فلسفة تاريخية
هذه المقالة بحاجة إلى إعادة كتابة باستخدام التنسيق العام لويكيبيديا، مثل استخدام صيغ الويكي، وإضافة روابط. الرجاء إعادة صياغة المقالة بشكل يتماشى مع دليل تنسيق المقالات. بإمكانك إزالة هذه الرسالة بعد عمل التعديلات اللازمة. وسمت هذا المقالة منذ: ديسمبر 2007 |
الطريق إلى نظرة كونية
(1)
الطريق إلى دولة عالمية تشترك بالسير فيه منذ بدء التاريخ جميع الجماعات والمجتمعات الإنسانية كلها، انه الطريق إلى الهدف المشترك لجميع بنى الإنسان، الهدف الذي لا يختلف عليه اثنان، انه هدف لا يتحقق الا بالوصول إلى كمال الاخلاق الإنسانية، ذلك الهدف الذي اراد جميع المفكرين والفلاسفة والانبياء ان يضعوا بنى الإنسان على طريقه منذ بدء الخليقة إلى الآن، ان الهدف واحد والطريق واحد وان اختلفت دروبه، واذا توصلنا معا إلى نظرية ذلك الطريق واقتنعنا بوحدة ذلك الهدف المشترك لتخلصنا من الجدل العقيم حول هل تتكامل الحضارات ام تتصارع ؟ هذا سؤال لا نستطيع اجابته دون أن نتفق مسبقا على ان الصراع يعنى اختلاف الهدف، وان التكامل يعنى وحدة الهدف، فهل تشترك الحضارات في وحدة الهدف ام لا ؟، لماذا نقع في التعصب الاليم الذي نعانيه من بعضنا البعض ولا نتابع معا الطريق إلى نظرة كونية جديدة ؟، لماذا لا نتابع الطريق إلى ان الاخلاقية المطلقة ضرورة إنسانية كما أنها ضرورة كونية ؟. كما ذكر ألبرت اشفيتسر في كتابه فلسفة الحضارة قول اسبينوزا بأن التوفيق بين الاخلاق وفلسفة الطبيعة هو المشكلة الرئيسية في النظرة الكونية، فاذا رأينا معا روعة التكامل لنبذنا سويا الصراع ورفض الاخر في حق الوجود، لنتشارك معا في تحمل ما في الطبيعة من اعاصير وزلازل وبراكين، ولزلنا معا عار التسبب في ضررها من تلوث وهشاشة اوزون وتصحر، لزلنا معا عار التسبب في فقدان الطبيعة لأتزانها الطبيعى. انه لأمر ضرورى ان تكمل الإنسانية نفسها بالاخلاقية المطلقة، تلك هي عملية الصيرورة التي يشهدها التاريخ منذ البدء وإلى الآن وإلى ما بعد الآن، اننا جميعا نسير على الطريق إلى ذلك، وما أكتبه الآن لن يضيف إلى عملية الصيرورة تلك، ولكنى اكتب فقط لمن يشترك معى بالوعى بهذا ويحتاج ان ينتشى روعة ذلك الوعى. ان الفكر ملك الإنسانية جمعاء وليس ملك افراد أو مجتمعات أو اوطان انه ملك سماء الأرض كلها، والفكر هو الملهم الوحيد للتاريخ الإنسانى بل هو المحرك له، ولكن طبيعة المكان أيضا تكون عامل مؤثر في تشكيل الفكر أو النظرية السياسية الخاصة بالمكان، وكل مكان يختص بطبيعة أرض ومناخ متفرد ويختص بنظرية خاصة به، ولهذا سوف اتحدث عن المجتمع المصري القديم كنموذج لتوضيح الفكرة الكلية. مهدت الطبيعة بروعة كونية لذلك اللقاء، وأعدت الطريق جيدا لميلاد العادل بصورة تتفق مع الحتمية الجغرافية وقوانين الطبيعة، لعب عزلة المكان الجغرافى وطبيعته دور أساسي في هذا وكذلك تفرده أو عبقرية المكان كما اسهب بهذا الاستاذ جمال حمدان، ميل الأرض اللطيف من الجنوب إلى الشمال، بجانب اختراق النهر المستقيم لصحراء البلاد، وانتظام فيضانه. ربما صدق هيرودت بقوله ان مصر هبة النيل وان كان الأكثر دقة ان مصر هبة الفيضان. تم الاعداد بعناية للمسرح المعزول ليكون الفيضان فقط الذي يمثل تعدى الطبيعة