غيتو
الغيتو أو المَعزِل (بالإنجليزية: Ghetto) منطقة تقع فى عمق الحضر تتميز بالتركز المكاني للظروف غير المواتية تسكنه، طوعاً أو كرهاً، جماعات عرقية — السود فى أمريكا الشمالية على سبيل المثال — أو دينية، أو مجموعة قومية. والمصطلح أصلاً يشير إلى قطاعات في المدن الأُوروبية، استوطن فيها اليهود، أو أُجبروا على العيش فيها، مثل الغيتو في مركز مدينة روما. ويُشار إلى الغيتو في الدول العربية ب «حارة اليهود» أو الملاح كما يعرف في المغرب، لكن هذه الأحياء في المدن العربية كانت غير معزولة بأسوار عالية ولا مغلقة ببوابات محكمة.
واليوم، يطلق مصطلح الغيتو أيضاً على المناطق الفقيرة الموجودة في المناطق المدنية الحديثة حيث أُجبرت الأَقليات القومية على العيش فيها بسبب الضغوط الاجتماعية والاقتصادية.
وتعد دراسة لويس ويرث دراسة كلاسيكية (فى هذا المجال)، والتى ذهب فيها إلى أن الغيتو لا يمكن أن يفهم إلا كظاهرة اجتماعية نفسية بجانب كونه ظاهرة إيكولوجية، طالما أنه ليس حقيقة فيزيقية، بقدر ما هو حالة عقلية (انظر كتابه الغيتو الصادر عام 1928). ولقد شكل التحليل الذى قدمه ويرث فى هذا المجال مقاله الكلاسيكى اللاحق بعنوان "الحضرية كأسلوب حياة" المنشور فى المجلة الأمريكية لعلم الاجتماع عام 1938، ويجب أن يقرأ هذا المقال فى ضوء هذه الخلفية النظرية الأوسع.
الغيتو القديمة
ظهرت في أوروبا قديمًا في حوالي سنة 70م، عندما غزا الرومانيون فلسطين مرة أُخرى بعد ثورة قام بها اليهود. واتجه معظم اليهود إلى أوروبا عندئذ. وفي البداية، استقروا طوعًا في جماعات منفصلة، حتى يستطيعوا مواصلة عاداتهم الثقافية بسهولة. وليسهل عليهم إعداد طعامهم وفقًا لقوانينهم التقليدية والعيش قريبًا من المعابد، والحفاظ على الحياة الجماعية.
وفيما بعد أُجبر اليهود على العيش في الغيتو. وطالب القادة الدينيُّون أو السِّياسيُّون بفصل اليهود، وأصبحت الغيتو أَكثر شيوعًا. وفي 1555م أَصدر البابا بول الرَّابع مرسومًا يقضي بأن يعيش اليهود الموجودون في الولايات البابوية ـ وهي المنطقة حول روما التي تحكمها الكنيسة الرُّومانية الكاثوليكيَّة ـ في مراكز منفصلة. واتبعت السُّلطات في كلِّ العالم النصراني مافعله البابا. وكانت الغيتو التي تمَّ إِنشاؤها تُحاط بجدران، وتغلق بواباتها ليلاً.
خلال القرن الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين انتهى معظم الفصل الإِجباري لليهود.
الغيتو أثناء الحرب العالمية الثانية
تم إنشاء الغيتوات أو ""حارات اليهود" في بولندا لأول مرة بعد يونيو 1941 في الأراضي السوفييتية المحتلة بغرض عزل السكان اليهود وتسهيل عملية نهب ممتلكاتهم واستغلالهم في العمل القسري. وقد أنشئت معظم هذه الغيتوات في الأحياء الأكثر فقرا أو في الأحياء اليهودية المأهولة بكثافة، وكان العديد منها تحيط به أسوار أو أسيجة أو يتم استعمال غير ذلك من وسائل لقطع الاتصال بالعالم الخارجي.
الغيتو الآن
فكرة توطين مجموعة عِرقيَّة في منطقة سكنيَّة منفصلة تم إحياؤها في أَنحاء دولة جنوب إفريقيا بتطبيق نظام الأَبارتهايد أو الفصل العنصري بين عامي 1948 و1991م. ويستخدم المصطلح غيتو الآن غالبًا لوصف المستوطنات الضَّخمة للسُّود في مدن الولايات المتحدة. ويسكن الغيتو أَيضًا المكسيكيون والبورتوريكيون والأَمريكيون الناطقون بالأسبانية.
خلال الحربين العالميتين الأُولى والثانية جذبت الوظائف الصّناعية آلاف السُّود من المناطق الرِّيفية في الجنوب الأمريكي إلى مدن الشَّمال. واستقروا في الأحياء الفقيرة المزدحمة بالقرب من المصانع التي يعملون بها داخل المدن. بينما انتقل البيض ذوو الدخول العالية والمتوسطة إلى الضواحي، وزادت أحوال الغيتو سوءًا. كما أن التحيُّز والتمييز العنصري جعلا من الصَّعب على السُّود والأَقليات الأُخرى تحسين هذه الأَوضاع.