محمد كامل شعيب
محمد كامل شعيب
المعروف بالأستاذ العاملي، كان من طليعة أدباء النهضة وخاصة في جبل عامل.
ولادته وسيرته
ولد في قرية الشرقية (جبل عامل) سنة 1890 م. والده الشيخ وهبة شعيب.
تلقى مبادئ القراءة والكتابة في الشرقية، ثم دخل مدرسة المقاصد الخيرية في صيدا ثم المدرسة الرشدية فيها، بعد أن كان والده قد انتقل إليها وسكنها.
تلقى علوم اللغة العربية على الشيخ موسى مغنية والسيد محمد إبراهيم والشيخ مرتضى قبيسي.
توجّه عام 1913 إلى الآستانة من أجل متابعة دراسته غير أنه ما لبث أن عاد إلى وطنه في العام التالي إثر اندلاع الحرب العالمية الأولى.
سمّي رئيساً لجمعية الاتحاد والترقي في صيدا إبان الحرب العالمية الأولى.
عيّن كاتباً للعدل في صيدا فترة من الزمن.
في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي جال في العديد من المناطق العربية والإسلامية كالحجاز واليمن ومصر فالتقى فيها بالكثير من رجال السياسية والأدب والشعر كأحمد شوقي وعباس محمود العقاد.
كان مناهضا للانتداب ومناصرا متحمّسا للتيار العروبي بقيادة الشريف حسين وابنه الأمير فيصل.
نشاطه الشعري والأدبي
• في العام 1924 أصدر جريدة العروة الوثقى أسبوعية التي أقفلتها سلطات الانتداب الفرنسي في العام نفسه وأمرت بنفيه إلى الآستانة (اسطنمبول)، ولكن تدخّل الرئيسين شارل دباس وحبيب باشا السعد أعاده إلى لبنان.
• شارك في اصدار جريدة الاتفاق أسبوعية.
• كتب في الكثير من الصحف والمجلات العربية العريقة مثل: "الأهرام" و"الشورى" و"المقطم" و"المنار" و"المقتطف" و"الهلال" و"النيل" و"الدفاع المصري"، و"البلاغ" ثم كتب لـ"لسان الشعب" التونسية وغيرها. وكان مواظباً على الكتابة في "العرفان" اللبنانية التي أسسها الشيخ أحمد عارف الزين في صيدا عام 1909.
• كان مهووسا بالحديث عن المناصب العليا إلى حد الشطط، مما أضاع عليه ما تستحقه شاعريته وأدبه من تقدير معاصريه.
• تميّز شعره بحضور البديهة وسرعة الخاطر.
مؤلفاته
- ديوان الحماسيات.
- الإنسان الأول في العالم الأول.
- مآخذ الشعراء.
- الدهرية والإسلام في أصول العلم الحديث.
- دستور الفلسفة (شرح ديوان الإمام علي).
- الحوار بين المسيحية والإسلام.
- "البحار" ديوان جمع فيه كافة قصائده، صدر بعد وفاته في العام 1986
- الفصحى والعاملية في الميزان.
- فلسفة الإمام علي.
وفاته
توفي سنة 1980 م في صيدا ودفن فيها.
شعره
من قصيدة له بعنوان الدهر:
نروم صفاء العيش مما يشوبه * وغارب صرف الدهر صعب ركوبه
خليق كبالي الطمر باطن وده * وظاهره غض الإهاب قشيبه
وكم قد توسمنا به الخير والمنى كأن * ثراه عنبر وهو طيبه
ويا طالما أعيا الورى سبر غوره قبائله في حيرة وشعوبه
وكم قد جنينا منه كالحلم لذة * وفاضت باشتات المسرات كوبه
فلم نستفق إلا وقد خاب فألنا * وفاضت أسى أرزاؤه وخطوبه
يصيب بسهم البين من رام غدره * ومن لم يرم غدرا به لا يصيبه
كان الليالي خبط عشواء تستوي * بها حسنات للفتى وذنوبه
ومن قصيدة له بعنوان " يا أخت شمس الضحى ":
يا أخت شمس الضحى والكوكب الساري * فقت الشموس بهالات وأنوار
إن رمت والغيد في حسن، مسابقة * ما فاز غيرك في شوط بمضمار
في صحن خديك روض بالورود زها * وفي لحاظك فتك الضيغم الضاري
ما هذه القامة الهيفاء مائسة * كذابل من طوال الخط خطار
تكاد إذ تتثنى أن تميل كما * يميل من لجة في المركب الصاري
إذا الرديني أدميت القلوب به * أم هدب جفن كحد السيف بتار
كزئبق فوق أحداق مركبة * على أجاج بماء الحسن موار
ما ذا بفيك؟ أ در؟ أم تساقط في * فجاجه برد من صوب مدرار؟
أم ذا فم شفتاه ضرجا بدم * كأنما قدتا مثنى بمنشار
