لوكيوس سينيكا
لوكيوس أنّايوس سينيك يعرف أيضًا باسم سينيكا؛ فيلسوف وخطيب وكاتب مسرحي روماني، كتب أعماله باللغة اللاتينية. ولد في قرطبة Corduba في إسبانيا وتوفي بالقرب من روما. ويلقب بسينيكا الفيلسوف أو الأصغر تمييزاً له عن والده الخطيب الشهير. تزوج في سن باكرة ومات ابنه الوحيد طفلاً. أقام مدة في مصر ضيفاً لدى خالته زوجة غايوس غالريوس Gaius Galerius حاكم مصر الروماني بين 16 ـ 31م.
من أعماله المسائل الطبيعية، في قصر الحياة من بين تصوراته الفلسفية موقفه الرواقي في فن سياسة النفس بحيث يتحكم المرء في رغباته واحاسيسه الجسمية ومطالبه العضوية وهو ما يحقق للمرء قدرا من الاستواء واللامبالاة تجاه الأحاسيس والسكينة التي هي منتهى الحكمة والسعادة.
التعليم
تعلم في صباه النحو والخطابة، وحينما استهوته الفلسفة تتلمذ على يد الفلاسفة الفيثاغوريين [ر. فيثاغورس]، وبوحي منهم صار نباتياً. وكان صديقاً مقرباً من الفيلسوف ديميتريوس Demitrius، فتشرب منه الفلسفة الكلبية Cynicism كما تشرب الفلسفة الرواقية Stoicism من أتّالوس Attalus، إذ كان يعده آنئذ أستاذاً وإلهاً.
حياته
اشتهر سينيكا كاتباً وخطيباً إبان حكم غايوس كاليغولا (37ـ 41م) الذي حقد عليه لأنه أبدى في مجلسه ذكاءً أكثر مما يجب، ثم اتهمه بالزنى بأخت الإمبراطور يوليا ليفيلاّ Julia Livilla، ونفاه إلى جزيرة كورسيكا، حيث بقي حتى استدعته القيصرة أغرِبينا Agrippina عام 49م للإشراف على تربية نيرون Nero ابنها من زوجها الأول. ولما تُوّج نيرون قيصراً صار سينيكا مستشاره الأول حتى عام 62م، أي إنه كان المسؤول عن كثير من شؤون الامبراطورية وأحداثها حتى فقد حظوته وهيمنته على القيصر الشاب، فاستأذنه باعتزال الحياة السياسية وبالتخلي له عن ممتلكاته كافة، فقبل نيرون الشق الأول ورفض الثاني، حتى عام 65م حين اتهمه بالتآمر عليه وأجبره على الانتحار وصادر ممتلكاته.
يعد سينيكا واحداً من أبرز الدعاة إلى الفلسفة الرواقية، وقد وقف جلّ كتاباته الفلسفية والمسرحية من أجل هذا الهدف. ومن بين أعماله النثرية ما يعرف باسم «المحاورات» Dialogi، وهي في الواقع مقالات في الأخلاق، قصيرة نسبياً، وتدل عناوينها على مضامينها، من مثل «عن العناية الإلهية» De Providentia، «عن صمود الحكيم» De Constantia Sapientis، و«عن الغضب» De Ira، و«عن الحياة السعيدة» De Vita Beata، و«عن الرحمة» De Clementia، و«عزاء إلى هِلفيا» Ad Helviam de Consolatione، و«المسائل الطبيعية» Naturales Quaestiones وغيرها. ومن أعماله المهمة الشيّقة «الرسائل الأخلاقية» Epistulae Morales ت(41ـ 62م) وهي عملياً دراسات في المسائل الأخلاقية صيغت على شكل رسائل، موجهة إلى صديقه لوسيليوس Lucilius حاكم صقلية. ومن أطرف كتابات سينيكا الهجائية مقالته الطويلة «مسخ الإنسان إلى نبات القرع» Apocolocyntosis التي ترتبط بمبدأ تناسخ الأرواح في الفكر الفيثاغوري، أو مقالته «سخرية من موت كلاوديوس» Ludus de Morte Claudii التي تستخف بفكرة تأليه كلاوديوس بعد وفاته. وتحتل أعمال سينيكا النثرية مكاناً مرموقاً بين كتب تاريخ الفلسفة، لأنها تعد المصدر الرئيسي للفكر الرواقي، أما أسلوبه فيعكس كل سمات أدب عصره، وإن كان يتفرد بخصائصه المميزة.