وامتدادها، ليتم تحويله من سيل هادر مميت من الماء إلى علة تدفع إلى العمل الجماعى من خلال حفر الترع والقنوات وإنشاء السدود وتصل به إلى النظام الذي تطلب حكومة مركزية، وكما وصفها الرائع جمال حمدان هي بالضرورة اداة التكامل الايكولوجى بين البيئة والإنسان. وكان شمال البلاد الخصب يلجأ إلى استكمال الوحدة المائية للبلاد وفرض النظام بغزو جنوبها، وجنوب البلاد الفقير يلجأ إلى تنبيه الشمال بضرورة اشراكه لتوفير الاحتياج الطبيعى وجعله جزء من تلك المنظومة إلى ان تم استكمال الوحدة المائية للبلاد بأتحاد القطرين. وضرورة الحاجة إلى الحكومة المركزية يماثلها الضرورة إلى الحاكم العادل على قمة الهرم الاجتماعى للبلاد، انه يمثل المعلول الأخير لتلك السلسلة السببية الرائعة التي تحكمها الضرورة والتي فرضتها الطبيعة وليس فيها فضل بشر، وليست هناك صدفة عمياء، إذ ليست الصدفة الا تعبيرا عن قانون لم نكشفه بعد. والفيضان والعادل هما المركب الكامل، مركب كامل مثل الجمع بين الفعل والانفعال، أو بين السبب والنتيجة، ومن عظيم الروعة الالهية لخالق الكون العظيم ان يجعل الفيضان بمثابة العلة الأولى التي تؤدى إلى المعلول الأخير ألا وهو العادل. ومن العادل بدأ طرح المشكلة ذات الامتداد الإنسانى ليس على مستوى مصر بلاد النيل العظيم فحسب بل أيضا على مستوى كل امصار الأرض، فصارت المشكلة ما هي طبيعة العادل ؟ وماهى العدالة ؟. مثلما كانت الصيرورة من الفيضان إلى العادل على مسرح الطبيعة، تكون الصيرورة من العادل إلى معرفة الاخلاقية المطلقة ومعرفة اعظم واسمى الحريات الا وهى المسؤلية الاخلاقية على المسرح الإنسانى بأكمله، وكيف أيضا يمثل العادل ضرورة إنسانية واحتياج طبيعى للمجتمع الإنسانى العالمى. إذا قمنا بتقسيم الهرم الاجتماعى المصري (قبل غزو الهكسوس للبلاد) بشكل افقى إلى ثلاث اجزاء متساوية الارتفاع، وجدنا ان الجزء الأخير يمثل قاعدة الهرم ثم الجزء الأوسط، والجزء العلوى الذي يكون أيضا على شكل هرم مستقل بذاته ويمثل الحاكم العادل. كان الجزء الأوسط بالهرم الاجتماعى المصري، يمثل الكهنة أو المؤسسة الدينية وان كان يجمع بداخله بين المؤسسة الدينية والمؤسسة العلمية، تلك المؤسسة العلمية التي يقع على عاتقها المعرفة بجميع العلوم للحفاظ على تلك المنظومة الرائعة للتعاون المشترك، ومعرفة المحيط واخضاعه إلى الدراسات العلمية لتوظيف طاقات افراد المجتمع في سبيل ارتقاء المجتمع وتقدمه وتحقيق رخائه. حققت المؤسسة العلمية تقدما كبير في العلم والمعرفة ولكنها لم تهتم باستخراج الأساس النظرى لتفسير النتائج التي يتوصلون إليها، فمثلا القائل بأن منشأ الفلسفة في بلاد اليونان مثل القائل بان المصريون القدماء لم يستخدموا الميزان قبل ارشميدس وما اتى به من قوانين الوزن، أو ان المصريون القدماء كانت تنقصهم نظرية فيثاغورث ليعلموا بأن مجموع زوايا المثلث 180 درجة، كى يستطيعوا تقسيم الأرض بعد انحسار ماء الفيضان. يتبع
(2)
