التجول المشدد المتواصل على المدينة منذ 13 يوما، حيث حاصرت قوات كبيرة من القوات الخاصة الصهيونية مدعمة بخمسة دبابات والعديد من الدوريات ومئات من الجنود وطائرتي أباتشي هجوميتين منزل الفلسطيني عمار المصري أحد نشطاء الحركة الإسلامية والذي يسكن في الطابق الأرضي لبناية مكونة من طابقين، وبعد أن أطبق الجنود الحصار حول البناية أخذوا ينادوا من خلال مكبرات الصوت على أهل المنزل بالخروج فخرجت النساء والأطفال من المنزل كما اعتقل الصهاينة نجل صاحب المنزل صهيب 16 عاما، وبعدها حاول الجنود الصهاينة اقتحام البناية فتعرضوا فيها لمقاومة عنيفة حيث أكد شهود عيان إصابة العديد من جنود القوات الخاصة الصهيونية مما اضطرها للتراجع. ولجأت قوات الاحتلال لقصف المنزل بقذائف الدبابات وصواريخ طائرتي الأباتشي، ثم اقتحم الجنود الصهاينة المنزل مرة أخرى حيث استشهد ساعتها المجاهدان مهند الطاهر وعماد دروزة وأصيب صاحب المنزل المتحصنين فيه "عمار المصري" بإصابة خطيرة حيث نقله الصهاينة بطائرة مروحية إلى جهة غير معلومة.
وبعد ذلك قامت جرافة صهيونية كبيرة بهدم المنزل بشكل كلي وإحالته إلى ركام ولقد استمرت العملية لأكثر من خمس ساعات متواصلة. وقد احتجز الجنود الصهاينة جثماني الشهيدين والذين أخرجا محترقتن بفعل الصواريخ والقذائف الصهيونية، حيث اتصل الصهاينة بالصليب الأحمر قبيل منتصف الليلة الماضية لتسليم الجثمانين على أن يتم دفنهما مباشرة خلال الليل، ولكن الصليب الأحمر رفض ذلك.
تشييع جثمانه
وقد اغتنم نحو 1500 فلسطيني فرصة رفع حظر التجول يوم الخميس 4/7/2002 في نابلس ليشاركوا في تشييع جثمان الشهيد مهند الطاهر أحد قياديي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الذي اغتالته قوات الاحتلال الإسرائيلي الأحد الماضي من تاريخه. ولم يطلق المشيعون أي أعيرة نارية في الهواء كما جرت العادة خلال تشييع شهداء الانتفاضة الفلسطينية. ومر المشيعون من أمام الجنود الإسرائيليين الذين يحتلون المدينة. وكانت أسرة الشهيد الطاهر (26 عاما) ترغب في دفنه في أقرب وقت ممكن، غير أن نظام حظر التجول الذي كان يفرضه جيش الاحتلال على نابلس وست مدن أخرى من الضفة الغربية حال دون ذلك. [٢]
مصادر
مصادر ومراجع
الجزبرة نت - اغتيال قيادي في حماس
بيان كتائب القسام بعد استشهاده
صفحة الشهيد في موقع كتائب القسام
صفحة خاصة في المركز الفلسطيني للاعلام - النسخة القديمة