كلي
الكلي (جمعها كليات) في الفلسفة هو أحد أصناف الكيانات العقلية المجردة المستقلة حسب ما تعرفها الفلسفة الواقعية، حيث يفترض أن هذه الكليات هي التي تؤسس وتشرح العلاقة بين الماهيات النوعية والتشابه بين الأفراد. يمكننا أن نقول عن الأفراد انها متشابهة عن طريق تقرير تشاركهم بالكليات. فالتفاحة الحمراء والياقوتة تتشابهان بأنهما حمراوتان، فتشاركهما بالاحمرار نتيجة تشاركهما في كلي (كيان عقلي) هو الاحمرار. وهذا هو ما يميز الكلي عن الأفراد والأشياء، فهو يمكن ان يتواجد في مكانين أو أكثر بنفس اللحظة.
في الفلسفة، ضرورة الكليات لشرح العلاقة بين الماهيات والأفراد المتشابهة كانت نقطة جدال مركزية لآلاف السنين بين الفلاسفة والميتافيزيقيين. ويمكن ان نلخص النزاع بين ثلاثة أطراف رئيسية: الواقعيين الذين يدعمون الكليات ويرون انها ذات وجود واقعي، الاصطلاحيون يشرحون التشابه بين الأفراد بقبول مصطلحات عامة أو أفكار، أي أشياء تتواجد فقط في العقل دون الواقع، وأخيرا الاسميون وهم يميلون إلى ترك التشابهات بين الأنواع والماهيات النوعية غير محددة وغير مؤسسة بشكل محدد بل بشكل متطور حسب السياق التاريخي. وجدت خلال التاريخ نسخ عديدة من الاسمية، بعضها على درجة عالية من التعقيد، شهدت الساحة مؤخرا نشوء مدرسة اسمية جديدة تدعى الاسمية المجازية، وهي تعمل على استخدام نوع خاص من الجزئيات (الأفراد) يعرف بالمجاز. فالأفراد المتشابهون يملكون العديد من الخواص لكن المجاز هو حالة وحيدة الخاصية.
انظر أيضاً
الكليات
الكلي هو الذي يصدق علىكثيرين. والكليات هي الأجناس والأنواع. وقد اثارت الكليات، منذ افلاطون وارسطو، مثكلة وجودها: هلهوفي الأذهان فقط، اوفي الاعيان ايضاً. وهي مشكلة ميتافيزيقية، ومنطقية، وابستمولوجية، بل ولاهوتية معا.
وهذه المشكلة تثير عدة مسائل، أهمها:
الكبات
١مسألة التصور: طبيعة التصور ووظيفته، طبيعة الجزئي وعلاقته بالكلي.
٢مسألة الحقيقة: معيار الحقيقة، والتناظر بين القول والشيء.
٣مسألة اللغة: طبيعة العلاقات وعلاقاتها المدلولات.
وقد أثيرت مشكلة الكليات بصورة حادة واضحة منذ بداية العصور الوسطى، وانقسم المفكرون حيالها إلى مذهبين :
٢مذهب الواقعية réalisme ومفاده أن الكليات لها وجود في الواقع، ووجودها أسبق من وجود الأشياء؛ إذ لا تفهم الجزئيات إلا بالكلي الذي تندرج هذه الجزئيات تحته. لكن ليس المقصود من هذا انها مثل الأشياء الجسمانية او الموجودات الموجودة في الزمان والمكان، وإلا لو كانت كذلك لكانت مثل هذه عرضية وفانية.
ب-مذهب الاسميين nominalistes وهم يقولون إن الكليات ليست موجودات واقعية، وأنها توجد بعد الأشياء. إنها مجرد تجريدات تستخلص من استقراء الجزئيات، وليس لهامقاب اقعي.
وعلى رأس مذهب الاسميين في العصور الوسطى روسلان 0ناع805. بدأ روسلان من تعريف ارسطو للكلي بانه المقول على كثيرين، واستخلص من هذا التعريف أن الأفراد هم وحدهم الموجودون في الواقع، أما الكليات (الأجناس والأنواع فهي مجرد أسماء، ألفاظ تقوم مقام التصورات التي تحمل على كثيرين. فمثلا اللفظ إنسان» لا يدل على حقيقة غير النوع الانساني، أي أفراد الناس. إنه إنما يدل على حقيقتين هما: حقيقة فزيائية للفظ نفسه، أي اللفظ إنان، بوصفه صوتاً أو نمة صوت flatus vocis أي انبعاث لصوت؛ وحقيقة عينية محسوسة هي أفراد بفي الاان.
وقد طبق روسلان مذهبه هذا على الثالوث المقدس في اللاهوت المسيحي. فما دام الكلي لا يدل إلا علىذات معينة، فكذلك الأقانيم الثلاثة تدل على ثلاث ذوات عينية هي اشخاص (أقانيم) متميزة في الثالوث: الأب، الابن، الروح القدس. فأكدأن ما هو حقيقي في الله إنما هو هؤلاء الأشخاص الثلاثة. وانتهى من هذا إلى القول بأن الأقانيم الثلاثة (الأب، الابن، الروح القدس) هم ثلاثة جواهرsubstances كل منها متميز عن الآخر تماما، وإن كانت قدرتها واحدة
وإرادتها واحدة, وقد هاجمه القديس أنسلم لهذا الرأي، وقال إن ذلك يفضي إلى القول بوجود ثلاثة آلهة.
