محمد عبد الكريم الكسنزاني
هذه المقالة يتيمة حيث أن عددًا قليلاً من المقالات أو لا مقالات إطلاقًا تصل إليها. ساعد من فضلك بإضافة وصلات في المقالات ذات العلاقة. (مايو_2010) |
هذا المقال أو المقطع ينقصه الاستشهاد بمصادر. الرجاء تحسين المقال بوضع مصادر مناسبة. أي معلومات غير موثقة يمكن التشكيك بها وإزالتها. وسم هذا القالب منذ: مارس 2010 |
محمد عبد الكريم الكسنزاني الحسيني رجل دين صوفي عراقي وعلم من أعلام العراق والعالم الإسلامي وعلم من أعلام التصوف الإسلامي وشيخ طريقة صوفية اسمها الطريقة العلية القادرية الكسنزانية وتسمى أختصاراً بـ الطريقة الكسنزانية ويقع المقر الرئيسي لهذه الطريقة في محافظة السليمانية في شمال العراق. وينحدر الشيخ محمد الكسنزاني من أسرة حسينية هاشمية هي فرع من فروع الشجرة المحمدية المصطفوية الطاهرة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء. ويدعو الشيخ محمد الكسنزاني الناس جميعاً لطريق الحق ونبذ العنف ونشر السلام من خلال مرشدي الطريقة الكسنزانية المنتشرين في جميع أنحاء العالم.
وأما اسم الكسنزان الذي يُطلق على عائلة السيد الشيخ فهو لقب أُطلق على جدهم الولي الصالح والعابد الزاهد السيد الشيخ عبد الكريم الأول. وكسنزان كلمة كردية تعني الشخص الذي لا يعلم. وسبب إطلاق هذا اللقب على هذا السيد المبارك هو أنقطاعه لمدة أربع سنوات عن الناس مختلياً في أحد جبال قرداغ ,وهي منطقة تقع في ضواحي مدينة السليمانية وتعني الجبل الأسود, مع ربه متلذذاً بقربه مستأنساً بعبادته وحينما كان يُسأل أحد الناس عن الشيخ يقول (كسنزان) أي لا أحد يعرف. ومنذ ذلك الوقت جرى هذا اللقب على ألسنة الناس عَلَماً للطريقة العلية القادرية الكسنزانية التي تبنى مشيختها الشيخ عبد الكريم الأول وأبناؤه وأحفاده من بعده.
فاسم الكسنزان هو لقب عائلة واسم طريقة وله معناه الاصطلاحي. وأما اسم العشيرة التي ينتمي أليها الشيخ محمد الكسنزاني هي عشيرة السادة البرزنجية والأب الأعلى لهذه العشيرة هو الشيخ عيسى البرزنجي الذي كان أول من سكن في برزنجة في شمال العراق.
ولادته ونشأته
ولد السيد الشيخ محمد الكسنزان الحسيني ( قدّس الله سرّه ) في قرية كربجنة التابعة لناحية سنكاو من محافظة كركوك في شمال العراق فجر الجمعة الرابع عشر من شهر صفر سنة 1358 للهجرة النبوية الشريفة الموافق للخامس عشر من شهر نيسان سنة 1938 للميلاد وهذه القرية التي ولد فيها الشيخ هي موطن مشايخ الطريقة الكسنزانية، ومنذُ سنواته الأولى التي قضاها في كربجنة كان شيخ الطريقة هو والدهُ السيد الشيخ عبد الكريم الكسنزان الذي أُنيطت به المشيخة من قبل أخيه الأكبر الشيخ الزاهد صاحب الخلوات السيد الشيخ حسين الكسنزان والذي كان يُطلق عليه ولا زال لقب (السلطان). والسلطان حسين هو الذي سمى المولود الجديد للشيخ عبد الكريم محمداً وقال فيه مبشراً أنه سيكون ولي زمانه وسيكون في الطريقة ذا سلطان وجاه روحي واسع.