اعتنق سينيكا مذهب وحدة الوجود لدى الرواقيين، فاعتبر العالم كلاً مادياً وعقلياً واحداً، وأوضح بصورة أساسية المشكلات الأخلاقية التي إذا ما عولجت على نحو سليم تمكن الإنسان من بلوغ السعادة والأمن والخير، لهذا كان سينيكا يدعو إلى الأخوة والمحبة بين الناس، فاشتهرت مقولته «كن محبوباً من الجميع حياً ومأسوفاً عليه ميتاً». وكان يحارب أيضاً الانفعالات ويدعو إلى لغة العقل المتزن، فالرجل الحكيم هو الذي يسمو على الغضب متجاوزاً تجارب الحياة القاسية. ولم يهتم سينيكا بالميتافيزيقا، وفصلها عن ميدان الأخلاق، فاتجه إلى الناحية العملية، أي الحكمة العملية للحياة، وانصرف نهائياً عن الأسس النظرية الأولى التي قامت عليها الأخلاق الرواقية، فاهتم بالحياة الشعبية، لأنه وجد فيها ما يلائم مزاجه وطبيعته الخاصة. ورأيه في الإلهيات لا يعدو الإرشاد الخلقي: «أتريد أن تكون عند الله محبوباً؟ كن صالحاً إذن، وإذا أردت التعبد له، فشابهه، فليست العبادة في تقديم الأضاحي بل في الإرادة الورعة المستقيمة». وهذا الورع الرواقي الذي كان يسكن قلبه في حضرة إله بارٍ بخلائقه، الله الشاهد الداخلي على أفعالنا، قد صرفه تماماً عن دراسة طبيعته وصلته بالعالم. وحتى الأصل الإلهي للنفس البشرية، تلك الشذرة التي نزلت من السماء لتسكن في الجسم، هي عنده مادة للإرشاد الأخلاقي، لهذا لم يبحث في ماهية النفس، بل سعى إلى رسم تلك الصورة المتعددة الألوان والأشكال للرذائل أو الشرور الخلقية بغية معالجتها والقضاء عليها وتقويم السلوك الإنساني.
سينيكا المسرحي
أما سينيكا المسرحي فقد كتب تسع مسرحيات مأساوية (تراجيدية)، لم تعرف تواريخ تأليفها بدقة، إذ لم يُعرض أي منها على مسارح روما أو غيرها فتُعرف وتشتهر. ولم يكن في نيّة مؤلفها أن تُعرض، بل أن تقرأ في جلسات الجدل الفكري من قبل أحد الحضور، وليكن ممثلاً محترفاً. وقد كان غرض سينيكا من مسرحياته تجسيد أفكاره الفلسفية والأخلاقية الرواقية في شخصيات تخوض صراعات درامية حادة بين قوتين، العقل والحكمة من طرف، والعاطفة الجامحة والغريزة من طرف آخر، فتكتسب الأفكار بذلك حيوية الحياة وفاعليتها. فالتعبير الأدبي أكثر طلاوة على الأذن وأشد نفاذاً إلى العقل وأعمق تأثيراً في القلب من النصوص الفلسفية التي لا يصل إلى فحواها إلاّ الضالعون في لغتها، وسينيكا لا يهتم بهؤلاء قدر اهتمامه بعامة الناس.