ثم جاء بطرس أبيلارد فأخذ أولاً بمذهب روسلان، ولكنه عدله تعديلاً شديداً باعد بينه وبين الإسميين، وكون ما سمي بمذهب ,التمورينن، Conceptualisme . بدأ أبيلارد بأن فندقول ارسطو إن الكلي يقال على كثيرين، وقررهو أن لا تصور يحمل على كثيرين، بل كل تصور يحمل على نفسه وإنما الألفاظهي التي يمكن أن تحملعلىكثيرين-ثمميزابيلارد بين الكلي وبين حال الشيء : فمثلا «الانسان، كلي، وهو ليس بشيء واقعي؛ لكن حال status الانسان شيء واقعي. كذلك: افرس! لايوجد، وإنمايوجد «حال فرس» أو<ان يكون خرماً،. ولما كان يوجد عدة أفراد يشاركون في ,كونهم ناساًأوفي كونهمأفراسأ، فإنهذا الاشتراك يعبرعنه بعلامة صوتية هى اللفظ. واللفظ هو الذي يشترك فيه كثيرون. وينتهيإلى القول بان الكلي ليس إلآ لفظاً دالآ عل الصورة المختلطة المستخلصة بواسطة الفكر بين كثرة من لأفراد امتشابهين في الطبيعة والذين هم تبعاً لذلك في نفس .الهاذ.
ويأتي درونس اسكوت ليتخذموقفاً مخالفاً لأسلافم هؤلاء فيقرر ان الكلي نتاج للعقل اساسه في الأشياء. ولهذا فإن الواقعى ليس في ذاته كلياً خالصاً، ولا جزئياً محضاً، بل هو مزاج من كليهما. أما أنه ليس جزئياً عضاً فهذا يستتتج من كوننا نستطيع ان نستخلص منه افكاراً عامة (تصورات كلية). إذ لو لم يكن للنوع ضرب من الوحدة، فإن تصوراتنا لن تنطبق على شىء. وبالعكس، نجد أن الكلى النوعي، اموجود متفرقاً في ختلف لافراد، يتبدى دائما وعليه طابع الفردية.
وإلى اسمية روسلان عاد أوكام، فقرر ان الأفراد هم وحدهم الموجودون، اما الحدود الكلية فهي مجرد أسماء وعلامات للدلالة على التصورات التي تولدها الجزئيات في عقل الإنسان.. والعقل لا يعرف إلآ الأفراد وصفاتها، وإن كان قادراً أيضاً على استعمال الحدود الكلية. إن الكلي لا يوجد إلا في ذهن الإنسان فقط، وليس له أي وجود خارج فكر الإنسان.
وفي العصر الحديث أنكر باركلي وهيوم حقيقة الكليات وقالا إن الكليات مستمدة من المدركات الحية.percepts،
الكم
وما هيإلا نسخ باهتة من هذه المدركات الحسية.لكنهجاءكل من برترند رسل في مقال له نشر في «أعمال الجمعية الأرسطية» سنة ١٩١١ بعنوان : «العلاقات بين الكليات والجزئيات» وج. اي. مور وج. ف. استوت Stout في بحث مشترك بعنوان: «هل خصائص الجزثيات كلية أو جزئية؟» (نشر في اعمال الجمعية الأرسطية، مجلدملحق برقم ٣ [١٩٢٣]) فأحيوا النزعة الواقعية في النظر إلى الكليات.
يرى رسل ان صنف الكليات هو مجموع صنف المحمولات وصنف الاضافات 21211015]. ولما كانت المحمولات والإضافات واقعية، فإن الكليات وافعية فمثلاً حين أقول «أنا في الغرفة» فإن هذه الإضافة المعبر عنها باللفظ في» موجودة، لأنفي أفكر فيها وبدونها لا أفهم معى هذه الجملة، وإن كان وجودها ليس بنفس المعى الذي لوجودي أنا ولوجود الغرفة. فما دامت الاضافات حقيقية واقعية real، فإن الكليات حقيقية واقعية، لأن «الكلي هو اي شيء يمكن ان شارك فيه جزثيات كثيرة» (رسل: «مشاكل الفلسفة» ص ٩٣، لندن سنة ١٩٤٦).
وينتهي رسل إلى القول بأن التقسيم إلى كليات وجزئيات تقسيم نهاثي. يقول: «لدينا إذن تقسيم لكل الموجودات إلى صنفين: (١ )جزئيات، لا تدخل في مركبات إلا بوصفها موضوعات لمحمولات او حدوداً لإضافات، وإذا كانت تنتسب إلى العالم الذي لدينا تجربة عنه، فإنها توجد في زمان، ولا يمكنها ان تثفل أكثر من مكان واحد في وقت واحد في المكان الذي تنتسب هي إليه؛ (٢)كليات، يمكن ان تتخذ صفة محمولات أو إضافات في مركبات، وهي لا توجد في زمان، وليست لها علاقة بمكان واحد يمكن ان لا تشغله في نفس الوقت مع آخر. والسبب في النظر إلى مثل هذه القسمة على أنها لا مفر منها هو الحقيقة البينة بنفسهاال ا وهى أن إضافات مكانية معينة تتضمن تنوعاً في حدودها، وايضاً هذه الحقيقة البينة بنفسها الأخرى وهي ان من الممكن منطقياً للموجودات التي لها مثلهذه الإضافات المكانية- أن تكون غير متميزة تماماً من المحمولات، (أعيد طبع مقال رسل هذا في كتاب «مثكلة الكليات» نشرشارلز لاندسمن، ص ٣٥، نيويورك ولندن سنة ١٩٧١).