محاولة انقلاب أوفقير

ملف:US Air Force C-22B (727-100).jpg
طائرة بوينغ 727

محاولة انقلاب أوفقير أو عملية بوراق ف 5 هي محاولة انقلاب جرت في 16 أغسطس 1972 قام بها سلاح الجو المغربي لاغتيال الملك الحسن الثاني عن طريق مهاجمة طائرة البوينغ الملكية القادمة من البرتغال.

سوابق

بعد فشل انقلاب الصخيرات، والذي وقع في يوليو 1971، كان هدف اوفقير تأسيس حكومة وصاية على ولي العهد، بدأ أوفقير منذ ليلة انقلاب الصخيرات التمهيد لانقلاب جديد، وبدأ يحسن أوضاع القوات المسلحة حتى يضمن ولاء الضباط له هو وليس للملك، كزيادة في الأجر، وبناء مسجد في داخل القواعد.[١]

الاستعداد

ملف:Strait of gibraltar-rightee.jpg
مضيق جبل طارق من الجو

قبل شهر من محاولة انقلاب أوفقير أي في شهر يوليو عين الكولونيل أمقران قائد قاعدة القنيطرة الجوية قائدا ثانيا للقوات الجوية الملكية وعين الرائد قويره قائدا للقاعدة. ثلاثة رجال كانوا قادة الخطة الانقلابية: الجنرال محمد أوفقير (وزير الذاخلية والدفاع) المقدم محمد أمقران والمقدم الوافي كويرة. منذ ثلاثة أسابيع وضع هذا الثلاثي خطة انقلاب عسكري ستكون انطلاقته بالهجوم على الطائرة الملكية.

كان يجب على أربع طائرات مجهزة بالقنابل والقذائف أن تحط بمطار طنجة في انتظار "قطع الطريق" على الملك في السماء قبل توجهه إلى أوروبا، لكن في آخر لحظة قرر الحسن الثاني ترك الطائرة وسلك طريقا مفاجئا استقل القطار إلى طنجة ثم أخذ الباخرة إلى اسبانيا وهناك أخذ الطائرة ليحط أخيرا بباريس.

صباح الاستعدادات كان هناك اجتماع طارئ من الثامنة إلى الثانية زوالا بمقر قيادة القوات المسلحة الملكية بالرباط, يوم 16 غشت, وقد أشرف عليه الكولونيل حسن اليوسي ليصادق على التعيينات التكتيكية التي تم اختيارها بسرعة قبيل الانقلاب. فبعد أن ترقى أمقران وأصبح رسميا الرجل الثاني في الجيش, عوضه كويرة على رأس القاعدة الجوية بالقنيطرة. التغييرات التي اتخذت بسرعة كان الهدف منها التحكم في الضباط, ومنع باقي القواعد الجوية من التدخل أثناء الانقلاب.[٢]

قصف الطائرة

ملف:Northrop F-5E (Tail No. 11419) (cropped).jpg
مقاتلة إف 5

كان الملك الحسن الثاني في رحلة إلى باريس منذ 26 يوليو. اقلع الملك الحسن في ظهر مبكر من يوم 16 اغسطس 1972 برفقة حاشيته من برشلونة على متن طائرة بوينغ 727 عائدا للرباط بعد رحلة لفرنسا استغرقت 3 أسابيع. اقلعت، في المقابل، بعد دخوله الاجواء المغربية، ست طائرات حربية من طراز إف 5 من قاعدة القنيطرة الجوية لتقابل الطائرة الملكية. كان سرب الطائرات، تحت قيادة صالح حشاد، أقلع من قاعدة القنيطرة الجوية لمرافقة طائرة ملك المغرب الحسن الثاني حال دخول الأجواء المغربية.[٣] ولكن ثلاثا منها اطلقت عند الساعة 10:16 النيران على الطائرة الملكية، تعطل محركان من المحركات الثلاث فيما تحطم المخزن التحتي واصيب بدن الطائرة بالتواءات من جراء إطلاق قذائف من عيار 20 ملم.

أولت الطائرات المحاربة انتباها خاصا لمؤخرة طائرة الملك، على خلفية انه يفضل الجلوس عادة في مؤخرة الطائرة، ولكنه لم يكن هناك هذه المرة، فوجدوا ان الأنظمة «الهيدروكليركية» للطائرة قد توقفت. وبمعجزة ما لم يصب أحد على ظهر الطائرة بأذى. علما ان قائد سرب الطائرات المقاتلة في هذه العملية كان الرائد (الوافي) كويرة قائد قاعدة القنيطرة الجوية، عجز كويرة عن تشغيل مدفعه الرشاش, فقرر أن يقوم بهجوم انتحاري على البوينك.[٢]

هاجم الطائرة الملكية, لكنه أفلتها، والسبب أنه اما قفز بمقعده من الطائرة قبل الارتطام بالبوينغ, خف وزن طائرة إف 5 وغيرت مسارها الفيزيائي لتمر تحت الطائرة الملكية. نزل كويرة بمظلته في سوق الأربعاء الغرب, حيث ألقي عليه الدرك القبض. عاد بوخالف لمهاجمة الطائرة الملكية لصيب محركها الثاني الذي خرج منه دخان كثيف، وقفز من مقعده هاتفا "أصبتها، أصبتها".أخذت البوينغ تفقد بعضا من علوها.