سينيكا المثقف
كان سينيكا مثل كبار مثقفي عصره ضليعاً في اللغة اليونانية وثقافتها، ولا سيما على صعيد الفلسفة والأدب والمسرح، ومن هنا فإن مصادر مآسيه بلا استثناء يونانية، إما من الملاحم الكبرى والأساطير الكثيرة المتعددة التأويلات وإما من النصوص المسرحية التراجيدية مباشرة، فثمة أربعٌ من مآسيه مقتبسة عن أوربيديس، وهي «هرقل مجنوناً» Herkules Furens و«الطرواديات» Troades و«ميديا» Medea و«فايدرا» Phaedra؛ وثلاث مقتبسة عن سوفوكليس[ر]، وهي «الفينيقيات» Phoenissae و«أوديب ملكاً» Oedipus Rex و«هرقل فوق جبل أويتا» Herkules Oetaeus واثنتان مقتبستان عن أسخيلوس، وهما «أغاممنون» Agamemnon و«تيئسْتِس» Thyestes. والاقتباس هنا لا يعني تقيداً بالمصدر، بل استلهام حر للحدث وشخصياته بتأويل جديد لدوافع الأعمال، مع مبالغات شديدة في الأفعال نفسها، وتركيز كبير على أناشيد الجوقة واستنتاجاتها من الماضي ونبوءاتها للمستقبل. وعلى نقيض المسرحيين الإغريق كان سينيكا يترك لشخصياته حيزاً كبيراً للبوح الداخلي المتفجر، كي يبرز ما يعتمل في دخيلة النفس من مشاعر متضاربة ومنفعلة، فيوضح للمستمع خطر الانفعال إذا تجاوز حد الاعتدال وأفلت من زمام العقل. وقلما يعتمد سينيكا على الجدل السريع المتصاعد بين شخصيتين متناقضتين عقلاً وقلباً وقولاً، فهو لا يبغي فنيّة التأثير بقدر عمقه وتجذره في النفس والعقل، كي يوصل إلى المتلقي مفهومه عن الحكمة.
فلسفته
قامت شخصية هرقل، Herakles باليونانية وHerkules باللاتينية، بدور مركزي في فلسفة سينيكا ومسرحه. وقد أثبتت الدراسات التاريخية المقارنة أن هرقل اليوناني ينحدر من مَلْقَرْت الفينيقي الذي كانت تقام طقوس عبادته على طول الساحل السوري منذ الألف الثاني قبل الميلاد. وهو في الأصل ملك/ بطل افتدى شعبه بنفسه على المحرقة، فارتفع بذلك إلى مرتبة التأليه من قبل البشر. وفي هذا تشابه مع تطور أسطورة هرقل الإغريقي واللاتيني منذ ولادته الخارقة إلى أعماله البطولية حتى موته على المحرقة. وقد وقف سينيكا لموضوع هرقل مسرحيتين، كان هرقل في كلتيهما نموذجاً يحتذى للتغلب على الانفعال بالعقل، لبلوغ مرتبة الحكيم الرواقي الذي يحقق لنفسه السعادة ببلوغ التوازن والاعتدال بين العاطفة والعقل.
مسارات في حياته
وفي مآسيه الأخرى يبالغ سينيكا في إظهار نتائج تحكم الانفعال في الإنسان، مما يولّد الجرائم الدموية التي تتجاوز الخيال في عنفها. وهنا أيضاً يركز الكاتب على إبراز الأفعال العنيفة على مسرح الحدث عياناً، الأمر الذي كانت المأساة اليونانية تتجنبه كلياً، وتعوض عنه بإيراد الحدث الفظيع على لسان راوٍ كفعلٍ ماض ٍ نستمع إلى تفاصيله ونتعظ بعواقبه. وعلى الرغم من أن مسرحيات سينيكا لم يقصد بها العرض، إلاّ أن تركيز الكاتب على بناء الأحداث العنيفة في صلب المشهد بصرياً، يدل على قناعته بأن لمشاهدة الفعل مفعولاً رادعاً يضاف إلى تأثير الكلام المسموع. وهو يرى أن المرأة أكثر انقياداً للانفعال من الرجل.
