مصادرة

المصادرات

المصادرة Postulat قضية ليست بينة بنفسها ، كما لا يمكن البرهنة عليها ، ولكن يصادر عليها ، أي يطالب بالتسليم بها ، لأن من الممكن أن نستنتج منها نتائج لا حصر لها ، دون الوقوع في إحالة . فصحتها إذن تستبين من نتائجها . ومثالها المصادرة المعروفة باسم مصادرة اقليدس، والتي تقول : يمكن من نقطة ان يجر مستقيم مواز لمستقيم آخر، ولا يمكن ان يجر غير مستقيم واحد - وقد أدت إلى إقامة

المطلق

هندسة اقليدس ؛ ولم تؤد إلى تناقض في داخل هذه الهندسة . وليس في الوسع ان يبرهن عليها في داخل هذه الهندسة . كما أن من الممكن الاستغناء عنها ، بأن نستبدل بها مصادرات اخرى كما فعلت الهندسات اللااقليدية.

وقد ذكرنا في « البديهية» ما تتميز به عن « المصادرة» فليرجع إليها.

ومن الملاحظ أن النظريات الحديثة لاتميل إلى المغالاة في التفرقة بين المصادرة والبديهية، بل تنزع-على العكس من ذلك - إلى التقريب بينهما بأن تعد كلتيهما و تعريفات مقنعة » على حد تعبيربونكاريه ( « العلم والفرض » ص ٦٧ ) . ولا فارق بين كلتيهماإلاًفي درجة التركيب : فالبديهية اكثر بساطة من المصادرة ، ولهذا تبدو أبين ، بينما المصادرة أقل بساطة واكثر تعقيداً ، مما يجعل وضوحها والتسليم بها لا يتحققان إلا بالنتائج التي يمكن ان تستخلص منها .

راجع تفصيل هذا في كتابنا < مناهج البحث العلمي»ص٩٠-٩٣( القاهرة،سنة١٩٦١).

وقد سمى كنت « مصادرات الفكر التجريبي بوجه عام» المبادىء الثلاثة التالية :

أ ) ما يتفق مع الشروط الصورية ( الشكلية ) للتجربة ( فيما يتعلق بالعيان والتصورات ) هو عمكن ؛

ب ) ما يتفق مع الشروط المادية للتجربة ( للحواس ) هوواقعي؛

ج ) ما يتحدد ارتباطه بالواقع يواسطة الشروط العامة للتجربة هو ضروري .

وهذه المصادرات الثلاث هي مجرد «تقسيمات للإمكان ، وللواقع ، وللضرورة في استعمالاتها التجريبية » .

كذلك تحدث كنت عن « مصادرات العقل العملي » وهي : الحرية، خلود النفس، وجود الله . وهي المبادىء لتي لا بد منها في الأخلاق . « وهذه المصادرات ليست عقائد نظرية، بل هي مفترضات ضرورية من وجهة نظر السلوك، وهي لا توسع من معرفتنا النظرية ، بيد انها مع ذلك تهب أفكار لعقل النظري بوجه عام ( بواسطة علاقته مع العقل العملي ) حقيقة موضوعية وتسمح له بتصورات لا تستطيع بغير هذا الطريق أن يفسر بها » .