ابدى قائد الطائرة الملكية هدوءا مصحوبا بالخداع في ايقاف الهجوم على الطائرة عند هذا الحد، فأوحى إلى مهندس الطيران في الطائرة بالتحدث عبر الراديو إلى المهاجمين، فقال لهم الأخير ان قبطاني الطائرة قد قتلا وان الملك اصيب بجروح خطيرة في مؤخرة عنقه، واضاف المهندس قائلا «فكروا في زوجتي واطفالي». فانسحب المهاجمون إلى قاعدتهم في القنيطرة للتسلح مجددا فيما اغتنم قائد الطائرة محمد القباج (أصبح فيما بعد قائدا لسلاح الجو) الفرصة في هذه الأثناء، وبعد 20 دقيقة، هبط بنجاح بطائرة، بالغة الاصابة، وسط سحب من الدخان في مطار الرباط العسكري، فيما أصبحت اي فرصة لتحرك الملك دون اثر ودون شهود مفقودة لمنفذي الانقلاب.[٤]

قصف مطار الرباط

ملف:Moroccan Air Force.png
شعار القوات الجوية الملكية المغربية

اتجه الملك من المطار العسكري مباشرة إلى غرفة كبار الزوار بالمطار المدني، حيث قام بتحية حرس الشرف وتحية الشخصيات الكبيرة المصطفة لاستقباله، ثم قضى بعض الوقت في اصدار التعليمات، لينسحب بعدها، وبصورة مرسومة، إلى سيارة صغيرة متوجها إلى الصخيرات على بعد نحو 20 ميلا جنوب الرباط مستعملا طرقا فرعية. وبمجرد، أو بعد وقت وجيز من مغادرته، حلق فوق المطار سرب من الطائرات المقاتلة وبدأت في قصف صالة كبار الزوار والمنطقة الخلفية لها، واطلقوا النيران على موكب الاستقبال الذي كان لا يزال هناك، وهذه من اللحظات التي شهدت معظم الاصابات التي حدثت، فمات 8 وجرح 50 بينهم 4 وزراء. قال الملك بعدها ان الطائرات المقاتلة رأت طائرة البوينغ قادمة نحو المطار حينما اقلعت الأولى بعد اعادة التسلح، ومن المحتمل ان يكون شخص ما بالمطار قد اخبرهم بهبوطها.

قصف القصر الملكي

غادر الملك المطار فيما غادر الحرس الملكي عائدا للرباط بصورة فوضوية بعد أن احترقت عدة عربات، فظلت سيارات الاسعاف تصرخ في وادي أبي رقراق. ثم هاجم سرب آخر من طائرات ف-5 عند الساعة 50:18 القصر الملكي في الرباط، بالمدفعية الثقيلة وليس بالصواريخ كما ساد الاعتقاد الأول. وهنا أيضا، فان شخصا ما، مرة أخرى، ومن الواضح، كان على اتصال بسرب الطائرات، ولكنه شخص لم يكن ليعلم ان الملك قد ذهب للصخيرات فيما كان الاعتقاد السائد ان الجنرال محمد اوفقير كان في برج المراقبة بمطار الرباط حتى من قبل اعلان وفاته، إذ لم يكن بين جموع المستقبلين وفق ما هو طبيعي، وقد اعلن الملك الآن ان الجنرال ذهب لبرج المراقبة، فيما ذهب مباشرة بعدها إلى مقر القيادة العليا للجيش دون أن يحيي الملك بعد أن رأى طائرة البوينغ قد هبطت وان الملك على قيد الحياة.[٤]

فشل الانقلاب

لم يتحقق هدف مدبري المؤامرة بوجود الملك حيا في الصخيرات، فيما عادت الحياة في الرباط وبسرعة إلى طبيعتها بعد دقائق قليلة من القلق التالي لقصف مطار الرباط. واستمرت الحركة في تدفقها ولم تعد هناك اي علاقة احتلال عسكري للمراكز الاستراتيجية. ولم يقم الجيش بتحرك مضاد فيما عدا وصول طابور من القوات عند الساعة 00:20 ليحتل قاعدة القنيطرة الجوية ويعتقل طياري الإف-5 الذين كانوا يعدون لهجمة أخرى. وأصبح من الواضح ان الانقلاب قد فشل، وان الملك ونظام الملكية العلوية لا زال يقود البلاد.