بعد جدل استمر قروناً بين البحاثة واللغويين حول أحقية نسبة مسرحية «أوكتافيا» Octavia إلى سينيكا، أثبت الباحث الألماني شميت J.Schmidt في دراسة مقارنة مستفيضة، بما لا يدع مجالاً للشك أن المسرحية من يراع سينيكا نفسه، وأن تاريخ تأليفها يعود إلى 62ـ 64م، وأنها تقدم تفسيراً وتسويغاً لانسحاب المستشار الأول سينيكا من الحياة العامة والشهرة ورفاهية البلاط. وتتمتع هذه المسرحية بأهمية خاصة، لأنها النموذج الوحيد المتبقي من المسرحية الرومانية ذات الموضوع التاريخي fabula praetexta، إذ إن أحداثها ووقائعها تجري في زمن القيصر نيرون. وفيها يظهر سينيكا نفسه ناطقاً باسم مجلس الشيوخ، معارضاً طلاق نيرون من أوكتافيا وزواجه من خليلته بوبَّيا Poppaea الحاملة منه. وبعد أن يعدم نيرون أوكتافيا في منفاها، يظهر له شبح أمه أغربينا التي قتلها بيده، ليتنبأ له بنهاية وخيمة، لأن أفعاله قد دمرت الأسرة الحاكمة.
تكتسب مسرحيات سينيكا أهميتها من كونها، تاريخياً، جسراً بين الأصول الإغريقية الملحمية والأسطورية والمسرحية التي اقتبست عنها وبين مسرح عصر النهضة وما تلاه من حركات مسرحية في أوروبا حتى نهاية القرن الثامن عشر تقريباً. ومهما اختلف النقاد حول قيمتها الدرامية، فلا شك في أنها مارست تأثيراً عميقاًً في المسرح العالمي، لكأنها الأب الروحي لما كتب من مآسٍ على مدى عصر النهضة في إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وإنكلترا وألمانيا، فهي من ثم أساس كثير من حسناتها وسيئاتها.
يقول الشاعر والناقد إليوت إن سينيكا قد صاحَبَ «أعمق وأوسع تأثير على عقلية العصر الإليزابيثي بصفة عامة، وعلى شكل ومضمون التراجيديا في ذلك العصر بصفة خاصة. إذ لم يلقَ أي كاتب لاتيني أو حتى إغريقي تقديراً كالذي لاقاه سينيكا آنذاك. فلبست الفلسفة الرواقية في تراجيدياته رداء أكثر إغراء لرجل عصر النهضة من أي وقت سابق أو لاحق. فنهل منها أدباء وشعراء العصر الإليزابيثي قدر طاقاتهم، حتى إنه يمكن القول بأن نصف الأشياء المألوفة لديهم، وهو النصف الأكثر شيوعاً، يرجع في أصوله إلى كتابات سينيكا النثرية وتراجيدياته الشعرية. وهذا يتطابق مع الحقيقة المعروفة بأن النهضة الأوربية لاتينية الطابع، أكثر منها إغريقية.
ويتفق النقاد أيضاً على أن تقسيم المسرحية الأوربية إبان عصر النهضة إلى خمسة فصول يدين بالفضل إلى تطبيقات سينيكا الناجحة في مسرحياته لما ابتدعه الكاتب اللاتيني فارو، ولما نظَّر له وقنْونه هوراتيوس في «فن الشعر» Ars Poetica. وأنصع تأثير لسينيكا في مسرح عصر النهضة وما تلاه هو شيوع ما عرف بـ «مسرح الدم» أو «تراجيديا الانتقام» Revenge Tragedy، لا على مستوى المشاهد العنيفة فحسب، بل على صعيد الألفاظ والتشبيهات والصور الشعرية. ومن الأمثلة البارزة على ذلك مسرحية توماس كيد «المأساة الإسبانية» The Spanish Tragedy، أو شخصية الشبح في «هاملت» والتصفيات الجسدية المتتالية في تايُتس اندرونيكوس Titus Andronicus لشكسبير، إلى جانب كثير من المشاهد المأخوذة شبه حرفياً من مسرحيات سينيكا. وقد اعتمد على تقاليده المسرحية كل من راسين وكورني في مآسيهم فيما عُرف بالمرحلة الاتباعية (الكلاسيكية) الفرنسية.
