كروان (مغنية)
المطربة كروان
الفنانه السوريه الكبيره كروان قرأت مقاله مؤثرة جدا للاذاعي الكبير عادل أبو شنب فأحببت ان اشارككم بها لما فيها من معلومات مهمة عن المطربة المرحومه كروان.
مقال - عادل أبو شنب
عرفت المطربة كروان في الخسمينيات, عن طريق صوتها الملعلع في الاذاعة, وعن طريق صورها المنشورة في مجلات وصحف تلك الفترة.
كانت (كروان) تثير الشفقة بسبب وجهها الذي كان بلا أنف, خلقها الله بلا أنف, كان ثمة فتحتان في منتصف وجهها, ولم يكن لها عظمة أنف مكسوة باللحم, لكن الله عوضها عن فقدان الأنف بصوت جميل, كانت المطربات السوريات قليلات, وسرعان ما لمعت (كروان) وأجادت, ويبدو أنها كانت ضالعة بضروب الغناء, والطرب بخاصة, مما أتاح لها أن تتربع على قمة من قمم الغناء السوري, والى اليوم, وبعد وفاتها, لم يتسن لي أبداً أن أعرف من أين جاءت بثقافتها الموسيقية والغنائية, حسبي أنني اكتشفت (كروان) في وصلة غنائية أدتها من مايكروفون اذاعة دمشق, قلدت فيها المطربة (ماري جبران) في دور (أنا هويت) فأجادت وأبدعت, وجعلتني واحداً من عشاق صوتها, ومتابعيها, وواحداً من أصدقائها.
في الخمسنييات كنت أقدم برنامجاً اذاعياً اسبوعياً, مدته نصف ساعة, استعرض فيه النشاطات الثقافية والفنية في اسبوع, كان اسمه (ألوان) واستمر منذ أواسط الخمسينيات حتى أواسط الستينيات, على الرغم من تبدل الحكومات, وتوحيد قطري مصر وسورية, ثم انفصالهما, وقيام الثورة, وكنت أرى (كروان) في كواليس الاذاعة, التي كانت قائمة في منتصف شارع النصر بدمشق, وأكثر من مرة جالستها, وعرفت ما أرادت أن تبوح به لي عن حياتها, وكانت (كروان) من أسرة مسيحية, وقدمت من بلدتها في محافظة حمص, على ما أذكر, لتجرب حظها في دمشق, وعانت إلى أن ثبتت أقدامها, ومرت خلال تلك الفترة بتجربة حب صعبة, كان الحبيب مطرباً دمشقياً ودنجواناً, وخرجت من هذه التجربة بغصة لازمتها طوال حياتها.
كانت مسألة أنف (كروان) الذي ولدت بدونه, وهو تشويه خلقي نادر, تشكل عقدة حياتها, وعلى الرغم من أنها واجهته بشجاعة, إلا أنها كانت تمني نفسها بأن يتيسر لها من يساعدها على تركيب أنف يعيد إلى قسماتها الجميلة التوازن المألوف في وجوه البشر، وقد أرسل الله لها, ذات يوم, مغترباً عربياً, كان يعيش في الولايات المتحدة، سمعها وأحب صوتها, وقابلها, وحملها معه إلى هناك, لتعود بعد أشهر وقد ألصقت في وسط وجهها أنفاً, جعلها كباقي البشر, فكم كانت سعيدة بهذا الأنف, ومن لطف القدر أن تركيب الأنف لم يفسد الصوت الجميل, بل زاده جمالاً على جمال.
لم تتزوج (كروان) على حد علمي, وعاشت على دخل متواضع كان يأتيها من الاذاعة, وبقيت وفية لأصدقائها, وفي أواخر حياتها كانت تزورني في مكتبي, وتبادلني أحاديث الذكريات, وكثيراً ما كانت تقوم لتعد القهوة لي ولها ولزواري, وفي بعض الأحيان كانت تغني لنا بصوتها الشجي, ربما لتؤكد أنها ما زالت حاضرة في عالم الغناء, وإن كانوا قد أحالوها إلى التقاعد على الرغم منها وبسبب دم جديد دخل دنيا الغناء في سورية, ووضع (كروان) وغيرها في الهامش.