مسلمة (فلسفة)
هذه المقالة عن قضية فلسفية. لمعانٍ أخرى، طالع مسلمة (توضيح).
المُسلَّمة أو الموضوعة أو البديهِيَّة (باليونانية: أكسيوما αξιωμα وبالإنجليزية: أكسيوم Axiom) هي منطقٌ أو قضيَّةٌ أو مبدأٌ أو حقيقة واضحة بذاتها، أو فرض مقبول من الكافة، يُسلَّم به دون برهان أو دلائل تسنده؛ لأنّه واضح كالمبادئ العقلية والأوليَّات والضروريَّات. وهي أحد المبادىء الثلاثة الخاصة بالرياضيات وهي: المسلمات، والمصادرات، والتعريفات. والمسلمة قضية بينة بنفسها، ولا تحتاج ولا يمكن أن يبرهن عليها.
يمكن أن تكون المسلمة هي العبارة، الافتراض، المقولة أو القاعدة التي تشكل أساسًا للنظام الشكلي. بخلاف المبرهنات، المسلمات لا يمكن أن تشتق بمبادئ الاستنتاج، كما لا يمكن اثباتها عن طريق برهان شكلي - ببساطة لأنها مقدمات مفترضة - ليس هناك شيء آخر تستنتج منه منطقيًا (والا سيفترض تسميتها نظريات).
كما يتضح من التعريف، المسلمة ليست بالضرورة حقيقة بينة بذاتها، ولكن بالأحرى تعبير شكلي منطقي يستعمل في الاستدلال للحصول على أكبر عدد ممكن من النتائج. تعتبر حقائق نظام معرفي مبسطة عندما يتم إثبات أن مجموعة ما من تصريحاته يمكن استخلاصها من جمل قليلة متعارف عليها وواضحة جيدا. وهذا لا يعني أنها يمكن أن تكون معروفة بشكل مستقل؛ وهناك عادة عدة طرق لتبسيط حقائق نظام معين من المعرفة (مثل الحساب). الرياضيات تميز نوعين من المسلمات : المسلمات المنطقية والمسلمات غير المنطقية.
المسلمات تأخذ بشكل أساسي على أنها صحيحة ولا تحتاج لإثبات ومن هنا جاء اسمها (مسلمة) فهي تعتبر مسلمة الصحة ضمن هذا النظام الشكلي الذي يتشكل بناء عليها. بطبيعة الحال هذا لا يمنع التساؤل عن مدى صواب هذه المسلمات خارج النظام الشكلي، مما يدفع آخرون لتبني نظام جديد من المسلمات ينتج عنه نظام شكلي جديد وقواعد رياضية جديدة. أحد أشهر الأمثلة مسلمات إقليدس التي تتشكل بناء عليها الهندسة الإقليدية المستوية، وهي تختلف بشكل جذري عن هندسة منكوفسكي أو هندسة ريمان التي تتبنى مسلمات أخرى.
في بعض نظريات المعرفة (الابستمولوجيات): تعتبر المسلمات حقائق ذاتية الصحة تستند إليها بقية المعارف. لكن لا تعترف باقي نظريات فلسفة المعرفة بمسلمة ما يدعى بالمسلمات.
في المنطق ونظرية الألعاب والرياضيات: ليس من الضروري أن تكون المسلمة ذاتية الإثبات بل يكفي أنها تعبير منطقي شكلي يستخدم في استنتاج ليعطي نتائج. يعتبر نظام معرفي مسلمًا عندما يثبت أن كامل ادعاءاته، قضاياه، وحقائقه تستند إلى مجموعة صغيرة من المسلمات المستقلة عن بعضها البعض.
في علم الاجتماع: تنهض معظم النظريات السوسيولوجية على فرض أو أكثر لا يقوم عليه دليل. من هذا مثلا افتراض أن كل أفعال البشر تتسم بالرشد، أو القول -كما هو الحال فى الماركسية - بأن الصراع الطبقى هو محرك التاريخ. ويشير بعض علماء الاجتماع إلى مثل هذه البديهيات بتعبير "فروض المجال" أو "المعتقدات الما وراء نظرية". وهكذا يقدم عالم الاجتماع الأمريكى جورج ريتزر، على سبيل المثال، فى كتابه "ما وراء التنظير فى علم الاجتماع" الصادر عام 1991، تفسيراً لما وراء التنظير ودفاعا عنه. ويعرفه ريتزر بأنه البحث فى النظريات وتحليلها. ويتخذ الكتاب النظريات الاجتماعية ذاتها موضوعاً للدراسة، فيصنفها ويقارن بينها، كما يشتمل على تأريخ لعلم الاجتماع استنادا إلى اتجاه ماوراء نظرى لتتبع ازدهار وأفول النماذج فى علم الاجتماع.