أعماله
تراجيديات
لا يزال النص الموجود في هذه الصفحة في مرحلة الترجمة إلى العربية. إذا كنت تعرف اللغة المستعملة، لا تتردد في الترجمة. |
- جنون هرقل
- طروادس (النسوة الطرواديات)
- فونيسـّاي (النسوة الفينيقيات)
- فدرا
- ميديا
- ثستيس
- أگاممنون
- اوديپ
- هرقل فوق جبل أويتا
حوارات
- (40) إلى مارسيا ، عزاء (لمارسيا ، في العزاء) - مواساتها في وفاة ابنها.
- (41) الغضب (في الغضب) - دراسة عن العواقب والسيطرة على الغضب.
- (42) إلى أم هيلفيا عزاء (إلى هيلفيا على العزاء) - رسالة إلى والدته تعزيها في غيابه أثناء تقلصه.
- (44) العزاء لبوليبيوس (لبوليبيوس ، على العزاء) - مواساته على ابنه المفقود.
- (49) دعونا (عن قصر الحياة) - مقال يوضح أن أي طول من الحياة يكفي إذا عاش بحكمة.
- (62) دي أوتيو (في أوقات الفراغ).
- (63) De Brevitate (في هدوء العقل).
- (64) العناية الإلهية (في العناية الإلهية)
- (55) دي كونستانتيا سابينتيس (عن صلابة الحكيم).
- (58) دي فيتا بياتا (عن الحياة السعيدة).
غيره
- (54) Apocolocyntosis divi Claudii (The Pumpkinification of the Divine Claudius), a satirical work. {Also has references to Nero as having a longer life than Nestor at the hands of the three fates—obvious flattery.}
- (56) De Clementia (On Clemency) - written to Nero on the need for clemency as a virtue in an emperor.
- (63) De Beneficiis (On Benefits) [seven books]
- (63) Naturales quaestiones [seven books] of no great originality but offering an insight into ancient theories of cosmology, meteorology, and similar subjects.
- (64) Epistulae morales ad Lucilium - collection of 124 letters dealing with moral issues written to Lucilius Junior.
- (370?) Cujus etiam ad Paulum apostolum leguntur epistolae: These letters, allegedly between Seneca and St. Paul, were revered by early authorities, but currently are not believed to be authentic by most scholars.
عبد الرحمن بدوي
ويسمى سنكا الأصغر تمييزاً له من والده سنكا الأكبر (حوالي ٥٥ ق. م-٤٠ بعد الميلاد) الذي كان استاذا للخطابة وألف تاريخا لروما (فقد الآن).