لم يحو برق ثناياك العذاب لمى * عنقود كرم ولا حانوت خمار
سمط من اللؤلؤ المكنون متسق * ذو منبع بالرحيق العذب فوار
هلا جعلت سهاما ترشقين بها * على لقاء عداتي بعض أنصاري؟
خلبت لبي بصوت رن في أذني * كأن رجع صداه شدو أطيار
برزت في حسنك الطاووس زركشة * وحامل العود في تحريك أوتار
ومن قصيدة له بعنوان " ملحمة الغدير ":
أملحمة، بنودك أم صروح * ممردة كشاهقة الجبال؟
جلوت الصرح عن زبد التجني * على الحق الصراح ولم تبال
فحققت الفراسة فيك ظني * ولم تبلغ أشدك في النزال
زففت إلى أبي حسن رداحا * من الخفرات فائقة الجمال
فكاد بطرفه يرنو إليها * جوى تحت الجنادل والرمال
طويت عن الفنا الشدو كشحا * وأنت مرنح الأعطاف سال
كأنك قد أصبت بها دواء * لما تشكو من الداء العضال
كلفت بصاحب النهج المعلى * وخير غضنفر للحرب صال
أتدري ما السوى ولأي باب * من الأبواب شدك للرحال
تجشمت المفاوز في الفيافي * وأرهقت العزائم بالكلال
ورمت من الذرى ما ليس منه * يطاول طائر وطء النعال
أبو حسن له القدح المعلى * بمضمار البسالة والكمال
تظل الشهب شاخصة إليه * فتخطئه على بعد المجال
ويفرق أن يؤوب الدهر كيلا * يصاب به بقحط في الرجال
إذا شكت الظماء صدور غلف * سقاها البيض والأسل العوالي
وتقطر إن نضا للحرب سيفا * مواضيه كانداء الطلال
وكم في الخيزوانة غال قرما * وجندل كل مفتول السبال
ومن قصيدة له بعنوان قلعة الشقيف:
رحماك من طل، يا أيها الطلل * أين المعاقل والأجناد والقلل
وقفت عندك لا أدري، وقد ظعنوا *، أمن بنيك مجيب، إن هم سئلوا
أين المضارب، والجرد السلاهب، * والبيض القواضب، والعسالة الذبر
أين الجحافل، والقب الأياطل، * والغر الشمائل، والأمجاد والمثل
أين الجفان، وما يروي الرواة لنا * عن ذلك الجود، وهو العارض الهطل
أين الأسود، أسود الغاب، من عرفوا * بالباس، في الروع فيهم يضرب المثل
وكيف، يا صرح، لم تجزع لفقدهم * وكيف ويحك باق، بعد ما ارتحلوا
أ لا شرحت لنا ما قد أحاق بهم * وكيف، كيف على ذئب البلى نزلوا
من قصيدة له بعنوان " وادي العرايش ":
تمضي القرون وتنطوي الأعوام * أبدا وثغرك ضاحك بسام
متجدد فيك الشباب وإنما * حرم الأمان لديك والإلهام
خلع الهيام على صباك وشاحه * ما للصبا والشوق فيك فطام
مشكاة نبراس العصور وطالما * بك قد تقشع في العشي
ظلام ما كان من خدع السراب تألق * بك، أو نسيم عاطر وخزام
تحلو الحياة لديك، وهي مريرة * ويطيب فيك الموت، وهو زؤام
خضعت لعزتك المعاقل والذرى * أين الخورنق منك، و(الأهرام)؟
دار السعادة أنت إن شاءت وإن * أنحت عليك بعذلها اللوام
ولكم هززت من الهواة معاطفا * وشدت بعاطر ذكرك الأقلام
ومن قصيدة له بعنوان " على نبع الباروك ":
هاج وجدي بك الخدود الملاح * وغبوق بين ألمها واصطباح
وعبير من الأزاهير فيها * طالما ضاحك الغدير المراح
والغواني نواعم فاتنات * ورقاق كأنها أشباح
صيرت فحمة الظلام نهارا * وجنتاها، وثغرها الوضاح
والصفا باسط جناحيه دلا * حيث لا شقوة ولا أتراح
وبساط الندمان ثم عجيب * إذ يطيب الهوى ويحلو المزاح
سرحة الفن والرياض عليها * تتدلى الأغصان والأدواح
كل صبح يغدى وكل مساء * لدوالي أفيائها، ويراح
والأداة الخرساء تنفث فيه * حرقا للغرام وهي فصاح
والقدود الهيفاء إذ تتهادى * مائسات كأنها أرماح
تجمع الظرف والبهاء وترمي * بلحاظ، هي المراض الصحاح
كاشفات عن مرمر أو لجين * إن ذرت ثوبها الرقيق، الرياح
فقات أعين الظلام وشعت * كلما لاح نورها اللماح
تأخذ النفس قسطها من هناء * إذ تدار الأوتار والأقداح
وصلات خارجية
ترجمة محمد كامل شعيب في معجم البابطين
المصادر
مستدركات أعيان الشيعة –السيد حسن الأمين- الجزء الأول.