كاريزما

الكاريزما (بالإنجليزية: Charisma) هي الجاذبية المقنعة أو السحر الذي يُمكن أن يلهم التفاني في الآخرين. الكاريزما مصطلح يوناني أصلاً مشتق من كلمة نعمة، أي هبة إلهية تجعل المرء مُفضلاً لجاذبيته. اصطلاحاً فإن الكاريزما هي الصفة المنسوبة إلى أشخاص أو مؤسسات أو مناصب بسبب صلتهم المفترضة بالقوى الحيوية المؤثرة والمحددة للنظام. ولقد استخدم المصطلح في فجر المسيحية للإشارة أساسا إلى قدرات الروح القدس.ويرى فريديريك لوبون أن كاريزما في قوة الإغراء والسلطة بمختلف صورها التي يمارسها فرد على جماعة معينة ، وتشكل مصدراً أساسياً للمشروعية.

يعتبر ماكس فيبر أول من أعطى المصطلح صبغة سياسية عندما استخدمه للإشارة إلى القدرة التي يتمتع بها شخص معين للتأثير في الآخرين إلى الحد الذي يجعله في مركز قوة بالنسبة لهم وبحيث يمنحه الواقعون تحت تأثيره حقوقا تسلطية عليهم كنتيجه لقدرته التأثيرية. نظرية فيبر في السلطة هي من أشهر ما ارتبط باسمه وفيها بحث عن الأسباب التي تحمل الناس على الرضوخ إلى الأوامر الصادرة عن السلطة العليا. ولقد قسم فيبر السلطة إلى ثلاثة أنواع:

  • السلطة التقليدية وهي التي تستمد شرعيتها من الأعراف والعادات والتقاليد المستقرة.
  • السلطة القانونية العقلانية وترتكز شرعيتها على إيمان المحكومين بقانونية مجموعة من القواعد والإجراءات وبحق الذي يصلون إلى السلطة وفقا لها في أن يمارسوا سلطاتهم ويصدروا احكامهم التي تكون ملزمة للجميع.
  • السلطة الكريزماتية والتي تستمد شرعيتها من إيمان الآخرين بقدراتها.

ماكس فيبر

ميز ماكس فيبر فى تنميطه الشهير لأشكال السلطة (أو الخضوع غير القهرى) بين الأنماط التقليدية والكاريزمية والرشيدة للسلطة. وينهض النمط الأول على قائد ذى رسالة تقليدية أو يشغل منصبا له قداسة تقليدية. على خلاف ذلك يعمل نمط السلطة الكاريزمية على زعزعة التقاليد، وينهض فقط على التأييد الذى يلقاه شخص القائد. ويعرف فيبر الكاريزما بأنها "خاصية ما فى شخصية الفرد يتميز بمقتضاها عن ساتر الرجال العاديين، ويعامل باعتبار ه يحوز قوى فوق طبيعية أو فوق إنسانية، أو أنه يتسم على الأقل ببعض الخصائص أو القوى غير العادية. وهذه المخصائص لا يتمتع بها الأشخاص العاديون، ولكنها تعد ذات مصادر إلهية أو مثالية، واستنادا إليهايعامل الشخص الحائز لها باعتبارهقائداً"، (انظر كتابه: الاقتصاد والمجتمع الصادر عام 1922).

وقد شاع استخدام المفهوم فى علمى الاجتماع الدينى والسياسى (هناك عرض لبعض دراسات الحالة فى مقال بعنوان "القيادة الكاريزمية" الذى أعيد نشره فى كتاب حرره كل من بندكس وروث بعنوان "التبحر العلمى والتشيع الفكرى الصادرعام 1971). ومن المنماذج التقليدية للشخصيات الكاريزمية السيد المسيح وأدولف هتلر. ومن وجهة نظر فيبر، اتسمت معظم المجتمعات الغابرة بسيادة بنى السلطة التقليدية، التى كانت تخترق من فترة لأخرى بثورات كاريزمية. وعلى الرغم من أن المقصود من المفهوم هو إلقاء الضوء على بعض جوانب العلاقة بين القائد والأتباع، فإنه يشير أيضا إلى وجود عنصر غير عقلانى فى سلوك الأتباع، واستناداً إلى ذلك فقد خضع المفهوم لبعض النقد (انظر كتاب بندكس المعنون: ماكس فيبر والصادر عام 1960). ولذلك تعد الكاريزما نمطاً غير مألوف (خارج نطاق النظام والحياة اليومية) وتلقائية (بالمقارنة مع الأشكال الاجتماعية المستقرة)، ومنشئة لحركات وبنى جديدة. وقد اعتبر فيبر القادة الكاريزميين الملهمين المقابل الرئيسى للصرامة البيروقراطية الموجودة فى الديموقراطيات الجماهيرية. وباعتبارها مصدرا لعدم الاستقرار والتجديد، تمثل الكاريزما إحدى قوى المتغيرالاجتماعى. وعلى الرغم من أن القيادة الكاريزمية تكون مخولة لأشخاص فعليين بعينهم، فإنها تضفى على حاملها خصائص القداسة، حيث يستجيب الأتباع لذلك بإقرارهم بان من واجبهم خدمة المقائد. وتعتبر الكاريزما نظاما غريبا على المنظم المجتمعية المستقرة. ويوصح فيبر ذلك بقوله من وجهة النظر الموضوعية، فإن كل سلطة كاريزمية سوف تجد نفسها مضطرة لأن تؤمن بالقول المأثور: "إنه أمر مكتوب . . . ولكنى أقول مكتوب عليك . . ." (أي مكتوب على الأتباع)

وتتسم الظاهرة الكاريزمية بأنها مؤقتة وغير ثابتة. ففى المدى القصير، قد يغير القاند رأيه، ربما استجابة "لتأثره بالروح (الجماهيرية)". أما على المدى الطويل، فإنه فى النهاية سوق يموت. ولهذا السبب فإن السلطة الكاريزمية غالباً ما تتحول إلى الروتينية خلال حياة القائد الجديد، ومن ثم فإن السلطة التى سوف تخلفه إما أن تكون بيروقراطية متسمة بالطابع القانونى الرشيد أو ترتد إلى البنى المؤسسية للتقاليد التى يكون قد تم استيعاب المكاريزما فى إطارها.