نشأ الشيخ محمد ( قدّس الله سرّه ) في هذه الأجواء الروحانية وفي هذا الصفاء وبين أكناف أولياء كبار لا تراهم إلا ركعّاً أو سجّداً أو مسبحين أو مفكٍرين ومتدبرين مع ما كان لهم من مواقف وطنية مؤثرة في كل المجالات. أما والده الشيخ عبد الكريم الكسنزان الذي تولى مشيخة الطريقة فكان من كبار الشخصيات الدينية والأجتماعية وعلى يديه كَثُرَ عدد المريدين وتوسعت الآفاق في الإرشاد والتربية والسلوك. في هذه الأجواء المفعمة بالروحانيات والأخلاقيات والمثاليات نشأ الشيخ محمد وشرب من هذا النبع الطاهر مشرباً طيباً هنيئاً مريئاً إذ تربى على الفضيلة بكل ما تحويه هذه الكلمة من معنى.
دراسته
أخذ الشيخ محمد الكسنزان الطريقة عن والده وأخذ معها علوم التصوف بموسوعية كبيرة وكان ذا ملكة فكرية وروحية تمتاز بسعة الأفق وقد تهذّبت وتكاملت هذه الملكة في دراسته وتعلّمه إذ أخذ العلوم الشرعية والعربية على يد كبار علماء عصره وفقهاء مصره في مدرسة كربجنة الدينية فدرس العلوم العربية والإسلامية على يد كبار علمائها منهم الملا كاكا حمه سيف الدين والملا علي مصطفى المُلقّب بعلي ليلان والملا عبد الله عزيز الكربجني. ثم أن الشيخ لم يكتفِ بذلك وإنما طوّر هذا الخزين العلمي بكثرة المطالعة التي تعتبر همه الأول. وللشيخ مكتبة علمية نادرة حوت آلاف الكتب والمخطوطات التي جمعها بمشقة كبيرة, فقد واضبَ على مراجعة دار المخطوطات ومكتبة الأوقاف العامة ومكتبة الحضرة القادرية الشريفة سبعة عشر عاماً بصورة مستمرة يدخل المكتبة في بداية الدوام الرسمي ولا يخرج منها إلا في نهايته. إذن فعلمهُ الصوفي وملكاته الروحية بالإضافة إالى كونها فيضاً ربانياً، فإن الشيخ محمد الكسنزان تعهدها بكثرة المجاهدات والرياضات الروحية لسنين طويلة، وأما علوم التصوف النقلية فقد تعهدها بالدرس والبحث، وأكبر شاهد على ذلك هو ما تضمنه إنجازه الكبير موسوعة الكسنزان فيما أصطلح عليه أهل التصوف والعرفان التي تُعد فريدة في بابها.
جلوسه على سجادة المشيخة
إن الجلوس على سجادة المشيخة في نظر اهل الطريقة، هو أختيار وتعيين علوي يجري بأمر الله سبحانه وتعالى وأمر الرسول الكريم محمد صلى الله تعالى عليه وسلم ومن يتم أختياره لهذه المهمة المقدّسة يكون دائماً موضع نظرِ الله سبحانه وتعالى ورعايته، فيفيضُ عليه ما يفيض من انوار ويمدُّهُ بما يشاء من مدد ليكون أهلاً للوراثة المحمدية والقيام بمهامها من هداية الناس إالى طريق الحق والإيمان والدعوةِ إالى الله سبحانه وتعالى بالحكمة والموعظة الحسنة وبث الخير والنور والسلام بين الخلق والقيام بمهام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومهام التربية الروحية للأتباع والمرُيدين.
وهكذا كان الأمر بالنسبة للشيخ، ففي آخر زيارة قام بها السيد الشيخ عبد الكريم الكسنزان لأضرحة المشايخ الكسنزانية في قرية كربجنة كان السيد الشيخ محمد الكسنزان بصحبته وكان في تلك الزيارة عدد كبير من الخلفاء والدراويش والمحاسيب والأتباع.
وبعد أن انتهى حضرة الشيخ عبد الكريم الكسنزان من مراسيم الزيارة، كانت علامات السرور تعلو وجهه الكريم وقال " يا أولادي الدراويش منذ اليوم يكون السيد الشيخ محمد شيخكم وهذا امر أساتذتنا، ومَن أطاعه فقد أطاعنا، ومن أحبه أحبنا، ومَن خرج عن أمره فقد خرج عن أمرنا " ثم نظر ملتفتاً إالى أضرحة المشايخ قائلاً " أنا أودعكم الآن وستكون هذه آخر زيارة لكم، وهذا وكيلكم ألذي أوكلتموه - مشيراً إلى نجله الشيخ محمد ".