هبطت مروحية مغربية عند الساعة 34:18 بمطار جبل طارق و تحمل نائب قائد سلاح الجو المغربي العقيد محمد أمقران الذي تطوع بالقول انه عضو في جماعة ضباط قادها اوفقير. تلقى القائم بالأعمال بالسفارة البريطانية في المغرب محادثة هاتفية من احمد الطيبي بن هيمة، وزير الشؤون الخارجية الساعة 10:19 مصحوبة بمعلومات ان مروحية مغربية قد هبطت، أو ستهبط بعد قليل في جبل طارق، وان طاقمها متورط في عصيان وأن من الأهمية القصوى للدولة المغربية معرفة أسماء الضباط في الحال وان تتم اعادتهم للمغرب.[٤]

قتل أم انتحار أفقير

ملف:Royal Palace, Rabat.jpg
القصر الملكي بالرباط

مات الجنرال اوفقير في وقت ما خلال ليل 16 و17 اغسطس، فهناك روايات متعددة عن مصيره، بعضها يشير إلى أنه قد انتحر بينما تشير أخرى إلى أنه قد نحر وقال البيان الرسمي انه انتحر بعد منتصف الليل فيما كان قد تم تصويره لبعض الوقت بالرجل صاحب الولاء الشخصي الكبير للملك، وقد انهى حياته بسبب انه فشل في المعرفة المسبقة بهجوم الصخيرات ومن بعد اختياره لطيارين لم يكن يعرف عدم ولائهم. ومن بعد أيضا، وحوالي الساعة 00:02 وبعد أن رأى الملك الرائد كويرة الذي قاد الهجوم والذي تحطمت فيه طائرته F-5، أصبح على قناعة بأن رواية أمقران صحيحة، وان اوفقير مذنب في تدبير الانقلاب، فيما بدا ان التحري والتحقيق اللاحق مع الطيارين الآخرين قد اكد كل ذلك. تم دفن اوفقير كمنتحر في اليوم التالي بلا صلاة في قريته بودنيب في النواحي الجنوبية لجبال الاطلس.

نتائج

وصف الحسن الثاني المؤامرة بانها حادث عرضي فيما اعترف علنا بانها تعبر عن فشل اساسي في الحياة السياسية والاجتماعية بالمغرب. والى ذلك دعا للوحدة الوطنية، مشيرا إلى نواياه نحو سيطرة حاسمة على الجيش بتولي قيادته المباشرة بنفسه، مع الاستمرار بحكم شبه دستوري كما مثله دستور مارس 1972. عرف الجيش عملية تنضيف كبيرة باستثناء القوات التي لا يتطرق الشك لولائها وهي الدرك الملكي والقوات المساعدة (المخازنية)، وهي قوات الدعم التقليدية للنظام العلوي.

قبض على الطيارين وعلى من بقي على قيد الحياة من المشاركين في المحاولة الانقلابية وعلى رأسهم قائد سلاح الطيران وقائد قاعدة القنيطرة الجوية وأعدم الكثير من الطيارين والضباط. وحكم على الغالبية بالسجن عشرين عاما قضوا منها ثمانية عشر عاما في أهوال سجن تازمامرت.[٣]

اعترف أمقران أمام المحكمة أنه "حاول القضاء على الملك وتآمر على النظام" ثلاثة أشهر من قبل، كانت الأحكام ثقيلة ونهائية، اقتيد في 13 يناير 1973 أحد عشر طيارا(أمقران، كويرة، زياد، بوخالف، المهدي، بلقاسم، بينوا، بحراوي، كمون، العربي واليزيد)،إلى شاطئ شليحات قرب القنيطرة، حيث أعدموا رميا بالرصاص، و35 ودعوا بالسجن المركزي بالقنيطرة، وثمانية أشهر لاحقا ألقى بهم في معتقل تازمامارت، أما 117 من الضباط الآخرين فقد تمت تبرئتهم.

انظر أيضاً

وصلات خارجية

مراجع

بيبليوغرافيا

  • كتاب كابازال سجناء تازمامارت وهي مذكرات صلاح حشاد ربان الطائرة بالقاعدة العسكرية بالقنيطرة وعايدة حشاد زوجته، كتبها الكاتب المغربي عبد الحق سرحان.
  • كتاب عملية بوراق ف 5: 16 أغسطس 1972 الهجوم على طائرة البوينغ الملكية شهادات للضابط أحمد الوافي جمعها الكاتب والباحث الأدبي فرنسوا تروتي.

de:Putschversuch in Marokko es:Operación Buraq