خصائص المسلمة في مقابل المصادرة
١ - المسلمة مشتركة في كل الرياضيات، مثال ذلك الكميتان المساويتان لكمية ثالثة متساويتان فيما بينهما، وفي الهندسة: الشكلان الهندسيان المساويان لشكل هندسي ثالث متساويان فيما بينهما. أما المصادرات فخاصة بعلم معين من العلوم الرياضية، ومثالها في هندسة أقليدس: المتوازيان لا يلتقيان مهما امتدا.
٢ - المسلمات تحليلية، اي أن المحمول فيها مستخلص بالتحليل من الموضوع تطبيقا لمبدأ الهوية (أو الذاتية). أما المصادرات فهي تركيبية، أي أن المحمول يضيف شيئا آخر لى مفهوم الموضوع فعدم التلاقي لايدخل في مفهوم التوازي، بل يضاف اليه .
٣ - بينة المسلمات بينة عقلية، اما بينة المصادرات فهي بينة تجريبية، لأنها تظل صحيحة طالما لم تؤد إلى تناقض تكشف عنه التجربة.
٤ - من المستحيل مناقضة المسلمة فنزعم مثلا ان الكميتين المساويتين لكمية ثالثة ليستا متساويتين فيما بينهيا. أما المصادرة فيمكن تعديلها والابتداء في البرهنة من هذه الصيغة المعدلة. فقد استبدل لوباتشفسكي بمصادرة التوازي مصادرة أخرى تقول : إن من الممكن رسم عدة مستقيمات موازية لمستقيم معلوم، وريمان استبدل بها مصادرة مضادة تقول أنه من نقطة لا يمكن رسم اي مواز لمستقيم معلوم. وابتداء من هذا التعديل انشا كل منهما هندسة اخرى مخالفة لهندسة أقليدس.
نظام المسلمات
عني الرياضيون في القرن العشرين بصياغة المسلمات الخاصة بكل علم من العلوم الرياضية في نسق شامل يحتوي كل مسلمات هذا العلم. فهلبرت Hilbert صاغ نظام بديهيات الهندسة. وهذا هوما يسمى ب Axiomatique (نظام مسلمات ) علم ما. وينبغي في نظام المسلمات.
ا) أن يكون شاملا، بمعى أنه يصوغ صراحة ودون إضمار كل المسلمات الموجودة في هذا العلم أوذاك.
ب) الا يوجد فيه قضايا متناقضة فيما بينها، أو على الأقل لا تتعارض مع بعضها البعض.
ج) أن تكون المسلمات مستقلة بعضها عن بعض، فلا ترد واحدة منها إلى مسلمة أخرى، لأن المسلمة إذا كانت غير مستقلة، فإنها لا يحتاج اليها كمسلمة، إذ من الممكن البرهنة عليها.
وبعض المسلمات هي مجرد تعريفات، أونتائج مباشرة لتعريفات. فنحن مثلا لا نستطيع أن نعرف الكل والجزء دون ان نضمن في التعريف أن الكل أكبر من الجزء .
وبعد نشأة علم المسلمات Axiomatique لم تعد الرياضيات ينظر إليها على أنها مجموعة من القضايا الضرورية اليقينية. إذ أصبح الوضع هو: إذا نحن وضعنا، اعتباطا، هذا المجموع من المبادىء، فإنها ينتج عنها صوريا هذه النتائج. ولم تعد الضرورة توجد إلا في الارتباط المنطقي الذي يوحد بين القضاة، لا في القضايا نفسها. وكما قال بيري Pieri، لقد صارت الرياضيات نظاماشرطيا استدلاليا -Syeme hypothe 0 deductifع11.
أمثلة
- يمكن رسم خط مستقيم من أي نقطة إلى أي نقطة أخرى.
- الخط المستقيم لا نهاية لهُ.
- من نقطة معلومة يمكن رسم قوس دائرة واحدة.
- كل الزوايا القائمة متطابقة.
- من نقطة معلومة، يمكن رسم مستقيم واحد يوازي مستقيم معلوم.
التاريخ
ذكرها الجرجاني في كتابه التعريفات:
المُسَلَّمات قضايا تسلم من الخصم ويبنى عليها الكلام لدفعه، سواء كانت مسلمة بين الخصمين، أو بين أهل العلم، كتسليم الفقهاء مسائل أصول الفقه، كما يستدل الفقيه على وجوب الزكاة في حلي المبالغة، بقوله صلى الله عليه وسلم «في الحلي زكاة»، فلو قال الخصم: هذا خبر واحد ولا نسلم أنه حجة، فنقول له: قد ثبت هذا في علم أصول الفقه، ولا بد أن تأخذه ها هنا.