ولد لوقيوس سنكا حوالي سنة ٥ق.م، وتوفى سنة ٥ ٦
بعد الميلاد، وكان فيلسوفا رومانيا، وسياسيا. ولد في قرطبة بأسبانيا، وتعلم لمحاماة في روما ٠ وأكب على دراسة الفلسفة والخطابة، وصار عضواً في مجلس الشيوخ. وفي سنة ٤١ بعد الميلاد فقد رعاية الأمبراطور كلوديوس، بعد أن تورط في قضية خاصة بالدولة، وحكم عليه بالنفي إلى قورسقة، فأقام منفياً فيها ثماني سنوات ٠ بعدها عاد إلى روما، ووكلت إليه أجربينا Agrippina تربية بنها نيرون0؟2، فانتفع هذا بحكمة سنكا. ولما صار نيرون امبراطورا عينه قنصلا في سنة ٥٧ بعد الميلاد. لكن طبيعة نيرون الشريرة ما لبثت أن انطلقت من عقالها، فضاق ذرعاً بنصائح وحكمة سنكا، فغضب عليه، واضطر سنكا إلى الانسحاب من الحياة العامة. وحاول نيرون قتله بالسم، فأخفقت المحاولة ٠ لكن سنكا اتهم في مؤامرة بيسو Piso وحكم عليه بالموت مع ترك الحرية له في اختيار طريقة موته، فاختار أن يفتح شرايينه فنزف منه الدم حتى مات في سنة ٦٥ بعد الميلاد.
أفكاره
كان سكارواقي لنزعة لكنه استفادكثيراًمنتجاربهفي الحياة العاصفة التي حيها فأعمل فيها فكره واستخرج منها العبر. ولم يهتم من الرواقية إلا بالجانب الأخلاقي، وخصوصا الأخلاقي العملي، فاهتم بالفضائل العملية أكثر من اهتمامه بالبحث في ماهية الفضائل . وكان ينشد من الفلسفة أن تكرن وسيلة لتحصيل الفضائل. والغاية من الفلسفة ليست المعرفة، بل اقتناء لفضائل العملية. وإذاكان قد أولى بعض لاهتمام لدراسة الفيزياء ، فإنه يقرر في نفس الوقت أن ضبط الشهوات هو الأمر المهم حقاً وهو الذي يجعلنا نتشبه بالآلهة . («الرسائل» ٧١ ٦) وكثيراً ما يتخذ من موضوعات الفيزياء مجالاً للبحث في الأخلاق واستنباط العبر الأخلاقية، فمثلاً حين يتناول موضوع الزلزال الذي وقع في كمبانيا سنة ١ ٦ بعد الميلاد يتحول بحثه إلى فصل من الأخلاق (الرسالة : ٦٦ : ١٢، ٥٧: ٨، ١١٧ : ٢) وحين يدعو إلى دراسة لطبيعة، يمزج هذه الدراسة باعتبارات أخلاقية وإنسانية .
ولم كان من أتباع الرواقية الفديمة، فإنه كان ماداً خالصا، يرى أن الروح هي الأخرى مادية. لكنه في بعض الأحيان ينسى هذا الموقف لأصلي، ويتحدث عن الصراعين الجسم والنفس على نحويقرب من كلام أفلاطون .
ويرى أن السعادة لا تقوم في الثراء والمظاهر الخارجية لأن
ستكا
٥٨٥
هذه امور زائلة يمنحها الحظ، والحظ متقلب الأهواء، ولكن حياته وسلوكه لم يكونا على وفق مذهبه هذا : فقد كان منافقا متملقاً في حاشية كاليجولا، الطاغية القاسي المستحل لأبشع أنواع الاستبداد، وكان في البداية ذا حظوة هائلة عند نيرون، الطاغية المجنون، كما كان محظيا عند كلوديوس، الأمبراطور الخبيث الفاسد الأخلاق ٠ لهذا ينبغي أن نفرق بين سنكا في مؤلفاته، وسنكا في حياته اليومية، فلربما كانا على طرفي نقيض وقدلذ لديون كاسيوس أن يروي الكثيرمن الأخبار والنوادر التي تبين فساد سلوك سنكا في الحياة (0! :10100 CassiiLSÓl) .
وعلى الرغم من أن الرواقية، يوجه عام، تقول بالجبرية وعدم حرية إرادة الإنسان، فإن سنكا يؤكد أن في وسع الإنسان أن يسلك سبيل الفضيلة إذا توافرت لديه الإرادة لذلك. لكن تجاربه في الحياة ومعرفته بالناس جعلته يدرك أن من الصعب جداً على الإنسان أن يسلك سبيل الفضيلة لكثرة ما هناك من إغراءات على الرذيلة وعلى الطمع وعلى حب السلطة والمال والنفوذ.