و مما سبق نجد ان بمصر القديمة كان منشأ الحضارة قد بدأ بفيضان النهر الذي يتمثل في الشريان الرئيسى لقلب البلاد ومن خلاله يندفع دماء القلب إلى سائر جسد أرض وادى النيل. بهذا كان النظام (order) والعدالة (ماعت) نتيجة طبيعية بل أيضا نتيجة ضرورية لتلك المنظومة الرائعة التي شكلتها طبيعة البلاد الجغرافية والتي امتاز محيطها في بادئ الامر بالسكون وعدم التعرض إلى الغزو الخارجى، كذلك استمرار وجود التوتر الذي يقع في وسطها الممثل بفيضان النهر والذي يعود له الفضل بنشؤ تلك الحضارة الرائعة. وبما ان كل فعل ألى يفترض نقطة ارتكاز ثابتة، كان العادل (وليد الفيضان ووليد اللقاء بين الطبيعة والاخلاق) هو تجسيد لماعت العدالة والنظام للجميع، وهو الوحيد الذي يمتلك حرية الارادة والسيادة المطلقة والمسئولية الاخلاقية، وربما كان بذلك المحتوى الاخلاقى الذي كان يفتقده الفيلسوف الالمانى الرائع كانت والذي يعود الفضل اليه في التاريخ الفلسفى الإنسانى بخصوص المسؤلية الاخلاقية. وربما أيضا تحقيقا إلى ما ذهب اليه ارسطو - بان كل متحرك بشئ اخر، ولايمكن ان نستمر في هذا إلى مالانهاية، فيجب أن نقف إذا عند محرك أول لا يتحرك، هو العلة الأولى الغير متحركة لحركة العالم – وبهذا نجد ان العادل بالنظرية السياسية المصرية والذي يمثل النتيجة للسبب الأول الا وهو الفيضان، قد صار العلة الغير متحركة بشكل معكوس رائع. و إذا كان التغير قانون طبيعة فكيف يكون الامر حين يتحول العادل إلى مستبد ؟، كيف يملك القدرة على التغير ولا يفعل ؟، كيف أيضا حين يبتعد الحاكم عن العدالة في اعادة تقسيم الأرض بعد انحسار ماء الفيضان وتوزيع الماء بالعدل بين الجميع من خلال حكومة مركزية تمثل النظام والعدل كى لا تنشب النار الاجتماعية داخل المجتمع ؟، حين تزيد الضرائب ويزيد العناء ؟، حين ذلك نجد ان قاعدة الهرم تمثل المركب الكامل معه، أي لا تتخلى عن العلاقة وتفرطها وتقابل استبداد العادل بالصبر. وهنا نجد ان التماسك لدى قاعدة الهرم ناتج أيضا عن وحدة الهدف المشترك، وهو التحرر من الاحتياج ببذل الجهد في إنتاجه وتأمين ذلك بتخزينه (الزراعة والمحصول)، إذ كان مجموع قدرات القاعدة يبذل لاجل توفير الاحتياج الطبيعى الضرورى للبقاء على قيد الحياة، وقبولها الظلم والاستبداد على الا تتخلى عن الاستقرار والعمل على التحرر من الخوف من الاحتياج الطبيعى بضرورة العمل المشترك لتحقيق ذلك، ويكون سكون القاعدة وقبولها لافتقاد الاحتياج الإنسانى من غياب العادل والعدالة بشرط عدم المساس بالاحتياج الطبيعى والا كما شهد وادى النيل أولى الثورات الاجتماعية بالتاريخ الإنسانى. إذا كانت العلاقة بين الحاكم وقاعدة الهرم علاقة شرطية بتوفير الاحتياج الطبيعى، وان كانت غير شرطية حين يستبد الحاكم بتركه لقانون الطبيعة وعقد الامل على من يليه، ويكون سلاح الفلاح هو الزمن والصبر امام طغيان الحاكم واستبداده، يتحمل الفلاح ذلك لفلسفته الدائمة بان حاكم ظالم خير من فوضى. و ما تمثله الوحدة بين قمة الهرم مع الفكر (القطاع الأوسط للهرم الاجتماعى) تكون أيضا نقطة ارتكاز هامة للهرم الاجتماعى بأكمله، فقد كان قمة الهرم وجزئه الأوسط واتحادهما معا في هرم غير منفصل ومايمثلهما معا من وحدة بين ضرورة اخلاقية مطلقة متحدة مع الفكر كنقطة ارتكاز للهرم الاجتماعى بأكمله، لتكون قاعدة الهرم مستغرقة في عالم الحركة بايقاع النظام والعدالة. وان كان الفكر مثل البحر مثلما يمثل الاتصال يمثل أيضا الانفصال، فكيف يستقيم الحال مع الجسد والعقل حائر بين الشك واليقين ؟