كان هذا الحدث إيذاناً بانتقال مشيخة الطريقة من حضرة الشيخ عبد الكريم الكسنزان إلى حضرة السيد الشيخ محمد الكسنزان وتحقق ما أخبر به الشيخ من أنها كانت آخر زيارة لآبائه وأجداده، فقد أنتقل إلى الرفيق الأعلى في عام 1398 للهجرة الموافق للعام 1978 للميلاد بعد زيارته الأخيرة بفترة وجيزة. وقد أرَّخ وفاته الشيخ محمد عمر القره داغي () رئيس علماء السليمانية في مرثِّيتهِ بحق الشيخ عبد الكريم الكسنزان فقال:
| ||
وفَاتُكُم كارِثةٌ عبدُ الكريم | تأرِيخُكُم في جنة الخُلدِ مقيم |
وكانت وفاته فاجعة لأحبابه وخلفائه ومريديه والمسلمين جميعاً لما كان يمتلك من شخصيةٍ أستطاعت أن تمثل الشخصية القيادية ببعديها الروحي والمادي، وقد تسارع العلماءُ والشعراءُ والأُدباءُ إلى رثائهِ والثناءِ على من خَلَفَهُ وحلَّ محله نجلهِ السيد الشيخ محمد الكسنزان.
ونقتطف أبياتاً من قصيدةٍ في رثاء الشيخ عبد الكريم الكسنزان قالها الشيخ العلامة عبد المجيد القطب () وهو علم من أعلام علماء العراق ورئيس علماء كركروك مادحاً خَلَفَهُ الشيخ محمد الكسنزان:
| ||
غَابَ عَن أنظارِ أربابِ الوَفَا | مُرشِدٌ مِن أهلِ بيتِ المصطفى | |
سِّيدٌ عن سيدٍ عن سيدٍ | كُلِّهُم حَازُوا العُلا والشَرَفَا | |
رَحَلَ الشَيخُ وَقد أورثنا | لوعةً في قلبنا وأسَفَا | |
رَحَلَ الشَيخُ نَعَم لكنَّهُ | أسداً خَلَّفَ ثم أنصَرَفا | |
ذَهَبَ الشَيَخُ وأبقَى بعدهُ | ذهباً يَعرِفُهُ مَن عَرَفَا | |
لَم يَمُت شيخٌ تَجلَّى بعدهُ | مَن حَذَا حَذوَ أبيهِ وَأقتَفَى |
وهكذا قام الشيخ محمد الكسنزان مقام والده الشيخ عبد الكريم الكسنزان بعد انتقاله إلى جوار ربه، وتولى أمور الطريقة والإرشاد، وبايعه الخلفاء والدراويش أستاذاً وأباً روحياً سنة 1398 للهجرة الموافق لسنة 1978 للميلاد.
وذاع صيت الشيخ محمد الكسنزان وأتسعت شهرته منذ البواكير الأولى لمشيخته فأقبل الناس عليه بمختلف فئاتهم، وكان لصدق الشيخ وإخلاصه مع ما أمتاز به من شخصية آسرةٍ جذابة وصبرٍ في الدعوة إلى الله سبباً في انجذاب أعدادٍ كبيرة من طلاب العلوم الدينية وغيرهم من الأطباء والمهندسين والمتخصصين في شتى أنواع العلوم إليه.
وأنتشرت الطريقة الكسنزانية في جميع أنحاء العراق فلا تكاد تجد مدينة أو قرية إلا وللشيخ محمد الكسنزان تكية يقصدها المريدون والأتباع بل جاوز ذلك البلدان الأخرى كـ إيران وتركيا والجمهوريات القوقازية والهند وباكستان والولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول أوروبا مما يدل على باع الشيخ الطويل في المعرفة والتربية والإرشاد.
وللشيخ محمد الكسنزان كرامات كثيرة وكشوفات واضحة، ولكنه كان ولا يزال يُعرض عن ذكرها ولا يسمح لأحد بالتحدث عنها، ويحذر المريدين من الركون إلى الكشف والكرامة، ويقرِّر أن التصوف خصلتان هما الأستقامة والسكون وأن أعظم الكرامات الأستقامة على شرع الله عز وجل.