ولهذا نراه يميز بين ثلاثة أصناف من الأفاضل
Proficientes ٠
١ - أولئك الذين تخلوا عن بعض الخطايا، لاعن كل الخطايا،
٢ - أولئك الذين صمموا على تجنب الشهوات الخسيسة بوجه عام، وإن كانوا لا يزالون معرضين (أومستعدين) للوقوع في بعضها،
٣ - أولئك الذين تجاوزوا نطاق إمكان السقوط في الرذائل، لكن تعوزهم الثقة في أنفسهم والشعور بحكمتهم. فهم يقتربون إذن من الفضيلة والحكمة («الرسالة» ٧٥ : ٨) .
كذلك يؤكد سنكا أن الخيرات الخارجية، مثل الثروة، يمكن أن تفيد في تحقيق الخير. والحكيم هومن يملك المال، لا منيملكهال .
وهوينصح بأن يحاسب المرء نفسه كل يوم، وكان هو يمارس هذه المحاسبة بانتظام (راجع: في الغضب ٣: ٣,٦: ٣)٠
ويرى أن العزلة لا تفيد، لأنك إذا كنت لا تستطيع تغيير نفسك، فبالأحرى لا يستطيع تغيير المكان أن يغيرك، وأينما ذهبت فلا مناص لك من الصراع مع نفسك.
ويؤكد سنكا ما ذهبت إليه الرواقية بعامة من الدعوة إلى الأخوة بين بنى الإنسان جميعاً، إلى أي مكان اوجنس أولغة انتسبو . فهويدعونا إلى مساعدة بعضنا بعضاً، وإلى العفوعما ينالنا من إساءة يرتكبها الآخرون. ويطالب بالإحسان العملي النشيط إلى الاس. ويقول: «إن الطبيعة تأمرنا بأن نفيد الناس، سواء كانوا أحراراً أوعبيداً، موالي او مولودين أحراراً وحيثما وجد كائن إنساني، فثم مجال للإحسان» («في الحباة السعدة))٣:٢٤)٠
وقال هذه الجملة الرائعة: «اعمل على ان تكون محبوباً من الجميع وأنت حي، وأن يأسف عليك الناس وأنت ميت» أو بعبارة أوجز: «كن محبوباً من الجميع حياً، ومأسوفاً عليه ميتاً» .
وعقاب المذنب ضروري، بشرط ألا يكون ذلك في ساعة الغضب أو بدافع من الرغبة في الانتقام (راجع : «في الغضب والحلم») .
وقد ألف مآسي كان لها تأثيركبيرعلى المسرح الأوروبي في القرنين السادس عشر والسابع عشر.
مؤلفاته
مؤلفات سنكا تشتمل على :
١ - عشر محاورات
٢ - مائة وأربع وعشرون رسالة أخلاقية موجهة إلى
Lucilius
10ع Beneficiis «٣ - دمالات أخلاقية، منها: «في النعم Naturales Questiones. ٤ - المسائل الطبيعية
٥ - تسع مسرحيات تراجيدية.
وتوجد نشرة كاملة لمؤلفاته قام بها •11255 . سنة ١٨٩٨ وتوجد ترجمة انجليزية مع النص اللاتيني لكل مؤلفاته - ما عدا في لندن، في ٩ Loeb Library المحاورات- في مجموعة
مجلدات.
Les وتوجد ترجمة فرنسية مع النص اللاتيني في مجموعة
في باريس) للكتب التالية:) Belles Lettres
- Des Bienfaits ,2 ٧015. Par F. Préchac.
- Questions naturelles 1- ٧111, par P. Oltramare.
- 012 102ها ع0 .25لما colère. Par ٨. Bourgery.
- Théâtre: Par [ر. Herrmann.
٥٨٦