عبد الرؤوف الأمين

(بالتحويل من فتى الجبل)

السيد عبد الرؤوف علي محمود الأمين

شاعر عاملي، من المجددين في الشعر العاملي وفي أسلوبه وأهدافه وموضوعاته.

لٌقّب بفتى الجبل

ولادته وسيرته

ولد سنة 1900 ميلادي (1318هـ) في جبل عامل.

نسبه السيد حسن الأمين (في مستدركات اعيان الشيعة) لقرية شقرا وهي موطن آل الأمين الأصلي

بينما نسبه الزركلي في كتاب الأعلام لقرية الصوانة حيث قال عنه: (شاعر من بلدة الصوانة، بقضاء مرجعيون في لبنان).

بدأ الدراسة في كتاتيب شقرا، ثم تابع دراسته الابتدائية والثانوية في دمشق.

نال إجازة في الأدب العربي من جامعة دمشق.

في العام 1939 سافر إلى العراق وتولى التدريس في ثانوية مدينة الناصرية في العراق.

عمل محررا في جريدة الهاتف البغدادية.

بعد ذلك عمل مفتشا في وزارة التربية الوطنية في لبنان ثم في وزارة الشؤون الاجتماعية حتى احالته على التقاعد.

مؤلفاته

  1. العواطف الثائرة وقد طبع في أواخر عشر العشرين من القرن الماضي وهو ديوان صغير.
  2. ديوان فتى الجبل وهو ديوانه الكامل طُبع في العام 1996 مـ.
  3. صقور قريش

وفاته

وتوفي سنة 1970 ميلادي (1390هـ) في بيروت ونقل جثمانه إلى (الصوانة) فدفن فيها.

شعره

كان من الأوائل الذين أخذوا يجددون في الشعر العاملي سواء في موضوعاته أو أسلوبه أو أهدافه فنظم في الأمور الاجتماعية والسياسية والوطنية وغير ذلك.

وقال يرثي شجرة له أحرقتها الصاعقة:

           يا سرحة الحي ما للطائر الغرد *  غنى على غصنك الزاهي ولم يعد
           غناك أجمل ما جادت قريحته *       من كل عذراء في أثوابها الجدد
           غرستها بيدي حتى إذا ورفت *      بعدت عنها وهذا لم يكن بيدي
           فيأت اظلالها صحبي فهل ذكروا *     أيام لهو لهم في ظلها ودد
           طوى الزمان أحبائي على عجل *    فقد بقيت ولا زندي ولا عضدي
           يا سرحة الحي لا أهلي ولا ولدي *   كما عهدت ولا صحبي ولا بلدي
           تفرق القوم لا غر بمبتعد *        عن الضلال ولا شيخ بمتئد
           إرادة الله شاءت وهي قاهرة *      أن ينزل القرد منا منزل الأسد
           فهل نعود إلى أحسابنا فارى *     ما شاده والدي يأوي له ولدي

ومن شعره قوله:

          أما آن للفجر المهيض طلوع *           فتشرق أوطان لنا وربوع
          حدبنا عليه وارتقبنا بزوغه *         كما حدبت فوق القلوب ضلوع
          هي " الوحدة الكبرى " التي طالما ثوى *  شهيد على ثوراتها وصريع
          مشينا إليها خطوة بعد خطوة *         وقد يجشم الليل البهيم مريع
          نحن إليها من قرون بعيدة *            كما حن للأم الرؤوم رضيع
          وكم أزهقت منا نفوس أبية *           وسال على حد الشفار نجيع
          نثرناهم نثر الأزاهير في الربى *         وروى الثرى منا دم ودموع
          ثرى طبق الآفاق نشر عبيره *            وما زال كالمسك الفتيت يضوع
          غياهب في آفاقنا قد تلبدت *           تساوى لديها مغرب وطلوع
          " تسرمد " هذا الليل فينا وكلما *    توارى هزيع يقتفيه هزيع
          وكم هامة منا انحنت عند ظالم *         ودرت على الباغي الأثيم ضروع
          وكم خائن منا مشى في ركابه *          وند عن النهج القويم قطيع
          وكم أحرقت للغاصبين مباخر *           وكم أوقدت للحاكمين شموع
          وضاق على أحرارنا رحب ارضنا *        ولكنه للأجنبي وسيع
          فكيف تباعدنا ونحن أقارب *            وكيف تفرقنا ونحن جميع
         وفينا كفاءات وفينا مواهب *           وجانبنا في الحالتين منيع
         وإن تذكر الأنساب يوما فإننا *         لنا نسب بين الأنام رفيع
         أرومتنا في مغرس المجد قد نمت *           ومدت لها في المشرقين فروع
         " وكنا لماء المزن ما في نصابنا *        كهام ولا فينا يعد " وضيع
         وكنا إذا ما استنفرتنا مصيبة *        تهاوت على صوت النفير جموع
         نسجنا من الإيمان درعا مفاضة *          تقينا وايمان الشعوب دروع
        ولما تنازعنا على أخذ حقنا *            أضعناه والحق المشاع يضيع
        كفرنا وخالفنا مبادئ قومنا *           ولم يرض عنا " أحمد " و" يسوع "
        متى تشرق الأرض اليباب بنورها *          ويزهو خريف عندها وربيع
        هل الثورة الكبرى على الظلم لم يزل *     بساحاتها من يشتري ويبيع
        رسا قبل في دنيا " العروبة " أصلها *    وقامت على تلك الأصول فروع
        تهاووا عليها كالنسور وكلهم *           صبور على بلوائها ومطيع
        وهل لم يزل في " الرافدين " و" جلق " *   مجيب إذا استنجدته وسميع
        تبدلت الدنيا فغلت جموعنا *              وران عليها رهبة وخنوع
       وها هي قد سلت علينا سيوفنا *            ونادى بها في الخافقين " مذيع "
       طلعنا على الدنيا بدورا وأشرقت *         بنا الأرض واجتاح الظلام سطوع
       وعدنا وقد كاد الظلام يلفنا *             وما آن للفجر المهيض طلوع

وقال:

           وطني هذا أراه جنة *         عبثت فيه اكف النوب
           كيف لا أبذل نفسي دونه *     خائضا فيها غمار الرهب
           وحسامي ولساني وانا *      عربي عربي عربي

وقال في الزهراء:

               أطلت على الدنيا بطلعتها الغرا *   وليدة بيت الوحي فاطمة الزهراء
               كإطلالة الفجر المدل بنوره *         وكم ساهر في الحي يرتقب الفجرا
               وبشر فيها الوحي عند نزوله *       وباهى بها جبريل مذ جاء بالبشرى