، كيف يصح الجسد والعقل في صراع وانقسام واختلاف مع نفسه، ومحاولته السيطرة على الحاكم وفرض سيادته على قاعدة الهرم بتنصيب نفسه حاكم عليه ؟. كان القطاع الأوسط بين حاجتين ملحتين، الحاجة إلى قاعدة الهرم لتأمين الاحتياج الطبيعى، والحاجة إلى قمة الهرم لتأمين الاحتياج الإنسانى. لقد كان القطاع الأوسط والذي كان يمثل الفكر في قلق دائم امام حرية الارادة وإمكانية الاختيار والتغير، للسلطة المطلقة التي يملكها الحاكم، وخصوصا حينما لا يملك الحاكم مايقابلها من كينونة واستحقاق واهلية امام امتلاك تلك السيادة المطلقة. و أيضا كان القطاع الأوسط في قلق دائم امام مجموع قدرات القاعدة الهرمية والتي كان يعمل دائما على ابقائها في عالم الحركة، وتوظيف تلك القدرات في إنتاج الاحتياج الطبيعى الضرورى لبقائه على قيد الحياة بالسيطرة عليه من خلال شريعة القلب، وان كان الاحتياج الطبيعى الضرورى هو الرابح بطبيعة الحال وفقا لقانون الطبيعة بأن هدف كل كائن حى هو الحياة نفسها، بصرف النظر عن الواقع الاليم الذي يعانيه الفلاح البسيط بغياب العدالة بلا فرق يغيره بين الوفرة والقحط. إلى ان تعرضت البلاد إلى الغزو الخارجى على ايدى الهكسوس اهتزت النظرية السياسية للمجتمع المصري القديم بشدة في صميم بنائها، فقد دعت الحاجة إلى تحرير البلاد من الغزاة وأيضا إلى ضرورة امتلاك مؤسسة عسكرية. تميز الهرم العسكري بخاصية الحراك الاجتماعى، والمساواة بين جميع افراده في تسلق ارتفاع الهرم، وخصوصا حينما تكون المساواة هي حلم من أحلام قاعدة المجتمع في وجود نيران اجتماعية بفقدان المجتمع للعدالة، أو لرفض تلك العدالة (كقول نيتشة بأن العدالة لا تعرف المساواة) لدى البعض لأن عدالة الهرم الاجتماعى للبلاد لا تعرف المساواة بين الجميع في تسلق ارتفاع الهرم بالحراك الاجتماعى، ليصير المطلب اما المساواة والحرية أو الموت، وبهذا كان تعارض الهرم الاجتماعى ووجود الهرم العسكري شديدا جدا. و بقيام الدولة المركزية نتج العقد الاجتماعى المبرم بالشكل الطبيعى بين افراد تلك القاعدة الهرمية والدولة المركزية، بتنازلهم عن سيادتهم في عدم الايذاء للاخرين أو التعرض لممتلكاتهم مقابل توفير الاحتياج من نظام وعدالة لضرورة التعاون بين الجميع، والامل في الحفاظ على دوام تلك المنظومة بدوام الفيضان. وكانت تلك السيادة والتي هي مجموع قدراتهم لدى القطاع الأوسط مثل المارد الساكن، ويقع على عاتق المؤسسة العلمية توظيفه ويقع على عاتق المؤسسة الدينية ترويضه إلى ان يرتقى الفرد إلى الوعى بالمسئولية الاخلاقية. فشلت النظرية السياسية التي قام عليها بناء الهرم الاجتماعى للبلاد في احتواء الهرم الجديد، أو الجمع بينهما، وحيرة الحاكم في معالجة ذلك بين اعتلاء هرم المؤسسة العسكرية، وبين اعتلاء هرم المؤسسة الدينية ومحاولته توحيدها وفشله في ذلك التوحيد. صار القطاع الأوسط للهرم الاجتماعى المصري امام الهرم العسكري في موقف رفض وعداء له, فقد صار القلق ثلاثيا امام تلك القدرة الجديدة، لعدم نجاح القطاع الأوسط في التوفيق بين كيف يسيطر على القاعدة الهرمية بشريعة القلب وتوظيف مجموع قدراتها في إنتاج الاحتياج الطبيعى له وتقديس الحياة، وبين قبوله لوجود الهرم العسكري الذي يختزن