خلواته
كان الشيخ محمد الكسنزان قد دخل عدة خلوات في عهد والده، وكانت أولى خلواته بعد ستة أشهر من توليه أمور الطريقة والمشيخة وكان ذلك في العشرين من شعبان سنة 1398 للهجرة الموافق لسنة 1978 للميلاد، وقد صحبه عدد من الدراويش والخلفاء حيث جلس كل منهم في خلوته بعد أن تعلموا نظام الخلوة وأورادها وآدابها من أستاذهم إثر محاضرة ألقاها الشيخ قبل الدخول إلى الخلوة بنِّية خالصة.
ودخل الخلوة الثانية سنة 1399 للهجرة الموافق لسنة 1979 للميلاد، وصحبه ضعف عدد الدراويش الذين دخلوا معه الخلوة الأولى وطبّق عليهم نظام الخلوة كاملاً وخرج كل واحدٍ منهم بنصيبه منها.
إنجازاته العلمية والصوفية
في مجال البحث والتأليف والإصدارات الصوفية، له العديد من المؤلفات، ألتي طبع منها:
- كتاب الأنوار الرحمانية في الطريقة العلية القادرية الكسنزانية.
- نشر كتاب: جلاء الخاطر من كلام الشيخ عبد القادر.
- كتاب الطريقة العلية القادرية الكسنزانية.
- موسوعة الكسنزان فيما أصطلح عليه أهل التصوف والعرفان.
وله عدد آخر من الكتب والرسائل تحت الطبع منها:
- الرؤى والأحلام في المنظور الصوفي.
- خوارق الشفاء الصوفي والطب الحديث.
- الكرامات في طور جديد.
- الكسنزان والإنسان.
- التصوف..قانون السماء الأول.
- الدعاء مخ العبادة.
- إطالة الشعر في الإسلام.
- السبحة في الإسلام.
- الخلوة في الإسلام.
- التكايا بيوت الله.
- المولد النبوي وأهميته في العصر الحديث.
- البيعة والمعاهدة عند الصوفية.
إنجازات علمية أُخرى
- تأسيسه كلية الشيخ محمد الكسنزان الجامعة، والتي تضم إلى جانب قسم علوم الشريعة والتصوف وحوار الأديان، أقسام أُخرى في علوم الاقتصاد والسياسة والقانون واللغة وعلوم الحاسبات والرياضيات التطبيقية، وهو بلا شك إنجاز يظهر مدى تفاعل الشيخ محمد الكسنزان مع متطلبات العصر الذي يعيش فيه وتفاعله معه بالوسائل العصرية التي تناسبه. وهذه الكلية العلمية الإنسانية هي بمثابة نواةٍ لجامعة كبرى يكون لها فروع في جميع دول العالم المتحضر كما يأمل الشيخ.
- إنجازه لتقويم إسلامي رائدٍ، وهو التقويم المحمدي وفيه أطروحة علمية دقيقة في الحسابات مستندة إلى علم الفلك ويؤرخ الأحداث نسبة لولادة الرسول الأعظم محمد .
- تأسيس المجلس المركزي للطرق الصوفية في العراق.
- موقع التصوف الأسلامي وهو نافذة يطل من خلالها توجه السيد الشيخ محمد الكسنزان على العالم بأسلوب صوفي معاصر غير مسبوق ليعكس الجوانب المشرقة والأنفتاحية للتصوف الإسلامي على الآخرين.
- موقع الطريقة العلية القادرية الكسنزانية وهو موقع متخصص بنهج وأسلوب ومبادئ الطريقة الكسنزانية، وهو بمثابة اللسان الناطق عنها للعالم، والصورة المعبرة عن جوهرها ومضمونها.
- تأسيس المركز العالمي للتصوف والدراسات الروحية في عام 1415 للهجرة الموافق للعام 1994، ويتخصص هذا المركز في البحث في حالات الشفاء الفوري الخاصة بخوارق وكرامات الطريقة الكسنزانية التي تُثبت وجود الذات الإلهية والمقارنة بين هذه الخوارق من جهة وبين الظواهر الباراسايكولوجية من جهة أُخرى وإثبات فشل الأخيرة أمام خوارق الطريقة الكسنزانية، إضافة إلى دراسات أخرى يتم بحثها في هذا المركز على أيدي باحثين متخصصين.