               فأشرق بالنورين بيت خديجة *         فنور من الكبرى ونور من الصغرى
               وقد نشأت بنت النبي محمد *           مباركة اسما معطرة ذكرا
               ومن كان يدعوها البتول طهارة *     كما دعيت من قبلها مريم العذرا
               وزوجها من صنوه وابن عمه *         فأعظم بها زوجا وأعظم به صهرا
               علي أبو السبطين أفصح من رقا *      ذرى منبر أو خط في صفحة سطرا
               وأمضى سيوف الله في كل موقف *         به الفارس المغوار من هلع فرا
               فسل عنه أحدا والنضير وخيبرا *       وإن شئت ادراك اليقين فسل بدرا
               وسل عنه عمروا والوليد وعتبة *     ومن صرعوا في سيفه فهم أدرى
               ومن حضن الإسلام بعد نبيه            كما تحضن الطير التي تسكن الوكرا
               حماه كما تحمي الأسود عرينها *        من الكفر بل قد كان من أسد أضرى
               شرى في سبيل الله نفسا أبية *         وعاهدها أن لا تباع ولا تشرى
               فيا لدة الإسلام والبضعة التي *       بها أودع الله القداسة والطهرا
              وأم الإمامين الشهيدين من هما *        أجل وأعلى الناس في نسب قدرا
              " لك الله من مفجوعة بحبيبها " *       تشم تراب القبر من لهفة عطرا
              هلم إلى التاريخ نسبر غوره *          ونوسعه بحثا ونعلنه جهرا
              أ ما روعت في بيتها يوم حزنها *       أما حرمت إرثا أما دفنت سرا
              وما ورثته عن أبيها وأمها *         سمت وتعالت فيه عن " فدك " قدرا
              " لسر من الأسرار لا تجهلونه " *       أسئ لها لا بل أريد بها شرا
              وقد نسبوا القربى إلى غير أهلها *      ومن ولد " الزهراء " لم يلد " الحمرا "
              ومن أغضب الحوراء بنت نبيه *         فليس بمعذور وإن حاول العذرا
              علي لأهل البيت عهد وذمة *           سأذكرهم ما دمت أستلهم الشعرا
              سأدفع عنهم في لساني وليس لي *       سلاح سواه عنهم يدفع الضرا
              ومن عمر الايمان بالله قلبه *          يرى حبهم دينا وبغضهم كفرا
              بني البضعة الزهراء تهفو إليكم *     جوارحنا اليقظى وأكبادنا الحرى
              وكل شهيد من ذؤابة هاشم*           شققنا له في كل جارحة قبرا
              مشى تحت ظل الموت يطلب ثاره *        وما ذا على الموتور أن يطلب الثارا
              كفاني فخرا انني من سلالة *          تمت إلى الزهراء في نسب فخرا
              متى يرجع الإسلام سالف عهده و*       تخفق في أجوائه الراية الخضرا
              تطل على الدنيا كتائب يعرب *       وتحشد في ساحتها مرة أخرى
              أصبرا وثاني القبلتين تسودها *       يهودية حمقاء تستسهل الوعرا
              سنظفر بالفتح المبين تزينه *         شريعتنا السمحا وأفعالنا الغرا
             عدلنا فداست خيلنا تاج قيصر *       وأورثنا أمجاده مرغما كسرى
             وسدنا فكان العدل رائد حكمنا *      فلم نجترح اثما ولم نقترف وزرا
             وما عرف التاريخ في الدهر فاتحا *    سوانا تحاشى الظلم واستنكر الغدرا