تلك القدرات في هرم اخر منفصل بهدف حماية البلاد والموت في سبيلها، فشل القطاع الأوسط في حل مشكلة التعارض بين الدعوة إلى الحياة والدعوة إلى الموت وعجز النظرية السياسية في الجمع بينهما كان شديدا جدا، بجانب عبئ المؤسسة العسكرية على البلاد بوجود ذلك المنافس الجديد في كل شيء حتى على عرش البلاد، إلى ان تم استيلاء المؤسسة العسكرية على حكم البلاد، ثم تعاقب المؤسسات العسكرية العالمية على البلاد بعد ذلك، مما خفف عن البلاد وعن النظرية السياسية عبء امتلاك هرم عسكري لها. إلى ان عاود ميلاد الهرم العسكري بالظهور مرة أخرى من نسيج الامة في ثورة فريدة من نوعها بالتاريخ الإنسانى والتي لا تقل روعة عن الثورة الفرنسية نفسها. ان وجود الشمس شرط حياة لكوكبنا، وأيضا ثبات المسافة بينهما شرط حياة لنا أيضا، ان ازدادت قربا أو بعدا هلكنا جميعا، ربما تعاقبت الفصول، والليل والنهار، بفعل الدوران حولها أو حول انفسنا في دورة الحياة، ان الحياة في استمرار دائم، وكذلك صيرورتنا الإنسانية والتي نشترك فيها جميعا. واذا كان ثبات المسافة يمثل حتمية كونية كانت أيضا الحتمية الجغرافية والضرورة الطبيعية التي نتفق عليها جميعا، واذا كان التغير بفعل الحركة من أهم قوانين الطبيعة إلا أن الطبيعة قائمة على الاتزان، الا اننا نقلق على كوكبنا وأيضا على ذواتنا من الهلاك امام أنين كوكبنا بفعل تلك الصيرورة الإنسانية وخصوصا حينما تغفل الوعى الحضارى التاريخي، وعدم تركه للتطور الطبيعى للصيرورة الإنسانية، فلن نستطيع ان نتطلع إلى المستقبل مالم نكتسب خبرات الماضى، فليس الامر بسيط بأختزاله إلى هل رأس المال قبل الإنتاج أو ان الإنتاج قبل رأس المال، أو خلق الكراهية والبغضاء بين الحضارات وافتعال الصراع والصدام لا التكامل، ويجب الا ننسى أيضا ان الاختلاف قانون طبيعة، كاختلاف النوع مثلا وتكامله وفقا لقانون دورة الحياة واستمرارها، ان الامر بحق اعمق من هذا جدا بقدر روعته. كلنا نحن سكان الأرض نشترك بالعزف في تلك السيمفونية الرائعة سيمفونية الحضارة، والتي نشترك فيها جميعا وفقا لتلك النوتة الموسيقية الرائعة التي وضعتها الطبيعة والتي نحن جميعا، كل بدوره، إحدى الاتها الموسيقية. لنشترك جميعا في البحث عن تلك الابرة الممغنطة المتجهة دائما إلى الشمال، لنستطيع من خلالها معرفة الشمال من الجنوب في بحر التاريخ، وجعلها لى ولاخرين يشتركون معى في هذا المرض الجميل، مرض الوعى الإنسانى، خير دواء. يتبع
(3) جمع المجتمع المصري القديم بين التضامن الافقى والتضامن الرأسى، كان التضامن الافقى فعل تناغم مع تعدى الطبيعة وامتدادها الممثل بالفيضان وكان جوهره النظام، وكان التضامن العمودى انفعال تناغم مع تعدى قمة الهرم وامتداده الممثل بالاستبداد وكان جوهره ماعت.
و ربما نستطيع القول بأن الطبيعة قد قامت على ولادة مجتمع في وادى النيل، مجتمع واضح المعالم، في ولادة لم تجد الهاوية الفاصلة بين الفكرة والواقع، جمعت بين ميلاد النموذج المفترض للذاتية المطلقة ووحدة الوجود الممثلة بقمة الهرم، ذلك الهرم الذهبى المفتقد، وبين القدر في انسجام وتوافق كامل بين النظام الكونى والقوى المنظمة للطبيعة، ذلك القدر الذي اتاح لها عالمية تشخيص مشكلة السيادة المطلقة. يتبع