تآثر كهروضعيف

(بالتحويل من قوة كهروضعيفة)

التآثر الكهروضعيف أو القوة الكهروضعيفة نظرية ضمن نظرية الحقل الموحد وركيزة من ركائز فيزياء الجسيمات والنموذج العياري،طورت بين عامي 1961 و1967.توحد هذه النظرية اثنين من التآثرات الأساسية ضمن تآثر واحد وهما التآثر الكهرومغناطيسي والتآثر الضعيف.يبدو التآثران كما لو كانا مختلفين في الطاقات الدنيا لكن النظرية تنمذجهم كوجهين لقوة واحدة.بيد أنه فوق طاقة الترابط التي تناهز 100 غيغا إلكترون فولت يندمج التآثران (القوتان) في قوة واحدة هي القوة الكهروضعيفة.وسبق لهذا أن حدث بعيد الانفجار العظيم حينئذ بلغت درجة الحرارة 10 15 كلفن فاندمجت القوة الكهرومغناطيسية والقوة الضعيفة ضمن القوة الكهروضعيفة.وفي عام 1979م منحت جائزة نوبل في الفيزياء لكل من محمد عبد السلام وستيفن واينبرج وشيلدون جلاشو تقديرا لأبحاثهم في حقل القوة الكهروضعيفة وعرفانا لما قطعوه في هذا السبق.وقد رصدت القوة الكهروضعيفة معمليا خلال تجربيتين الأولى عبر اكتشاف التيار المتعادل داخل حجرة فقاعات سنة 1972م.والثانية داخل معجل البروتونات التزامني الفائق التابع لسرن سنة 1982م ضمن التجارب التي أوصلت إلى اكتشاف بوزونات دبليو وزد.

إسهامات شيلدون جلاشو وعبد السلام وستيفن وينبرج في الربط بين الظواهر العلمية

على مدار قرون، كان اهتمام العلم منصبا على اكتشاف الوحدة التي تربط بين الأحداث والكيانات التي تبدو مختلفة للغاية. فمعظم العلماء، سواء في الوقت الحاضر أو في الماضي، غالبا ما يتحركون بناء على الاعتقاد بأن هناك علاقات تربط بين الظواهر المختلفة، بين الكائنات الحية وغير الحية على سبيل المثال (١٨٢٨). ففي القرن التاسع عشر، أظهرت التجارب التي أجراها مايكل فاراداي (١٨٣١) ونظريات جيمس كلارك ماكسويل (١٨٧١) الارتباط الوثيق بين الكهرباء والمغناطيسية. وقد تضمن عملهما الضوء إلى جانب بعض الأشكال الأخرى من الإشعاع الكهرومغناطيسي، مثل الحرارة والموجات الإشعاعية وأشعة إكس.

لم يخطر ببال ماكسويل وفاراداي أن القرن العشرين قد يظهر فيه علم فيزياء الكم بهذه الكميات من الطاقة (الفوتونات) والشحنات الكهربائية (الإليكترونات). ونتج عن وضع هذه المتطلبات في نظرية ماكسويل ظهور علم الديناميكا الكهربائية الكمية الذي يشرح جيدا كيفية التفاعل بين الضوء والمادة بأقل قدر له.

من ناحية أخرى، كان يتم العمل على تطوير نظرية أخرى. اختصت هذه النظرية بالتعامل مع انحلال أشعة بيتا (النشاط الإشعاعي ١٨٩٩)، وهو شكل من أشكال النشاط الإشعاعي الذي يطلق الإليكترونات. وكان يبدو أن القوة التي أمدت هذا النشاط الإشعاعي أضعف بكثير (في واقع الأمر كانت أضعف مليون مرة) من قوى الجذب بين الشحنات أو المجالات المغناطيسية (ويقصد بها القوة الكهرومغناطيسية)، ومن ثم تمت تسميتها بصورة أبسط ب"القوة الضعيفة". كما أنها كانت تعمل فقط على مسافات قصيرة جد - أقل من قطر ذرة - على عكس القوة الكهرومغناطيسية التي يمكن استثعارها لمسافات كبيرة - لمسافة عدة كيلو مترات على الأقل في وميض البرق.

على الرغم من هذا، تمكنت العقول المتفتحة من إيجاد طريقة للجمع بين هاتين القوتين معا. ففي عام ١٩٦٧، أعلن الأمريكيان ستيفن وينبرج وشيلدون جلاشو والباكستاني عبد السلام، الذي كان يعمل بإيطاليا غالبا بشكل مستقل، عن النظام الجديد المتمثل في نظرية "الضعف الكهربائي".

اعتمد الباحثون الثلاثة على الأفكار المهمة للعالم هايدكا يوكاو (١٩٣٦) التي مفادها أن هذه القوى دون الذرية تتضمن تبادل بعض الأنواع من الجسيمات. وحتى يتمكنوا من شرح الأشياء جميعها، وجدوا أنه يجب الحصول على أربعة أنواع من الجسيمات. وكان أحد هذه الجسيمات جسيم الفوتون المعروف (١٩٠٥) الذي ينتقل بسرعة الضوء؛ ولذا، يجب أن يكون دون كتلة. ويحتوي هذا الجسيم على القوة الكهرومغناطيسية. أما الجسيمات الثلاثة، فكانت موجودة داخل نطاق القوة الضعيفة. وكان لا بد أن تحتوي هذه الجسيمات على كتلة؛ لأن المجال القصير جداً للقوة الضعيفة كان يعني أن حركتها ستكون بطيئة نسبيا وبرغم كل هذه الاختلافات، فإن هذه الجسيمات الأربعة تمثل عائلة واحدة؛ حيث تجمعها كثير من الصفات. ولكن في الوقت نفسه، مثلها مثل كثير من العائلات يتوقع وجود بعض ااختلافات بين أفرادها الكثيرين.

إن اختبار هذه النظرية يكمن في الأشياء التي يمكن توقعها، حيث أكد نموذج الضعف الكهربائي على احتياجه إلى أربعة جسيمات وأن الجسيمات الثلاثة غير المعروفة في ذلك الحين يمكن العثور عليها، إذا لم تكن موجودة في الطبيعة، من خلال الحصول عليها من الطاقة الموجودة بأحد أجهزة مسارع الجسيمات الكبيرة الجديدة (١٩٥٢). وقد تم الحصول عليها بهذه الطريقة بالفعل، بعد مرور عقد أو أكثر بقليل، وبكميات الكتل نفسها التي كانت متوقعة.

لذا، فإن هذه المرحلة من البحث الدائم عن التآلف الموجود بالطبيعة كانت نجاحا حقيقيا بالفعل. ولكن،. كان هناك شيء أكبر من ذلك يلوح في الأفق، ألا وهو إنشاء اتحاد به تلك القوة المؤثرة يستطيع الحفاظ على تماسك النواة الذرية. وبالفعل، لم يكن هذ بالأمر البعيد (١٩٨٠).

طالع