وقال:

تطلعت عبر الدهر ابحث عن صحبي * فلم ترهم عيني ومنزلهم قلبي

وسار بهم ركب المنون تتابعا * وما زال قلبي يقتفي أثر الركب

تقطعت الأسباب بيني وبينهم * فلا شرقهم شرقي ولا غربهم غربي

أناديهم والترب بيني وبينهم * وهل يملك الاصغاء من كان في الترب

وأصبحت كالطير المشتت سربه * فقد خانني دهري وضيعني سربي

" مضوا لا يبالون الحشى وتروحوا " * خليين من همي بعيدين عن دربي

وقد كنت أروي غلتي من لقائهم * كما يرتوي الظمآن من منهل عذب

وعايشتهم ليل الصبا ونهاره * فخدن إلى خدن وترب إلى ترب

أشاطرهم حلو الزمان ومره * فسلمهم سلمي وحربهم حربي

وشائج حب عذبة ذكرياتها * تطيب لها نفسي ويذكو بها حبي

وجشمني دهري مصاعب جمة * ويحملني قسرا على مركب صعب

وكم قطب علم من سراة عشيرتي * ترفع واستعلى إلى هامة القطب

هوى مثلما يهوي الشهاب إلى الثرى * ويا طول تحناني إلى مسقط الشهب

تهيج بي الذكرى ولولا بقية* من الصحب في الجلى أراهم إلى جنبي

لضقت بهذا العيش ذرعا وربما * تضيق حياة المرء في المرتع الخصب

ذكرت شبابي والهوى ولياليا * صبوت بها والحب من شأنه يصبي

تماديت في حبي وقد ذقت عذبه وقد يحلو مر الحب للعاشق الصب

أحن إلى بيت تفيات ظله * إلى العين في شقرا إلى المرج والهضب

إلى الربوات الخضر يزهو ربيعها * إلى الزهر فواحا إلى الماء والعشب

إلى العين يملأن الجرار أوانس * ويمشين وهنا في دلال وفي عجب

يرددن الحان الهوى وفنونه * على مسمع الفتيان في زجمة الدرب

إلى ندوات الأنس والشعر والندى * إلى ملتقى الضيفان في المنزل الرحب

إلى القبة البيضا وما ضم تربها * من العلماء الصيد والسادة النجب

هنا قد ثوى جدي وأمي ووالدي * وثم أخي والعم جنبا إلى جنب

هنا تربة قد فاق نشر عبيرها * شذا العنبر الريان والمندل الرطب

أحبك يا شقراء من أجل حبهم * ومن أجله أهواك في البعد والقرب

أولئك حزب الله في العلم والتقى * وقد رفعت أيديهم راية الحزب

فيا مغرس الأمجاد من آل هاشم * سقت تربك الظمآن هطالة السحب

وعند ضريح الطهر " زينب " قد ثوى * منير سبيل الرشد في عتمة الحجب

تفرق شمل الطيبين وبدلت * معالم ذاك الخصب فيه إلى الجدب

فذلك عهد قد تقضى ولم يعد * سوى ذكريات أو صحائف في كتب

وما لي غير الشعر من متنفس * أداوي به همي ويكشف لي كربي

فكان رفيقي عبر خمسين حجة * فما خانني يوما وكان إلى جنبي

وكم جولة لي فيه تشهد انني * وقفت قوافيه على نصرة العرب

تصفح دواويني تراها مليئة * بما يدفع النكس الجبان إلى الحرب

أناشيد في بغداد والشام لم يزل * يرن صداها العذب في مسمع الحقب

ومحنة أولى القبلتين تحولت * لها أدمعي شعرا فأسرفت في السكب

وقفت على اليرموك استاف تربها * فمن مهبط الوادي إلى مرتقى الكثب

أفتش عن آثار قومي عن اللوا * لوا الفتح معقودا على العسكر اللجب

سمعت الصدى المكبوت من ألف حجة * صدى الزحف والتكبير من صرخة الغلب

تصورت ذاك الفاتح الفذ والذي * مشى لسبيل الله كالصارم العضب

وكان له في الشرق والغرب دولة * أنارت سبيل العدل في الشرق والغرب

ويا قوم أذنبتم بتفريق شملكم * فهل يهتدي للحق مرتكب الذنب

فعودوا إلى ماضيكم وتعلموا * بان سبيل النصر للسيف ذي الشطب

وقال في هجاء الوظيفة:

             بليت بها عجفاء درت ضروعها * علي سموما مثل سم الأراقم
             وظيفة سوء قد تجرعت صابها * وإن كنت من جرائها غير آثم
             لحا الله دهرا أنزلتني صروفه * على مثل من لا يرعوي مثل كاظم
             وإن انس لا أنس زكيا وما وعى * من القول إلا لفظة المتشائم
             يبادرني في كل صبح بقوله * غدا حالنا! والويل! ضربة لازم
             ويا رب جار ما حمدت جواره * يجادلني في عبد شمس وهاشم
             كان " يزيدا " جده لا لأمه * تناسل منه أو قريب " لقاسم "
             ومثل " زهير " وهو في ضد اسمه * زهير ولكن فعله جد قاتم
             وقل عن سواهم ما تشاء فإنهم * عمالقة لكن بغير قوائم
             كمثل ابن حرب وابن دبس وخالد * طوال جسوم أو ضخام جماجم
             وكلهم في ساحة الأكل فارس * يصول بضرس لا برمح وصارم
             وفي عكسهم موسى وحسني ومصطفى * وأشباههم من نسل حوا وآدم
             وكل لهم في آخر الشهر غاية * هي الراتب المقبوض من كف " سالم "
             إذا طير لبنان يرف جناحه * فلا في الخوافي هم ولا في القوادم
             فمن مثل هؤلاء جاءت ظلامتي * (وما ظالم إلا سيبلى بظالم)
             ومن نكد الأيام أن تلق جاهلا * يصول ويستعلي بمنطق عالم

وصلات خارجية

ترجمة عبد الرؤوف الأمين في معجم البابطين

المصادر

1- مستدركات أعيان الشيعة - السيد حسن الأمين -الجزء الأول

2- كتاب الأعلام - للزركلي

ملف:Cedaricon flag.png هذه بذرة مقالة عن حياة شخصية لبنانية تحتاج للنمو والتحسين، فساهم في إثرائها بالمشاركة في تحريرها.